المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة - الفتوحات الربانية بشرح الدرة المضية في علم القواعد الفرضية

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة

- ‌فصل في الحقوق المتعلقة بالتركة

- ‌ مسألة: لا يلزم الزوج مؤنة تجهيز زوجته، بل يكون ذلك من مالها

- ‌ مسألة: يشترط لصحة الوصية شرطان:

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الإِرْثِ

- ‌ مسألة: (أَسْبَابُ مِيرَاثٍ) مجمعٍ عليها ثلاثة:

- ‌ مسألة: ينقطع التوارث بين الزوجين بأحد أمرين:

- ‌ مسألة: (موانعُ الإِرْث) ثلاثة:

- ‌بَابُ أَرْكَانِ الإِرْثِ

- ‌ مسألة: (أَرْكَانُ إِرْثٍ) ثلاثة:

- ‌بَابُ شُرُوطِ الإِرْثِ

- ‌ مسألة: (شُرُوطُ إِرْثٍ صَحِّحِ انْ تُوَرِّثِ) أي: يشترط لصحة الإرث ثلاثة شروط:

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ مِنَ الذُّكُورِ

- ‌ مسألة: (وَعَشْرَةٌ مِنَ الذُّكُورِ وُرِّثُوا) التركة

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ مِنَ الإِنَاثِ

- ‌ مسألة: (وَ) الـ (وَارِثُ) من (الإِنَاثِ) بالإجماع عشر على سبيل البسط:

- ‌بَابُ الفُرُوضِ المُقَدَّرَةِ فِي كِتَابِ اللهِ تعالى

- ‌ مسألة: (وَالإرْثُ نَوْعَانِ) لا ثالث لهما، (بِحَقّ قُسِمَا) هذا التقسيم

- ‌ مسألة: الإرث باعتبار الفرض والتعصيب لا يخلو من أربعة أقسام:

- ‌ مسألة: الفروض المقدرة تنقسم إلى قسمين:

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ النِّصْفَ

- ‌ مسألة: (فَالنِّصْفِ فَرْضُ خَمْسَةِ) أصناف (إنْ أُفْرِدُوا) أي: إن انفرد كل واحد منهم عن الفرع الوارث، كما يأتي بيانه

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ الرُّبُعَ

- ‌ مسألة: (وَالرُّبْعُ فَرْضُ) اثنين من أصحاب الفروض:

- ‌ مسألة: (وَالثُّمْنُ فَرْضُ) صنف واحد: وهي الـ (زَوْجَةُ فَصَاعِداً)، أي: أكثر من زوجة، فيشتركن في الثمن كما يشتركن في الربع

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ الثُّلُثَيْنِ

- ‌ مسألة: أصحاب الثلثين هم أصحاب النصف ما عدا الزوج، وشروطهم هي شروط أصحاب النصف، ما عدا شرط عدم المشارك يتغير إلى وجود المشارك

- ‌ مسألة: (وَالثُّلُثَانِ: فَرْضُ) أربعة أصناف:

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ الثُّلُثَ

- ‌ مسألة: (وَالثُّلْثُ فَرْضُ) صنفين من الورثة:

- ‌ مسألة: العمريتان هما مسألتان فقط:

- ‌ مسألة: يختص ولد الأم من بين أصحاب الفروض بخمسة أحكام:

- ‌بَابُ مَنْ يَرِثُ السُّدُسَ

- ‌ مسألة: (وَالسُّدُسُ) فرض سبعة أصناف، (وَهْيَ) على سبيل الإجمال:

- ‌ مسألة: فرض الجدات الوارثات: السدس مطلقاً

- ‌ مسألة: الجدات من حيث الإرث وعدمه على قسمين:

- ‌ مسألة: في حجب بعض الجدات لبعض، ولا يخلو ذلك من حالتين:

- ‌ مسألة: إن أدلت جدة بجهة واحدة وأخرى بجهتين، فلذات الجهة ثلث السدس، ولذات الجهتين ثلثاه، واختاره ابن باز وابن

- ‌ مسألة: لا يخلو حجب الجدة بالأب والجد من حالتين:

- ‌ مسألة: (وَ) الضابط في هذا الباب: أن (كُلَّ مَنْ أَدْلَى) من الجدات أو غيرهن (بِشَخْصٍ لَمْ يَرِثْ)

- ‌بَابُ العَصَبَاتٍ

- ‌ مسألة: العصبة باعتبار سبب الإرث على قسمين:

- ‌ مسألة: العصبة بالنفس، وهم كل الرجال المجمع على إرثهم، إلا: الزوج والأخوة لأم والمعتق

- ‌ مسألة: إذا اجتمع عاصبان فأكثر، فلا يخلو اجتماعهم من أمرين:

- ‌ مسألة: ترتيب العصبة على النحو التالي:

- ‌ مسألة: أحكام العصبة بالغير والعصبة مع الغير:

- ‌ مسألة: لا يرث بالولاء ذو فرض إلا: الأب والجد، فإنهما يرثان السدس مع الابن أو ابنه وإن نزل بمحض الذكور

- ‌ مسألة: إذا اجتمع في شخص أكثر من جهة للإرث، فلا يخلو:

- ‌باب الحَجْب

- ‌ مسألة: الحجب قسمان:

- ‌ مسألة: الحجب بالأشخاص على نوعين:

- ‌ مسألة: قواعد في حجب الحرمان:

- ‌بَابُ المُشَرَّكَةِ

- ‌ مسألة: أركان المشركة أربعة:

- ‌بَابُ الجَدِّ وَالإِخْوَةِ

- ‌ مسألة: الجد من قبل الأب وإن علا لا يخلو من أمرين:

- ‌ مسألة: (وَالآنَ) بعد أن ذكرنا ما يتعلق بأصحاب الفروض والعصبات والحجب

- ‌ مسألة: (لِلْجَدِّ) من الأب وإن علا بمحض الذكور مع الإخوة من الأبوين

- ‌بَابُ الأَكْدَرِيَّةِ

- ‌ مسألة: عُلم مما سبق أنه إذا كان في المسألة جد وإخوة لغير الأم، ذكورًا أو إناثًا

- ‌فصل في بيان النسب الأربعة

- ‌ مسألة: استعمال النسب الأربع في باب الحساب على قسمين

- ‌بَابُ الرَّدِّ

- ‌ مسألة: (وَإِنْ فُرُوضُ الإِرْثِ لَمْ تَسْتَغْرِقِ جَمِيعَهُ) أي: جميع التَّركة، بل كان هناك فاضلٌ منها

- ‌ مسألة: يرد على جميع أهل الفروض ما عدا الزوجين، وأشار إليه بقوله: (فَلَا) يُردُّ (عَلَى) أحد (الزَّوْجَيْنِ غَيْرَ النُّصُبِ)

- ‌ مسألة: الأصل الذي تؤخذ منه مسائل أهل الرد:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل الرد:

- ‌بَابُ ذَوِي الأَرْحَامِ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ

- ‌ مسألة: اختلف أهل العلم في توريث ذوي الأرحام على قولين:

- ‌ مسألة: أصناف ذوي الأرحام بالحد:

- ‌ مسألة: أصناف ذوي الأرحام بالعد:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل ذوي الأرحام:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل ذوي الأرحام، وفيه مبحثان:

- ‌بَابُ الِحسَابِ، وَأُصُولِ الَمسَائِلِ، وَالعَوْلِ

- ‌ مسألة: (وَلِلْحِسَابِ) أي: حساب الفرائض، (إِنْ تَرُمْ تَصْحِيحَا)

- ‌فصل في تأصيل المسائل

- ‌فصل في العول

- ‌ مسألة: القول بالعول هو قول عامة أهل العلم

- ‌ مسألة: مسائل الفرائض بالنسبة لما فيها من الفروض على ثلاثة أنواع:

- ‌ مسألة: (وَحَيْثُمَا صَحَّتْ مِنَ أصْلِ مَسْأَلَةٍ)

- ‌بَابُ تَصْحِيحِ الَمسَائِلِ

- ‌ مسألة: لا تخلو حال السهام مع الورثة من حالتين:

- ‌ مسألة: الانكسار لا يخلو من حالين:

- ‌بَابُ المُنَاسَخَاتِ

- ‌ مسألة: (وإِنْ تَرُمْ) أي: تطلب (طَرِيقَةَ المُنَاسَخَةِ، فَهْيَ الَّتِي) تكون المسألة الثانية فيها (لِكُلِّ) مسألةٍ (أُولَى نَاسِخَةً) أي: مغيرة لحكمها

- ‌ مسألة: للمناسخات باعتبار صفة العمل ثلاث حالات

- ‌بَابُ مِيرَاثِ الخُنْثَى

- ‌ مسألة: الخنثى لا يخلو من أمرين:

- ‌ مسألة: لا يخلو الخنثى المشكل باعتبار إرثه من قسمين:

- ‌بَابُ مِيرَاثِ المَفْقُودِ وَالحَمْلِ

- ‌فصل في المفقود

- ‌ مسألة: للمفقود حالتان:

- ‌ مسألة: الكلام على المفقود في جانبين:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل المفقود:

- ‌فصل في الحمل

- ‌ مسألة: الحمل يَرِث وَيُورَث عنه ما ملكه بنحو إرثٍ أو وصية؛ لما يأتي من الأدلة، وذلك بشرطين:

- ‌ مسألة: قسمة التركة قبل وضع الحمل لا تخلو من أمرين:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل الحمل:

- ‌بَابُ مِيرَاثِ الغَرْقَى وَنَحْوِهِمْ

- ‌ مسألة: توريث الغرقى ونحوهم بعضهم من بعض لا يخلو من ثلاث حالات:

- ‌ مسألة: صفة العمل في مسائل الغرقى ونحوهم على المذهب:

- ‌مسألة التلاد كما تقدم في النظر بين المسائل والسهام في المناسخات

- ‌فصل في قسمة التركات

- ‌ مسألة: تنقسم التركة إلى قسمين:

الفصل: ‌ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة

بسم الله الرحمن الرحيم

‌ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة

؛ تأسياً بالكتاب العظيم، واقتداءً بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

والجار والمجرور في قوله: (بِسْمِ) متعلق بفعل محذوف مؤخر مناسب للمقام، وتقديره هنا: بسم الله أؤلف، والمعنى: أؤلف مستعيناً بجميع أسماء الله الحسنى المتضمنة لصفاته العليا، متبركاً بذكرها حال تأليف هذا النظم.

و(الله): عَلَمٌ على الباري جل وعلا، أصله:(الإله)، حُذفت الهمزة، وأُدغمت اللام في اللام، فصارتا لاماً واحدة مشددة مفخمة، و (الإله) هو المألوه، أي: المعبود، من أَلِهَ يألَه: إذا تعبَّد، قال ابن عباس رضي الله عنهما:«هُوَ الَّذِي يَأْلَهُهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَيَعْبُدُهُ كُلُّ خَلْقٍ» [تفسير الطبري 1/ 121].

و(الرَّحْمَن): اسم من أسماء الله المختصة به، لا يُطلق على غيره، ومعناه: المتصف بالرحمة الواسعة.

و(الرَّحِيم): من أسماء الله أيضاً، ومعناه: ذو الرحمة الواصلة.

ص: 33

الحَمْدُ للهِ القَدِيمِ البَاقِي

سُبْحانَهُ مِنْ وارِثٍ خَلَّاق

ثُمَّ الصَّلاةُ للنَّبِيْ والآلِ

وَصَحْبِهِ مَعَ السَّلَامِ التَّالِي

(الحَمْدُ): هو وصف المحمود بصفات الكمال على وجه المحبة والتعظيم، سواءٌ كان في مقابلة نِعمة أم لا، واللام في (الحَمْد) للاستغراق أو الجنس، فكل أنواع المحامد أو جنسها مستحَقَّة ومملوكة (للهِ) تعالى؛ لكماله في أسمائه وصفاته وأفعاله.

(القَدِيمِ) بمعنى الأوَّل، قال الله تعالى:{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]، ولكن لم يرد إطلاق لفظ (القديم) في الكتاب ولا في السنة، فلا يطلق على الله تعالى على أنه اسم له؛ لأنه ليس من الأسماء الحسنى، ولكن يخبر به عنه، قال ابن القيم رحمه الله:(ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يُطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيًّا؛ كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه)(1).

(البَاقِي) الذي لا يفنى، والبقاء من صفات الله تعالى، كما قال تعالى:(ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وأما اسم

(1) بدائع الفوائد (1/ 162).

ص: 34

(الباقي) فأثبته ابن منده وقوَّام السنة اسماً لله تعالى؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الطويل في ذكر أسماء الله تعالى، وفيه:«الْبَاقِي، الْوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ» [الترمذي: 3507]، والحديث ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1)، ولم يصح دليل آخر في إثبات هذا الاسم.

(سُبْحانَهُ) اسم مصدر، من سبَّح يُسبِّح تسبيحًا وسبحانًا، وهو تنزيه لله تعالى وتبعيده عن كل ما لا ينبغي أن يُوصَف به.

(مِنْ وارِثٍ) وهو الله، وعدَّه كثير من أهل العلم من أسماء الله الحسنى، لقوله تعالى:{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر: 23]، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق في ذكر أسماء الله تعالى، وفيه:«الْبَاقِي، الْوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ» .

قال ابن عثيمين: (الوارث: لم يرد بهذا اللفظ من أسماء الله تعالى، ولكنه ورد بلفظ الجمع الدال على التعظيم في قوله تعالى: {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 58])(2).

وسبحانه من (خَلَّاقِ) أي: الموجد للشَّيء على غير مثال سَبَقَ، وهو من أسماء الله تعالى؛ لقوله:{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَاّقُ الْعَلِيمُ} .

(1) ينظر: مجموع الفتاوى (8/ 97).

(2)

شرح المنظومة البرهانية لابن عثيمين ص 29.

ص: 35

(ثُمَّ) بعد الثناء على الله، (الصَّلاةُ للنَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم، وهي ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، قال أبو العالية:«صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة» [البخاري معلقاً 6/ 120].

(و) الصلاة على (الآلِ) وهم أتباعه على دينه؛ لأن الله تعالى أطلق الآل على الأتباع في الدَّين، فقال:(أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).

وعنه واختاره شيخ الإسلام: أنهم أهل بيته.

وأدخل شيخ الإسلام فيهم: زوجاته رضي الله عنهن.

(وَ) الصلاة على (صَحْبِهِ) جمع صاحب، وهو من اجتمع بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام.

والصلاة (مَعَ السَّلَامِ) أي: السلامة من النقائص والرذائل (التَّالِي) أي: التابع، والجمع بين الصَّلاة والسَّلام؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً} ، وخروجًا من خلاف من كَرِهَ إفراد أحدهما عن الآخر.

ص: 36

وَبَعْدَ ذَا فَهَذِهِ قَوَاعِدُ

فِي الإِرْثِ فِيهَا لِلوَرَى فَوَائِدُ

قَدِ اخْتَصَرْتُهَا لِأَهْلِ الطَّلَبِ

مِنْ دُرِّ مَا نَظَمَهُ ابْنُ الرَّحَبِيْ

لِكَيْ يَنَالَ المُرْتَجِيْ مِنْها الأَمَلْ

مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ بِهِ يُبْطِي العَمَلْ

سَمَّيتُها بالدُّرَّةِ المُضِيَّهْ

جَامِعَةِ القَوَاعِدِ الفَرْضِيَّهْ

وَأَسْأَلُ اللهَ الغَنِيْ بِفَضْلِهِ

يَجْعَلُها خَالِصَةً لِوَجْهِه

(وَبَعْدَ ذَا) الذي تقدَّم من البسملة والحمدلة، والصَّلاةِ والسَّلامِ على سيِّد الأنام، (فَهَذِهِ) المسائل الَّتي تُذكر في هذا الكتاب (قَوَاعِدُ) جمع قاعدة، وهي: حكمٌ كلِّيٌّ ينطبق على جزئيَّاته؛ لتعرف أحكامها منه، (فِي الإِرْثِ) أي: متعلقة بالميراث، (فِيهَا) أي: في تلك المسائل (لِلوَرَى) أي: للخلق (فَوَائِدُ) جمع فائدة، وهي: ما استفدْتَه من علم أو مال.

(قَدِ اخْتَصَرْتُهَا) والاختصار: هو تجريد اللَّفظ اليسير من اللَّفظ الكثير، مع بقاء المعنى، (لِأَهْلِ الطَّلَبِ) أي: طلب العلم، (مِنْ دُرِّ) جمع

ص: 37

درَّة، وهي اللُّؤلؤة العظيمة، (مَا نَظَمَهُ) أي: ألَّفه، (ابْنُ الرَّحَبِيْ) وهو الشَّيخ محمَّد بن علي بن محمَّد بن الحسن، أبو عبد الله الرَّحَبيُّ، فقيه فاضل، صنَّف كتباً صغيرة؛ منها منظومة الفرائض، سمَّاها:«بغية الباحث» ، وهي أصل هذه المنظومة المباركة، مات رحمه الله سنة تسع وسبعين وخمسِ مِائة من الهجرة.

اختصرها المؤلف (لِكَيْ يَنَالَ) أي: يُعطى (المُرْتَجِيْ) أي: المؤمِّل (مِنْها) من هذه المنظومة (الأَمَلْ) أي: الرَّجاء، (مِنْ غَيْرِ) أن يكون فيها (تَطْوِيلٌ) وإسهاب (بِهِ) أي: بهذا التطويل (يُبْطِي) أي: يتأخر (العَمَلْ) أي: عمل المسائل، (سَمَّيتُها) أي: هذه المنظومة (بالدُّرَّةِ المُضِيَّهْ جَامِعَةِ القَوَاعِدِ الفَرْضِيَّهْ)، فجاءت هذه الدرَّة براَّقة في ألفاظها، غنية في معانيها، جامعة لأبواب الفرائض، حاوية لأمات المسائل.

ولما كانت هذه الدرَّة بحاجة إلى ما يُجلي قيمتها، ويكشف الخدر عن ضيائها وبريقها؛ استعنا الله الكريم بوضع نقاطٍ على حروفها، وإبراز فوائدها وعلومها، شرحًا حنبليًّا موافقًا لما عليه علماء المذهب الكرام، مشيرين إلى قول آخر إن كان لأحد من المحققين العظام، مع العناية بالتمثيل، والحرص قدر الإمكان على التذليل والتسهيل، وإلحاق المسائل بما تحتاج إليه من التدليل والتعليل، فغدى الشرح للناظر فيه سلوةً وللمستفيد منه منوةً، وسميناه:(الفتوحات الربانية لشرح الدرة المضية).

ص: 38

(وَأَسْأَلُ اللهَ) جل جلاله ولا مسؤول سواه، (الغَنِيَّ) والغني: هو الذي له الغنى التام المطلق، من جميع الوجوه والاعتبارات لكماله وكمال صفاته، فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، أتوسل إليه (بِفَضْلِهِ) وهذا من التوسل المشروع، إذ هو من التوسل إلى الله بأفعاله سبحانه، أن (يَجْعَلَها) أي: هذه المنظومة (خَالِصَةً لِوَجْهِهِ) أي: خالصة من الرِّياء والسُّمعة لأجل وجهه تعالى.

ص: 39