الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنها مدة يتكرر فيها تردد المسافرين والتجار، فانقطاع خبره مع هذه الحال يغلِّب ظن هلاكه؛ ولما ورد عن ابن المسيب:«أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما قَضَيَا فِي الْمَفْقُودِ: أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُزَوَّجَ؛ فَإِنَّ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ؛ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ» [عبد الرزاق 12317]، قال أحمد: (من ترك هذا أي شيء يقول؟ ! هو عن خمسة من الصحابة: عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم.
وقيل، واختاره ابن عثيمين: ينتظر به حتى يتيقن موته، أو تمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها، وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم؛ لأن الأصل حياة المفقود ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بيقين أو ما في حكمه.
·
مسألة: الكلام على المفقود في جانبين:
الجانب الأول: في الإرث منه: فلا يورث المفقود ما دامت مدة التربص باقية؛ لأن الأصل بقاء حياته، فإذا انقضت مدة التربص حكمنا بموته، وقسمنا تركته على ورثته الأحياء حين الحكم بموته، دون من مات منهم قبل ذلك؛ لأن من شرط الإرث كما سبق: تحقق حياة الوارث حين موت المورث.
ثم بعد قسمة تركته، لا يخلو من ثلاث حالات:
1 -
أن يستمر الجهل بحاله: فحكم القسمة باق.
2 -
أن يتبين أنه مات قبل الحكم بموته أو بعدها: فماله لورثته الموجودين حين علمنا موته، دون من مات منهم قبل ذلك، أو وُجد بعد موته؛ لعدم تحقق شرط الإرث فيه.
3 -
أن يتبين أنه حيٌّ: فماله له، فيأخذ ما وجده من المال بعينه، بيد الوارث أو غيره؛ لأنه قد تبين عدم انتقال ملكه عنه، ورجع على من أخذ الباقي بمثل مثلي وقيمة متقوم؛ لتعذر رده بعينه.
الجانب الثاني: في إرثه: فإن مات موروثه - أي: من يرثه المفقود - في مدة التربص، وهي المدة التي قلنا ينتظر به فيها: أخذ كل وارث - غير المفقود - من تركة المتوفى اليقينَ، وهو ما لا يمكن أن ينقص عنه من حياة المفقود أو موته، ووُقِف الباقي حتى يتيقن أمره أو تمضي مدة الانتظار؛ لأنه مال لا يعلم الآن مستحقه، أشبه الذي ينقص نصيبه بالحمل.
وعليه فلا يخلو الوارث حينئذ من ثلاث حالات:
1 -
أن يسقطه المفقود لو وُجد: فلا يعطى شيئًا؛ لاحتمال أن يكون المفقود حيًّا.
2 -
أن ينقصه المفقود من ميراثه ولا يسقطه: فيعطى اليقين، وهو الأقل؛ للتعليل السابق.