الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في قسمة التركات
القسمة: جعل الشيء الواحد أقساماً.
والتركة: ما يخلفه الميت من مال، أو حق، أو اختصاص.
والمراد بقسمة التركات: إعطاء كل وارث من التركة ما يستحقه شرعاً.
وهي الثمرة المقصودة بالذات من علم الفرائض، وما تقدم من التأصيل والتصحيح وسيلة إليها؛ لأن الغرض من علم المواريث معرفة ما يخص كل وارث من التركة، وذلك لا يكون إلا بقسمة التركة.
-
مسألة: تنقسم التركة إلى قسمين:
القسم الأول: ما تمكن قسمته بالعدِّ ونحوه؛ كالدراهم، والمكيلات، والموزونات، والمعدودات، والمذروعات ونحوها.
ولقسمتها طرق كثيرة، نذكر منها طريقين:
الطريق الأولى: طريق النسبة:
وهو أن ينسب نصيب كل وارث من المسألة إليها، ثم تضرب التركة بتلك النسبة، وما يخرج فهو نصيبه من التركة.
مثال ذلك: توفي شخص عن زوج وشقيقة وأخت لأب، وخلف سبعة آلاف دينار.
طريقة العمل:
1 -
نسبنا نصيب كل من الزوج والشقيقة (3) إلى المسألة (7)، فكانت النسبة ثلاثة إلى سبعة، أي: ثلاثة أسباع.
2 -
ثم ضربنا التركة بهذه النسبة، فحصل ثلاثة آلاف، وهو نصيب كل واحد منهما.
3 -
كما نسبنا نصيب الأخت لأب (1) إلى المسألة (7)، فكانت النسبة واحدا إلى سبعة، أي: سبعا، فضربنا التركة بهذه النسبة فحصل ألف، وهو نصيبها من التركة.
الطريق الثانية: أن تقسم التركة على المسألة، وما يخرج يضرب به نصيب كل وارث.
وذلك: بأن تحصل خارج القسمة أولًا، ثم يضرب به نصيب كل وارث.
مثال ذلك: توفي شخص عن زوج وأختين شقيقتين وأم، وخلف 800 دينار.
حاصل قسمة التركة على المسألة = 800 ÷ 8 = 100
القسم الثاني من أقسام التركة: ما لا تمكن قسمته بذلك؛ كالحيوانات والعقارات والسيارات، إذا لم تتعدد أو تعددت ولم تتساو.
طريقة القسمة: بطريق النسبة المتقدم، وهو أن ينسب نصيب كل وارث من المسألة إليها، ثم يعطى من التركة مثل تلك النسبة.
مثال ذلك: توفي شخص عن شقيقة وأم وأخت لأب وأخوين لأم، وخلف بستانًا.
الشرح: نسبنا نصيب الشقيقة (3) إلى المسألة بعد عولها (7)، فكانت النسبة ثلاثة إلى سبعة، أي: ثلاثة أسباع، فأعطيناها ثلاثة أسباع البستان، وكذا عملنا لكل وارث.
* تطبيقات.
- زوجتين وجدة وأخوين شقيقين، والتركة 480 دينار.
2 -
زوج وأختين شقيقتين، والتركة 7000 دينار.
3 -
زوج وأخت شقيقة وأم، والتركة 1600 دينار.
4 -
زوج وأخت شقيقة وأم وأخ لأم وأخت لأب، والتركة 900 دينار.
ومسألة أخرى نفسها لكن التركة سيارة.
5 -
أب وأم وبنت وزوجة، والتركة 1200 دينار.
وأخرى نفسها لكن التركة بيت.
6 -
أخوين لأم وأخ شقيق وأخ لأب، والتركة 10000 دينار.
الخاتمة
قَدْ تَمَّ مَا قَصَدْتُهُ بِنَظْمِي
…
وَأَسْأَلُ الرَّحْمَنَ حُسْنَ خَتْمِي
أَبْيَاتُهَا قُلْ سَبْعَةٌ مَعْ عَشَرَهْ
…
وَمِائَةٌ عِدَّتُها مُنْتَشِرَهْ
فَاجْهَدْ بِتَحْصِيلِ الفَوَائِدِ الغُرَرْ
…
وَاحْفَظْ وَعَلِّمْ، فَضْلُ ذَا العِلْمِ اشْتَهَرْ
فَالحَمْدُ للهِ عَلَى الإِتْمَامِ
…
وَالشُّكْرُ لِلْمُسْدِي بِذَا الإِنْعَامِ
وَأَرْتَجِي مِنْهُ لَها القَبُولَا
…
وَأَنْ يَكُونَ نَفْعُهَا مَوْصُولَا
ثُمَّ صَلَاةٌ مَعْ سَلَامٍ دَائِمِ
…
لِلْمُصْطَفَى المُخْتَارِ طَهَ الهاشِمِيْ
وَالآلِ وَالأَصْحَابِ مَا عَبْدٌ دَعَا
…
لِلأَكْرَمِ الرَّحْمَنِ أَوْ سَاعٍ سَعَى
لما أنهى الكلام على هذه المنظومة المباركة ختمها بقوله: (قَدْ تَمَّ مَا قَصَدْتُهُ بِنَظْمِي)، من اختصار المنظومة الرحبية في علم المواريث الفرضية، (وَأَسْأَلُ الرَّحْمَنَ)، وهو اسم من أسماء الله المختصة به، لا يُطلق على غيره، ومعناه: المتصف بالرحمة الواسعة، (حُسْنَ خَتْمِي) أي: حسن الخاتمة، بأن يتوفاه على الإسلام والسنة، وكانت (أَبْيَاتُهَا) أي: هذه المنظومة (قُلْ: سَبْعَةٌ مَعْ عَشَرَهْ وَمِائَةٌ)، وزاد بيتين، فصار المجموع (119) بيتًا، (عِدَّتُها مُنْتَشِرَهْ) بين الأنام، (فَاجْهَدْ) يا طالب العلم (بِتَحْصِيلِ الفَوَائِدِ الغُرَرِ) الشريفة، (وَاحْفَظْ) هذا النظم، (وَعَلِّمْ) غيرك هذا العلم، فإن (فَضْلَ ذَا العِلْمِ) وهو علم الفرائض (اشْتَهَرْ)، حيث تولى الله تقديره بنفسه، وأبان حكمه في كتابه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا، فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» [ابن ماجه 2719، وإسناده ضعيف]، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:«تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ» [ابن أبي شيبة: 31034]
(فَالحَمْدُ للهِ)، وتقدم تعريف الحمد في المقدمة (عَلَى الإِتْمَامِ) لهذا النظم، (وَالشُّكْرُ لِلْمُسْدِي) أي: المعُطي، وهو الله جل جلاله (بِذَا الإِنْعَامِ)، حيث أنعم علينا بنعمٍ لا تعد ولا تحصى، أعلاها نعمة الإسلام ولزوم السنة، ومن هذه النعم: تعلم هذا العلم الشريف، (وَأَرْتَجِي مِنْهُ) أي: من الله تعالى (لَها) أي: لهذه المنظومة (القَبُولَا)
عنده تعالى، وللألف للإطلاق، (وَأَنْ يَكُونَ نَفْعُهَا) لمن يُقرئها ويقرأها ويحفظها ويتعلمها (مَوْصُولًا) له، ومقرباً لطاعة الله ومرضاته.
(ثُمَّ صَلَاةٌ مَعْ سَلَامٍ دَائِمٍ) لا ينقطع، وتقدم تعريف الصلاة والسلام، (لِلْمُصْطَفَى)، من الاصطفاء، (المُخْتَارِ)، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» [مسلم 2276]، وهو صلى الله عليه وسلم المسمى عند بعض أهل العلم:(طَهَ)، والأصح أنه ليس من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما «طه» من الحروف المقطعة مثل:«الم» و «حم» و «الر» ونحوها، قاله ابن القيم، (الهاشِمِيْ) نسبة إلى جده صلى الله عليه وسلم، وهو هاشم بن عبد مناف.
(وَ) الصلاة والسلام على (الآلِ وَالأَصْحَابِ)، وتقدم ذكرهما في المقدمة، صلاة مستمرة (مَا عَبْدٌ دَعَا لِلأَكْرَمِ الرَّحْمَنِ) وهو الله تعالى المتصف بالكرم والرحمة، ومن أسمائه تعالى: الكريم، والرحمن، (أَوْ) أي: والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ما (سَاعٍ) أي: عامل (سَعَى).
انتهى شرح المنظومة المباركة بحمد الله وتوفيقه، (فيا أَيها القارئ له والناظر فيه، هذه بضاعة صاحبها المزجاة مسوقة إليك، وهذا فهمه وعقله معروض عليك، لك غنمه وعلى مؤلفه غرمه، ولك ثمرته وعليه
عائدته، فإن عدم منك حمداً وشكراً، فلا يعدم منك مغفرة وعذراً) (1).
والله المسؤول أَن يجعل هذا الشرح لوجهه خالصاً، وينفع به ناظمه وشارحه والناظر فيه في الدنيا والآخرة، إنه سميع الدعاء، وأَهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
تم الفراغ من شرح هذه المنظومة النافعة: ليلة الثلاثاء الخامس من شهر الله المحرم، من سنة 1438 من هجرة النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) طريق الهجرتين لابن القيم (1/ 10).