الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدليل على القول بالردِّ: قول الله تعالى: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75]، وهؤلاء من ذوي الأرحام، وقد ترجحوا بالقُرب إلى الميت، فيكونون أولى من بيت المال، لأن بيت المال لسائر المسلمين، وذو الرحم أحق من الأجانب، ولما صح عن علي رضي الله عنه:«أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ ذِي سَهْمٍ، إِلَّا الزَّوْجَ وَالمَرْأَةَ» [مصنف ابن أبي شيبة: 31173].
-
مسألة: يرد على جميع أهل الفروض ما عدا الزوجين، وأشار إليه بقوله:(فَلَا) يُردُّ (عَلَى) أحد (الزَّوْجَيْنِ غَيْرَ النُّصُبِ)
، جمع نصيب، أي: لا يستحقون غير فرضهم، فلا يُردُّ عليهما باتفاق أهل العلم قاله ابن قدامة (1)؛
لقول الله تعالى: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}
(1) فُهم من كلام شيخ الإسلام أنه يقول بالرد على الزوجين أيضًا؛ لما ورد في مجموع الفتاوى (31/ 338) أنه سئل: عن امرأة ماتت: وخلفت زوجًا وبنتًا وأمًّا وأختًا من أم، فما يستحق كل واحد منهم؟ فأجاب: هذه الفريضة تقسم على أحد عشر: للبنت ستة أسهم، وللزوج ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، ولا شيء للأخت من الأم؛ فإنها تسقط بالبنت باتفاق الأئمة كلهم، وهذا على قول من يقول بالرد كأبي حنيفة وأحمد، ومن لا يقول بالرد: كمالك والشافعي، فيقسم عندهم على اثني عشر سهمًا: للبنت ستة، وللزوج ثلاثة، وللأم سهمان، والسهم الثاني عشر لبيت المال. انتهى.
قال البعلي في مختصر الفتاوى المصرية ص 420، بعد أن نقل كلام شيخ الإسلام هذا:(وظاهر هذا أنه رد على الزوج، وفيه نظر).
ووافقه ابن عثيمين، فقال: (وفي ذلك نظر من وجوه ثلاثة:
الأول: أن الشيخ صرح بأنها مبنية على قول من يقول بالرد، وقد علم أن القائلين بالرد لا يرون الرد على الزوجين، فقسمة المسألة المذكورة عندهم من ستة عشر، للزوج أربعة، وللبنت تسعة، وللأم ثلاثة.
الثاني: أن الأصحاب لم ينقلوا عن الشيخ أنه يرى الرد على الزوجين مع اعتنائهم بآرائه واعتبارهم لها، بل إن صاحب مختصر الفتاوى قال عن المسألة المذكورة:(إن فيها نظراً). =
[الأنفال: 75]، والزوجان خارجان من ذلك، فليسا من ذوي الأرحام،
= الثالث: إن الشيخ نفسه ذكر في موضع آخر مسألتين رد فيهما أحد الزوجين ولم يرد عليهما ففي صفحة "50" من المجموعة رقم "1" من الفتاوى في رجل مات وترك زوجة وأختاً لأبوين وثلاث بنات أخ لأبويه، قال الشيخ: للزوجة الربع وللأخت النصف ولا شيء لبنات الأخ، والربع الثاني إن كان هناك عصبة فهو للعصبة، وإلا فهو مردود على الأخت على أحد قولي العلماء وعلى الآخر فهو لبيت المال. وقال في صفحة "52" من المجوعة المذكورة في امرأة خلفت زوجاً وابن أخت: أن للزوج النصف وأما ابن الأخت: ففي أحد الأقوال له الباقي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأحمد في المشهور عنه، وفي القول الثاني لبيت المال وهو قول كثير من أصحاب الشافعي، قال: وأصل المسألة تنازع العلماء في ذوي الأرحام الذين لا فرض لهم ولا تعصيب، فمذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية: أن من لا وارث له بفرض ولا تعصيب يكون ماله لبيت مال المسلمين، ومذهب أكثر السلف وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه يكون لذوي الأرحام، ثم ذكر دليل ذلك. فأنت ترى أن الشيخ لم يرد على الزوجين في هاتين المسألتين ولو كان يراه لرد عليهما لاستحقاقهما الرد في مثل هذه الحال لو كانا من أهله، والظاهر أن المسألة الأولى التي ظاهرها الرد على الزوج سهو أو سَبْقَةُ قلم. والله أعلم)، ينظر: تسهيل الفرائض ص 88.
واختار الشيخ عبد الرحمن السعدي: الرد على الزوجين، وقال:(لعدم الدليل البين على أن الرد مخصوص بغير الزوجين) ينظر: المختارات الجلية ص 63.
وقال ابن عثيمين: (ويمكن أن يقال في مسألة الرد على الزوجين أنه إذا لم يكن وارث بقرابة ولا ولاء فإنه يرد على الزوجين؛ لأن ذلك أولى من صرفه إلى بيت المال الذي يكون لعموم المسلمين فإن بين الزوجين من الاتصال الخاص ما ليس لعموم المسلمين، فيكونان أحق بما بقي بعد فرضهما من بيت المال، ويحتمل أن يحمل على هذا ما روي عن أمير المؤمنين عثمان) ينظر: تسهيل الفرائض، ص 89.
وما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه رد على زوج، فلم نقف عليه مسندًا، وقد ذكره ابن قدامة في المغني (6/ 296)، وقال:(ولعله كان عصبة أو ذا رحم، فأعطاه بذلك، أو أعطاه من مال بيت المال، لا على سبيل الميراث).