الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ يَرِثُ السُّدُسَ
وَالسُّدْسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ وَهْيَ: الأَبُ
…
والأُمُّ، وَالأُخْتُ لأبٍّ أَوْجَبُوا
وَبِنْتُ الابْنِ جَدَّةٌ وَالجَدُّ
…
وَوَلَدُ الأُمِّ كَذَاكَ الفَرْدُ
·
مسألة: (وَالسُّدُسُ) فرض سبعة أصناف، (وَهْيَ) على سبيل الإجمال:
(الأبُ، وَ) الثاني: (الأُمُّ، وَ) الثالث: (الأُخْتُ لِأَبٍ أوْجَبُوا) لها السدس أيضاً، (وَ) الرابع:(بِنْتُ الابْنِ)، والخامس: الـ (جَدَّةُ، وَ) السادس: (الَجدُّ، وَ) السابع: (وَلَدُ الأُمِّ كَذَاكَ الفَرْدُ) أي: الواحد منهم.
ثمَّ ذكرهم على سبيل التَّفصيل فقال رحمه الله:
فَلِلْأَبِ السُّدْسُ وَأُمٌّ كَأَبِ
…
مَعْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنِ النَّسَبِ
وَهْوَ لِأُمٍّ إِنْ يَكُنْ اِثْنَانِ
…
مِنْ إِخْوَةِ المَيْتِ بِلَا بَيَانِ
الصنف الأول: الأب، (فَـ) يشترط (لِأَبٍ) في إرثه السدس شرط واحد، وهو: وجود الفرع الوارث، وهو الولد أو ولد الابن وإن نزل؛
لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11].
فإن لم يوجد الفرع الوارث؛ فله الباقي تعصيباً (1).
مثاله:
مثال تحقق الشرط:
(1) ميراث الأب لا يخلو من ثلاث حالات:
يرث بالفرض فقط: إذا كان للميت ذكر وارث من الفروع، وفرضه السدس.
يرث بالتعصيب فقط إذا لم يكن للميت فرع وارث.
يرث بالفرض والتعصيب إذا كان للميت فرع وارث من الإناث فقط.
يرث الأب هنا: السدس فرضا والباقي تعصيبا
الصنف الثاني: الأم، وأشار إلىه بقوله:(وأمٌّ كَأَبٍ) أي: تستحق السدس أيضاً، وذلك بأحد شرطين:
1 -
وجود الفرع الوارث، وهو الولد أو ولد الابن وإن نزل، ذكراً كان أو أنثى، واحداً أو متعدداً، وأشار إليه بقوله:(مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنِ النَّسَبِ) أي: مع الفرع الوارث؛ لقوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد).
فإن لم يوجد فرع وارث؛ فلها الثلث، وتقدم قريباً.
مثال تحقق الشرط:
2 -
(وَهْوَ) أي: السدس (لِأُمٍّ إِنْ يَكُنْ اثْنَانِ) فأكثر (مِنْ إِخْوَةِ الَميْتِ، بِلَا بَيَانِ) أي: سواء كانوا إخوة أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكوراً أو إناثاً، أو مختلفين.
فإن لم يوجد جمع من الإخوة؛ بأن كان واحداً؛ فلها الثلث، وتقدم قريباً.
مثال تحقق الشرط:
· فرع: يَحجب الإخوةُ والأخواتُ الأمَّ حجب نقصان من الثلث إلى السدس، ولو كانوا محجوبين بالشخص، واختاره ابن باز وابن عثيمين؛ لظاهر قوله تعالى:(فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس)، فأتى بالفاء الدالة على ارتباط الجملة الثانية بالجملة الأولى، وقد ذكر في الأولى ميراث الأب، والإخوة لا يرثون معه.
واختار شيخ الإسلام: أنهم لا يحجبون الأم إلا إذا كانوا وارثين معها، فإن كانوا محجوبين ورثت الأم الثلث؛ لأنهم إنما يحجبون الأم إلى السدس ليستفيدوا من هذا الحجب، فإذا لم يكونوا وارثين فلا معنى لهذا الحجب، وقياساً على المحجوب بالوصف في عدم التأثير.
مثاله: لو هلك شخص عن أبوين، وأخوين شقيقين.
على قول شيخ الإسلام
على قول الجمهور
وَالجَدُّ مِثْلُ الأَبِ إِنْ أَبٌ عُدِمْ
…
مَعْ غَيْرِ إِخْوَةٍ لِمَيْتٍ فَافْتَهِمْ
وَحُكْمُهُ مَعْ إِخْوَةٍ سَيَظْهَرُ
…
فِي بَابِهِ مُفَصَّلًا لَا يُنْكَرُ
وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ مَعَ الجَدِّ وَأُمّْ
…
أَوْ زَوْجَةٌ، فَالثُّلْثُ لِلأُمِّ يُؤَمّْ
الصنف الثالث: الجد، ويستحق السدس بشرطين:
1 -
وجود الفرع الوارث، وهو الولد أو ولد الابن وإن نزل، ذكراً كان أو أنثى، واحداً أو متعدداً؛ ؛ لقوله تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]، والأب جد؛ لقوله تعالى عن يوسف عليه السلام:(واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق).
فإن لم يوجد الفرع الوارث؛ فله الباقي.
2 -
عدم الأب، وهذا بالإجماع.
فإن وجد الأب، لم يرث الجد شيئاً.
مثاله:
مثال تحقق الشروط:
· ضابط: (وَالْجَدُّ مِثْلُ الأَبِ) يأخذ حكمه (إِنْ أبٌ عُدِمَ) إلا في مسألتين لا يكون كالأب:
الأولى: الجد مع الإخوة لأبوين أو لأب، فإن الجد لا يُسقطهم على القول به، بخلاف الأب فإنه يسقطهم، وأشار إليه بقوله: (مَعَ غِيْرِ
إِخْوَةٍ لِمَيْتٍ) أي: إخوة لأبوين أو لأب (فَافْتَهِمْ) ذلك، (وَحُكْمُهُ) أي: الجد (مَعَ إِخْوَةٍ) لغير أم (سَيَظْهَرُ) إن شاء الله تعالى (فِي بَابِهِ مُفَصَّلاً) وهو باب الجد مع الإخوة، (لَا يُنْكَرُ) أي: لا يترك بلا بيان.
الثانية: في العمريتين، فلا يكون الجد كالأب، وأشار إليه بقوله:(وَإن يكن زوجٌ مع الجدِّ وأم، أو) تكن (زوجةٌ) مع الجد والأم: (فالثُّلث) أي: ثلث جميع المال (للأمِّ يؤم) أي: يقصد؛ لأنها أقرب من الجد، بخلاف الأم مع الأب في العمريتين؛ فإن للأم ثلث الباقي؛ لأنها والأب في درجة واحدة، وتقدم بيانه.
* تطبيقات.
1 -
أب وخمسة أبناء.
2 -
أب وابن ابن.
3 -
أب وابن وبنت ابن.
4 -
أب وبنت.
5 -
أب وبنت ابن.
6 -
أم وأخت لأب وأخ لأب.
7 -
أم وثلاثة إخوة لأم وعم.
8 -
أم وأخت شقيقة وأخ شقيق.
9 -
زوج وأب وأم.
10 -
أم وبنت ابن وابن أخ شقيق.
11 -
أم وبنت وأخ لأب.
12 -
زوجة وأم وأب.
13 -
جد وابن.
14 -
جد وابن ابن.
15 -
زوج وأم وجد.
16 -
زوجة وأم وجد.
وَبِنْتُ الابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ
…
تَأْخُذُ سُدْسًا خَصَّها للقُرْبِ
(وَ) الصنف الرابع: (بنْتُ الاِبْنِ) الواحدة فأكثر، سواء كن أخوات أو بنات عم، ويستحِقْن السدس بشرطين:
1 -
عدم المعصب، وهو أخوهن، شقيقًا كان أو لأب، أو ابن عمهنَّ الذي في درجتهنَّ؛ لقوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11].
فإن وجد المعصب؛ فللذكر مثل حظ الأنثيين.
2 -
أن تكون مع أنثى فرع أعلى منها وارثة النصف فرضًا، وأشار إليه بقوله:(مَعْ بِنْتِ الصُّلب تَأْخُذُ سُدْسًا)، أو مع بنت ابن أقرب منها أو منهن، (خًصَّها) الشارع بذلك (للقُرْبِ) أي: لقربها؛ لقول هزيل بن شرحبيل: سئل أبو موسى رضي الله عنه عن بنت وابنة ابن وأخت، فقال:«للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود رضي الله عنه فسيتابعني» ، فسأل ابن مسعود رضي الله عنه، وأُخْبِر بقول أبي موسى فقال:«لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» [البخاري 6736].
فإن وجد عصبة الفرع الوارث الذي أعلى منهن، أو استغرق إناث الفرع الوارث الذي أعلى منهن الثلثين؛ لم ترث السدس.
مثاله:
· ضابط: حكم بنت الابن النازل مع بنت الابن العالي؛ حكم بنت ابن الميت مع البنت.
· فرع: إن وجد مع بنت الابن فأكثر فرع وارث أعلى منهنَّ، فلا يخلو الفرع الوارث من ثلاث حالات:
1 -
أن يكون الفرع الوارث ذكرًا: فيسقطن؛ لأن كل ذَكَرٍ من الفروع يُسقط من تحته من أولاد الابن، كما في المثال السابق.
2 -
أن يكون الفرع الوارث أنثيين فأكثر لا ذكر معهنَّ: فلهما الثلثان، ويُسقط من دونهنَّ من بنات الابن؛ لاستغراق من فوقهن الثلثين، إلا أن يعصبهن ذكر بدرجتهن، أو أنزل منهن.
مثاله:
3 -
أن يكون الفرع الوارث أنثى واحدة لا ذكر معها: فللفرع الوارث الأعلى النصف، ولمن دونها من بنات الابن السدس تكملة الثلثين، سواء كنَّ واحدةً أم أكثر، فلا يزيد الفرض بزيادتهنَّ؛ لأن إناث الفروع لا يتجاوز فرضهنَّ الثلثين، وقد أخذت البنت النصف، فلم يبق إلا السدس، فيكون لبنات الابن، وتقدم مثاله، إلا أن يعصب بنات الابن ذكرٌ؛ فللذكر مثل حظ الأنثيين.
· ضابط: الأنثى من الفروع مع الذكر من الفروع لا تخلو من ثلاث حالات:
1 -
أن يكون الذكر مساو لها: فلا ترث بالفرض بل بالتعصيب، للذكر مثل حظ الأنثيين.
2 -
أن يكون الذكر أعلى منها: فيحجبها.
3 -
أن يكون الذكر أنزل منها: فلا يعصبها إلا إذا استغرق من فوقها الثلثين.
في هذا المثال عصَّب الذكر الأنثى التي في درجته والأنثى التي هي أعلى منه، أفاده شيخنا عبد الكريم اللاحم رحمه الله.
- فرع: القريب المبارك هو: من لولاه لسقطت الأنثى التي يعصبها.
مثاله:
والقريب المشؤوم، هو: من لولاه لورثت الأنثى التي يعصبها، ولا يكون هذا القريب إلا مساوياً للأنثى.
ولولا وجود الأخ لأب لورثت الأخت لأب السدس تكملة الثلثين، وعالت المسألة من (6) إلى (7).
ولولا وجود ابن الابن لورثت بنت الابن السدس تكملة الثلثين، وعالت المسألة من (12) إلى (15).
- فائدة: ابن الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، لا يعصبان الأخت لأب إذا استغرقت الشقيقات الثلثين، بخلاف ابن الابن النازل، فيعصب من فوقه من بنات الابن إذا استغرق من فوقهنَّ الثلثين.
والفرق بينهما: أن الإرث بالولادة أقوى من الإرث بالأُخُوَّة، ولأن ابن الأخ لا يعصب أخته، فلا يعصب عمته.
وَمِثْلُهَا الأُخْتُ لأبٍّ وُجِدَتْ
…
مَعَ الشَّقِيقَةِ لِسُدْسٍ أَخَذَتْ
الصنف الخامس: الأخت لأب أو أكثر، وأشار إليه بقوله:(ومثلها) أي: مثل بنت الابن: (الأختُ لأبٍ)، فترث السدس بشرطين:
1 -
عدم المعصب، وهو أخوها، شقيقًا كان أو لأب؛ لقوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11].
فإن وجد المعصب؛ فللذكر مثل حظ الأنثيين.
مثاله:
2 -
أن يكن مع شقيقة وارثة النصف فرضًا، وأشار إليه بقوله: إن (وُجِدت مَعَ) الأخت (الشَّقِيْقَةِ لسدسٍ أخذت)، وهذا بالإجماع؛ قياسًا على بنت الابن مع بنت الصلب.
فإن كانت الشقيقات أكثر من واحدة؛ سقطت الأخوات لأب؛ لاستغراق الشقيقات الثلثين، إلا أن يعصبهن أخًا لأب.
أمثلة تحقق الشروط:
وَهْوَ كَذَاكَ لأَخٍ لأُمِّ
…
مُنْفَرِدًا فَاحْذَرْ تَؤُمَّ الأُمِّي
الصنف السادس: الواحد من ولد الأم، ذكراً كان أو أنثى، وأشار إليه بقوله:(وهو) أي: السدس (كذاك لأخٍ) أو أخت (لأمٍّ)، ويستحق السدس بثلاثة شروط:
1 -
عدم الفرع الوارث؛ لأنه يسقط به.
فإن وجد الفرع الوارث؛ لم يرث شيئاً.
مثاله:
2 -
عدم الأصل الوارث من الذكور؛ لأنه يسقطه.
فإن وجد الأصل الوارث من الذكور؛ سقط ولد الأم.
مثاله:
3 -
أن يكون ولد الأم (منفردًا).
فإن كانوا جمعاً؛ ورثوا الثلث كما تقدم.
مثاله:
والدليل على هذه الشروط الثلاثة: قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، وقد أجمع العلماء على أن المراد هنا ولد الأم، والكلالة: من لا ولد له ولا والد.
مثال تحقق الشروط:
(فَـ) إذا علمت ذلك فاتبع سبيل العلم واعمل بما فيه تهتدِ، و (احْذَرْ تَؤُمَّ الأُمِّي) أي: تتبع الجاهل وتقتد بأفعاله فتضلَّ، والأمي: هو من لم يُحسن الفاتحة ولا غيرها، ولا يكتب، أو هو الباقي على جبلَّته، أو هو الغبيُّ الجلف الغليظ. قاله المؤلف في شرحه.
وَافْرِضْهُ لِلْجَدَّةِ والجَدَّاتِ
…
حَيْثُ تَسَاوَيْنَ مِنَ الجِهَاتِ
وَالجَدَّةُ القُرْبَى لِأُمٍّ تَمْنَعُ
…
أُمَّ أَبٍ بُعْدَى وَسُدْسًا تَجْمَعُ
وَالعَكْسُ فِيهِ جَاءَ قَوْلٌ آخَرُ
…
لَكِنَّهُ فِيهِ الخِلَافُ ظَاهِرُ
(وَ) الصنف السابع: (افْرِضْهُ) أي: السدس (لِلْجَدَّةِ والجَدَّاتِ) أي: الجدة الواحدة فأكثر، ويتشاركن بالسدس، ويستَحِقْن السدس بشرط واحد، وهو: عدم الأم وعدم الجدة التي أقرب منها؛ إجماعاً؛ لحديث بريدة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ» [أبوداود 2895، والنسائي 6338]، ويأتي تفصيل أحكام الجدات.
فإن وُجِدت الأمُّ؛ لم ترث الجدة، أو وُجِدَت الجدةُ الأقرب؛ لم ترث الجدة الأبعد.
مثاله:
مثال تحقق الشروط: