الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالجِهَةِ احْكُمْ أَوَّلاً وَبَعْدَهَا
…
بِالْقُرْبِ ثُمَّ قُوَّةٍ خُذْ رُشْدَهَا
-
مسألة: إذا اجتمع عاصبان فأكثر، فلا يخلو اجتماعهم من أمرين:
1 -
أن يستووا في الجهة والدرجة والقوة؛ كابنين، أو أخوين شقيقين: فيشتركون في المال إن لم يكن هناك صاحب فرض، أو يشتركون فيما أبقت الفروض إن كان هناك صاحب فرض.
2 -
أن يختلفوا في شيء من ذلك، إما في الجهة، أو في الدرجة، أو في القوة: فأحق العصبة بالميراث؛ أقربهم إلى الميت؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» [البخاري: 6732، ومسلم: 1615]، فيسقط الأبعد من العصبات بالأقرب منها.
-
مسألة: ترتيب العصبة على النحو التالي:
أولًا: يقدم الأقرب جهة، وأشار إليه بقوله:(بِالجِهَةِ احْكُمْ أَوَّلاً)، فتقدم الجهة القربى على الجهة البعدى؛ فابن الأبن وإن نزل مقدم على الأب.
وجهات العصوبة ستة:
1 -
بنوة: وتشمل البنين وبنيهم وإن نزلوا.
2 -
ثم أبوة: وتشمل الأب فقط.
3 -
ثم جدودة وإخوة، وتشمل الجد من قبل الأب وإن علا بمحض الذكور، وتشمل الأخ الشقيق، والأخ لأب.
4 -
ثم بنو الإخوة: وتشمل ابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب وإن نزلا.
5 -
ثم العمومة: وتشمل العم الشقيق، والعم لأب وإن عليا، وبنيهما وإن نزلوا.
6 -
ثم الولاء: وتشمل المعتق، والمعتقة، وعصبتهم بالنفس.
وعلى القول بأن الجد كالأب، وأن الإخوة لا يرثون مع الجد -وهو مذهب الحنفية، واختاره ابن باز وابن عثيمين-؛ فالجهات خمس:
1 -
بنوة: وتشمل البنين وبنيهم وإن نزلوا.
2 -
ثم أبوة: وتشمل الأب والجد من قبله وإن علا بمحض الذكور.
3 -
ثم الأخوَّة: وتشمل الأخ الشقيق، والأخ لأب، وبنيهم وإن نزلوا.
4 -
ثم العمومة: وتشمل العم الشقيق، والعم لأب وإن عليا، وبنيهم وإن نزلوا.
5 -
ثم الولاء: وتشمل المعتق، والمعتقة، وعصبتهم بالنفس.
وقد نظمها بعضهم بقوله:
(بنوةٌ أُبوةٌ أُخوه
…
عمومةٌ وذو الولا التتمه).
مثاله:
ثانيًا: إن استووا في الجهة؛ قَدِّم الأقرب درجة، وأشار إليه بقوله:(وَبَعْدَهَا) أي: بعد الترتيب بالجهة: قَدِّم (بِالْقُرْبِ) أي: الأقرب درجة، فالابن يقدم على ابن الابن، والأخ لأب يقدم على ابن الأخ شقيق؛ لأنه أقرب درجة، ولم نعتبر قوة الثاني؛ لأن قُرب الدرجة مقدم على القوة.
مثاله:
(ثُمَّ) ثالثًا: إن استووا في الجهة والدرجة؛ فالتقديم يكون بالـ (قُوَّةِ)، فيقدم من يدلي بالأبوين على الذي يدلي بالأب فقط، فالأخ الشقيق أولى من الأخ لأب؛ لأنه أقوى، وهكذا، (خُذْ رُشْدَهَا) أي: بالقول الرشيد.
- فائدة: لا يتصور التقديم بالقوة إلا في الإخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم.
- تطبيقات.
1 -
زوجة وبنت وبنت ابن وعم شقيق وابن عم شقيق.
2 -
زوجة وأم وابن وابن ابن.
3 -
زوجة وأم وأخ شقيق وأخ لأب.
4 -
أربع أخوات أشقاء وأخ شقيق وابن وأخ لأم وابن أخ لأب.
5 -
زوجة وأربع بنات وابن أخ شقيق وبنت أخ شقيق وابن أخ لأب.
6 -
زوجة وبنت وأخ شقيق وأخ لأب.
7 -
أربع بنات ابن وأم ومعتق وابن معتق.
8 -
زوجة وأم وابن عم لأب وابن عم شقيق لمعتق.
9 -
زوجة وبنت وأخ لأب وأخ شقيق لمعتق.
وَوَرِّثِ الإِبْنَ كَمَا الْبِنْتَيْنِ
…
عُصُوبَةً وَالأخَ كَالأُخْتَيْنِ
النوع الثاني من العصبة بالنسب: العصبة بالغير، سموا بذلك؛ لأنهن لسن عصبة بأنفسهن، بل لابد من عاصب بالنفس كن بسببه عصبة، وهن أربعة أصناف:
الصنف الأول: البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
والصنف الثاني: بنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر، وهذا لا يخلو من ثلاثة أقسام:
1 -
تعصيب ابن الابن الذي في درجتها، سواء كان أخاها أو ابن عمها الذي في درجتها؛ لقوله تعالى:(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)، ولفظ الأولاد فيها مطلق يشمل أولاد الابن.
2 -
تعصيب ابن الابن الأنزل منها إن احتاجت إليه، اتفاقاً؛ لأنه إذا كان يعصِّب التي في درجته؛ فكونه يعصب التي أعلى منه درجة من باب أولى؛ لقربها من الميت.
3 -
تعصيب ابن الابن لمن هي أنزل منه من بنات الابن: فلا خلاف أنه لا يعصبها.
وأشار إلى هذين الصنفين بقوله: (وَوَرِثَ الإِبْنُ) وابن الابن وإن نزل (كَمَا)، وما زائدة، أي: كإرث (الْبِنْتَيْنِ) وبنتي الابن (عُصُوبَةً)، فتكون الأنثى منهن حينئذ عصبة، للذكر مثل حظ الأنثيين.
مثاله:
والصنف الثالث: الأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ الشقيق فأكثر.
والصنف الرابع: الأخت لأب فأكثر مع الأخ لأب فأكثر.
وأشار إلى هذين الصنفين بقوله: (وَ) وورث (الأخَ) شقيقاً كان أو لأب (كَـ) إرث (الأُخْتَيْنِ) الشقيقتين أو لأب، فتكون الأنثى منهن مع الذكر المساوي لها في الجهة والدرجة والقوة عصبة بالغير، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى:(وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
مثاله:
وَالأُخْتُ مَعْ بِنْتٍ فَوَرِّثْ عَصَبَهْ
…
وَلَا تكُنْ لِغَيْرِ حَقٍّ عَصَبَهْ
النوع الثالث من العصبة بالنسب: العصبة مع الغير، سموا بذلك؛ لأنهن لَسْنَ هم عصبة في كل الأحوال، بل تعصيبهن مقيد بكونهن مع نوع خاص من الورثة، فهم عصبة إذا وجد معهم ذلك الغير.
(وَ) هن: (الأُخْتُ) الشقيقة أو لأب (مَعْ بِنْتٍ) أو بنت ابن، واحدة فأكثر، (فَوَرِّثْ) الأخوات (عَصَبَهْ) أي: بالتعصيب، لا بالفرض، وهو معنى قول الفرضيين:(الأخوات مع البنات أو بنات الابن عصبات).
فتنزل الأخت الشقيقة منزلة الأخ الشقيق، وتنزل الأخت لأب منزلة الأخ لأب، اتفاقاً؛ لما روى هُزيل بن شَرحبيل، أن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن بنت وابنة ابن وأخت، فقال: أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم: «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» [البخاري: 6736]، ولأن الأخت ترث مع أخيها بالتعصيب مع إناث الفرع الوارث، فكذلك إذا انفردت.
- فرع: شرط العصبة مع الغير: أن لا يكون معهنَّ معصب، فإن كان معهنَّ معصب؛ كنَّ عصبة بالغير، كما لو كان مع الأخت الشقيقة أخ شقيق، أو مع الأخت لأب أخ لأب.
- فرع: إذا صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير؛ فإنها تكون كالأخ الشقيق، فتحجب الإخوة لأب، ذكوراً كانوا أو إناثاً، وتحجب
من بعدهم من العصبات.
ومتى صارت الأخت لأب عصبة مع الغير؛ فإنها تكون كالأخ لأب، فتحجب بني الإخوة ومن بعدهم من العصبات.
- فرع: العصبة مع الغير صنفان:
الصنف الأول: الأخت الشقيقة فأكثر مع بنت أو بنت ابن، واحدة فأكثر، وتكون بمنزلة الأخ الشقيق.
مثاله:
فإن كان مع الأخت الشقيقة أخوها: كانت عصبة بالغير.