الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 - فضل سعد بن مُعَاذٍ رضي الله عنه
(179)
تَقَدَّمَ لَهُ حَدِيثٌ فِي الْجَنَائِزِ.
(180)
وَحَدِيثٌ فِي المغازي في حكمه (1) في بني قريظة.
(1) أمّا حديثه الذي في كتاب الجنائز فتقدم برقم (843) -باب الرخصة في البكاء على الميت- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفيه أن أم سعد رضي الله عنها كانت تبكيه وهي تقول:
ويل أُمِّ سعدٍ سعدًا
…
براعة ومجدًا
بعد أيادٍ له ومجدًا
…
مقدّم سدّ به مسدًّا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ البواكي تكذب إلَّا أم سعد". وعزاه لإسحاق، وفيه الأشعث ابن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص حديثه عن جده مرسل كما قال أبو زرعة، فالحديث ضعيف.
(يظر: التهذيب 1/ 350).
وأمّا الحديث الذي في المغازي فسيأتي برقم (4278 و 4280)، وهو في المجردة (4/ 230: 4336)، عن عبد الله بن يزيد قال: لما كان يوم قريظة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا لي سيدكم
…
" فذكره حتى قال: "أصبت حكم الله ورسوله". وعزاه لأبي يعلى وقال: هذا إسناد كوفي فيه ضعيفان جابر وسفيان.
قلت: سفيان بن وكيع بن الجراح قال عنه الحافظ في التقريب (245: 2456)، كان صدوقًا إلَّا أنه ابتلى بورّاقة فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنُصح فلم يقبل فسقط حديثه.
وأمّا جابر بن يزيد الجعفي فقال عنه أيضًا في التقريب (137: 878)، ضعيف رافضي.
وأورده أيضًا من حديث عامر بن سعد، عن أبيه (ح 4337)، قال: حكم سعد بن معاذ يومئذٍ أن يقتل من جرت عليه موسى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات". وعزاه للحارث.
قلت: وفيه محمَّد بن عمر الواقدي وهو متروك. (ينظر: التقريب 498: 6175)، والله أعلم.
4027 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (1): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: اهتزّ العرش لحُبِّ الله تعالى لقاءَ سعد رضي الله عنه فَقَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي السَّريرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} (2) قال: تفسخت أعواده (3)
(1) المصنف له (12/ 142: 12366).
(2)
سورة يوسف: الآية 100.
(3)
حديثا "اهتزّ العرش لموت سعد" حديث متواتر كما قال أئمة هذا الشأن ومنهم ابن عبد البر
والسيوطي وغيرهما. (ينظر: فيض القدير 3/ 64، ونظم المتناثر للكتاني 198: 238).
وهو في صحيح البخاري في كتاب مناقب الأنصار رضي الله عنهم -باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه البخاري مع الفتح (7/ 154: 3803)، عن جابر رضي الله عنه بلفظ:"اهتزّ عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ". وفي مسلم -فضائل الصحابة- باب من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه (ح 2467)، من حديث جابر وأن رضي الله عنهم.
واهتزاز العرش محمول على ظاهرة حقيقة بكيفية لا يعلمها إلَّا الله جل وعلا.
قال الإِمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (5/ 330)، اختلف العلماء في تأويله فقالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحًا بقدوم روح سعد وجعل الله تعالى في العرش تمييزًا حصل به هذا ولا مانع منه كما قال تعالى:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة 74]، وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار.
وقال المازري: قال بعضهم: هو على حقيقته وأن العرض تحرك لموته قال: وهذا لا ينكر من جهة العقل لأن العرش جسم من الأجسام يقبل الحركة والسكون.
قال: لكن لا تحصل فضيلة سعد بذلك إلَّا أن يقال: إن الله تعالى جعل حركته علامة للملائكة على موته.
وقال آخرون: المراد اهتزاز أهل العرش وهم حملته وغيرهم من الملائكة فحذف المضاف والمراد بالاهتزاز الاستبشار والقبول، ومنه قول العرب: فلان يهتز للمكارم لا يريدون اضطراب جسمه وحركته وإنما يريدون ارتياحه إليها لاقباله عليها.
وقال الحربي: هو كناية عن تعطيم شأن وفاته، والعرب تنسب الشيء المعظم إلى أعظم الأشياء فيقولون: أظلمت لموت فلان الأرض وقامت له القيامة.
وقال جماعة: المراد اهتزاز سرير الجنازة وهو النعش، وهذا القول باطل يرده صريح هذه =
قَالَ (4): وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْرَهُ فاحْتَبس فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ: يَا رسول الله ما حبسك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ضُمَّ سعدٌ رضي الله عنه في القبر ضَمَّةً فدعوت الله تعالى أن يكشف عنه".
الروايات التي ذكرها مسلم: "اهتز لموته عرش الرحمن". وإنما قال هؤلاء هذا التأويل لكونهم لم تبلغهم هذه الروايات التي في مسلم. اهـ.
قلت: وهذا القول كما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما نقل عن البراء رضي الله عنه كما ثبت عند البخاري. (وانظر: صحيح البخاري مع الفتح 7/ 154: 3803)، فقد فسّره باهتزاز السرير أيضًا. وهذا تأويل مردود بصريح الروايات الصحيحة.
وكما أنّه تأويل مردود فالتأويلات الأخرى أيضًا لا مستند لها ولا حاجة إليها.
وقد علق الإِمام الذهبي رحمه الله على أثر ابن عمر هذا في سير أعلام النبلاء (1/ 297)، فقال: قلت: تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر أو من قول مجاهد، وهذا تأويل لا يفيد فقد جاء ثابتًا عرش الرحمن وعرش الله. والعرش خلق الله مسخّر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله وجعل فيه شعورًا لحب سعد كما جعل تعالى شعورًا في جبل أُحد بحبِّه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى:{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ 10]، وقال:{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} [الإسراء 44]، ثم عمم فقال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه} . وهذا حقّ، وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود:"كما نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل"(صحيح البخاري مع الفتح (6/ 679: 3579)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإِسلام).
وهذا باب واسع سبيله الإِيمان.
قلت: وقد وقع الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذا التأويل أيضًا فقال: والمراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه. (ينظر: الفتح 7/ 155).
وذكر أن ابن عمر رضي الله عنهما رجع عن تأويله الذي هنا وقال: أخرج ذلك ابن حبّان من طريق مجاهد عنه، وضعّف تفسيره الذي هنا بأنه من رواية عطاء بن السائب وهو ممن اختلط.
قلت: ولم أقف على ما نسبه إلى ابن عمر رضي الله عنهما من الرجوع عن هذا التفسير في ابن حبان ولعله بلغه النص فرجع.
وحاصل القول: إن اهتزاز العرش على ظاهره بكيفية لا يعلمها إلَّا الله جل وعلا، والله أعلم.
(4)
هو متصل بالإسناد نفسه. وسيأتي أن هذا الأمر ثابت صحيح، وقد علق الإِمام الذهبي رحمه الله على هذا فقال: (قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا وألم تأثره ببكاء أهله عليه وألم قيامه من قبره =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وألم الموقف وهو له، وألم الورود على النار ونحو ذلك، فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد المتقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه قال الله تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم39] وقال: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر 18]، فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي.
ومع هذه الهزات فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة وأنه من أرفع الشهداء رضي الله عنه، كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هولٌ في الدارين ولا روع ولا ألم ولا خوف، سل ربك العافية وأن يحشرنا في زمرة سعد". اهـ. (سير أعلام النبلاء 1/ 290).
4027 -
[1] درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد؛ لأن محمد بن فضيل يدخل في جملة من روى عن بن السائب بعد الاختلاط، والله أعلم.
وقد سكت عنه البوصيري (3/ 68/ أ).
4027 -
[2] وَقَالَ الْبَزَّارُ (1): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ، ثنا محمد بن فضيل به.
وقال: هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ لَا نَعْلَمُهُ إلَّا عن ابن عمر رضي الله عنهما (2).
(1) كشف الأستار (3/ 256: 2697).
(2)
يعني تفسيره بسرير الجنازة وإلَاّ فتفسير العرش بالسرير عمومًا منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك والسدي رحمهم الله. (ينظر: تفسير الطبري 3/ 67، وابن كثير 2/ 424).
وتقدمت الإشارة إلى أن البراء رضي الله عنه قال بهذا التفسير الذي نقل عن ابن عمر رضي الله عنهم.
4027 -
[2] درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد أيضًا؛ لأن محمَّد بن فضيل يدخل في جملة من روى عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط. والله أعلم.
تخريجه:
رواه من طريقه الحاكم في المستدرك (3/ 206)، عن عبد الله بن محمَّد بن موسى، عن إسماعيل بن قتيبة، عن أبي بكر به، بنحوه.
وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
ورواه ابن سعد في الطبقات (3/ 331) به، بلفظه.
وروى شطره الثاني وهو قوله: "وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قبره
…
" الخ. ابن حبّان كما في الإحسان (9/ 90: 6995)، عن الحسن بن سفيان، عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن ابن فضيل به، بنحوه.
وقد روي عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما لكن بلفظ آخر:
أخرجه النسائي في السنن الكبرى -كتاب الجنائز- باب ضمة القبر =
= (1/ 606)، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عمرو بن محمَّد، عن ابن إدريس، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"هذا الذي تحرّك له العرش وفُتِحَتْ له أبواب السماء وشهده سبعون ألفًا من الملائكة لقد ضُمّ ضَمَّةً ثم أفرج عنه". وإسناده صحيح.
فيرتقي به حديث مجاهد لا سيما المرفوع منه وهو خبر الضمّة فهو صحيح لغيره.
وأمّا تفسير ابن عمر لاهتزاز العرش فلا يرتقي؛ لأن دلالة هذه الرواية ليست صريحة على ما دلت عليه في حديث مجاهد.
وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات (3/ 328)، عن إسماعيل بن مسعود، عن عبد الله بن إدريس به، بلفظه.
وتقدم أن حديثًا "اهتز العرش لموت سعد" حديث صحيح، والله أعلم.