الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
88 - فَضْلِ الأَشَجّ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ وَاسْمُهُ المُنْذِر
4090 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى (1): حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ صُدْرَان، أبو جعفر ثنا طالب بن حُجَيرٍ العَبْدي، ثنا هُوْدُ العَصَريّ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَكْبٌ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ". فَقَامَ عُمَرُ بن الخطاب رضي الله عنه فَتَوَجَّهَ نَحْوَ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَقِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبًا فَرَحَّب بِهِمْ وقَرَّب (2) وَقَالَ: مَن القَوْم؟ قَالُوا: قومٌ مِنْ عَبْد القَيْس. قَالَ: فَمَا أَقْدَمَكُمْ هَذِهِ الْبِلَادَ التجارةُ؟. قَالُوا: لَا. قَالَ: فَتَبِيعُونَ سُيُوفَكَمْ هَذِهِ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ إِنَّمَا قَدِمْتُمْ فِي طَلَبِ هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالُوا: أجل. فمشى معهم يحدثهم حتى نظر إلى
(1) مسند أبي يعلى (6/ 216: 6815)، وتتمة الحديث:"فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يُسَمِّي لهم: هذا، كذا وهذا، كذا. قالوا: أجل يا رسول الله ما نحن بأعلم بأسمائها منك قال: "أجل". فقالوا لرجل منهم: أطْعِمْنا من بقية الذي بقي في نَوْطِك فقام فأتاه بالبَرْنيّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا البرنيّ أما إنه من خير تمراتكم إنما هو دواءٌ ولا داء فيه".
(2)
التقارب ضد التباعد وقارب الشيء داناه وتقارب الشيئان تدانيا. (لسان العرب 1/ 666)، وكأن المراد هنا أنه بشّ لهم وتكلم معهم مما يكون سببًا في قربهم ودنوّهم وإبعاد الوحشة عن نفوسهم. والله أعلم.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَطْلُبُونَ. فَرَمَى الْقَوْمُ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ رِحَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى سَعْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ هَرْوَلَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذُوا يَدَهُ يُقَبِّلُونَهَا وَقَعَدُوا إِلَيْهِ، وَبَقِيَ الْأَشَجُّ وَهُوَ أصغرُ الْقَوْمِ فَأَنَاخَ الإِبل وعَقَلها وَجَمَعَ مَتَاعَ الْقَوْمِ ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي عَلَى تُؤَدَةٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ (3) بِيَدِهِ فَقَبَّلَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"فِيكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ تعالى ورسوله". قال: وما هما يَا رَسُولَ (4) اللَّهِ؟. قَالَ صلى الله عليه وسلم: "الأنَاةُ والتُّؤَدَةُ (5) ". قَالَ: أَجِبِلًّا جُبِلتُ عَلَيْهِ أَوْ تَخَلُّقًا مِنِّي؟ قال صلى الله عليه وسلم: "بَلْ جِبِلٌّ". فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَأَقْبَلَ الْقَوْمُ قِبَلَ تَمَرَاتٍ يأكلُونها فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّمْرِ البَرْنِيِّ.
* وَاسْمُ جَدِّ هُود مَزِيْدَة،
(3) في (عم): "فآخذ يده".
(4)
فلى (عم): "يا نبي الله".
(5)
الظاهر أن التؤدة هنا بمعنى الحِلْم فإن الحِلْم بالكسر هو الأناة في الأمور والتؤدة من اتَّأَد في فعله وقوله وتوَأَّدَ إذا تأنّى وتثبت ولم يعجل وائْتِدْ في أمرك أي تثَبّتْ (النهاية 1/ 178، 434).
وليس هذا من قبيل المترادف اللفظي في الحديث؛ لأن الرواية التي في الصحيح كلما سيأتي بلفظ: "الحِلْم والأناة" فهما وصفان وخصتان.
قال الإِمام النووي رحمه الله في شرح مسلم (1/ 165)، وأمّا الحِلْم فهو العقل وأمّا الأناة فهي التثبت وترك العجلة وهي مقصورة وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَقَامَ الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقربه وأجلسه إلى جانبه ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"تبايعون على أنفسكم وقومكم؟ ".
فقال القوم: نعم. فقال الأشج: يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه نبايعك على أنفسنا ونرسل من يدعوهم فمن اتبعنا كان منّا ومن أبى قاتلناه. قال: صدقت إن فيك خصلتين
…
الحديث.
ونقل عن القاضي عياض أنه قال: فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحة ولم يعجل والحلم هذا القول الذي قاله الدَّالّ على صحة عقله وجودة نظره للعواقب. اهـ.
4090 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد لجهالة هود بن عبد الله العَصَري.
وقد سكت عنه البوصيري (مختصر 3/ 74/ أ).
وقال الهيثمي في المجمع (9/ 391)، رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات وفي بعضهم خلاف.
تخريجه:
رواه الطبراني في الكبير (20/ 345: 812)، عن الحسين بن إسحاق التستري، عن محمَّد بن صُدْرَان به، بنحوه.
وأورده ابن الأثير في أسد الغابة (5/ 151)، من طريق أبي بكر أحمد بن عمرو، عن محمَّد بن صدران به، بنحوه.
وحديث وفد عبد القيس في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه البخاري في كتاب الإِيمان -باب أداء الخمس من الإِيمان- البخاري مع الفتح (1/ 157: 53)، ولفظه: إن وقد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: من القوم؟ أو من الوفد؟ قالوا: ربيعة.
قال: مرحبًا بالقوم -أو بالوفد- غير خزايا ولا ندامى فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلَّا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحيّ من كفار مُضر فمُرنا بأمر فصلٍ نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإِيمان بالله وحده. قال: أتدرون ما الإِيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تُعطُوا من المغنم الخُمْس.
ونهاهم عن أربع: عن الحنتم والدبَّاء والنّقير والمزفّت -وربما قال: المقيّر- وقال: احفظوهنّ وأخبروا بهنّ من وراءكم. =
= وأخرجه البخاري رحمه الله في عدة مواضع أخرى من صحيحه بألفاظ متقاربة ولم يذكر فيه مقالة النبي صلى الله عليه وسلم للأشج.
لكن ذكرها مسلم رحمه الله في صحيحه في كتاب الإِيمان، باب الأمر بالإِيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين (ح 17)، فقال في آخره: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم للأشجّ أشجّ عبد القيس: "إنّ فيك خصلتين يحبهما الله الحِلْم والأنَاةُ".
وعليه فإن حديث هود عن جده عند أبي يعلى صحيح لغيره. والله أعلم.