الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - [باب اعتراف القدماء بأعلام النبوة]
(1)
4233 -
[1]، قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الذَّيَّالِ بن حرملة الأسدي، عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا، فَقَالُوا: انْظُرُوا أَعْلَمَكُمْ بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ، فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وشتَّتَ أَمْرَنَا، وَعَابَ دِينِنَا، فَلْيُكَلِّمْهُ وَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا نَعْرِفُ أَحَدًا غَيْرَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالُوا: أنت يَا أَبَا الْوَلِيدِ! فَأَتَاهُ عُتْبَةُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَدْ عَبَدُوا الْآلِهَةَ الَّتِي عِبت، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَكَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا سَخْلَةً قَطُّ، أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِكَ مِنْكَ، فَرَّقْتَ شَمْلَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَعِبْتَ دِينَنَا وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ، حَتَّى لَقَدْ طَارَ فِيهِمْ أَنَّ فِيَ قُرَيْشٍ سَاحِرًا، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا، وَاللَّهِ مَا نَنْتَظِرُ إلَّا مثل صيحة الحبلى (2) أن يقدم بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ، حَتَّى نَتَفَانَى، أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ، جَمَعْنَا لك حتى تكون أغنى قريشٍ رجلًا
(1) هذا العنوان ساقط من (مح)، وأضفته من المطبوعة.
(2)
في المطبوعة: "الخيل".
وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الباءَة، فَاخْتَرْ أيَّ نساء قريش شئت، فلنُزَوجك عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفَرَغْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {حَم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حَتَّى بَلَغَ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (3) فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ: حَسْبُكَ، حَسْبُكَ، مَا عِنْدَكَ غير هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: لَا. فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنَّكُمْ تُكَلِّمُونَهُ به إلَّا قد كَلَّمْتُهُ بِهِ، قَالُوا: فَهَلْ أَجَابَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَالَّذِي نَصَبَهَا بَنِيّه مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَنْذَرَكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ، قَالُوا: وَيْلَكَ، يُكَلِّمُكَ رَجُلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ لَا تَدْرِي مَا قَالَ! قَالَ: لَا والله ما فهمت شيئًا بما قال غير ذكر الصاعقة.
[2، 3]- رواه عبد (4) وَأَبُو يَعْلَى (5) جَمِيعًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (6) مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، عَنِ الأجلح.
(3) سورة فصلت: الآية1 - 13.
(4)
المنتخب من مسند عبد بن حميد (3/ 61: 1121).
(5)
مسند أبي يعلى (3/ 349: 1818).
(6)
مستدرك الحاكم (2/ 253).
4233 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي في المجمع (6/ 19)، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه الأجلح الكندي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات. اهـ.
وذكره البوصيري في الإتحاف (2/ ق 167 أمختصر)، وقال: رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعنه عبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي، ورواه الحاكم وصححه. اهـ.
ورواه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (14/ 295: 1849)، كتاب المغازي، باب في أذى قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، وما لقي منهم بسنده وبلفظ مقارب. =
= ومن طريق أبي بكر: رواه أبي يعلى في مسنده (3/ 349: 1818)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ بلفظ مقارب. وزاد أنت خير أم عبد المطلب.
وذكره الهيثمي في المقصد العلي (3/ 139: 1249).
ورواه عبد بن حميد في المنتخب من مسنده (3/ 1121)، قال: حدثني ابن أبي شيبة به بلفظ مقارب لرواية أبي يعلى.
ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة (ح 182)، من طريق مِنْجاب بن الحارث قال: حدّثنا علي بن مُسْهر به بلفظ مقارب. وزاد: أنت خير أم هاشم.
ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 253)، من طريق جعفر بن عون قال: حدّثنا الأجلح بن عبد الله به مختصرًا.
قال الحاكم: حديث صحيح الإِسناد. ووافقه الذهبي.
ورواه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 202)، من طريق محمد بن الفضيل قال: حدّثنا الأجلح، به، بنحوه.
ورواه البغوي في معالم التنزيل (7/ 167)، من طريق الحماني قال: حدّثنا ابن فضيل، به، بنحوه.
وذكره الذهبي في السيرة النبوية من تاريخ الإِسلام (ص 157)، عن محمد بن الفضيل، وساق السند والمتن، ثم قال: رواه يحيى بن معين عنه.
وذكره ابن كثير في التفسير (4/ 98)، وساق سند عبد بن حميد ومتنه، ثم قال: وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده، مثله سواء، وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح وهو ابن عبد الله الكندي الكوفي، وقد ضعف بعض الشيء، عن الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبد الله (فذكر الحديث) وقال: هذا السياق أشبه من سياق البزّار وأبي يعلى والله تعالى أعلم، وقد أورد هذه القصة الإِمام محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة على خلاف هذا النمط، (وساق الحديث) ثم قال: وهذا السياق أشبه =
= من الذي قبله، والله أعلم. اهـ. بتصرف.
وأورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 393)، وعزاه أيضًا لابن مردويه وابن عساكر.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإِسناد، فيه الذيّال بن حرملة، ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وسكتا عنه، وذكره ابن حبّان في الثقات. فيتوقف في الحكم على الحديث.
إلَّا أن للحديث شاهدًا مرسلًا حسن الإِسناد، يقوي الحديث.
رواه ابن إسحاق في سيرته (ح 268)، قال: حدّثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة كان سيدًا حليمًا. قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وحده في المسجد: يا معشر قريش، ألا أقوم إلى هذا فأكلمه أمورًا لعله أن يقبل بعضها، فنعطيه أيها شاء، ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة بن عبد المطلب، ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون. فقالوا: يا أبا الوليد، فقم فكلمه. فقام عتبة حتى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السلطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت من مضى من آبائهم، فاستمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها.
لعلك أن تقبل منها بعضها. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قل يا أبا الوليد أسمع، فقال: "يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت من هذا القول مالًا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت إنما تريد شرفًا، شرفناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك.
وإن كنت تريد ملكًا، ملكناك. وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه ولا تستطيع أن ترده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه. فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. ولعل هذا الذي يأتي به شعر جأش به صدرك، فإنكم =
= لعمري يا بني عبد المطلب. تقدرون منه على ما لا يقدر عليه أحد". حتى إذا فرغ عتبة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أفرغت، يا أبا الوليد؟ قال: نعم.
قال: فاستمع مني. قال: أفعل. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرؤها عليه.
فلما سمعها عتبة أنصت له، وألقى بيده خلف ظهره معتمدًا عليها يستمع منه. حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة، فسجد فيها. ثم قال قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك. فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض، يحلف باللهِ: لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم، قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال: ورائي أني والله قد سمعت قولًا ما سمعت لمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا الكهانة.
يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، واعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب، فملكه ملككم، وعزه عزكم، كنتم أسعد الناس به قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه. فقال: هذا رأيي لكم، فاصنعوا ما بدا لكم.
قال الألباني عنه: إنه حسن مرسل، كما في حاشية فقه السيرة (ص114).