الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاضرة ورونق كلامها إلى التأييد الإلهي الذي ممدده الوحي الذي لا يحيط بعلمه بشري وقالت أم معبد في وصفها له حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظمن وكان جهير الصوت حسن النغمة صلى الله عليه وسلم.
الألقاب والنعوت
لابن الحاج الفاسي
يتعين على العالم أن يتحفظ من هذه البدعة التي عمت بها البلوي وقل أن يسلم منها كبير أو صغير وهي ما اصطلحوا عليه من تسميتهم بهذه الأسماء القريبة العهد بالحدوث التي لم تكن لأحد ممن مضى بل هي مخالفة للشرع الشريف وهي فلان الدين، والعالم أولى من يتحفظ على نفسه من هذه الأشياء ويذب عن السنة في حق نفسه وفي حق غيره. . . ألا ترى أن هذه الأسماء فيها من التزكية ما فيها فيقع بسبيها في المخالفة بدليل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء. أما الكتاب فقوله تعالى:«فلا تزكوا أنفسكم» وقوله تعالى: «ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا، أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبينا» وأما السنة فقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لا تزكوا على الله أحداً ولكن قولوا إخاله كذا وأظنه كذا وأما قول العلماء فقد قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في كتابه شرح أسماء الله الحسنى فقد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العراق والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين ويشبه ذلك هـ.
. . فإذا قال مثلا محيي الدين أو زكي الدين فلا بد أن يسأل عن ذلك يوم القيامة ويقال له هذا هو الذي أحيى الدين وهذا هو الذي زكي الدين إلى غير ذلك فكيف يكون حاله إذ ذاك حين السؤال بل حين أخذه صحيفته فيجدها مشحونة بما تقدم ذكره من التزكية؟ وقد اختلف علماؤنا رحمة الله عليهم في هذه الآية «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» هل الملائكة الكرام يكتبون كل ما يتلفظ به الشخص المكلف كان ما كان أو لا يكتبون إلا ما تضمنه الأمر والنهي وعلى هذا القول الثاني هي المسألة التي نحن بسبيلها إذ أنها احتوت على أشياء مذمومة في الشرع الشريف وهي (. . . . . . . .) لغيره والكذب ومخالفة السلف رضي الله
ولو وقف أمرنا على هذا لكان قريباً لأنه إذا تقرر عندنا أن هذا كذب وتزكية يرجى لأحدنا التوبة والإقلاع ولكن زدنا على ذلك الأمر المخوف وهو أنا نرى أن ذلك جائز أو مندوب إليه بحسب ما سولت لنا انفسنا من أن الناس إذا خوطبوا بغير هذه الأسماء تشوشوا من أجل ذلك وتولدت الشحناء والبغضاء فوضعنا لهم التزكية الخالصة حتى لا يتشوشوا ولا تتولد البغضاء ولا العداوة. لا جرم أن العداوة والبغضاء والشحناء قد كنت عند بعضهم وحصل منها أوفر نصيب كل ذلك بسبب هذه البدعة فبقيت البواطن متنافرة مع الأذهان في الظاهر فأدت هذه البدعة إلى الأمر المخوف لأن صفة المنافق أن يكون باطنه ومعتقده خلاف ظاهره نعوذ بالله من ذلك.
ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله لي صلى الله عليه وسلم إذ أنهم شموس الهدى وأنوار الظلم وهم أنصار الدين حقاً كما نطق به القرآن والخير كله في الاتباع لهم في الاعتقاد والقول والعمل. ألا ترى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما أن دخل بزينب أم المؤمنين رضي الله عنها قال لها ما اسمك قالت برة، فكرة ذلك الاسم وقال لا تزكوا أنفسكم لما فيه من اشتقاق اسم البر ومعلوم بالضرورة أنها ما اختيرت السيد الأولين والأخرين ألا وهي من البر بحيث المنتهى لكنه عليه الصلاة والسلام كرة ذلك الاسم وان كان حقيقة لما فيه من التركية فجدد اسمها زينب وكذلك فعله عليه الصلاة والسلام مع جويرية أم
المؤمنين (وكان اسمها برة أيضاً) فإذا كره ذلك في حق من فيه ذلك. حقيقة ونهى عنه بقوله لا تتزكوا أنفسكم فما بالك بأحوالنا اليوم؟ ومن هذا الباب أيضاً ما خرجه أبو داود في سننه عن شريح عن أبيه هانئ رضي الله عنه أنه لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكونه بأبي الحكم فدعاه رسول صلى الله عليه وسلم فقال أن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم فقال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بكمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا فما لك من الولد فقال لي شريح ومسلم وعبد الله قال فمن أكبرهم قال شريح قال فأنت أبو شريح.
فإن قال قائل إنما هذه الأسماء مجاز لا عبرة بها وقد صارت أيضاً كأسماء الأعلام حتى لا يعرف أحد إلا بها فقد خرجت عن باب التركية إلى باب أسماء الأعلام العباس وعلي. فالجواب أن هذا يرده ما نشاهده في الوجود مباشرة وهو أن الواحد منا إذا قيل له اسمه العلمي الشرعي كالعباس وعلي تشوش من ذلك على من ناداه به ووجد عليه الحق لكونه ترك ذلك الاسم وعدل عنه إلى غيره فهذا يوضح ويبين أن التركية باقية مقصودة في هذه الأسماء وإنها لم تبرح ولم تخرج عن موضعها الذي وضعت له. مع إنه لولم يكن فيها لا كذب ولا تزكية لكان منهياً عنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالأعاجم وهذه الأسماء ما ظهرت إلا من قبلهم. وقد رأيت لبعض الشيوخ من
يقتدي بهم في العلم والفتوى والدين يقول إنه أدرك أباه ومن كان في سنه لا يتسمون بهذه الأسماء ولا يعرفونها وكان سببها أن الترك لما تغلبوا على الخلافة تسموا إذ ذاك هذا شمس الدولة وهذا ناصر الدولة وهذا نجم الدولة إلى غير ذلك فتشوفت نفوس بعض العوام ممن ليس له علم إلى تلك الأسماء لما فيها من التعظيم والفخر فلم يجدوا سبيلاً إليها لأجل عدم دخولهم في الدولة فرجعوا إلى أمر الدين فكانوا في أول ما حدثت عندهم هذه الأسماء إذا ولد لأحدهم مولود لا يقدر أن يكتبه فلأن الدين إلا بأمر يخرج من جهة السلطان فكانوا يعطون على ذلك الأموال حتى يسمى ولد أحدهم بفلان الدين فلما إن طال المدى وصار الأمر إلى الثراء فلم يبق لهم بالتسمية بالدولة معنى إذ أنها قد حصلت لهم فانتقلوا إلى الدين ثم فشا الأمر وزاد حتى رجعوا يسمون أولاًدهم بغير مال يعطونه على ذلك ثم انتقل إليه بعض من لا علم عنده ولا عمل ثم صار الأمر متعارفاً متعاهداً حتى أنس به بعض العلماء فتواطئوا عليه فإنا لله وانا إليه راجعون. كان الناس يقتدون بالعالم ويهتدون بهديه فصار الأمر إلى أن يحدث الأعاجم ومن لا علم عنده شيئاً فيقتدي العالم بهم فلا حول ولا قوة إلا بالله على عكس الأمور وانقلاب الحقاًئق. ولم يرض الإمام الحافظ النووي رحمه الله من المتأخرين بهذا الاسم قط وكان يكرهه كراهة شديدة على نقل عنه وصح وقد وقع في بعض الكتب المنسوبة إليه رحمه الله أنه قال إني لا أجعل أحداً في حل ممن يسميني بمحيي