الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم الأعمال، وهيأ لخلافتكم السنية وللمسلمين، هناء يتضمن السلامة لكم ولهم على تعاقب الأعوام والسنين. وبحسب ما لنا فيكم من الود الذي أسست المصافاة بنيانه، والحب الذي أوضح الإخلاص برهانه، وقع تخيّرنا فيمن يتوجه من بابنا الكريم لتفصيل مجمله، وتقرير ما لدينا فيه على أتم وجه الاعتقاد وأكمله، على الشيخ الأجل الشريف المبارك الأصيل الأسنى الحظيّ الأعز الحاج المبرور الأمين الأحفل الأفضل الأكمل أبي عبدالله محمد ابن الشيخ الأجل الأغر الأسنى الأوجه الأنوه الأرفع الأمجد الأثر الأزهى الشريف الأصيل المعظم المثيل الأشهر الأخطر الأمثل الأجمل الأفضل الأكمل المرضي المقدس المرحوم أبي عبد الله بن أبي القاسم بن نفيس الحسيني العراقي، وصل الله سعادته، وأحمد على حضرتكم السنية وفادته، حسب ما يفي بشرح ما حمَّلناه نقله، ويكمل بإيضاحه لديكم يقظته ونبله، إن شاء الله تعالى وهو سبحانه وتعالى يديم سعادتكم ويحفظ مجادتكم، ويسني من كل خير إرادتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بيعة صاحب مملكة بُرْنُو من أقطار السودان
للمنصور الذهبي. أنشأها له كاتب المنصور
عبد العزيز الفشتالي
الحمد لله الذي أعلى الكلمة الحق مناراً يسامي في مطالعها النجوم، وأزاح بها عن شمس الهداية المنيرة غياهب الغباوة المدلهمّة وسحاب
الغواية المركوم، وحيّ على الفلاح بها داعي التوفيق الذي نشر للنجاح كتابه الموقوت واستنجز للسعادة أجلها المعلوم، وشرف هذا الوجود، والعالم الموجود، بالخلافة النبوية، والإمامة الحسنة العلوية، التي صرفت الوجوه إلى قبلتها المشروعة، واستبان الحق بتبلُّج الصباح في مبايعتها والانقياد لدعوتها المسموعة، ونسخ بدولتها الغراء دول الحيف التي هي بسيف النبوة المصلت مقطوعة وبلسان السنة مدفوعة، وقوض بها مباني الادعاء التي هي على غير أساس الشرع الصحيح مرفوعة، وفرّق بكلمتها المجموعة على التوحيد فرق التثليث التي هي على مشاقّة الله ورسوله تابعة ومتبوعة، وخلع بظهورها على أعطاف الحنيفية السمحة رداء العز الفضفاض، واستلّ بتأييدها للدين المحمدي سيف الأنفة والامتعاض وأشار للأعادي من بأسها المروع بلسان الحية النّضناض، وفجر للمؤمنين ينبوع رحمتها الجاري على حصي عددها الرضراض، ومدّ بسيوفها المنتضاة الآفاق والأقطار تمهيداً أزال عن حكمه الاعتراض، وجلي بأنوارها المتألقة سدف الجهالة التي ادْلهم جوها وغيّم، وأسعد الوجود بيمنها الذي لبث في أكناف مجدها وخيم، وقضى لها بتوارث الأرض ومن عليها إن شاء الله إلى عيسى ابن مريم.
والصلاة والسلام على مولانا محمد الذي تعاضدت البراهين القاطعة، على صدق رسالته البارعة، ونهج للدين القويم طريقة الحق المثلى ومادته الشارعة، وسوغ لمن آمن به مناهل المدى النميرة الزّلال وموارده
العذبة ومشارعه، نبي الرحمة، وشفيع الأمة، وعلى آله وأصحابه الكرام آية الهدى ومصابيح الظلام.
والدعاء لمولانا الإمام، العلوي الهمام، أمير المؤمنين، ابن أمير المؤمنين، نجل سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وسليل الوصيّ والسبطين الأكرمين.
وبعد فإنه لما أذن الله في ليل الجهالة أن ينجاب، وفي شمس الحق الوهاجة أن يرتفع عنها الحجاب، وفي العز الخلق الجلباب، أن يعود إلى الشباب، وفي النجاح والاستقامة أن يفتح لهما الباب، وفي الأمارة أن سند السنة والكتاب وتتعلق من الشرع بأسباب، تدارك الله سبحانه الوجود وأعز العالم الموجود واستطارت الأنوار المضيئة للأغوار والجود، بطلوع شمس الخلافة النبوية، والإمامة الهاشمية العلوية، ففاضت على أديم البسيطة أنوارها، وارتفع إلى حيث السّبها والفرقدين منارها، وتبلج بالأصباح نهارها ولاحت في سماء المجد بدورها وأقمارها، وكادت تنهب نجوم السماء اتباعها وأنصارها، وانتشرت في الآفاق والأقطار على البعد والقرب آثارها، وهزت عطف الزمان انتشاء مناقبها وأخبارها وفاض ببركتها على أكتاف المعمور يمها الزاهر وتيارها، خلافة ينتمي إلى النبوة عنصرها وتستنبط من رسالة الوحي أسطرها، ويناط بعروتها الوثقى خصرها، وإمامة علي وليها والله نصيرها والسبط بدرها
الذي حيّاه منبرها وسريرها.
والحمد لله الذي اصطفى من هذه الدوحة النبوية الشماء، والشجرة الطيبة الهاشمية التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، إماما ألقى الله له في القلوب حباً جميلاً، ومولى جعله الله على مرضاته سبحانه علامة ودليلاً وخليفة استرعاه بحسن الرعي لخلقه وعباده كفيلاً، وإنتضي من بأسه وبسالته الحماية حمى الشريعة حساماً صقيلاً، مولانا أمير المؤمنين وخليفة الله في الأرضين، وسليل خاتم النبيين، ووارث الأنبياء والمرسلين، المفترضة طاعته على الخلق أجمعين، والممنون بإمامته المقدسة على العالمين، بحر الندى والباس، وعصمة الله للناس، أمير المؤمنين، المنصور بالله مولانا أبا العباس صلوات الله عليه وعلى آله الخلفاء الراشدين والأئمة الطيبين الطاهرين، وطيب بأنفاس المغفرة لحودهم أجمعين. إمام تهتز لذكره أعطاف المنابر، وتتقلد من شريف دعوته أبهى من نفيس الجواهر، وتستضيء البلاد بإكليل شرفه الزاهر، وتسكن العباد تحت ظل رحمته الوارف الوافر، أبقى الله أيامه الغر بقاء يصحب النصر دوامه، وخلد له ولأعقابه هذا الأمر الكريم إلى يوم القيامة.
ولما طلعت، أيدّه الله على هذه الأصقاع الزنجية طلائع إمامته النبوية وخلافته، ولاحت في سمائها شهب مناقبه المنيفة الدالة على فخامة شرفه وأنافته، وتُلِيَت لمجده الآيات البينات التي تشهد له بتراث الرسالة،
وتقضى له على الإسلام وعلى الأنام بحكم الولاء والكفالة، وأوضح الله سبحانه للناس من اعتقاد وجوب طاعته والاقتداء بإمامته، والانقياد لدعوته، وتقليد بيعته ما جاء به كتابه الحكيم، ووردت سنة نبيه الكريم كما قال عليه السلام: لا تزال الخلافة في قريش ما بقي منهم اثنان، وكما ورد في صحيح الحبر أن الخلافة في قريش والقضاء في الأنصار وفي الحبشة الأذان، ويدل على هذا تعاضد الخبر والعيان، فلا ناكر أن ليس في المعمور على هذا الشرط غيره أيده الله من ثان، فنهض بدليل الشرع أنه إمام الجماعة حقاً المستوفي شروطها، والوارث للخلافة النبوية والحريص على بيضة الإسلام أن يحوطها، وإن القائم بهذا الأمر على الإطلاق غيره دَعِيّ، ومحاوله دون إذنه المشروع بدعي، فتعين لذلك أن الرجوع إلى الحق فريضة، واستبان بما تقرر وعلم أن إمارة لا تلاقي في الشروع محلها المشروع منبوذة مرفوضة، وعروتها لذلك مفهومة ومنقوضة.
فانتدب لهذه الآثار، وصحيح الأخبار، وصرف إلى رضا الله العناية ووقف من الشرائع المشروعة حيث مركز الراية، ومنتهى الغاية، الرئيس أبو العلاء إدريس أكرمه الله انتداب من وقفت به مطية التوفيق، على حضرة الإخلاص والتصديق، وأخذت بزمامه السعادة إلى حيث الفوز برضا الله ورضا رسوله حقيق، والتأييد صاحب ورفيق، وروض الآمال أنيق وراح الراحة والاطمئنان عتيق إلى تقلد بيعة إمام الجماعة أمير المؤمنين، المنصور بالله زاده الله تقديساً وتشريفاً، التي تُؤَسَّسُ إن شاء الله على تقوى
من الله ورضوان، وتشهد عقدها الكريم ملائكة الرحمان، وآثر أسعده الله أن يؤدي فرضها المعدود من فروض الأعيان، وحكمها الذي توجه به خطاب الشرع العام إلى القاصي والدان، وينشر سنتها المشروعة في صقعه وما يليه من الأصقاع والبقاع بالسودان، تقلداً يستضيء إن شاء الله بأنواره، ويستشرف به العين المكين على مناره، ويخمد به للجهل جذوة ناره وتنتظم به في اتباع الحق زمرة أنصاره ويجتلي به صورة إنسانه، ويستوجب من الله عوارف صنعه وإحسانه ورهف به للعدو على العزمات حد سيفه وسنانه، ويقرع به لرضا الله باب القبول، ويتضاعف له ببركته العمل المقبول، ويستنشق بمشهد عقده الكريم نواسم النبوة، ويعود له به الزمان للشباب والفتوة، ويرفع به منار الإمارة على قواعد الشرع الوثيقة، ويعدل به في كل الأحوال عن المجاز إلى الحقيقة، وتتسنى له به وهي المقصد الأسني والخاتمة الحسنى الأسوة الحسنة بإمامي بني العباس السفاح والمنصور، ويحيي سنتها التي نقلها ثقات الأعلام والصدور، في مبايعتهما الإمام الخليفة المهدي الأكبر سليل سيد المرسلين، وجد مولانا أمير المؤمنين الذي رأى أمام دار الهجرة أنه تراث الخلافة أولى وأحق، وفي منصب الإمامة على شرطها أعرق، وبسريرها ومنبرها أليق.
فتأكد للمنتدب أيده الله بهذه الآثار الشريفة، والمناقب المنيفة، العزم والقصد، وأنجز له فيما أراده صادق الوعد، وساعد نيته الصالحة فيه السعد، فبايعه أعلى الله يده على الأمن والأمانة، والعفاف والديانة، والعدل
الذي يُشَيِّدُ المجد أركانه، مبايعة شايَعه على عقدها الكريم، أكرمه الله، أتباعه، وجموعه وأشياخه، بكم الوفاق والاتفاق، والمواثيق الشديدة الوثاق، وبجميع الأيمان الصادقة الإيمان، أعطوا بها صفقة أيديهم، ورفع بها العقيرة مناديهم عارفين أن يد الله فيها فوق أيديهم، وأمضوها على السمع والطاعة، والانتظام في سلك الجماعة، إمضاء يدينون به في السر والجهر، والعسر واليسر، والرخاء والشدة، والأزمان المشتدة، والتزموا شروطها طوعاً واستوعبوها جنساً ونوعاً بنيّات منهم خالصة صادقة، وعِدّة من الله بالخير لهم سابقة، وسعادة بالحسنى لاحقة، أبروا عقدها، وأحكموا وعدها وعهدها، على حكم الكتاب والسنة والجماعة، والأخذ بسنتها أعقاباً عن أعقاب، وأحقاباً إثر أحقاب، إلى يوم القيامة واقتراب الساعة، لا يلحق عقدها الكريم فسخ، ولا يعقبه بحول الله نسخ، ولا يتطرق إليه نقض ولا نكث ولا يشوبه بشوائب الشبهات بحث، وأجمع على هذا أسعده الله بالمواثيق المستفيضة والأيمان اللازمة المغلظة هو وأتباعه إجماعاً شرعياً، وحتموه على أنفسهم حتماً مقضياً واعتقدوه اعتقاداً أبدياً، وعرضوا على التزامه بمشهد عقده المبارك أفراداً وأزواجاً، وحداناً وأفواجاً، وأشهدوا على الوفاء به بأيمانهم الصادقة البرور، ومواثيقهم المثلجة للصدور، قائلين بالله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس العليم بالخفيات، والخبير بالآجال الوفيات، وبجميع الرسل الكرام والأنبياء، وملائكة الرحمان في الأرض والسماء، وعلى