المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التوشيح والوشاحون للإفراني التوشيخ لغة مأخوذ من الوشاح قال في الأنوار والوشاح - النبوغ المغربي في الأدب العربي - جـ ٢

[عبد الله كنون]

فهرس الكتاب

- ‌رسالة من المستشرق بروكلمان

- ‌المنتخبات الأدبيةقسم المنثور

- ‌قسم المنثور

- ‌التحميد والصلاة

- ‌تحميد القاضي عياضجمع فيه بين توحيد الجلالة وتمجيد صاحب الرسالة

- ‌تسبيح للمهدي بن تومرت

- ‌دعاء ومناجاة لأبي العباس السبتي

- ‌صلاة لعبد السلام بن مشيشوهي المعروفة بالصلاة المشيشية

- ‌صلاة لمحمد بن سليمان الجزوليمن كتابه دلائل الخيرات

- ‌صلاة لإبراهيم التازيوتعرف بالصلاة التازية

- ‌تحميد لمحمد ميارةيذكر فيه هداية الإسلام وجهاد النبي عليه السلام

- ‌صلاة لمحمد بن ناصرمن كتابه الغنيمة، (حرف الهمزة)

- ‌صلاة للمعطي بن الصالحمن كتابه الذخيرة، يذكر فيها شرف الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تحميد لخالد العمريمن خطبة له إثر عزل أحد ولاة الجوار بمدينة طنجة عام 1243 ه

- ‌صلاة للمختار الكنتيمن كتابه نفح الطيب، ضمنها عمود النسب الكريم

- ‌الخُطب

- ‌خُطبةلطارق بن زياد

- ‌خطبة إدريس الأزهرقالها بإثر مبايعته وهو ابن إحدى عشرة سنة

- ‌خطبة أخرى له

- ‌خطبة لعبدالله بن ياسينخطبها في شيوخ المرابطين وقد طعن في حروبهمع «برغواطة»

- ‌خطبة للقاضي عياضفي الحض على

- ‌خطبة للمهدي بن تومرتخطبها في شيوخ المصامدة عاهداً إلى عبد المومن

- ‌خطبة للقاضي أبي حفص بن عمريحذر فيها من مذهب الفلاسفة ويحض على اتباع السنةوهو متأثر في ذلك، ولا شك، بحملة المنصور الموحدي على الفلسفة

- ‌خطبة للمنصور المرينيكان له بإسبانيا غزوات عظيمة ومن بعض خطبه فيهايحض جيشه على القتال قوله:

- ‌خطبة لابن رشيدقام ابن رشيد للخطبة يوم الجمعة بعد فراغ المؤذن الثانيظنه الثالث فكثر لغط الناس فقال بديهة

- ‌خطبة وعظية لأبي مدين الفاسي

- ‌خطبة في التذكير والترغيبلأبي عبدالله الرهوني

- ‌خطبة للسلطان مولاي سليمان العلويفي التحذير من بدع المواسم والطوائف الضالة

- ‌خطبة وعظية للعربي الزرهونيعلى حسب أطوار الإنسان وسنيه

- ‌المناظرات

- ‌أ- في الدين

- ‌مناظرة أبي عمران الفاسي الفقهاء القيروان

- ‌مناظرة الخروبي والليسيثني والهبطيوما عقب به اليوسي عليها

- ‌ب- في الأدب

- ‌مناظرة مالك بن المرحللابن أبي الربيع النحوي، في كان ماذا

- ‌ج- في السياسة

- ‌مناظرة المهدي بن تومرت لعلماء مراكشبحضرة علي بن يوسف بن تاشفين

- ‌مناظرة السلطان زيدان بن المنصور الذهبيللشيخ يحيى بن عبدالله بن سعيد الحاحي

- ‌الرسائل

- ‌أ- السلطانيات

- ‌توقيع يوسف بن تاشفينعلى كتاب الفونش

- ‌كتابه بالفتح في واقعة الزلاقة إلى العدوة

- ‌كتاب عبد المؤمن إلى الشيخ محمد بن سعدالمعروف بابن مردنيش صاحب شرق الأندلسيدعوه إلى الدخول في دعوتهم ويظن أنه من إنشاء الوزير أبي جعفر بن عطية

- ‌رسالة من عبد المومن أيضاً إلى أهل تلمسانوهي من إنشاء الكاتب أبي عقيل بن عطية

- ‌توقيعه على رسالة أبي جعفر بن عطية

- ‌رسالة أبي حفص الهنتاتي إلى عبد المؤمن بالفتحفي ثورة أبن هود، وهي من إنشاء الوزير أبي جعفر بن عطية

- ‌ومنها في ذكر الثائر المذكور

- ‌توقيع المنصور الموحدي على كتاب الفونش

- ‌توقيع آخر له

- ‌رسالة للمأمون الموحدي من إنشائهفي الإعلان بإبطال دعوى المهدي وعصمته

- ‌توقيع له

- ‌رسالة للأمير سلمان الموحدي من إنشائهإلى ملك السودان ينكر عليه تعويق التجار

- ‌توقيع له

- ‌كتاب السلمان أبي الحسن المريني إلى الملك الناصر محمد بن قلاوونصاحب مصر، في شأن ركب الحاج المغربي والمصحف الذيخطه بيده ووقفه على الحرم النبوي الشريف

- ‌كتاب منه إلى الملك الصالح أبي الفداء إسماعيل بن محمد بن قلاوونفي التعزية بوالده وأغراض أخرى

- ‌كتاب السلطان أبي سعيد المريني الأصغر إلى الملك الناصر فَرَج بن برقوقيعلمه باستعداده لمناصرته على العدو المهاجم

- ‌بيعة صاحب مملكة بُرْنُو من أقطار السودانللمنصور الذهبي. أنشأها له كاتب المنصورعبد العزيز الفشتالي

- ‌كتاب المنصور الذهبي إلى الشيخين البدر القرافي والزين البكريفي إعلامهما ببعض الفتوح وتشوُّفه للأندلس

- ‌توقيعه على كتاب جُؤْذر

- ‌كتابٌ للسلطان مولاي الحسن العَلوي

- ‌توقيعات له

- ‌(ب) الاخوانيات

- ‌رسالة للقاضي عياض إلى الفتح ابن خاقانحمله فيها تحية للرئيس أبي عبد الرحمان بن طاهر

- ‌رسالة لأبي الحسن بن مروان الرباطي الكاتبإلى ابن الربيب المؤرخ وقد استعار منه نسخة من تاريخ غريب

- ‌رسالة لابن هانئ السبتي أجاب بها أبا القاسم الشريفوكان بعث له بقصيدة همزية فرد عليه بقصيدة مثليها وهذا النثر

- ‌رسالة لابي جعفر الجنان المكناسي بعث بها لابن الخطيبوقد فاتحه بنظيرتها محركاً قريحته

- ‌رسالة للقاضي أبي عبد الله الفشتالي إلى ابن الخطيبجواباً عن مخاطبة مدح وثناء بعث بها إليه

- ‌رسالة لعبد العزيز الفشتالي بعث بها إلى المقريصاحب نفح الطيب جواباً عن كتاب كتبه له قبيل تشريقه

- ‌رسالة للأديب محمد ابن إبراهيم الفاسي إلى الشهاب محمود الخفاجيجواباً عن كتاب بعث به إليه

- ‌(ج) (المتفرقات)

- ‌رسالة للقاضي أبي موسى بن عمرانالمتوفي سنة 578 إلى ولد له بفاس قد ناهز الحلم

- ‌رسالة أبي جعفر بن عطية إلى عبد المؤمن يستعطفه بها

- ‌رسالة أبي الخطاب بن دحيةإلى والي بجاية يسأله تسريح خديم له أخذ في غزاة البحروقد ارتكب فيها غريب اللغة على عادته

- ‌رسالة إلى عبد الواحد المراكشيمن صديق له صبي لم يبلغ الاحتلام، يخبره ببعض الفتوح

- ‌عقد توبة لميمون الخطابي

- ‌إهداء أبي القاسم الشريف ديوان شعره إلى ابن الخطيب

- ‌كتاب الأستاذ ابن حكم السلوي إلى المقري الجدوكان بعث له بمحرر للبيع فسأله إبداله بإحرام تونسي

- ‌رسالة لأبي بكر بن شبرينإلى أبي الحكم بن مسعود وهو شاهد بالمواريث يداعبه فيها

- ‌المقامات

- ‌المقامة الزهريةفي منح المكارم البكرية لمحمد المكلاتي

- ‌مقامة الحجاملابن الطيب العلمي

- ‌المقامة النطوانيةله

- ‌مقامةللوزير ابن إدريس

- ‌المحاضرات

- ‌خير العلم ما حوضر بهشجاعة إدريس الأزهر

- ‌الحسن الحجام

- ‌محاسن الزهد والورع

- ‌تحري القاضي ابن محسود للعدالة

- ‌ملح أهل التصوف

- ‌وكل ناطقة في الكون تطربني

- ‌همة عالم

- ‌عالم ابن دلأل

- ‌حسن الجواب

- ‌بين عبد المؤمن ووزيره

- ‌أعاقبه بالحلم

- ‌المنصور الموحدي والفيل

- ‌سوء الفال

- ‌وقف على الشعراء

- ‌بين أمرين

- ‌مُلح نحوية

- ‌من محاسن التصحيف

- ‌حديث اللظافة)

- ‌نجابة الأولاد

- ‌بديهة الجراوي

- ‌الأصيل في فاس

- ‌بين ابن عبدوس وابن الجهم

- ‌الوجد مع الوجد

- ‌حسن الاعتذار

- ‌حسن التعليل

- ‌من اللطائف في التشميت

- ‌شاعر بليد الطبع

- ‌المودة في القربى

- ‌إنك لبحر

- ‌حلم المنصور الموحدي وعلمه

- ‌من إكرام أبي العلاء الموحدي للعلماء

- ‌هي الشمس

- ‌حيوانات معلمة

- ‌أحب سلا

- ‌نتيجة العلم

- ‌تظليل صحن القرويين

- ‌تحت ثريا القرويين

- ‌قاض حضرمي

- ‌فتحت لنجلك باب الفتوح

- ‌بين ابن المرحل وابن رشيق

- ‌زكانة ابن البناء

- ‌شعر للشريف المومنانييغنيه ابن الطراحة

- ‌محتسب وشاعر

- ‌حلف لا يمشي شاعره لداره إلا على الذهب

- ‌من حكاياتهم في العفاف

- ‌من محاسن الكناية

- ‌غريبة رابغ

- ‌آخر ما نسمع منهم

- ‌كلم نوابغللكاتب محمد بن سلمان من رجال الأنيس

- ‌المقالات

- ‌البلاغة النبوية للقاضي عياض

- ‌الألقاب والنعوتلابن الحاج الفاسي

- ‌النارجيللابن بطوطة

- ‌أطول الطريقللشيخ زروق

- ‌التاريخوالألفاظ المستعملة فيهلأحمد بن عرضون

- ‌التوشيح والوشاحونللإفراني

- ‌تقسيمُ العُلومُإلى فلسفيّة ومِلِّيَّةوبيان ما تواطأت عليهالمِلَّة والفلسفة مِنْهَالأبي علي اليوسي

- ‌القلم في اللغةلأكنْسُوس

الفصل: ‌ ‌التوشيح والوشاحون للإفراني التوشيخ لغة مأخوذ من الوشاح قال في الأنوار والوشاح

‌التوشيح والوشاحون

للإفراني

التوشيخ لغة مأخوذ من الوشاح قال في الأنوار والوشاح خزر تنظم بجواهر وأحجار نفيسة نظمين مختلفين تتقلد بهما المرأة يلتقيان عند صدرها وبين كتفيها كحمائل السيف ومنه التوشيح الذي في الحديث وهو أن يخالف الرجل بين طرفي الثوب آخذاً لهما من تحت إبطيه عاقداً لهما على رقبته اهـ. ومن هذا التوشيح عند أهل البديع ومخترعه قدامة وهو أن يكون أول الكلام دالاً على الفظ ولهذا سموه توشيحاً فإنه يتنزل المعنى فيه بمنزلة الوشاح ويتنزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح.

ومن غريب التوشيح البديعي ما ذكر أن عدي بن الرقاع أنشد الوليد بن عبد الملك بحضرة جرير والفرزدق قصيدته التي أولها: عرف الديار توهماً فاعتادها، حتى انتهى لقوله: تزجي أغن كان إبرة روقه، ثم شغيل الوليد عن الاستماع فقطع عدي الإنشاد فقال الفرزدق إنه سيقول:

قلم أصاب من الدواة مدادها، فلما عاد الوليد للاستماع وعاد.

ص: 610

للإنشاد قال: قلم أصاب من الدواة مدادها، فقال الفرزدق: والله لما سمعت صدر بيته رحمته فلما أنشأ عجزه انقلبت الرحمة حسداً وقال الشريف الغرناطي (أبو القاسم الشريف) في شرح المقصورة لما أنشد أبيات ابن الزقاق ومنها:

على عاتقي من ساعديها حمائل. . . وفي خصرها من ساعدي وشاح

استعمل ابن الزقاق الوشاح في معنى النطاق وهو ما تديره المرأة على خصرها والوشاح ما تتقلده على عاتقها فيكون منها في موضع حمائل السيف من الرجل. وقد خطيء أبو تمام في قوله:

من الهيف لو أن الخلاخل صورت

لها وشحاً جالت عليه الخلاخل

لأنه استعمل الوشاح في الحقاًب، وإنما وصفوا الوشاح بالقلق والحركة لأن ذلك يدل على رقة الخصر وضمور البطن، وسمي التوشيح توشيحاً أخذاً من وشح بمعنى زين، قال الثعالبي على قول الحلي:

ما روضة وشح الوسمي بردتها، ما نصه وشح هو من التوشيح

وهو التزيين يقال: وشحت الشيء إذا زينته ومنه الوشاح اهـ.

وأما التوشيح عرفاً فقال ابن خلدون أن أهل الأندلس لما كثر

ص: 611

الشعر في قطرهم وتهذبت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق فيه الغاية استحدث المتأخرون منهم فناً سموه بالموشح ينظمونه أسماطاً أسماطاً وأغصاناً أغصاناً يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة ويسمون المتعدد منها بيتاً وأحداً ويلتزمون غدد قوافي تلك الأغصان وأوزانها متتالياً فيما بعد إلى آخر القطعة وأكثر ما ينتهي عندهم إلى سبعة أبيات ويشتمل كل بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد اهـ. ولم يلتزموا في أوزانه بحراً من البحور الخمسة عشر بل صنعوا على كل بحر منها وربما استعملوه في الألحان المولدة والطبوع المخترعة والنغمات المستحدثة الخارجة عن أوزان العرب رأساً وهذا الاستعمال أغلب عليهم، ثم قال ابن خلدون:

وأول من اخترع التواشيح بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر القبري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وأخذ عنه ذلك أبوعبد الله أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد ولم يظهر لهما مع المتأخرين ذكر وكسدت موشحاتهما، فكان أول من برع في هذا الشأن بعدهما عبادة القزاز شاعر المعتصم بن صمادح صاحب المرية وقد ذكر الأعلم البطليوسي أنه سمع أبا بكر بن زهر يقول الوشاحون كلهم عيال على عبادة فيما اتفق له من قوله:

ص: 612

بدر تم شمس ضحى. . . غصن نقا مسك شم

ما أتم ما أوضحا. . . ما أورقا ما أنم

لا جرم من لمحا. . . قد عشقا قد حرم

وزعموا أنه لم يسبق عبادة وشاح من معاصريه الذين كانوا زمن الطوائف وجاء من بعده جماعة منهم ابن ارفع رأسه شاعر المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة قالوا وقد أحسن في ابتداء موشحته التي طارت له حيث يقول:

العود قد ترنم بأبدع تلحين. . . وشفت المذانب رياض الياسمين

وفي إثنائها يقول:

تخطر ولم تسلم، عساك المأمون

مروع الكتائب، يحيي بن ذي النون

ثم جاءت الحلبة التي كانت في أيام الملثمين فظهرت لهم البدائع فمن فرسان حلبتهم الأعمى التطيلي ويحيى بن بقي، ومن موشحات الأعمى:

كيف السبيل إلى. . . صبري وفي العالم، أشجان

والركب وسط الفلا. . . بالخرد النواعم، قد بانوا

ص: 613

وذكر غير واحد من المشايخ أن أهل هذا الشأن بالأندلس يذكرون أن جماعة من الوشاحين اجتمعوا في مجلس من إشبيلية وكان كل وأحد منهم قد صنع موشحة وتأنق فيها فتقدم الأعمى التطيلي فلما افتتح موشحته المشهورة بقوله:

ضاحك عن جمان، سافر عن بدر

ضاق عنه الزمان، وحواه صدري

خرق ابن بقي موشحته وتبعه الباقون وذكر إلا لم البطليوسي أنه سمع ابن زهر يقول ما حسدت قط وشاحاً على قول إلا ابن بقي حين وقع له:

أما ترى أحمد. . . في مجده العالي. . . لا يلحق

أطلعه الغرب. . . فأرنا مثله. . . يا مشرق

وكان في عصرهما من الوشاحين المطبوعين أبوبكر الأبيض وكان في عصرهما أيضاً الحكيم ابن باجة صاحب التلاحين المعروفة، ومن الحكايات التي اشتهرت عنه أنه حضر مجلس مخدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشحته:

جرر الذيل أيما جر. . . وصل السكر منك بالسكر

ص: 614

فطرب الممدوح حتى ختمها بقوله:

عقد الله راية النصر. . . لأمير العلا أبي بكر

فلما طرق ذلك التلحين سمع ابن تيفلويت صاح: واطرباه وشق ثيابه وقال ما أحسن ما بدأت به وما ختمت وحلف بالإيمان المغلظة لا يمشي ابن باجة إلى داره إلا على الذهب فخاف ابن باجة سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهباً في نعله ومشى عليه وذكر أبو الخطاب بن زهر (1) أنه جرى في مجلس أبي بكر بن زهر ذكر أبي بكر الأبيض الوشاح المتقدم الذكر فغض منه أحد الحاضرين فقال كيف تغض ممن يقول:

ما لذ لي شرب راح. . . على رياض الاقاح

لولا هضيم الوشاح. . . إذا انثنى في صباح

أوفي الأصيل أضحى يقول. . . ما للشمول لطمت خدي

وللشمال هبت فمال. . . غصن اعتدال ضمه بردي

مما أباد القلوبا بمشي لنا مستريباً. . . يا لحظه زذ نوبا ويالماه الشنيبا

برد غليل صب عليل. . . لا يستحيل فيه عن عهد

(1) كذا عند الافراني وفي مقدمة ابن خلدون ونظن أن الصواب أبو الخطاب ابن دحية.

ص: 615

ولا يزال في كل حال. . . يرجو الوصال وهو في الصد

واشتهر بعد هؤلاء في صدر دولة الموحدين محمد بن أبي الفضل ابن شرف قال الحسن ابن دويدة حسدت حاتم بن سعيد على هذا الافتتاح:

شمس قارنت بدراً. . . راح ونديم

وابن هردوس الذي له:

يا ليلة الوصل والسعود. . . بالله عودي

وابن مؤهل الذي له:

ما العيد في حلة وطاق، وشم طيب. . . وإنما العيد في اللاق، مع الحبيب

وأبو إسحاق الرويني قال ابن سعيد سمعت أبا الحسن سهل ابن مالك يقول أنه دخل على ابن زهر وقد أسن وعليه زي البادية إذ كان يسكن بحصن استبة فلم يعرفه فجلس حيث انتهى به المجلس وجرت المحاضرة أن أنشد لنفسه موشحة وقع فيها:

كحل الدجى يجري. . . من مقلة الفجر. . . على الصباح

ومعصم النهر. . . في حلل خضر. . . من البطاح

فتحرك ابن زهر وقال أنت تقول هذا قال اختبر قال ومن تكون فعرفه فقال ارتفع فو الله ما عرفتك قال ابن سعيد وسابق الحلبة التي

ص: 616

أدركت هؤلاء هو أبوبكر بن زهر وقد شرقت موشحاته وغربت. قال وسمعت أبا الحسن ابن سهل بن مالك يقول قيل لابن زهر لو قيل لك ما أبدع ما وقع لك في التوشيح قال كنت أقول:

ما للموله. . . من سكره لا يفيق. . . يا له سكران

قال في نفح الطيب هذا مطلع موشح يستعمله أهل المغرب إلى الآن ويروى أنه من أحسن الموشحات قلت وأبو بكر بن زهر هو أول من عصر سلافة التوشيح لأهل عصره ولذلك قال فيه تلميذه أبو الخطاب بن دحية في كتاب الطرب من أشعار أهل المغرب والذي انفرد به شيخنا الموشحات وهي زبدة الشعر وخلاصه. من الفنون التي أغرب فيها أهل المغرب على أهل المشرق.

. . قال ابن خلدون واشتهر بعد ابن زهر ابن حيون والمهر بن الفرس بغرناطة قال ابن سعيد ولما سمع ابن زهر قوله:

لله ما كان من يوم بهيج. . . بنهر حمص على تلك المروج

ثم انعطفنا على فم الخليج

نفض مسك الختام. . . عن عسجدي المدام

ورداء الأصيل. . . تطويه كف الظلام

قال أين كنا من هذا الرداء وكان معه في بلده طرف أخبر ابن

ص: 617

سعيد عن والدته أن مُطَرَّفاً هذا دخل على ابن الفرس فقام له وأكرمه فقال لا تفعل فقال ابن الفرس كيف لا أقوم لمن يقول:

قلوب تصابت. . . بألحاظ تصيب. . . فقل كيف نبقى. . . بلا وجد

وبعد هؤلاء ابن حزمون بمرسية ذكر ابن الرئيس أن يحيى الخزرجي دخل عليه في مجلس فإنشده موشحة لنفسه فقال له ابن حزمون ما الموشح بموشح حتى يكون عارياً عن التكلف قال مثل م إذا؟ قال على مثل قولي:

يا هاجري هل إلى الوصال. . . منك سبيل

أو هل يُرى عن هواك سال. . . قلب العليل

وأبو الحسن بن سهل بن مالك بغرناطة قال ابن سعيد كان والدي يُعجب بقوله:

إنّ سيل الصباح في الشرق. . . عاد بحراً في أجمع الأفق

فتداعت نوادب الورق. . . أتُراها خافت من الغرق

فبكت سُحرةً على الورق

واشتهر بإشبيلية لذلك العهد أبو الحسن بن الفضل قال ابن سعيد عن والده سمعتُ سهل بن مالك يقول يا ابن الفضل لك على الوشّاحين الفضل في قولك:

ص: 618

فواحسرتا لزمان مضى. . . . عشية بان الهوى وانقضى

وأُفرِدتُ بالرَّغم لا بالرِّضا. . . وبتُّ على حَرِّ جَمْر الغَضا

أُعانِقُ بالفكر تلك الطُّلول. . . وألثُمُ بالوَهمِ تلك الرُّسوم

قال وسمعت أبا بكر الصَّابوني يُنشد الأستاذ أبا الحسن الدَّباج موشحاته غير ما مرَّة فما سمعتُه يقول لله درُّه إلا في قوله:

قسماً بالهوى لذِي حِجر. . . ما لِلَيل المشوق من فجر

جمد الصُّبح ليس يطَّردُ. . . ما لِلَيلي فيما أظنُّ غَدُ

صَحَّ يا ليلُ أنكَّ الأبدُ

أو فقُصَّت قَوادِمُ النَّسْر. . . فنُجُوم السَّماءِ لا تَسْرِي

واشتهر ببرَّ العُدوَة ابنُ خلف الجزائري صاحب الموشحة المشهورة:

يد الصباح قد قدَحت. . . زِنَادَ الأنوار، في مجَامر الزَّهر

وابن زَجر البِجائي وله من موشحة:

ثغرُ الزمان مُوافِق. . . حيَّاك بابْتسَام

قال ابن خلدون ومن محاسن الموشحات للمتأخرين موشحة ابن سهل شاعر إشبيلية وسَبْتة من بعدِها فمنها قوله:

هَل درَى ظَبيُ الحِمَى أن قد حمى. . . قلب صب حِلَّه عن مكْنَسِ

ص: 619

فهو في حَرّ وخَفْقٍ مثلما. . . لَعِبَتْ ريحُ الصبا بالقَبَسِ

وأما المشارقةُ فالتكلُّف عندهم ظاهر على ما عانوه من الموشحات ومن أحسن ما وقع لهم في ذلك موشحة ابن سناء المُلك المصري اشتهرت شرقاً وغرباً وأولها:

يا حبيبي ارفع حجاب النور. . . عن العِذار

تنظرِ المسْكَ على الكافور. . . في جُلَّنار

كلِّلي، يا سُحْبُ تيجان الرُّبى. . . . بالحُلِي

واجعلي، سوار ها مُنْعَطِفَ. . . الجَدْوَلِ

ومن أحسن موشحات الشارقة موشحة عبد العزيز بن سرايا الحِلِّي:

شُقَّ جَيْبُ الليْلِ عن نَهْدِ الصباح. . . أيُّها السَّاقُون

وله:

جَرَّدَ الأُفقُ صَارِمَ الفَجْر. . . مِن جُفُون الغَسَق

ص: 620