الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عهود من الآباء توارثها الأبناء فما رأيت بأسرع من أن قال: بنوا مجدها لكن بنوهم لها أبني، فبهت من العجب.
ولما أوقع السلطان مولاي رشيد بأهل الدلاء كان أبو عبد الله المرابط منهم من اختصه لنفسه فكان يتردد إليه مع العلماء على كراهية منه وفهم السلطان ذلك منه فانشده في بعض الأيام:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى. . . عدواً له ما من صداقته بد
ففطن المرابط وقال على البلدية أصلح الله الأمير وإن من سعادة المرء أن يكون عدوه عاقلاً فاستحسن السلطان والحاضرون بديهه وحسن جوابه.
بين عبد المؤمن ووزيره
خرج عبد المؤمن يوماً مع وزيره أبي جعفر بن عطية متنزهاً إلى بعض بساتين مراكش فمر في طريقه بشارع من شوارع المدينة فإذا بطاق في دار عليه شباك خشب قد قابله منه وجه جارية كأنه الشمس الضاحية قد بادرت الطاق تنظر إليه فنظر إليها عبد المؤمن فأعجبه حسنها وحلت من قلبه كل محل فقال ارتجالاً:
قدت فؤادي من الشباك إذ نظرت
فقال أبو جعفر:
حوراء ترنو إلى العشاق بالمقل
فقال عبد المؤمن:
كأنما لحظها في قلب عاشقها
فقال أبو جعفر:
سيف المؤيد عبد المؤمن بن علي
وقال أبو جعفر: دخلت على عبد المؤمن وهو في بستان له قد أينعت ثماره، وتفتحت أزهاره، وتجاوبت على أغصانها أطياره، وتكامل من كل جهة حسنه وهو قاعد في قبة مشرفة على البستان، فسلمت وجلست وجعلت أنظر يمنة ويسرة متعجباً مما أرى من حسن ذلك البستان فقال لي: يا أبا جعفر أراك كثير النظر إلى هذا البستان قلت: يطيل الله بقاء أمير المؤمنين والله إن هذا منظر حسن فقال يا أبا جعفر المنظر الحسن هذا؟ قلت نعم فسكت عني فلما كان بعد يومين أو ثلاثة أمر بعرض العسكر آخذي أسلحتهم وجلس في مكان مطل وجعلت العسكر تمر عليه قبيلة بعد قبيلة وكتيبة إثر كتيبة لا تمر كتيبة إلا والتي بعدها أحسن منها جودة سلاح وفراهة خيل وظهور قوة فلما رأى ذلك التفت إلي وقال يا أبا جعفر هذا هو المنظر الحسن لا ثمارك وأشجارك.