الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: اجعل التقوى وطنك، ثم لا يضرك فرح النفس ما لم ترض بالعيب أو تصر على الذنب أو تسقط منك الخشية بالغيب اهـ. وهو مدار الأمر وجملته وبالله التوفيق.
التاريخ
والألفاظ المستعملة فيه
لأحمد بن عرضون
أعلم أن الأدباء والكتاب اختلفوا في التاريخ هل يكون بما مضى من الشهر أو بما بقي منه أو بها. فمنهم من يؤرخ بما مضى كان أقل ما بقي أو أكثر أو مساوياً فيقول لثلاث خلون ولعشر خلون ولا يؤرخ بما بقي لأنه مجهول لأن الشهر يكون من ثلاثين ومن تسعة وعشرين كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القول ارتضاه الأكثرون لأنه أسلم من الكذب. . . ومنهم من يؤرخ بالأقل سواء كان ماضياً أو باقياً قصداً لاختصار اللفظ وتقريبه فيقول لثلاث بقين ولا يقول لسبع وعشرين خلت ويقول لثلاث خلت ولا يقول لسبع وعشرين بقيت. ثم اختلف القائلون بهذا إذا استوى الماضي والباقي فمنهم من يجوز التاريخ بالماضي وبالباقي أيهما شاء،
ومنهم من يؤرخ بالماضي فقط، وبعض المتأخرين أجاز التحرز في التاريخ بالباقي فيقول لثلاث بقين؛ إن بقين. والتاريخ بالليالي دون الأيام، بهذا استمر العمل قديماً حفظاً على الليلة السابقة وإشعاراً بأن الشهر قمري تسبق الليلة نهارها في دخوله وجرياً على مهيع العرب في تغليب المؤنث على المذكر في التاريخ.
قال الرعيني عدل أهل العصر ومن قبلهم قريباً إلى التاريخ بالأيام فيكتبون في الأول من كذا وفي الثاني ثم يتبعون الأيام يوماً بعد يوم إلى آخر الشهر وسقط بذلك تكلف خلت وخلون وبقيت وبقين، وأكثر العمل الآن عليه وهو أقبل من الأول، وليس فيه ما زعموا من إغفال الليلة فإن الليلة وإن دلت على يومها فاليوم أقوى دلالة عليها لتقدمها عليه قال وتحد المذكر إن أرخت بالأيام على الأصل من ثبوت التاء في الأول وتسقطها من الثاني عكس المؤنث ولم تثبت التاء في الثاني من المذكر وإن كان ذلك الأصل قبل التركيب لئلا تجمع بين علامتي تأنيث في كلمة؛ فإن الاسمين قد صيرا اسماً وأحدة من أحد عشر إلى تسعة عشر.
وأعلم أنه ليس شيء من أسماء الشهور يضاف إليه شهر إلا ثلاثة رمضان وربيعان قيل لأنها كلها أعلام للشهور الموضوعة عليها أو صفات قامت مقام الأعلام إلا الربيعين ورمضان فإنها باقية على الصفة المحضة.
ويقال محرم والمحرم وذو قعدة وذو القعدة وذو حجة وذو الحجة وما سواها من الشهور لا يقال بالألف واللام لأنها أعلام وتلك لمح فيها الوصف الأصلي.
والشهور كلها مذكرة إلا جمادي تقول جمادى الأولى وجمادى الثانية ويقال جمادى الآخرة بمد الهمزة والأخيرة بقصر الهمزة وياء بعد الخاء ولا يقال الأخرى فإن الأخرى تأنيث الآخر بفتح الخاء وكذلك الأيام تذكر كلها إلا الجمعة.
وقال في المنهج: الألفاظ التي تستعمل في أول الشهر: مفتتح ومهل وغرة وصدر وعقب بضم العين وسكون القاف أوضمهما فيقال وذلك في مفتتح كذا وفي مهله وغرته وصدره وعقبه، فأما المفتتح فيقال في أول يوم منه خاصة، وأما الغرة فيقال في اليوم الأول والثاني والثالث، لا خلاف في ذلك، وأما المهل ففيه خلاف منهم من يجعله كالمفتتح ومنهم من يجعله كالغرة، وأبو علي الفارسي منع أن يقال في أول يوم من الشهر مستهل لأن الاستهلال قد انقضى ونص على أن يؤرخ بأول الشهر أو بغرته أو بليلة خلت منه، وأما العقب بالضم فقال بعض النحويين يقع على ما تقع عليه الغرة، ومنهم من قال: يقال جئت في عقب الشهر إذا جئت بعد ما مضى ولم يحد هذه البعدية بيوم ولا بيومين ولا بثلاثة، وأما الصدر فقيل الذي
يظهر من كلام بعض النحاة واللغويين أنه كالغرة وقيل من أوله إلى ثلثه وقيل الثلثان والنصف وكلا القولين مستقرأ من المدونة.
وأما الألفاظ التي تستعمل في وسط الشهر فهي وسط ومنتصف وسواء فيقال: وذلك في وسط شهر كذا وفي منتصفه وسوائه، وهذه الألفاظ ظاهرة في النصف لا غير ويصح في لفظ الوسط أن يكون للعشر الأواسط لأنها وسط باعتبار أن قبلها عشراً وبعدها عشراً.
وأما الألفاظ التي تستعمل آخر الشهر فهي عقب بفتح العين وكسر القاف أو سكونها ومنسلخ وسلخ فيقال وذلك في عقب شهر كذا ومنسلخ شهر كذا وسلخه فالعقب للثلاثة الأخيرة منه والمنسلخ والسلخ لليوم الأخير منه والصواب أن لا يؤرخ بالعقب لا في أول الشهر ولا في آخره لئلا يصحف أحدهما الآخر فيقع اللبس.
قال الرعيني وتكتب في العشرة الأولى حملاً على المعنى والأول حملاً على اللفظ، والوسطى والوسط والآخرة والأواخر ولا تقل الأخرى لئلا يلتبس بالتواني وتمتنع الأوائل والأواسط والآخر لما فيه من وصف المؤنث بالمذكر.