الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينحرف الشعراء والكتاب، لفاضت ينابيع هذا الفصل فيضاً، وخرجت إلى نوع آخر من البلاغة أيضاً، قرت عيون أودائك، وملئت غيظاً صدور أعدائك، ورقيت درج الآمال، ووقيت عين الكمال، وحفظ منصبك العالي بفضل ربك الكبير المتعالي، والسلام الأتم الأنم، الأكمل الأعم، يخصك به من طال في مدحه إرقالك وأغذاذك، وراض روض حمده وأبلك وطلك ورذاذك، وغدت مصالح سعيه في سعي مصالحك وسينفعك بحول الله وقوته وفضله ومنته معاذك، ووسمت نفسك بتلميذه فسمت نفسه بأنه أستاذك، ابن هانئ ورحمة الله تعالى وبركاته.
رسالة لابي جعفر الجنان المكناسي بعث بها لابن الخطيب
وقد فاتحه بنظيرتها محركاً قريحته
يا خاطب الآداب مهلاً فقد. . . ردك عن خطبتها ابن الخطيب
هل غيره في الأرض كفء لها. . . وشرطها الكفاة قوله مصيب
أصبح للشرط بها معرساً. . . فاستفت في الفسخ فهل من مجيب
أيها السيد الذي يتنافس في لقائه ويتغالى، ويصادم بولائه صرف الزمان ويعالى، وتستنتج نتائج الشرف مقدمات عرفانه، وتقتنص شوارد العلوم برواية كلامه فكيف بمداناة عيانه، جلوت علي من
بنات فكرك عقائل نواهد، وأقمت بها على معارفك الجنة دلائل وشواهد، واقتنصت بشوارد بديهتك من المعالي أوابد شوارد، وفجرت من بلاغتك وبراعتك حياضاً عذبة الموارد، ثم كلفتني من إجراء ظالعي في ميدان ظليعها (1)، مقابلة الشمس النيرة بالراج عند طلوعها، فأخلدت إخلاد مهيض الجناح وفررت فرار الأعزل عن شاكي السلاح، وعلمت أنني إن أخذت نفسي بالمقابلة، وأدليت دلو قريحتي للمساجلة، كنت كمن كلف الأيام رجوع أمسها، أو طلب ممن علته السماء محاولة لمسها، وإن رضيت من القريحة بسجيتها وأظهرت القدر الذي كنت امتحت من ركيتها، أصبحت مسخرة للرائين والسامعين، ونبت عن اسمي دواوينهم كما تنبو عن الأشيب عيون العين، ثم إن أمرك يا سيدي، لا يحل وثيق مبرمه، ولا يحل نسخ محكمه، فامتثلت امتثال من لم يجد في نفسه حرجاً من قضائك ورجوت حسن تجاوزك وإغضائك، أبقاك الله قطباً لفلك المكارم والمآثر وفصاً لخاتم المحامد والمفاخر والسلام.
(1) الظالع الضعيف المشي والضليع القوى الشديد، ويقال لا يبلغ الظالع شأو الضليع.