المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناظرة السلطان زيدان بن المنصور الذهبيللشيخ يحيى بن عبدالله بن سعيد الحاحي - النبوغ المغربي في الأدب العربي - جـ ٢

[عبد الله كنون]

فهرس الكتاب

- ‌رسالة من المستشرق بروكلمان

- ‌المنتخبات الأدبيةقسم المنثور

- ‌قسم المنثور

- ‌التحميد والصلاة

- ‌تحميد القاضي عياضجمع فيه بين توحيد الجلالة وتمجيد صاحب الرسالة

- ‌تسبيح للمهدي بن تومرت

- ‌دعاء ومناجاة لأبي العباس السبتي

- ‌صلاة لعبد السلام بن مشيشوهي المعروفة بالصلاة المشيشية

- ‌صلاة لمحمد بن سليمان الجزوليمن كتابه دلائل الخيرات

- ‌صلاة لإبراهيم التازيوتعرف بالصلاة التازية

- ‌تحميد لمحمد ميارةيذكر فيه هداية الإسلام وجهاد النبي عليه السلام

- ‌صلاة لمحمد بن ناصرمن كتابه الغنيمة، (حرف الهمزة)

- ‌صلاة للمعطي بن الصالحمن كتابه الذخيرة، يذكر فيها شرف الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تحميد لخالد العمريمن خطبة له إثر عزل أحد ولاة الجوار بمدينة طنجة عام 1243 ه

- ‌صلاة للمختار الكنتيمن كتابه نفح الطيب، ضمنها عمود النسب الكريم

- ‌الخُطب

- ‌خُطبةلطارق بن زياد

- ‌خطبة إدريس الأزهرقالها بإثر مبايعته وهو ابن إحدى عشرة سنة

- ‌خطبة أخرى له

- ‌خطبة لعبدالله بن ياسينخطبها في شيوخ المرابطين وقد طعن في حروبهمع «برغواطة»

- ‌خطبة للقاضي عياضفي الحض على

- ‌خطبة للمهدي بن تومرتخطبها في شيوخ المصامدة عاهداً إلى عبد المومن

- ‌خطبة للقاضي أبي حفص بن عمريحذر فيها من مذهب الفلاسفة ويحض على اتباع السنةوهو متأثر في ذلك، ولا شك، بحملة المنصور الموحدي على الفلسفة

- ‌خطبة للمنصور المرينيكان له بإسبانيا غزوات عظيمة ومن بعض خطبه فيهايحض جيشه على القتال قوله:

- ‌خطبة لابن رشيدقام ابن رشيد للخطبة يوم الجمعة بعد فراغ المؤذن الثانيظنه الثالث فكثر لغط الناس فقال بديهة

- ‌خطبة وعظية لأبي مدين الفاسي

- ‌خطبة في التذكير والترغيبلأبي عبدالله الرهوني

- ‌خطبة للسلطان مولاي سليمان العلويفي التحذير من بدع المواسم والطوائف الضالة

- ‌خطبة وعظية للعربي الزرهونيعلى حسب أطوار الإنسان وسنيه

- ‌المناظرات

- ‌أ- في الدين

- ‌مناظرة أبي عمران الفاسي الفقهاء القيروان

- ‌مناظرة الخروبي والليسيثني والهبطيوما عقب به اليوسي عليها

- ‌ب- في الأدب

- ‌مناظرة مالك بن المرحللابن أبي الربيع النحوي، في كان ماذا

- ‌ج- في السياسة

- ‌مناظرة المهدي بن تومرت لعلماء مراكشبحضرة علي بن يوسف بن تاشفين

- ‌مناظرة السلطان زيدان بن المنصور الذهبيللشيخ يحيى بن عبدالله بن سعيد الحاحي

- ‌الرسائل

- ‌أ- السلطانيات

- ‌توقيع يوسف بن تاشفينعلى كتاب الفونش

- ‌كتابه بالفتح في واقعة الزلاقة إلى العدوة

- ‌كتاب عبد المؤمن إلى الشيخ محمد بن سعدالمعروف بابن مردنيش صاحب شرق الأندلسيدعوه إلى الدخول في دعوتهم ويظن أنه من إنشاء الوزير أبي جعفر بن عطية

- ‌رسالة من عبد المومن أيضاً إلى أهل تلمسانوهي من إنشاء الكاتب أبي عقيل بن عطية

- ‌توقيعه على رسالة أبي جعفر بن عطية

- ‌رسالة أبي حفص الهنتاتي إلى عبد المؤمن بالفتحفي ثورة أبن هود، وهي من إنشاء الوزير أبي جعفر بن عطية

- ‌ومنها في ذكر الثائر المذكور

- ‌توقيع المنصور الموحدي على كتاب الفونش

- ‌توقيع آخر له

- ‌رسالة للمأمون الموحدي من إنشائهفي الإعلان بإبطال دعوى المهدي وعصمته

- ‌توقيع له

- ‌رسالة للأمير سلمان الموحدي من إنشائهإلى ملك السودان ينكر عليه تعويق التجار

- ‌توقيع له

- ‌كتاب السلمان أبي الحسن المريني إلى الملك الناصر محمد بن قلاوونصاحب مصر، في شأن ركب الحاج المغربي والمصحف الذيخطه بيده ووقفه على الحرم النبوي الشريف

- ‌كتاب منه إلى الملك الصالح أبي الفداء إسماعيل بن محمد بن قلاوونفي التعزية بوالده وأغراض أخرى

- ‌كتاب السلطان أبي سعيد المريني الأصغر إلى الملك الناصر فَرَج بن برقوقيعلمه باستعداده لمناصرته على العدو المهاجم

- ‌بيعة صاحب مملكة بُرْنُو من أقطار السودانللمنصور الذهبي. أنشأها له كاتب المنصورعبد العزيز الفشتالي

- ‌كتاب المنصور الذهبي إلى الشيخين البدر القرافي والزين البكريفي إعلامهما ببعض الفتوح وتشوُّفه للأندلس

- ‌توقيعه على كتاب جُؤْذر

- ‌كتابٌ للسلطان مولاي الحسن العَلوي

- ‌توقيعات له

- ‌(ب) الاخوانيات

- ‌رسالة للقاضي عياض إلى الفتح ابن خاقانحمله فيها تحية للرئيس أبي عبد الرحمان بن طاهر

- ‌رسالة لأبي الحسن بن مروان الرباطي الكاتبإلى ابن الربيب المؤرخ وقد استعار منه نسخة من تاريخ غريب

- ‌رسالة لابن هانئ السبتي أجاب بها أبا القاسم الشريفوكان بعث له بقصيدة همزية فرد عليه بقصيدة مثليها وهذا النثر

- ‌رسالة لابي جعفر الجنان المكناسي بعث بها لابن الخطيبوقد فاتحه بنظيرتها محركاً قريحته

- ‌رسالة للقاضي أبي عبد الله الفشتالي إلى ابن الخطيبجواباً عن مخاطبة مدح وثناء بعث بها إليه

- ‌رسالة لعبد العزيز الفشتالي بعث بها إلى المقريصاحب نفح الطيب جواباً عن كتاب كتبه له قبيل تشريقه

- ‌رسالة للأديب محمد ابن إبراهيم الفاسي إلى الشهاب محمود الخفاجيجواباً عن كتاب بعث به إليه

- ‌(ج) (المتفرقات)

- ‌رسالة للقاضي أبي موسى بن عمرانالمتوفي سنة 578 إلى ولد له بفاس قد ناهز الحلم

- ‌رسالة أبي جعفر بن عطية إلى عبد المؤمن يستعطفه بها

- ‌رسالة أبي الخطاب بن دحيةإلى والي بجاية يسأله تسريح خديم له أخذ في غزاة البحروقد ارتكب فيها غريب اللغة على عادته

- ‌رسالة إلى عبد الواحد المراكشيمن صديق له صبي لم يبلغ الاحتلام، يخبره ببعض الفتوح

- ‌عقد توبة لميمون الخطابي

- ‌إهداء أبي القاسم الشريف ديوان شعره إلى ابن الخطيب

- ‌كتاب الأستاذ ابن حكم السلوي إلى المقري الجدوكان بعث له بمحرر للبيع فسأله إبداله بإحرام تونسي

- ‌رسالة لأبي بكر بن شبرينإلى أبي الحكم بن مسعود وهو شاهد بالمواريث يداعبه فيها

- ‌المقامات

- ‌المقامة الزهريةفي منح المكارم البكرية لمحمد المكلاتي

- ‌مقامة الحجاملابن الطيب العلمي

- ‌المقامة النطوانيةله

- ‌مقامةللوزير ابن إدريس

- ‌المحاضرات

- ‌خير العلم ما حوضر بهشجاعة إدريس الأزهر

- ‌الحسن الحجام

- ‌محاسن الزهد والورع

- ‌تحري القاضي ابن محسود للعدالة

- ‌ملح أهل التصوف

- ‌وكل ناطقة في الكون تطربني

- ‌همة عالم

- ‌عالم ابن دلأل

- ‌حسن الجواب

- ‌بين عبد المؤمن ووزيره

- ‌أعاقبه بالحلم

- ‌المنصور الموحدي والفيل

- ‌سوء الفال

- ‌وقف على الشعراء

- ‌بين أمرين

- ‌مُلح نحوية

- ‌من محاسن التصحيف

- ‌حديث اللظافة)

- ‌نجابة الأولاد

- ‌بديهة الجراوي

- ‌الأصيل في فاس

- ‌بين ابن عبدوس وابن الجهم

- ‌الوجد مع الوجد

- ‌حسن الاعتذار

- ‌حسن التعليل

- ‌من اللطائف في التشميت

- ‌شاعر بليد الطبع

- ‌المودة في القربى

- ‌إنك لبحر

- ‌حلم المنصور الموحدي وعلمه

- ‌من إكرام أبي العلاء الموحدي للعلماء

- ‌هي الشمس

- ‌حيوانات معلمة

- ‌أحب سلا

- ‌نتيجة العلم

- ‌تظليل صحن القرويين

- ‌تحت ثريا القرويين

- ‌قاض حضرمي

- ‌فتحت لنجلك باب الفتوح

- ‌بين ابن المرحل وابن رشيق

- ‌زكانة ابن البناء

- ‌شعر للشريف المومنانييغنيه ابن الطراحة

- ‌محتسب وشاعر

- ‌حلف لا يمشي شاعره لداره إلا على الذهب

- ‌من حكاياتهم في العفاف

- ‌من محاسن الكناية

- ‌غريبة رابغ

- ‌آخر ما نسمع منهم

- ‌كلم نوابغللكاتب محمد بن سلمان من رجال الأنيس

- ‌المقالات

- ‌البلاغة النبوية للقاضي عياض

- ‌الألقاب والنعوتلابن الحاج الفاسي

- ‌النارجيللابن بطوطة

- ‌أطول الطريقللشيخ زروق

- ‌التاريخوالألفاظ المستعملة فيهلأحمد بن عرضون

- ‌التوشيح والوشاحونللإفراني

- ‌تقسيمُ العُلومُإلى فلسفيّة ومِلِّيَّةوبيان ما تواطأت عليهالمِلَّة والفلسفة مِنْهَالأبي علي اليوسي

- ‌القلم في اللغةلأكنْسُوس

الفصل: ‌مناظرة السلطان زيدان بن المنصور الذهبيللشيخ يحيى بن عبدالله بن سعيد الحاحي

ما هذه الأقوال التي تنقل عنك في حق الملك العادل المنقاد إلى الحق والمؤثر لطاعة الله على هواه؟ قال ابن تومرت أن ما نقل عني قد قلته حقاً ولي من ورائه أقوال أخرى، أما قولك إن ملككم عادل منقاد للحق مؤثر طاعة الله على هواه، فهذه أقوال تقولونها وتنصرونه بها مع علمكم بأن الحجة متوجهة عليه، فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع في هذه الديار جهاراً وأن الخنازير تمشي بين المسلمين وأن أموال اليتامى تؤكل ظلماً وعدواناً؟ وعدد من ذلك جميع المنكرات التي رآها، فلما سمع الملك كلامه ذرفت عيناه وأطرق حياء فسكت علماء السوء ولم يتكلم منهم أحد، فقال مالك بن وهيب وقد فهم نفسية ابن تومرت وأدرك غايته، نصيحتي لك أيها الملك أن تأمر بسجن هذا الرجل وأتباعه وتنفق عليهم كل يوم ديناراً لتكفي شرهم والا أنفقت عليهم كل خزانك ولا يجديك ذلك نفعاً، اجعل عليه كبلاً قبل أن تسمع له طبلاً. فوافقه الملك على ذلك، لكن الوزير بينتان بن عمر تدارك الأمر وقال يقبح بك أيها الملك أن تبكي من موعظة رجل، ثم تسجنه في مجلس واحد، فأصغى الملك لرأيه وصرف ابن تومرت وسأله الدعاء.

‌مناظرة السلطان زيدان بن المنصور الذهبي

للشيخ يحيى بن عبدالله بن سعيد الحاحي

كان للشيخ المذكور دالة على زيدان بن المنصور بسبب أنه أعانه

ص: 391

على حرب الثائر أبي محلي) (1) وإنقاذ مراكش من يده فكان بعد ذلك يراسله وينصحه. وكان زيدان يتحمل من ذلك أمراً عظيماً، ويداريه أشد المداراة. وهذه المناظرة تعطينا صورة من الصراع العنيف الذي كان يدور بينهما، وهو صراع بين الأفكار المجردة والواقع السياسي الذي لا يعدم من الحجج ما يناهض به تلك الأفكار، ولئن مثلت المناظرة في شخصية الشيخ المذكور معارضة سياسية جريئة فإنها تمثل في شخصية زيدان حكومة متبصرة عظيمة الثقة بنفسها.

(قال الشيخ) في خطابه لزيدان بعد الافتتاح (2).

وبعد فالباعث به إليكم أمور ثلاثة مدارها على قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة. قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولخاصة المسلمين وعامتهم، الأول بيان سبب الركون إليكم، الثاني ذكر الحامل على دفع مناونكم، الثالث ملازمة النصح لكم والضجر مما يصدر من أعوانكم للرعية،

أما الأمر الأول فله أسباب كثيرة منها مراعاة الجناب النبوي

(1) هو الفقيه الشيخ أحمد بن عبدالله السجلماسي المعروف بأبي محلي كان أولاً ينتحل طريق التصوف ثم تصدي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وثار على السلطة واستولى على سجلماسة وذرعة ومراكش ثم ظفر به زيدان بمعاونة الشيخ يحيى بن عبدالله هذا.

(2)

تصرفنا في هذه المناظرة ببعض الحذف والإيصال من غير إخلال بشكلها ولا بمضمونها، وذلك رغبة في الاختصار والوضوح.

ص: 392

الكريم في أهل بيته. ورضي الله عن أبي بكر الصديق القائل: أرقبوا محمداً في أهل بيته، والقائل: لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.

وأما الأمر الثاني فلما جرى به القدر من تغلب ذلك الإنسان المسلط على الرقاب والحريم والأموال، وإدخاله بتأويلاته البعيدة عن الصواب ما ليس في المذهب حتى تعدى ضروب الولاة إلى سائر الرعية فاضلها ومفضولها، ومد ذلك يد الوعيد المؤكد بالأمان إلينا في الأنفس والأموال.

وأما الأمر الثالث فهو مما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فسورة العصر قائمة البرهان في كل أوان وعصر، وقد قال تعالى في قضية كليمه رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين، وقال جل من قائل: وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. وأما الستة فقوله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وقد كنا مقتصرين على التغيير باللسان والعلم بكون التغيير العملي إليكم، حتى جذبتمونا إليه ودللتمونا بارتكاب أصعب مرام عليه، وقوله من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله. قال العلامة المواق: من أعان على عزل أمير وتولية

ص: 393

غيره ولم يأمن سفك دم مسلم فهو شريك في دمه إن سفك، ثم أتى الحديث المتقدم استعظاماً لذلك الأمر الفظيع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، على أننا انخدعنا بالله حيث كتبت لنا مراراً وأنت وعاهدت، وكنت أتخوف من هذا الواقع بأزمور وأشفي ومراكش والغرب حتى أتاني القائد عبد الصادق بمصحف ذكر أنه السلطان تلمسان، في جرم صغير وقال لي أمرني السلطان أن أحلف لك فيه نيابة عنه على بقائه على العهد فيما بينك وبينه، ومن تأمين كل من أمنته، وإمضاء كل ما رأيته صلاحاً لأمته صلى الله عليه وسلم ثم لم أكتف بذلك حتى أتاني القاضي وأكد كل ما تقدم متحملاً عنك بذلك وبعد استقرارك في دارك كتبت لي كتاباً بأنك باق على ما تعاهدنا عليه وأن الأمور كلها على معيار الشرع. فما راعني إلا وقد أخفرت في ذمة الله وأماني الذي عقدته للناس فمن مأسور ومقيد ومطلوب بمال ومطرود عن بلده، وأخبار أخرى ترد علينا من جهة السواحل أن الناس تباع فيها للعدو دمره الله ولم نر من اهتبل بذلك ممن قلدتموه أمور الثغور فلم ندر هل بلغك خبر ذلك فتسقط عنا ملامة الشرع أو لم يبلغك فأعلمنا لله تعالى لتطمئن قلوبنا فإني كاتبتك في ذلك فلم أر جواباً فقضيت والله من الأمر عجباً.

وأما الإجماع فلم نر من العلماء من نهى عن نصيحة خاصة المسلمين وتنبيههم على ما يصلح بهم وبالرعية بل عدوه من الدين لحديث الدين النصيحة وغيره. وما استشعرناه من امتعاضكم من عدم إلانة القول في

ص: 394

مكاتبتنا لكم، فما خاطبناكم قط رعياً لذلك ولو بنصف ما خاطب الأئمة الأول به أهل زمانهم اتكالاً على مطالعتكم لكتبهم وعلمكم بما لم نعلمه من ذلك. ويكفيكم نصح الفضيل بن عياض وسفيان الثوري وإمامنا مالك رضي الله عنهم لمعاصريهم من الولاة، وفيهم من بكى وانتفع، ومن غشي عليه وتوجع، ومن ندم واسترجع، إلى غير ما ذكر على اختلاف الاعصار وتنوع الدول، فبذلك اقتدينا وبما كان عليه أشياخنا وأسلافنا لكم ولأسلافكم كالفقيه شيخ والدنا رحمه الله سيدي عبدالله الهبطي لجدكم المرحوم بكرم الله تعالى، فطمعت في نجح النصح دنيا وأخرى. فهذا أصل قضيتنا معكم وهلم جراً والذكرى تنفع المؤمنين.

(فأجابه زيدان):

وبعد، فقد ورد علينا كتابكم ففضضناً ختامه ووقفنا على سائر فصوله ثم إننا إن جاوبناكم على ما يقتضيه المقام الخطابي ربما غيركم ذلك وأدى إلى المباغضة والمشاحنة. ويحكى عن عثمان رضي الله عنه أنه بعث لعلي كرم الله وجهه وأحضره عنده وألقى إليه ما كان يجد من أولاد الصحابة الذين اعصوصبو بأهل الردة الذين كان رجوعهم إلى الإسلام على يد الصديق، وهو في ذلك لا يجيبه، فقال له عثمان ما اسكتك؟ فقال له: يا أمير المؤمنين إن تكلمت ما أقول لك إلا ما تكره وإن سكت فليس لك عندي إلا ما تحب. ولكن لما لم أجد بداً من الجواب أرى أن

ص: 395

أقدم لك مقدمة قبل الجواب وذلك أن الحجاج لما ولاه عبد الملك بن مروان العراق وكان من سيرته ما يغني اشتهاره عن تسطيره هنا فتأول ابن الأشعث الخروج عليه وتابعه على ذلك جماعة من التابعين كسعيد بن جبير وأمثاله من أولاد الصحابة ولما قوي عزمهم على ذلك استدعوا الحسن البصري رضي الله عنه فقال لا أفعل فإني أري أن الحجاج عقوبة من الله تعالى فتفزع إلى الدعاء أولى. وقد علمت ما كان من أمر عبد الرحمان بن الأشعث وسعيد وأمثاله. وقضية أهل الحرة مما أوقع بهم جند يزيد بن معاوية بالحرم الشريف (1) ما أوقع، ولما بلغه الخبر وهو بالشام أنشد:

ليت أخوالي ببدر شهدوا. . . جزع الخزرج من وقع الأسل

وشاع ذلك عنه وذاع وكان ذلك على عهد أكابر الصحابة وأولادهم فما تعرض أحد منهم للنكير عليه ولا تصدى للقيام بكلام.

ونرجع لجواب الكتاب، فأما ما حكيت عن الصديق رضي الله عنه في أهل البيت والأحاديث الواردة في أنه يجب احترامهم وتعظيمهم وتبجيلهم لأجل النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان يجب عليكم تعظيمهم فإنه يجب علي من باب أولى، عملاً بقوله تعالى: «قل لا أسئلكم عليه

(1) يعني حرم المدينة المنورة.

ص: 396

أجراً إلا المؤدة في القربي» واجرى سبحانه وتعالى عادة حكمه ما تصدى احد لعداوة أهل البيت إلا أكبه لوجهه. وأما ما أوردتم من أحاديث النصح فإني والله أحب أن تنصحني سراً وعلانية مع زيادة شكري عليها وأراها منك مودة واعدها محبة، ولكن أفعل من ذلك ما أقدر عليه لأن الله تعالى يقول:«لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» وقد كثر قولهم. ولم آل جهداً في كذا، لأن النفوس الشريفة العلية لا تترك من فعل الخير والجد في اكتسابه إلا ما عز تناوله وصعب اكتسابه عليها.

وأما ما ذكرتم من امر أبي محلي وسيرته وما كان تسلط عليه لولا ما كان من نهوضكم إليه، أما تذكر استنهاضنا لكم المرة بعد المرة وتكررت في ذلك إليكم الرسل حتى أجبت إليه وهو أمر لا تحتاج فيه لإقامة حجة غير كونه خرج من الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم من أراد أن يشق عصاكم فاقتلوه كائناً من كان، والا فلو دخل الملك من بابه وبايعه أهل الحل والعقد وأخذ ذلك بوسائط مثل بيعة جدنا المرحوم التي تضافرت عليها علماء المغرب وأهل الدين المشاهير، ولو كان وصل لذلك بمثل هذه الوسائط لما وجب حربه ولا القيام عليه بما ذكرتم لأن السلطان لا ينعزل بالفسق والجور، وإلا فإن الصحابة رضي الله عنهم في زمن يزيد بن معاوية لا يحصى عددهم وما تصدى أحد منهم للقيام عليه ولا قال بعزله، وإلا فإنهم لا يقيمون على مثل ذلك ولو نشروا بالمناشير. وأما أبو محلي فبمجرد قيامه يجب عليك وعلى غيرك إعانتنا عليه لأنك في

ص: 397

بيعتنا وهي لازمة لك فالطاعة واجبة عليك. وأعلم أن والدك أفضل منك بدليل؛ (آباؤكم خير من أبنائكم إلى يوم القيامة) وكان عمنا عبد الملك رضي الله تعالى عنه وسمح له على ما كان عليه واشتهر به إعلاناً. وكان والدك في دولته وبيعه ووفد عليه ولم يستنكف من ذلك ولا ظهر منه ما يخالف السلطنة ولا أنكر عليها ولا تعرض لما يسوء ملك الوقت ولا سمع ذلك منه، فإن كان راضياً بفعله فهو مثله وإن لم يكن راضياً فما وجه سكوته والوفادة عليه؟ وإما ما ذكرتم من أن من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله؛ فهذه حجة عليك لا علينا لأني ما سعيت في قتل أحد ولا قتل من قتل إلا بأمر القضاة وأهل العلم. وأعلم أنه إذا كان هذا وعيداً في قتل الواحد فما بالك بمن يريد فتح باب الفتنة حتى لا يقف القتل على المائة والمائتين والألف والخمسة آلاف ونهب الأموال وكشف الحريم وغير ذلك. أما تعلم إن أيام فتنة أبي محلي قد هلك من النفوس والأموال بسببها ما لا يحصي عدده حاسب. ولا يستوفي نهايته كاتب، وكان ذلك في صحيفته لأنه المتسبب الأول الفاتح أبواب الفتنة لأنه كان يقتل كل من انتمى إلينا حتى قتل بسبيه في يوم واحد بمكان واحد خمسمائة قتيل ولولا أبو محلي ما قتلوا.

وأعظم في حرمة النفوس من هذا قوله تعالى: «ومن أجل ذلك، كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في

ص: 398

الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، وليس في قول المواق ما يحتج به على السلطان وإنما تكلم في أصحاب الخطط على الترتيب الذي كان على عهده، مثل أصحاب الشرط كصاحب شرطة السوق الذي ينفذ عن القاضي وغير ذلك من الولايات. وولاية أبي محلي لا تعد ولاية حتى يعد عزله عزلاً. وما عند المواق وغيره وقفنا عليه وعرفناه وتلقيناه من الشيوخ الجلة وعرفنا ما عند الشافعية والحنفية ودرسناه المرة بعد المرة. ولست ممن ينطبق عليه قوله عليه السلام: أشقى الناس عالم لم ينفعه الله بعلمه. ولكن لماذا تجنح بقول المواق لغرضك وتجعله حجة؛ ولم تجبنا نحن فيما كتبنا إليك فيه في يونس اليوسي وقلنا لك قال صلى الله عليه وسلم الحرم لا يعيذ عاصيا قال: ألابي هذا مما يحتج به على أهل الزوايا، فأخبرنا عن الوجه الذي منعته به من الشرع ومتاعنا عنده وإماء أهلنا في داره وترتب في ذمته للمسلمين من الأموال والدماء ما يجل حصره، فإن كنت تريد العدل فهلا عدلت فيه؟ والناس خرجت على أطوارها وأحبوا الفتنة طلباً للراحة فإن كنت تصغي لمقالتهم وإسعاف شهواتهم والتعرض للسلطان، فهذا نفس خراب العالم.

ورأيت أن أقدم لك مقدمة أمام هذا، وإن كانت أدبية، قيل لابن الرومي، وهو علي بن العباس، لِمَ لَمْ تقل كعبدالله بن المعتز:

كأن آذريوننا. . . والشمس فيه كاليه

مداهن من ذهب. . . فيها بقايا غاليه

ص: 399

فأجاب بأنه قال: هو لا يقدر أن يقول مثل قولي في وصف الرقاقة:

إن أنس، لا أنس خبازاً مررت به. . . يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر

ما بين رؤيتها في كفه كرة. . . وبين رؤيتها قوراء كالقمر

إلا بمقدار ما تنداح دائرة. . . في صفحة الماء يرمى فيه بالحجر

وقال كل منا يصف أواني بيته، ورب البيت أدرى بما فيه، وأهل مكة أدرى بشعابها، والصيرفي أعرف بنقد الدينار وقضية الخضر والكليم صلوات الله على نبينا وعليهما السلام فيها كفاية لمن يعتبر. . فأخبرنا كيف تحب أن نسلك مع الناس في الغرب، فإن كنت تحب أن نسلك فيهم مسلك مولاي عبد الله (1) فالزمان غير الزمان والأسعار قد ارتفعت وبلغت النهاية والله تعالى قد بعث أنبياءه وأنزل كتبه بحسب ما يقتضيه الزمان وهذا يعرفه من خالط الشرائع والكتب المنزلة وأخذ العلم من أفواه الرجال وأدبته مجالس العلم.

ونحن نلخص لكم الكلام على بعض ما أورد الناس في الخراج.

أما ما بنوا عليه فرضه في صدر الإسلام والدول العظام فلا نطيل بذكره لشهرته وأما في المغرب خصوصاً فأول من فرضه عبد المؤمن بن

(1) هو عم زيدان ويعرف بالغالب وكانت أيامه في غاية الرخاء.

ص: 400

علي وجعله على إقطاع الأرض بناءً على أن المغرب فتح عنوة واليه ذهب بعض العلماء ومنهم من يقول إن السهل فتح عنوة والجبل صلحاً. فإذا تقرر هذا علمت أن أهل هذا العصر قد بادوا واندثروا فيكون السهل كله لبيت المال وتعين أن ي كون الخراج فيه على ما يرضي صاحب الأرض وهو السلطان والجبل تتعذر معرفة ما كان الصلح عليه ولا سبيل إلى الوقوف عليه فيرجع للاجتهاد. وقد اجتهد سلفنا الكرام رضوان الله عليهم في فرضه لأول الدولة الشريفة على وفق أيمة السنة ومشائخ أهل العلم والدين في ذلك العهد فجرى الأمر على السنن الأقوم إلى أن هبت عواصف الفتنة لأيام ابن عمنا صاحب الجبل (1) وإزاله مولانا الإمام وصنوه المرحوم عن حواضر المغرب وسهله عند الزحف بالأتراك، وامتدت به الفتنة في الجبل إلى أن هلك (2) مع النصارى، دمرهم الله في الغزوة الشهيرة وجاء الله من مولانا المقدس (3) بالجبل العاصم للإسلام من طوفان الأهوال فقدر رضي الله عنه الأشياء حق قدرها ورأى المغرب غب تلك الفتن قد فغر الأفواه لانتهابه عدوان؛ عدو عظيم من الترك، وعدو الدين الطاغية. فاضطر رحمه الله إلى الاستكثار

(1) يريد به محمداً المتوكل الذي لجأ إلى الجبل عند زحف عمه عبدالملك المعتصم على فاس بجيش الترك.

(2)

يعني ابن عمه المذكور.

(3)

أي والده المنصور الذهبي.

ص: 401

من الأجناد لمقاومة الأعداء والذب عن الدين وحماية ثغور الإسلام فدعا تضاعف الأجناد إلى تضاعف العطاء وتضاعف العطاء إلى تضاعف الخراج وتضاعف الخراج إلى الإجحاف بالرعية، والإجحاف بالرعية أمر يستنكف رضي الله عنه من ارتكابه ولا يرضاه في سيرة عدله طول أيامه، فلم يبق له حينئذ إلا أن أمعن النظر في أصل الخراج فوجد بين السعر الذي بني عليه في قيمة الزرع والسمن والكبش الذي تعطي الرعية منذ زمان الفرض بحسبه وبين سعر الوقت أضعافاً. فحينئذ تحرى العدل فخير الرعية بين دفع كل شيء بوجه أو دفع ما يساوي سعر الوقت فاختاروا السعر مخافة أن يرتفع إلى ما هو أكثر فأسعفهم رضي الله عنه وعرف الناس الحق فلم ينكره واحد من أهل الدين ولا من أهل السياسية. وليت شعري لو طالبنا نحن الناس اليوم بسعر الوقت الذي ارتفع إلى أضعاف مضاعفة ماذا تقولون وقد انتقدتم علينا ما هو أخف من ذلك؟

وأما ما تقضبه من العجب لتعطيل أجوبتنا عنك حتى نراجع منك فإن كتابك أكدت مبناه على قضية أهل أزمور فأنفذنا من أخرج الذي كان به وأقصاه عنه وسرح من كان عنده فتوقف الجواب حتى يرجع الخديم فحينئذ أجبناكم بما وصلكم. وكون تعطيل الجواب منشأه ما من الله به علينا من رجوعنا إلى سرير ملكنا واجتماعنا بأبناء أمنا فأعلم أن أهل المغرب لما تمالووا علي وخرجت إلى المشرق والتقيت بالترك

ص: 402

والأروام وجالسوني وجالستهم وخاطبوني وخاطبتهم، منهم مشافهة ومنهم مراسلة، كنت أيام مقامي بأرضهم كمقامي على سرير ملكي لأن كبيرهم وصغيرهم ورئيسهم ومرؤوسهم كان ينتجع فضلي ويمد كف رغبته لنعمتي وواسيت الجميع عطاء مترفاً مع قلة الزاد والذخيرة، وترفعت عن مراسلة الأماثل والأكابر من العجم والعرب ولم أكن لأحد بل تجردت بما قدرت عليه من الأخبية حتى جعلت محلة برمتها وخيلها فترامي علي العجم بالرغبة وبسطوا أكف الضراعة في المقام عندهم والدخول في جملتهم وعرضوا على الإقطاعات السنية والبلادات الملوكية بلطف مقال وأدب خطاب حتى قال القبطان مراد رئيس المجاهدين: وما مثلك يكون مع الغرب، ها نحن نخدمك بأموالنا وأنفسنا وبما لنا من السفن حيث أردت وأحببت وما انفصلت عنهم حتى كتبت لهم بخطي إني أحمل أهلي وحاشيتي وأرجع إليهم إلا أن تمكن لي الدخول في الملك والغلبة على البلاد وقد قفلت من عندهم ولم يتعلق ثوب عفافي بما يشينه معهم ولا مع العرب ولكن ليس لأحد علي منة ولا نعمة إلا فضل الله تعالى «وكان فضل الله عليك عظيماً» .

ثم إني دخلت سجلماسية على رغم أنف أهلها وواليها ومنها دخلت للسوس وجعلت ولي الله تعالى العارف أبا محمد عبد الله بن مبارك واسطة بيني وبين أخي حتى اجتمعت بأهلي ومالي وبعث إلى الترك بأحد

ص: 403

بلكباش اسمه مصطفى صولحي إلى السوس راغبين إنجاز الوعد فجنحت للسير إليهم. فرأيت الأهل والأتباع قد عظم عليهم الأمر واستكبروا الخروج فأسعفت رغبتهم في المقام بالمغرب وشيعت الرسول قافلاً إلى قومه من سجاماسة عند الدخول الثاني لها ومغالبة أهلها عليها وعززته برسول من عندي إليهم بتحف وأموال ورد بها عليهم مع رسولهم. ثم إني اقتحمت مراكش مع أهل فاس على كثرة عددهم وعددهم وقلتي ووحدتي وفتح الله علي ثم خرجت للسوس مرة أخرى وأوقعت بولد مولاي أحمد الشريف وجموع مراكش وقد تعصبوا عليه لأنهم شيعة جده ففضضته على رغمهم ونازلته بالسهل والحزن حتى أمكن الله منه وحكم بيني وبينه. ثم نجم نجم الغوي أبي محلي وغلبت على الرأي وقد قال من هو أفضل مني مولانا علي كرم الله وجهه لا رأي لمن لا يطاع، ودخل هذه البلاد وخرجت أنا للسوس بينما تجتمع لنا قبائلنا في المكان الذي كان اجتماعهم فيه إلى أن بلغتهم وقصد إليهم أبو محلي فقاتلوه ورحل عنهم بعد أن أثخنوا فيه بالقتل ثم وافيتهم بالمكان والحرب بيننا سجال فهل سمعتم خلال هذه الأحوال كلها إني احتجت لأحد فيما قل أوجل وهذا كله بحيث لا يخفى عليك، اللهم إلا أن تعتد الوفادة التي وفدنا عليك من قبيل الاضطرار والاحتياج فلا ندري.

على إني ما قصدتك لطلب دنيا، بل لأني كنت أسمع ما أنت عليه من

ص: 404

متانة الدين والصلاح والإقبال على طاعة الله والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غرو ومن كان هذا وصفه جدير بأن يقصد للدعاء والتبرك ولإصلاح القلب. ولو علمت أن ذلك يعد ويظن أنه نوع من الاحتياج والله ما كنت لأقف على أحد ولو أنه يملكني الدنيا بحذافيرها لأن الخير والشر بيد الفاعل المختار وهو أولى إليه بالاضطرار.

وإما سربي فما تروع قط حتى يأمن. وأما من كان في الدار التي ذكرتم فإنما هم أهلي ومتروك أعمامي، وأما ما أخبركم به القاضي فكل ما حمل عني فهو حق وقد التزمته إلى الآن إلا ما طرأ علينا فيه النسيان ذكرونا به فإنا لا نخرج عنه.

وأما يمين المصحف وأني كنت حلفت فيه للقائد عبد الصادق فلا والله ما حلفت فيه ولا نحلف لأحد إلى لقاء الله. أما علمت إني حضرت بيعة صاحب المغرب (1) سامحه الله وحضر أولاد السلطان واستحلفهم له إلا أنا فإنه قال: فلان لا يحلف ولا يحتاج إليه فما نأمره به يفعله وعظم ذلك على إخوتي وظهرت في وجوههم الكراهية لأجله. ولكن

(1) يعني بيعة أخيه المأمون بولاية العهد أيام أبيهما المنصور.

ص: 405

الذي قلت لعبد الصادق احلف للمرابط (1) وأنا أوفي لك به وما زلت على ذلك إلى الآن.

وأما الامتعاض من عدم إلانة القول وحسن الخطاب كما قال الله تعالى: «وقولوا للناس حسناً» وأنك لم تبلغ ولو نصف ما خاطب به الأيمة رضوان الله عليهم أهل زمانهم اتكالاً على علمنا به فحسبي نصح الفضيل بن عياض وسفيان التوري ومالك بن أنس رضي الله عنهم فهذه المسألة حسبي في الجواب عنك والسلام.

(1) المقصود بالمرابط الشيخ يحيى ولفظ المرابط كثيراً ما يطلقونه على السادة والأشياخ.

ص: 406