الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسائل
أ- السلطانيات
توقيع يوسف بن تاشفين
على كتاب الفونش
كتب الفونش إلى يوسف بن تاشفين لما سمع باستدعاء ملوك الطوائف له وعزمه على الجواز إلى الأندلس، كتاباً يهدده فيه ويغلظ له القول ليصرفه عن الجواز فوقع على ظهر كتابه «الجواب ما ترى لا ما تسمع» فعلم الفونش أنه بيلي برجل يفعل ولا يقول.
كتابه بالفتح في واقعة الزلاقة إلى العدوة
أما بعد حمد الله تعالى المتكفل بنصر أهل دينه الذي ارتضاه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل رسله وأكرم خلقه وأسراه، فإن العدو الطاغية لعنه الله لما قربنا من حماه، وتوافقنا بإزائه لقناه الدعوة وخيرناه بين الإسلام والجزية والحرب، فاختار الحرب فوقع الاتفاق بيننا وبينه على الملاقاة في يوم الاثنين الرابع عشر لرجب وقال الجمعة عيد المسلمين والسبت عيد اليهود وفي عسكرنا منهم خلق كثير والأحد عيدنا نحن فتفرقنا على ذلك واضمر اللعين خلاف ما شرطناه
وعلمنا أنهم أهل خدع ونقض عهود فأخذنا أهبة الحرب لهم وجعلنا عليهم العيون ليرفعوا إلينا أحوالهم فاتتنا الأنباء في سحر يوم الجمعة الحادي عشر من رجب المذكور بأن العدو قد قصد بجيوشه نحو المسلمين يرى أنه قد اغتنم فرصته في ذلك الحين فانتدبت إليه أبطال المسلمين وفرسان المجاهدين فتغشته قبل أن يتغشاها (1) وتغدته قبل أن يتعشاها، وانقضت جيوش المسلمين في جيوشهم انقضاض العقاب على عقيرته، ووثبت عليهم وثوب الأسد على فريسته، وقصدنا برايتنا السعيدة المنصورة، في سائر المشاهد المشهورة، في جيوش لمتونة نحو الفونش فلما أبصر النصارى رأيتنا المشتهرة المنتشرة ونظروا إلى مراكبنا المنظمة المظفرة، وغشيتهم بروق الصفاح، وأظلتهم سحائب الرماح، وزلزلت حوافر خيولهم رعود الطبول بذلك الفياح، التحم النصارى بطاغيتهم الفونش وحملوا على المسلمين حملة منكرة فتلقاهم المرابطون بنية صادقةٍ خالصة وهمم عالية فعصفت ريح الحرب، ووكفت ديم السيوف والرماح بالطعن والضرب، وطاحت المهج، وأقبل سيل الدماء في هوج، ونزل من سماء الله على أوليائه النصر العزيز والفرج، وولى الفونش مطعوناً في إحدى ركبتيه، طعنة أفقدته إحدى ساقيه، في خمسمائة فارس من مائة وثمانين ألف فارس ومائتي ألف راجل، قادهم الله إلى المصارع والحتف
(1) في الأصول فتعشته بالعين المهملة وليس بصواب فإن المراد نازلته وغسّيته.
العاجل، وتخلص لعنه الله إلى جبل هنالك ونظر النهب والنيران في محلته من كل جانب وهو من أعلى الجبل ينظرها شزراً، لم يجد عنها صبراً، ولا يستطيع عنها دفاعاً ولا لها نصراً فأخذ يدعو بالثبور والويل، ويرجو النجاة في ظلام الليل وأمير المسلمين بحمد الله قد ثبت في وسط مراكبه المظفرة، تحت ظلال بنوده المنشرة منصور الجهاد، موفور الأعداد، يشكر الله تعالى على ما منحه من نيل السؤال والمراد، وقد سرح الغارات في محلاتهم تهدم بناءها وتستلم ذخائرها وأسبابها، وتريه رأي العين دمارها ونهابها، والفونش ينظر إليها نظر المغشي عليه ويعض غيظاً وأسفاً على أنامل كفيه، وحين تمت الهزيمة وتتابع الفرار، عاد رؤساء الأندلس المنهزمون نحو بطليوس والغار، وتراجعوا حذراً من العار ولم يثبت منهم غير زعيم الرؤساء والقواد، أبو القاسم المعتمد بن عباد، فأتي إلى أمير المسلمين وهو مهيض الجناح، مريض عناء وجراح (1)، فهنأه بالفتح الجميل، والصنع الجليل، وتسلل الفونش تحت الظلام، فاراً لا يهدأ ولا ينام، ومات من الخمسمائة فارس الذين كانوا معه بالطريق أربعمائة فلم يدخل طليطلة إلا في مائة فارس والحمد لله على ذلك كثيراً.
(1) أبلى المعتمد في وقعة الزلاقة بلاء حسناً وأصيب فيها بجروح.
ظهير (1) له في تلقيبه بأمير المسلمين وناصر الدين
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً، من أمير المسلمين وناصر الدين يوسف بن تاشفين، إلى الأشياخ والأعيان والكافة من أهل فلانة (2) أدام الله كرامتهم بتقواه ووفقهم لما يرضاه. سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد حمد الله أهل الحمد والشكر، ميسر اليسر وواهب النصر، والصلاة على محمد المبعوث بنور الفرقان والذكر، فإنا كتبناه إليكم من حضرتنا العلية بمراكش حرسها الله في نصف محرم سنة ستة وستين وأربعمائة وإنا لما منَّ الله علينا بالفتح الجسيم، وأسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة وهدانا إلى شريعة نبينا محمد المصطفى الكريم، صلى الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، رأينا أن نخصص انفسنا بهذا الاسم لنمتاز به على سائر أمراء القبائل وهو أمير المسلمين وناصر الدين فمن خطب الخطبة العلية السامية فليخطبها بهذا الاسم إن شاء الله تعالى، والله ولي العدل بمنه وكرمه والسلام.
(1) الظهير في الاصطلاح المغربي يعني المرسوم الملكي وذلك لأن حامله يستظهر به.
(2)
يعني المدينة أو القبيلة.