الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضع المحاجم. فقال أحمد عمه: إنما ابن أخي حجام، فلزمه هذا اللقب، وقال فيه الشاعر:
وسميت حجاماً ولست بحاجم. . . ولكن لطعن في مكان المحاجم
محاسن الزهد والورع
لما توفي والد الشيخ علي بن حرزههم ورثه هو وأخوه أبو القاسم فاتفقا على قسم التركة بينهما بدون تدخل أحد من الناس. وقام علي إلى ورده من الليل فجال خاطره في التركة وجعل يفكر ما يأخذه منها لنفسه وما يترك لأخيه حتى لم يدر ما صلى. فلما أصبح بعث لأخيه أبي القاسم، وقال له: أحضر الشهود حتى أتصدق عليك بميراثي في أبي، فقال له لا تفعل، فقال له لئن لم تقبل لأتصدقن به على الجذمي، فلما رأى ذلك منه أحضر البينة وقبله.
وكان عبد الرحمن بن عاش فقيهاً متورعاً من أهل فاس، باع فندقاً من بعض قرابته وتصدق بثمنه، فمات المشتري فورثه منه فباعه وتصدق بثمنه أيضاً، ولم يشأ أن يقبض عنده ما كان تصدق به.
وزرع فداناً بباب عجيسة وحصده ودرسه، وكان العام شديداً
فجاءه الناظر عليه، فقال أخرج إلى زرعك حتى تكتاله، فقال غداً الجمعة لا أقدر على الخروج، فقال له أن تركته نهب، لأن الناس في حاجة شديدة والموضع قريب تدرك منه الجمعة، فخرج غدوة واشتغل في كيله ونقله وأتى المدينة فوجد الناس قد انصرفوا من الصلاة، فتصدق بالطعام الذي وجد في ذلك الفدان وحبس الفدان على المساكين. وكان للشيخ أبي القاسم بن خنوشة بستان وأعطي في فاكهته سوماً، فقال للمشتري: اتركني هذه الليلة حتى أرى رأيي، أما أن أنفذ لك البيع أو أرده. فلما كان من الغد جاء من أعطاه في البستان ستين ديناراً أو أكثر زيادة على القيمة الأولى، فبعث الشيخ أبو القاسم للمشتري الأول، وقال له أعطيت في البستان زيادة، فإن أردت أن تمسك بستانك بالثمن الأول، فأفعل وإن أردت أن تأخذ الزيادة فهي لك لأني البارحة أنفذت لك البيع بقلبي بالسوم الذي أعطيتني فأخذ المشتري الزيادة التي زاد المشتري الثاني ولم يأخذ الشيخ إلا الثمن الأول.
وكان الشيخ صالح بن حرزهم فقيهاً ورعاً وهو عم الشيخ علي ابن حرزهم، رحل إلى المشرق فانقطع مدة بالشام، وفي قرية بيت المقدس قدم للصلاة فبقي هنالك حتى نزل عليه يوماً أبو حامد الغزالي مع أصحابه وكان في المسجد عريش عنب قد ظهر فيه الحصرم، فقال أصحاب أبي حامد اشتهينا حصرماً، فقال لهم سلوا
إمام المسجد على من حبس عنبه؟ فسألوا الشيخ صالحاً فقال لا أدري على من حبس ولا تعرضت له ولا أكلت منه قط، فأخبروا أبا حامد بما قال، فقال هذا مغربي له أعوام في هذا المسجد لم يتعرض له قط وأنتم من ساعة واحدة لم تملكوا نفوسكم.
ودعا السلطان أبو الحسن المريني فقهاء الحضرة الفاسية إلى وليمة وما فيهم إلا ذو صلاح ودين، فمنهم من قال إني صائم، ومنهم من أكل وقلل، ومنهم من أكل الغلات فقط، ومنهم من شمر للأكل عن ساعديه، ومنهم من قال: هاتوا من طعام الأمير على وجه البركة، فإني لا أقدر أن آكل الآن، فسألهم الشيخ أبو إبراهيم الأعرج عن ذلك فقال الأول طعام شبهة تسترت منه بالصوم وقال الثاني كنت آكل بمقدار ما أتصدق لأنه مجهول الأرباب والمباشر كالغاصب وقال الثالث اعتمدت القول بأن الغلات للغاصب إذ الخراج بالضمان وقال الرابع طعام مستهلك ترتبت القيمة في ذمة مستهلكه فحل تناوله وقد مكنني منه فحل لي وقال الخامس طعام مستحق للمساكين قدرت على استخلاصه فاستخلصته وأوصلته إليهم، وكان قد تصدق بما أخذ.