الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب عبد المؤمن إلى الشيخ محمد بن سعد
المعروف بابن مردنيش صاحب شرق الأندلس
يدعوه إلى الدخول في دعوتهم ويظن أنه من إنشاء الوزير أبي جعفر بن عطية
من أمير المؤمنين أيده الله بنصره، وأمده بمعونته، إلى الشيخ أبي عبدالله محمد بن سعد وفقه الله، ويسره لما يرضاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد فالحمد لله الذي له الاقتدار والاختيار، ومنه العون لأوليائه والإقدار، وإليه يرجع الأمر كله فلا يمنع منه الاستبداد والاستئثار، والصلاة والسلام على محمد نبيه الذي ابتعثت بمبعثه الأضواء والأنوار، وعمرت بدعوته الأنجاد والأغوار، وخصم بدعوته الكفر والكفار، وعلى أله وصحبه الذين هم الكرام الأبرار، والمهاجرون والأنصار، والرضا عن الإمام المعصوم، المهدي المعلوم، القائم بأمر الله حين غيرته الأغيار، وانعدم الامتعاض له والانتصار. وهذا - كتابنا كتب الله لكم نظراً يريكم المنهج ويلقيكم الأبهج فالأبهج، وآتاكم الله من نعمة الإيمان، وعصمة الانقياد له والإذعان، ما تجدون به اليقين والثلج - من حضرة مراكش حرسها الله تعالى، ولا استظهار إلا بقوته وحوله، ولا استكثار إلا من إحسانه وطوله.
ولما جعل الله هذا الأمر العظيم رحمة لخلقه ومطية لرقيه وقرارة لإقامة حقه، وحمل حملته الدعاء إليه، والدلالة به عليه والترغيب في
عظيم ما عنده ونعيم ما لديه، وجعل الإنذار والإعذار من فصوله المستوعبة، وأحكامه المرتبة، ومنتجاته المخلصة من الخطوب المليكة والأحوال المعطبة - رأينا أن نخاطبكم بكتابنا هذا أخذاً بأمر الله تعالى لرسوله في المضاء إلى سبيله، والتحريض على اغتنام النجاء وتحصيله، وإقامة الحجة في تبليغ القول وتفصيله، فأجيبوا - رفعكم الله - داعي الله تسعدوا، وتمسكوا بأمر المهدي رضي الله عنه في اتباع سبيله تهتدوا، واصرفوا أعنة العناية إلى النظر في المال والتفكر في نواشئ التغير والزوال، وتدبروا جري هذه الأمور وتصف هذه الأحوال، وأعلموا أنه لا عزة إلا باعزاز الله تعالى فهو ذو العزة والجلال، ولا يغرنكم بالله الغرور، فالدنيا دار الغرور، وسوق المحال، وليس لكم في قبول النصيحة، وابتداء التوبة الصحيحة، والعمل بثبوت الأمان في هذه العاجلة الفسيحة، إلا ما تحبونه في ذات الله تعالى من الأمنة والدعة، والكرامة المسيعة والمكانة المربعة، والتنعم بنعيم الراحة المتصلة والنفس الممتعة، فنحن لا نريد لكم ولسائر من نرجو إنابته، ونستدعي قبوله وإجابته، إلا الصلاح الأعم، والنجاح الأتم، وتأملوا سددكم الله من كان بتلك الجزيرة حرسها الله من أعيانها وزعماء شأنها، هل تخلص منهم إلى ما يوده، وفاز بما يدخره ويعده، إلا من تمسك بهذه العروة الوثقى، وأستبقى لنفسه من هذا الخير الأدوم الأبقى وتنعم بما لقي من هذا النعيم المقيم ويلقى، وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه، ورغب بنفسه عن هذا الأمر