الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين وكذلك غيره من العلماء العاملين بعلمهم. وقد رأيت بعض الفضلاء من الشافعية من أهل الخير والصلاح إذا حكي شيئاً عن النووي رحمه الله يقول قال يحيى النووي فسألته عن ذلك فقال إنا نكره أن نسميه باسم كان يكرهه. فعلى هذا فهذه الأسماء إنما وضعت عليهم تفعلاً وهم برءاء من ذلك.
النارجيل
لابن بطوطة
وهو جوز الهند وهذا الشجر من أغرب الأشجار شأناً وأعجبها أمراً وشجره شبه شجر النخل لا فرق بينهما إلا أن هذه تثمر جوازاً وتلك تثمر تمراً وجوزها يشبه رأس ابن آدم لأن فيه شبه العينين والفم وداخلها شبه الدماغ إذا كانت خضراء وعليها ليف شبه الشعر وهم يصنعون منه حبالاً يخيطون بها إلى المراكب عوضاً من مسامير الحديد ويصنعون منه الحبال للمراكب والجوازة منها وخصوصاً التي بجزائر ذيبة المهل، تكون بمقدار رأس الأدمي ويزعمون أن حكيماً من حكماء الهند في غابر الزمان كان متصلاً بملك من الملوك ومعظماً لديه وكان الملك وزير بينه وبين هذا الحكيم معاداة فقال الحكيم للملك أن رأس هذا الوزير إذا قطع ودفن تخرج منه نخله تثمر بثمر عظيم يعود نفعه
على أهل الهند وسواهم من أهل الدنيا فقال له الملك فإن لم يظهر من رأس الوزير ما ذكرته قال إن لم يظهر فاصنع برأسي كما صنعت برأسه، فأمر الملك برأس الوزير فقطع واخده الحكيم وغرس نواة تمر في دماغه وعالجها حتى صارت شجرة وأثمرت بهذا الجوز وهذه الحكاية من الأكاذيب ولكن ذكرناها لشهرتها عندهم.
ومن خواص هذا الجوز تقوية البدن وإسراع السمن والزيادة في حمرة الوجه وإما الإعانة على الباءة ففعله فيها عجيب، ومن عجائبه انه يكون في ابتداء أمره أخضر فمن قطع بالسكين قطعة من قشره وفتح رأس الحوزة شرب منها ماء في النهاية من الحلاوة والبرودة ومزاجه حار معين على الباءة فإذا شرب ذلك الماء أخذ قطعة القشرة وجعلها شبه الملعقة وجرد بها ما في داخل الجوزة من الطعم فيكون طعمه كطعم الجوزة إذا شويت ولم يتم نضجها كل التهام وتعدى به ومنه كان غذائي في أيام إقامتي بجزائر ذيبة المهل مدة من عام ونصف عام ومن عجائبه أنه يصنع منه الزيت والحليب والعسل.
فأما كيفية صناعة العسل منه ويسمون فإن خدام النخل منه الفازانية يصعدون إلى النخلة غدواً وعشياً إذا أرادوا أخذ مائها الذي يصنعون منه العسل وهم يسمونه الأطواق فيقطعون العذق الذي يخرج منه الثمر ويتركون منه مقدار إصبعين ويربطون عليه قدراً صغيرة فيقطر فيها الماء الذي يسيل من
العذق فإذا ربطها غدوة صعد إليها عشية ومعه قد حان من قشر الجوز المذكور أحدهما مملوء ماء فيصب ما اجتمع من ماء العذق في أحد القدحين ويغسله بالماء الذي في القدح الآخر وينجر من العذق قليلاً ويربط عليه القدر ثانية، ثم يفعل غدوة كفعله عشياً فإذا اجتمع له الكثير من ذلك الماء طبخه كما يطبخ ماء العنب إذا صنع منه الرب فيصير عسلاً عظيم النفع طيباً فيشتريه تجار الهند واليمن والصين ويحملونه إلى بلادهم ويصنعون منه الحلواء.
وأما كيفية صنع الحليب منه فإن بكل دار شبه الكرسي تجلس فوقه المرأة ويكون بيدها عصى في أحد طرفيها حديدة مشرفة فيفتحون في الجوزة مقدار ما تدخل تلك الحديدة ويجرشون ما في باطن الجوزة، وكل ما ينزل منها يجتمع في صحفة حتى لا يبقى في داخل الجوزة شيء ثم يمرس ذلك الجريش بالماء فيصير كلون الحليب بياضاً ويكون طعمه كطعم الحليب ويأتدم به الناس.
وأما كيفية صنع الزيت فإنهم يأخذون الجوز بعد نضجه وسقوطه عن شجره فيزليون قشره ويقطعونه قطعاً ويجعل في الشمس فإذا ذبل طبخوه في القدور واستخرجوا زيته وبه يستصبحون ويأتدمون به ويجعله النساء في شعورهن وهو عظيم النفع.