الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن البشير الساورى، والوافى بن هاشم العلوى، ومحمد بن أحمد الحميدى حامل راية القراء والموجود من المتقنين في عصره في مئين.
وفاته: توفي في ثانى عشر قعدة الحرام عام اثنين وعشرين وثلاثمائة وألف، ودفن بضريح ولى الله تعالى أبي الطيب من الحومة المعروفة بحومة سيدي قدور العلمى.
492 - على أبو الحسن عرف بالأعرج
.
نجل فخر الملوك وجد سلاطين المغرب أبي النصر إسماعيل قدس سره.
حاله: كان حليما عفوا، بويع له يوم الأحد ثامن وعشرى ربيع الثاني عام سبعة وأربعين ومائة وألف، باتفاق رؤساء عبيد البخاري وأهل فاس الجديد، بعد خلع صنوه الأمير أبي محمَّد عبد الله، وكان المترجم يومئذ بمحل استقراره سجلماسة، فوجه العبيد إليه، كتيبة من الخيل لإعلامه بما ذكر والإتيان به، ولما اتصل به الخبر خرج مسرعا وصار يطوى المراحل إلى أن بلغ صفرو فاستقبله هنالك أهل فاس علماء وأشراف وأعيان، وقدموا له بيعتهم فسر وقابلهم قبولا حسنًا، ثم نهض ووجهته فاس والوفد في معيته، وسار إلى أن حل العاصمة الفاسية، ثم ولى عمالتها مسعودا الروسى، وأمره أن لا يقبض زائدا على الهدية والزكوات والأعشار، ثم نهض إلى مكناس، ولما حل بها بايعه العبيد والأعيان البيعة، ووفدت عليه الوفود بالبيعات والهدايا ووصل الجيوش بأموال.
ولما نفذ ما بيده ألقى القبض على الحرة المصونة ربة الدار السيدة خناثة بنت بكار أم صنوه السلطان عبد الله، وكذا على حفيدها أبي عبد الله محمَّد واستصفى أموالها، وبالغ في التضييق بها، لإخراج ما زعم أنها أخفته من المال، وشدد الوطأة على أهل مكناس، وفوض الأمر فيهم للباشا مساهل والقائد العياشى
وأضرابهما من حملة راية الاستبداد والقساوة، وقد كان زمام السلطة بيد سالم الدكالي.
قال أبو عبد الله الضعيف: ولما ضيق المترجم على ربة الدار خناثة بنت بكار، بعثت للعلماء تطلب منهم الوساطة بينها وبين صاحب الترجمة في تسريح حفيدها الأمير أبي عبد الله محمَّد بن عبد الله من السجن؛ لأنه صبيّ لم يقترف ذنبا، وإعمال الشرع المطهر معها، لأنها امرأة أبيه، وَهَنَ العظم منها واشتعل الرأس شيبا، فإن أبي فسيحكم الله بينها وبينه، ولما كلم العلماء المترجم سرح حفيدها المذكور ونهض من مكناسة لفاس الجديد، ولما وقد عليه خرج لاستقباله أهل البلدين القديم والجديد، وقدموا إليه الهدايا وذلك عام سبعة وأربعين ومائة وألف.
وفي السنة نفسها ثار بأقصى سوس أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد الكرسيفى ودخل آكدير بالسيف عنوة وأوقع بأهلها وقعة هائلة، نزل على معاطنهم في (يونت) تحت سيدي بوقناديل حتى مات الجل منهم عطشا، وكانوا يدفنون النساء والصبيان الذين هلكوا بالعطش بالمساجد والدور، وأمر الثائر بإعلان النداء في الجبال السوية وقبائلها بالحث على جهاد أهل آكدير ويقول: إن ثلثهم نصارى، وثلثهم عصاة حطب جهنم.
ثم إن أهل سوس الذين وفدوا معه أنصارًا لم يكن أحد منهم رأى البحر قبل، فأخذوا يشربون منه ويلتون السويق بمائه، فمات منهم بسبب ذلك خلق كثير، ثم نهض الثائر المذكور وسار إلى تارودانت، وصمم على الإيقاع بهوارة، فتفطنوا لذلك وأجمعوا أمرهم على الغدر به فشعر بذلك وفر منهم مظهرا أنه يريد زيارة الشيخ عمرو وهارون برأس الوادى، فاقتفت أثره هوارة إلى أن لحقوا به
بزاوية السيد عياد، فلحقوا به وضربوه بالرصاص فأصابته رصاصة من يد ابن همان الهوارى كان فيها حتفه.
واستمرت دولة المترجم على هذا الحال، وكانت أيامه منعمة والأمطار كثيرة، وفي أول دولته وصل وسق القمح إلى ثلاثة وثلاثين مثقالًا، وفي عام ثمانية وأربعين وهو العام الثاني من ولايته رجع الزرع إلى عشرة مثاقيل للوسق هـ ملخصًا مع تقديم وتأخير.
وفي البستان الظريف أن مسعودا الروسى وإلى فاس قتل الحاج أحمد بودا ريس اللمطيين، وأمر بجر جثته لباب الفتوح لسعيه من قبل في قتل أخيه أبي على الروسى، فاجتمع أهل فاس وحملوا السلاح وتوجهوا لقتل مسعود العامل المذكور، فنج بنفسه، فكسروا السجون وأطلقوا سراح من بها، وقتلوا الحرس، ولما اتصل الخبر بالمترجم أعرض عنهم ووجه لهم القائد غانم الحاجى مع أخيه المهتدى، وقال لهم فيما كتب لهم به: إنى عزلت عنكم مسعود الروسى، ووليت غانما الحاجى فلم يقبلوه.
ومن الغد رجع من حيث أتى، ووجهوا مع المهتدى جماعة من العلماء والأشراف والأعيان بهدية ذات بال، ولما مثلوا بين يديه عدد عليهم ما ارتكبوه من قبيح الأفعال، وأوقع القبض عليهم وأودعهم السجن، ولما بلغ ذلك النبأ لفاس أغلقوا الأبواب وأعلنوا بالخلاف، وحكموا السيف في كل من له علاقة واتصال بالروسى المذكور، ووقع قتال مع الودايا.
وفي رمضان العام قدم القائد عبد الله الحمرى أحد قواد العبيد، واجتمع بأهل فاس واعتذر لهم عما صدر من المترجم، وأمرهم بتوجيه هدية له مع وفد منتظم من العلماء والأشراف، فقبلوا ما أبداه من الأعذار وامتثلوا أمره فيما أشار به، وعينوا الوفد وجمعوا الهدية، فكتب الحمرى المذكور للسلطان معتذرا عن أهل
فاس، ولما مثلوا بين يديه أغلظ عليهم في القول، ثم عفا وصفح وسرح مساجينهم، وولى عليهم عبد الله المذكور.
وفي العام نفسه ولى على أهل فاس عبد الله بن الأشقر، واشتغل بتجهيز العساكر لآيت ومالوا، لأخذ ثأر العبيد منهم، وخرج إليهم في محرم عام تسعة وأربعين، فلما أحسوا بمقدمه عليهم أظهر الفرار أمامه، فصار يتتبع آثارهم ويحل منازلهم إلى أن قطعوا وادى أم الربيع وتوغلوا في الجبال، فعند ذلك انقضوا على الجيوش السلطانية من الثنايا والشعاب وأحاطوا بها من مناحية، فولت تلك الجيوش الأدبار منهزمة، وتركوا الخيول والأثقال ولم يتعرضوا للمترجم في موكبه وخاصته إلى أن قطع وادى أم الربيع ورجعوا عنه، وسار إلى أن دخل مكناسة فطالبه العبيد بالكسوة والسلاح والمرتب ولم يكن لديه ما يعطيهم هـ.
قال الضعيف: وفي عشرى ذى الحجة الحرام منصرم العام خلع العبيد صاحب الترجمة، وتبعهم على ذلك أهل مكناسة وغيرهم، وبايعوا لصنوه أبي محمَّد عبد الله.
وفي البستان أن المترجم لما سمع بذلك هرب لفاس، وأراد الدخول لفاس الجديد، فمنعه الودايا فنزل بقنطرة سبو، ومن الغد توجه لتازا، ومنها للأحلاف فأكرموه وصاهروه وأقام عندهم بوطنهم عدة أعوام معرضا عن الولاية وأسبابها إلى أن رجع لمكناسة بأمر أخيه السلطان عبد الله فأعطاه مالًا ووجهه لمكناسة الزيتون، وأعطاه المكس وأجنة المخزن وأرضه، ثم إن العبيد قبضوا عليه ووجهوه لصنوه السلطان المذكور وقالوا: هذا أفسد علينا بلادنا فسرحه ووجهه لسجلماسة، ولم يزل بها إلى أن لقى ربه.
علائقه السياسية:
وقفت له على كتاب بالمكتبة الوطنية بباريس كان بعثه لسفير فرنسا، هذا نصه بعد البسملة والحوقلة بالله العلى العظيم، ثم الطابع كالبيضة بداخله (أمير المؤمنين أبو الحسن على الشريف ابن أمير المؤمنين إسماعيل الشريف الله وليّه ومولاه) وبدائرته إلا إله إلا الله وحده، صدق الله وعده، ونصر عبده، لا إله إلا الله الأمر كله لله):
"إلى الباشدور الفرنسيس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله واهتدى.
أما بعد: فاعلم أن خبرك وصل لمقامنا العالى بالله، وأنك أردت أن تقدم إلى أبوابنا العلية، وتوقفت على إذننا، فمرحبا بك، وأقدم في الأمان على سبيل الفور، وما نعمل لك إلا ما يسرك ويرضيك، وما ترجع إلا على خاطرك وكما تحب وترضى، وكل ما جئت عليه نقضيه لك إن شاء الله تعالى، والسلام على من اتبع الهدى، وكتب في الخامس عشر من جمادى الأولى عام ثمانية وأربعين ومائة وألف" صح من أصله مباشرة ولم يسم فيه المكتوب له.
ومن ذلك ما كتب به للملك لويس الرابع عشر ولفظه بعد الحمدلة والحوقلة والطابع كما تقدم:
"إلى الرواى الويس الفرانسيسى.
أما بعد: فاعلم أنا لما جلسنا على سرير ملكنا واستولى سلطاننا وأمرنا على إيالتنا السعيدة الدانية والبعيدة، وأمدنا الله تعالى بالمدد، والعدد والعدد، وجمع المولى سبحانه كلمة جيوش الإِسلام، وسائر أقطارنا الخاص منها والعام، وانعقد بذلك الإبرام، ذلك بتقدير العزيز العلام، وردت علينا الوفود، أهل الحواضر والباد على الرسم المألوف المعهود، المؤدى إلى صلاح البلاد والعباد، أقررنا كل حد على
ما أقره عليه والدنا وأخونا أحمد قدس الله أرواحهم، وأبد في الفردوس نفوسهم الكريمة وأرواحهم، وأجرينا كلا ما كان عليه.
ولما مثل بين أيدينا المباركة النصرانى طوماس وتصفحنا كتاب أخينا المذكور، الذي بيده البخاري على مقتضى شرعنا الكريم المطاع أعزه الله من أن الهدنة والسلم والفداء المأمور بهم معكم، وجهنا لكم مسطورنا هذا المبارك الأسمى، واقتفينا في ذلك بكتاب أخينا الأعز الأحمى، فوجه لنا باشدورك وكل ما في خاطرك وأردته لدينا، نقضوه لك بحول الله وقوته، وحتى هؤلاء النصارى الذين هنا بمقامنا العالى بالله أسارى إن أردت فديتهم والكلام معنا في شأنهم فأبعث باشادورك عليهم نبعثهم لك، والسلام على من اتبع الهدى كتب في رابع شوال"
تحبيساته:
من ذلك ما حبسه على قراء الحزب بالرحبة المرتفعة من باب السادات أحد أبواب المسجد الأعظم بالعاصمة، وذلك جميع الحانوتين المستندتين على فندق الرتيمى، وجميع الكوشة بجناح الأمان، وجميع حانوت
…
. . وحانوتين بالصف المقابل المستندتين على الحمام فوق بابا الفرنان، وجميع الأرحى الفوقية تحت حوش العين الزرقاء المحدثة البناء على أرض الجزاء على صلوقية المضاف الهابط من وجه العروس قبالة سيدي على منصور، على أن يقتطع الناظر ربع الكراء للإصلاح، والثلاثة الأرباع منه لهم ووجه الناظر أبا القاسم المسطاسى لحيازة ما ذكر لمن ذكر على الوجه المذكور في أوائل قعدة الحرام عام 1147 حسبما بصحيفة 136 من الجزء الثاني من الحوالة الحبسية.
ومن ذلك تحبيسه لغابة الزيتون المعروفة إلى اليوم بمولاى على لشراء الحصر للمسجد الأعظم، وما أضيف إليه، وقد أخبرنى من وثقت بخبره من النظار، أن
[صورة]
ظهير السلطان المولى علي بن إسماعيل للويس الرابع عشر ملك فرنسا