الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما بعد: أخى، اعلم أنه أتانا الأمر الشريف على توجيه حامله مؤدب أولاد سيدى، وننظر من يستخلفه، فنظرنا فقيها أسأل عنه الحامل، فجلس مع سادتنا الشرفاء أياما وحامله معه وله نصيب من العلم الشريف، وفى غاية ما يكون من الوقوف والحامل قد ظهر لنا أن جلوسه بداره أولى، لأنه قد فتح عينيه ولم تبق عليه حرمة مع سادتنا الشرفاء، وهذا المؤدب الذى عملنا اليوم من عادته العزلة على الناس، وله حظ من العقل والمروءة، ونحن نحب أولاد سيدى يجتمع فيهم ما لم يجتمع في غيرهم من كل شيء شيء، فنطلب الله أن يكمل غرض مولانا في نجله الشريف آمين، وعلى المحبة وخالص المودة، بارك الله لنا فيك وطالب لدعائكم والسلام في 22 جمادى الثانية عام 1254" ثم الختم نقشه:(عبد السلام السلوى لطف الله به).
ونص كتاب آخر كتبه السلطان لولده مولاى العباس باتخاذ فقيه بدل المتوفى:
"ولدنا الأبر الأرضى، مولاى العباس أصلحك الله ورضى عنك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد بلغنا أن الفقيه السيد مبارك الفيلالى صار إلى عفو الله، ولقد كان نعم الرجل تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، فلابد انظر للشرفاء أصلحهم الله طالبا خيرا يكون على قدمه، ويكون يطلع لقراءتهم ويقبض ما كان يقبضه السيد مبارك والسلام في 4 ربيع الثانى عام 1474".
بعض ما قيل فيه من المديح:
من ذلك قول الرئيس العلامة الوزير أبى عبد الله محمد بن إدريس الكبير العمراوى:
أهذه الزهر حيتنا أم الزهر
…
وذى الدرارى انتظمن لى أم الدرر
وهذه نسمات النصر قد نفحت
…
أم السعادة حيا نشرها العطر
وهذه أوجه التوفيق قد سفرت
…
عن حسنها أم تبدى الشمس والقمر
أم الخلافة في أعلى منازلها
…
حلت فأشرق منها البدو والحضر
أحيا (أبو زيد) المولى معالمها
…
وزانها من حلاه العقل والخفر
فهى العروسة تجلى في منصتها
…
وليس يعوزها حلى ولا حور
كانت زليخا فأضحى وهو يوسفها
…
إذ عادها منه بعد الكبرة الصغر
واخضر بعد ذبول أروض بهجتها
…
كأنما حلها من يمنه الخضر
أحيا لنا عمرًا في العدل أو حسنًا
…
في الفضل أو حاتما في البذل إذ غبروا
بيت الخلافة (إسماعيل) شيده
…
لكن (محمد) نادى الخلق فابتدروا
كلاهما (والأب) المحمود سيرته
…
(والعم) كل بما قد حاز قد نشروا
على همة هذا مع شجاعة ذا
…
وجود هذا وعلم ذا كما خبروا
هذى المفاخر لا قعبان من لبن
…
هذى المئاثر لا كأس ولا وتر
كم أظهر الله من عز بدولته
…
للدين إذ سامه الباغون وانتذروا
فرب مشهد صدق قد شهدت له
…
كرائما في الوجود ليس تنحصر
ورب يوم أغر قد نصرت به
…
منهاج جدك قد شاعت به البشر
ويوم عز به الإسلام يفتخر
…
لاحت به في جبين دهرنا غرر
به تبسم ثغر الملك وابتهجت
…
به الخلافة واعتدت بها البشر
وفاق حزب التقى حزب الشقا وبه
…
قد اغتدت تضرب الأمثال والعبر
بوقعة دوخت غربا بموقعها
…
واهتز بالمشرق الأملاك واعتبروا
يوم تحزبت الأحزاب واتفقت
…
على الفساد وبعد العهد قد غدروا
أولاد فرج وعونات وتابعهم
…
عليهم
…
(الرحمن) ما ذكروا
دارت عليهم من الأسواء دائرة
…
وحاق مكرهم بهم لأن مكروا
فأصبحوا قد أباد الله نعمتهم
…
وحل ساحهم الأحداث والغير
صرعى على الأرض قد حاق المحاق بهم
…
وقد كساهم ثياب الذلة العفر
يا ويحهم عمهم خزى بفانية
…
وسوف يعروهم من بعدها سقر
في مأزق تدهش الألباب وقفته
…
به تواقفت الأجناد واصطبروا
وضاربوا كل قرن دون مهجته
…
فخلفوهم وهم على الثرى جزر
قد قام فيه خطيب السيف مفتخرا
…
في منبر الراح والهيجاء تستعر
روى عن ابن أبى الهيجا وحدثه
…
أبو الزناد فصح في الوغى الأثر
رأى الجيوش بها الأرماح ظامئة
…
فشمروا عن ذيول الحزم واتزروا
وعللوا بالدماء كل عالية
…
وأورد الخد منها الصارم الذكر
فكم رئيس على الخطى هامته
…
تبدو وكم بطل في القب قد أسروا
ولم يزالوا بهم حتى انثنوا هربا
…
كأنهم في سباريت الفلا حمر
طارت قلوبهم من بأسهم فرقا
…
إذا رأى الألف منهم واحدا نفروا
لو كنت شاهد نار الحرب كاشفة
…
عن ساقها وجنود الله تنتصر
أبصرت بحرًا به الأبطال سابحة
…
كالموج في اللج لا تبقى ولا تذر
سماؤه النقع والخرصان أنجمها
…
والوقد برق ورعد بندق مطر
وسورة الفتح من بعد القتال أتت
…
والعاديات ضحى بالنصر تفتخر
أبلى به الجيش والأعراب مثلهم
…
والبربر النصح في الهيجاء تعتبر
ولست أنكر للوصفان وقفتهم
…
في حومة الحرب والفرسان تشتجر
جند لعمرى أنصار مهاجرة
…
لكنهم لصفات اللؤم قد هجروا
لا يعرفون سوى الإقدام من خلق
…
وليس يعروهم في شدة خور
سعادة الملك المنصور قد ظهرت
…
به الجيوش على الأعداء قد ظهروا
لسيدى (عبد الرحمن) مالكنا
…
مناقب في جبين الدهر تستطر
ناهيك من ملك كالشمس في فلك
…
تزهو بدولته الأقطار والعصر
ومن يكن من (هشام) أصل نبعته
…
يسمو به الملك والأخطار والقدر
ما زال في حضر يسمو على قدر
…
للرشد والآن عنه أسفر السفر
الواهب الخود والآلاف منبسطا
…
والخيل جردا فلا منٌّ ولا كدر
في صدره البحر أو في بطن راحته
…
كلاهما طاب منه الورد والصدر
سر النبوءة يبدو في أسرته
…
ونورها منه في الأكوان منتشر
إذ دجا الخطب وانسدت مسالكه
…
فرأيه في ظلام ليلة قمر
مهذب الرأى يستسقى الغمام به
…
وتنجلى بسنا آرائه الغير
العدل سيرته والنصر شيعته
…
والفضل شيمته والحزم والحذر
بالحلم ملتحف بالعلم متصف
…
بالعجز معترف بالله مقتدر
رشيد أمر على الأسرار مؤتمن
…
لله منتقم بالله منتصر
قد صاحبته مع الأيام أربعة
…
الفتح والنصر والتمكين والظفر
وساعدته مع الرحمن أربعة
…
السعد واليمن والتوفيق والقدر
كم من مشاهد بالتمكين شاهدة
…
ومن مواقف منها النصر ينتشر
ومن مواقع في الأعداء قد بهرت
…
سارت بصورتها الركبان والخبر
فسل (غياثة) والأنذال جيرتهم
…
وسل (دخيسة) إذ حلت بهم غير
وسل (دكالة) إذ كلت عقولهم
…
واعتادهم من أكاذيب المنى غدر
عموا وصموا فلم تبصر بصيرتهم
…
ولم تنبههم الإرشاد والنذر
ومن يكن عن سبيل الرشد ذا حيد
…
فلا البصيرة تهديه ولا البصر
جنوا فأمضى الردى فيهم عزيمته
…
حتى رقاهم وكم أبدى الشفا ضرر
ثم اغتدوا بعد ما جنوا جنان ندى
…
لولا الصوارم لم يقطف لها ثمر
وكم يقوم حد السيف من عوج
…
ويستضئ به الباغى فيعتبر
ولم يزل ملكه يسمو وعزته
…
تنمو ودولته تعلو وتنتشر
قد أذكرتنا مغازيه التي اشتهرت
…
مغازيا قصها الأخبار والسير
وغير بدع ظهور السر في عقب
…
فرب مكرمة علياء تدخر
قد يسر الله ما تبغيه من أمل
…
وهيأ الله ما تهوى وتنتظر
قاتل بسعدك فالأيام مسعدة
…
وأمر بما شئت إن الدهر مؤتمر
وانصر بسيفك هذا الدين معتصما
…
بالله فهو لأهل الحق ينتصر
ومن تكن في سبيل الله نهضته
…
يعنو له الصعب أو يسمو به الخطر
يا ابن الأكارم من عدنان من نزلت
…
في مدحهم محكمات الآى والسور
مطهرون نقيات جيوبهم
…
تجرى الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه
…
فما له في قديم الدهر مفتخر
قوم إذا فخروا بذوا مفاخرهم
…
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
ماذا يقول ذوو الأمداح في نفر
…
عن مدحهم تقصر الأشعار والفقر
وكيف أدرك كنه القول في ملك
…
تكل عن وصفه الألباب والفكر
خذها إليك كما شاء الثنا مدحا
…
كالدر فصله الياقوت والشذر
فريدة جمعت أسنى شمائلكم
…
لكنها في بسيط القول تختصر
هيفاء في حلل الأمداح رافلة
…
فلا قصور يشينها ولا قصر
تروى عن العدل ما أملاه ناظمها
…
وتنشر الفتح إذ تروى وتعتذر
شاد ابن إدريس بالإتقان كعبتها
…
فحجها نجباء الوقت واعتمروا
قد ارتقت في بنى عمرو مناسها
…
فلا الفرزدق يحكيها ولا عمر
رضيعة بلغت في سنها مائة
…
فاعجب لكبرى حباها وصفه الصغر
حوراء عذراء لم تفضض بكارتها
…
ولا تملكها أنثى ولا ذكر
حارت عقولهم في وصف نسبتها
…
للؤلؤ نظمها المنسوق أم زهر
إن قلت در فحسن النظم رجحه
…
أو قلت زهر فعرف الحمد يعتبر
إن خدمناك والآمال ناجحة
…
كم من ثواب وعز منك ننتظر
وخلف كل فتى منا فراخ قطا
…
قد وجهونا إلى علياك وانتظروا
فهم بعزك في نعمى وعافية
…
ولا يفارقهم ماء ولا شجر
رضاك عندى أعلى ما نؤمله
…
والنفس كالطفل للألطاف تعتبر
هديتى لعلاك الحمد أنشده
…
والحمد أفضل ما يروى ويدخر
وليس يمنع عبد من بلوغ منى
…
وأبحر الجود من يمناك تنهمر
إنى لأفعل (1) في وصفى شمائلكم
…
ما ليس يفعله كأس ولا وتر
ختام مدحكم مسك نطيب به
…
ونشره في جميع الكون منتشر
لازلتم لنظام الملك واسطة
…
وللمكارم عقدا ليس ينتثر
بجاه جدكم المختار من شرفت
…
به الخلائق واختصت به مضر
عليه أزكى صلاة الله ما طلعت
…
شمس النهار وما قد شعشع القمر
والآل والصحب والأتباع ما ذكرت
…
أهذه الزهر حيتنا أم الزهر
وقوله:
مهور المعالى البيض والأسل السمر
…
وأقصى أمانى السيد النهى والأمر
وما العز إلا للجهاد وأهله
…
إذا زاغ أهل البغى أو نجم الكفر
وما المجد إلا همة علوية
…
لها رتبة من دونها الأنجم الزهر
وفتكة بكر في العدا تلبس الفتى
…
ملابس حمد طرزها الحمد والأجر
وتكسبه حسن المساعى وأن ترى
…
له العزمات البيض والنعم الغر
وما العيش إلا أن ترى وسط جحفل
…
له كل حين في سبيل الهدى ذكر
إذا ما غزا ترتاع من بأسه العدا
…
ويهتز من أخباره البر والبحر
وإن خفقت في الأفق راية نصره
…
سرى من علاه الرعب في الناس والذعر
هو البحر والأبطال في الحرب موجه
…
هو الليل والفرسان في أفقه زهر
يحف بمنصور اللواء مؤيد
…
شمائله زهو وأوصافه زهر (2)
(1) في هامش المطبوع: "صدق ولا سيما هذه الرائية".
(2)
في هامش المطبوع: "بفتح الزاى".
سرى حزمه في جيشه وثباته
…
ففى كل قلب من شجاعته قدر
له آية التمكين في الأرض والعلا
…
له العز والتأييد والفتح والنصر
له من سباع الطير والوحش عسكر
…
يؤازره قد قاده الذيب والنسر
ويقدمه للحرب كل شمرذل
…
حرام عليه في وطيس الوغى الفر
وأسد على جرد كأن وجوههم
…
-بأفق ظلام النقع- من بشرها فجر
تعاطوا على جرد حميا حمية
…
فرنحهم حب المنية لا السكر
وباعوا نفوسا في الجهاد نفيسة
…
من الله سيماها التثبت والنصر
وما عمر الإنسان وقت حياته
…
ولكنها الذكر الجميل هو العمر
وما هذه الأيام إلا صحائف
…
لأعمال هذا الخلق في طيها نشر
وأفضل أعمال الفتى نصرة الهدى
…
وقتل العدا إن الجهاد هو الذخر
ولله في هذا الوجود خلاصة
…
هداهم (1) لهم في كل صالحة ذكر
عساكر فتح عود الله رفعها
…
إذا قوبلت يسرى لناصبها الكسر
نحت أرض زمور فأنحت عليهم
…
دواه دواه صبها العسكر المجر
أقام بها الجيش اللهام مرابطا
…
يباكرهم من خيله الفتكة البكر
يساقيهم شهرا كئوس منية
…
فكان وباء فيهم ذلك الشهر
رماهم به المنصور لما تحزبوا
…
ولم ينفع الإنذار فيهم ولا الزجر
فأغزاهم جيش الرسائل قبله
…
طلائعه التذكير والنهى والأمر
فولوا عن الذكرى فرارا كأنهم
…
فرا وكان ملء أسماعهم وقر
(1) في هامش المطبوع: "بفتح أوله".
ومن شأنه أن لا يبيح قبيلة
…
إذا لم تقدم قبل غزوتها النذر
ولا تنفع الذكرى القلوب إذ قست
…
وخامرها الإعجاب أو حلها الكبر
ولا شئ مثل السيف أنفع للعدا
…
إذا لم تفد فيها المواعظ والذكر
أحاطت جيوش المسلمين بأرضهم
…
وعمهم منها التسلط والقسر
تثقب عن غيب الخبايا فتهتدى
…
كان قد هداها الكشف أو عندها السر
وتسرى سراياها فتغدو وصنعها
…
بفرسانها التشريد والفتك والأسر
وتختطف الأبطال كل مدجج
…
لديهم ولا ينجيه كر ولا فر
تخط صفاح البيض فيهم صحائفا
…
تفيد الهدى قد أشكلت خطها السمر
تعلمت اللام البلاغة فيهم
…
فللبيض والمران عند اللقا شعر
إذا ما لقوا حادوا عن الحرب وانثنوا
…
وأجسامهم نظم وأرؤسهم نثر
كان العوالى فوق خطية القنا
…
طيور لها أجسام أعدائهم وكر
كأن سيوف الهند شهب معدة
…
لرجم شياطين الضلالة أن تعروا
تعصب هامات العداة وتارة
…
طلاهم وطورا فعلها القد والهبر
قلتهم بلاد طالما مرحوا بها
…
عنادا وأذيال الضلالة قد جروا
وما زال داء البغى يصرع أهله
…
ويعتادهم من شؤمه الهلك والخسر
قد استنسرت فيهم بغاث فأصبحوا
…
وقد خانهم منها المناسر والظفر
وغرهم الإمهال فازداد بغيهم
…
وقادهم الإعجاب للهلك والغدر
وقد منعوا ما أوجب الله عندهم
…
من الحق واستعصوا جهارا وما بروا
وآووا فريق المحدثين وأحدثوا
…
بدائع للشرع العزيز بها نكر
فلا أمن فيهم للسبيل وأهله
…
ولا عرف إلا وهو عندهم نكر
إذا ما دعا داعى الفساد هفوا له
…
وإن سمعوا داعى الصلاح دعا فروا
عموا عن سبيل الرشد وابتغوا الهوى
…
وغرهم الشيطان والنفس فاغتروا
وأطغاهم طيب البلاد التي بها
…
زكا الكسب والأولاد والغرس والبذر
ومن لم يقيد نعمة الله عنده
…
بشكر فقد أودى بنعمته النكر
ومن عاند المنصور أصبح طعمة
…
لأسيافه أو ساقه للردى القبر
فكم حاولوا من مكرهم رد بأسه
…
فعاد عليهم بالردى ذلك المكر
وكم طلبوا نيل التكافؤ في الوغى
…
وهل يتساوى الصعو في الفتك والصقر
وراموا التدانى في المراتب ضلة
…
وهل يتساوى التبر في السوم والصفر
غدوا جزرا للمرهفات وطعمة
…
تجاذبها وحش المهامه والطير
وضاق بهم من شؤمهم واسع الفضا
…
وأصبح عرض الأرض وهو لهم شبر
وعقبى ذوى البغى العقاب وإنه
…
ليزداد عظما كلما عظم الوزر
إذا أمة طال الصغار كبارها
…
فإن قصاراها التذلل والصغر
ويضفو رداء الصون والحفظ بالتقى
…
ويكشف بالعصيان عن أهله الستر
فقد طاولتهم بالحصار كتائب
…
غزاهم بذاك الوعر من أجلها الذغر
ووافتهم فيه عساكر نقمة
…
من الله والاها التضايق والحصر
تألف منها الجوع والضر والظما
…
وأهلكهم فيها الترحل والحر
وما زالت الركبان تنسف زرعهم
…
ويبدو لهم من كل خافية أمر
إلى أن غدت صفر إيبابا وأصبحت
…
وعامرها من كل ما جمعوا غمر
وعم الردى أموالهم وعيالهم
…
وقد كاد يستولى على الجملة الضر
وجاوزت الحد العقوبة فيهم
…
وعمهم مما عرا الحادث النكر
وجاءوا على حال انكسار وذلة
…
يقودهم عظم العقوبة والجبر
ويقدمهم وصف اعتراف وتوبة
…
شفيعهم الصبيان والشيب والخمر (1)
يضجون بالبقيا عليهم ومالهم
…
إذا عوتبوا إلا التنصل والعذر
فرق أمير المؤمنين لحالهم
…
وعاد بحلم أنه الراحم البر
عفا عنهم مولاهم عفو قدرة
…
وقابلهم من فضله الصفح والبر
وأبقى عليهم رحمة وذخيرة
…
لصالحة ترجى ونائلة تعرو
وأرغم أنف الكفر إذ في هلاكهم
…
لشوكتهم عن أن تنالهم كسر
وأيقن أن النصر نعمى هنيئة
…
وأن ارتكاب العفو عنهم هو الشكر
وراعى لهم فضلا سوابق حرمة
…
أحاديثها في كل حين لها نشر
وعاد عليهم بالذى هو أهله
…
من العفو والتأمين فارتفع العسر
وعادوا بأسباب النجاة فأصبحوا
…
على نهجها قد صدق الخبر الخبر
وما عن رضا منها عصية أسلمت
…
ولكنها قد قادها للهدى القهر
ولو عوقبوا عدلا على قدر جرمهم
…
لأخنى على دهمائهم بالردى الدهر
ولكنما المنصور في الحلم آية
…
إذا جهل الأقوام أو عظم الوزر
توارثه عن كابر بعد كابر
…
وزاد فزاد الحمد وارتفع القدر
كذا فليس أهل الرياسة ملكهم
…
فهذى المعالى المستفيضة والذكر
(1) في هامش المطبوع: "بضم الخاء".
تقدم في تخليد كل فضيلة
…
فقل لملوك الأرض هذا هو الفخر
فقد نصر الرحمن بالحق عبده
…
وحاق بأهل الباطل الشؤم والختر
إمام إذا قابلت غرة وجهه
…
يقابلك الإقبال واليمن والبشر
وإن نلت منه القرب أو فزت بالرضا
…
تدانت لك الآمال وانشرح الصدر
وإن ذكرت أوصافه بين معشر
…
تألق منه النور أو سطع العطر
ويحتقر السبع الزواخر جوده
…
إذا ذكرت يوما أنامله العشر
هو الفرد أشتات المكارم جامع
…
فما فاته منها عوان ولا بكر
تدرع من صدق التوكل جنة
…
تدانت بها الآمال وارتفع القدر
وقام بنصر الحق بالحق فاعتلى
…
به ركن هذا الدين واعتصم الثغر
ولم تلهه عن لذة العلم إمرة
…
ولا عن طلاب المجد خود ولا قصر
يقاتل عنه سعده زمر العدا
…
ويفعل ما لا يفعل البيض والسمر
فدولته أمن وأيامه هنا
…
وساعاته زهر وأوقاته غر
من النفر الغر الجحاجح من لهم
…
مراتب عز دونها الشمس والبدر
بنى المصطفى أحفاده أهل بيته
…
ومن لهم في الفضل والشرف الصدر
لآل على في الوجود مآثر
…
على صفحات الدهر من آيها سطر
هم القوم كل القوم أما جنابهم
…
فرحب وأما جارهم فله خطر
وهم في اقتناء العلم والحلم قدوة
…
إذا خفت الأحلام أو عظم الأمر
إذا وعدوا وفوا وإن قدروا عفوا
…
وإن سئلوا أعطوا وإن عاهدوا بروا
وإن مدحوا أغنوا وإن نوزعوا سطوا
…
وإن أنعموا أضفوا وإن عطفوا سروا
إلى ابن هشام انتهى إرث مجدهم
…
ومنه سرى في كل مكرمة سر
ولا بدع في أن يعلو الفرع أصله
…
إذا ما زكت منه المغارس والنجر
هنيئا أمير المؤمنين بغزوة
…
تضعضع منها الشرك وانجبر الكسر
وبشرى بفتح طبق الأرض ذكره
…
به اشتد ركن الدين وارتفع الإصر
وخذها أمير المؤمنين خريدة
…
تروق وما غير القبول لها مهر
كساها ثناك الحر حلة سعده
…
فأشرق منها الجيد بالحلى والنحر
يفوق فريد الدر حسن ثنائها
…
وينفح من أنفاسها العنبر الشحر
هو الشعر يرتاح الكريم لشدوه
…
ويطرب من إنشاده الماجد الحر
ويهتز ذو الطبع الشريف لمدحه
…
كما اهتز تحت البارح الغصن النضر
وما السحر إلا الشعر أحكم نظمه
…
وناهيك من سحر به نفث الشعر
تتيه نحور الحور زهوا بعقده
…
وتستبشر العليا ويبتهج العصر
بقيت لهذا الدين تحمى ذماره
…
ودام لك التمكين والفتح والنصر
بجاه رسول الله جدك من به
…
سمت ملة التوحيد واتضع الكفر
عليه صلاة الله ثم سلامه
…
وآله والأصحاب ما عبق النشر
وما قام نادى البشارة منشد:
…
مهور المعالى البيض والأسل السمر
ونقلت من خط العلامة الأديب، حامل لواء الترسيل والقريض، سيدى الطالب ابن الحاج السلمى المرداسى ما لفظه: لشيخنا العلامة القاضى بحضرة مراكش أبى عبد الله محمد التهامى بن حمادى بن عبد الواحد الحمادى المكناسى:
زفت لربعك والسعود مهورها
…
ووفت مقلدة الفتوح نحورها
يفتر عارضها عن اليمن الذى
…
ظفرت به يمناه حيث ظهورها
عذراء تأبى أن ترام فلا الوفا
…
يخطو إليها ولا الوداد يزورها
ضربت على قنن الهضاب قبابها
…
وعلت على شم الجبال قصورها
كم غادرت من مغرم بوصالها
…
رهن الحمام وما يقاد كسيرها
فاغنم مطارحة الخريدة برهة
…
فلطالما أغرى الغرام نفورها
وارشف لما ماء الملام هنيئة
…
يا حسن ما أملى لسمعك زورها
اهنأ ببشرى قابلت إقبالها
…
فيها لأنفاس النفوس نشورها
كان الزمان قبيلها في خجلة
…
حتى سرى مسرى النسيم بشيرها
أكرم بها عتبى تجافى عندها
…
ليل الكآبة واستطال سرورها
لو أنها بزغت بطرة دجية
…
شابت غدائرها ودام سفورها
أهدت لأهل الدين كل مسرة
…
وعدا على فئة العداء فجورها
قوم قد اعتادوا الشهادة جنة
…
ونأت عن الطرق القويمة دورها
من آل عطة أسرة ما سامها
…
كرم ولا هم في الرجال صدورها
الغدر أكبر شيمة فخروا به
…
سيان فيه صغيرها وكبيرها
بحضيض كل الملئمات ورودها
…
وعن المكارم والمعال صدورها
إن يسمعوا داعى الفضائل أحجموا
…
وإذا دعوا لرذيلة فهصورها
اتخذوا المحارم واجبا لو يعرفوا
…
ما الواجبات وما تكون أجورها
ورثوا المناكر فاجرا عن فاجر
…
والعرف لم تعرف حلاه صدورها
خلف قفا خلفا وأنى ترتجى
…
لهم النجابة واللعين ظهيرها
جعلوا بنى الزهراء سادات الورى
…
من هم شموس والكرام بدورها
آل الرسول المجتبى وأجل من
…
كشفت إليه من السماء ستورها
غرضا ولو أن الخوارج أنصفوا
…
ما كان إلا على الجباه مسيرها
فاعجب لأقمار الهدى منقضة
…
وغدا بأقطار البسيط عبورها
وعهدتها بمبانى أفلاك العلا
…
العز يكلأُ والمجادة سورها
ياويح قوم حاربوا من جهلهم
…
ربًّا إليه مآلها ومصيرها
شنوا على أولى الرسالة غارة
…
شعواء عاد على الرعاع ثبورها
خالوا حمى ذاك الجناب مضامة
…
وتوثقوا أن لا عزيز يجيرها
فاستعملوا ما فيه تمحيص لمن
…
بوجودهم أمن العباد وخيرها
أملى لهم مولى له في خلقه
…
أسرار أحكام يشذ خبيرها
فرمت سهام الفتك في سرواتها
…
حتى تناهى بغيها وشرورها
فأتت إليه الصافنات سوابحا
…
تختال والفتح المبين سفيرها
من فتية قد بيتوا فعل الهدى
…
حمدته آصال المسا وبكورها
وأثارهم بكفاح أعداء الورى
…
رحم النبى وما حواه ضميرها
فتزاحفوا لبنى اللقيطة واستووا
…
بهم وما نفع اللئام غرورها
غص العداة بثائر من عثير
…
فسقوا المنية والسيوف تديرها
وعزيمة علوية علوية
…
هبت عليهم من رباها عبيرها
من كل قسور الوغى مستلئم
…
قد حنكته من الحروب سعيرها
فتراه يعجم تارة حرف الكلا
…
متشابهان ظهورها وبطونها
وبمرهف الصمصام أخرى مشكلا
…
صفحات ما حبل الوريد سطورها
قد غادروا أشلاءها تعلو بها
…
عقبان كل ثنية ونسورها
لله فتية نصرة لجناب من
…
خير البرية والإله نصيرها
باعوا النفوس وإن غلت أثمانها
…
من ربهم لهم الجنان وحورها
ولهم أجل مكانة من مالك
…
زان الخلافة واستقام سريرها
ملك له السلف الذى طال السما
…
وعلا لعزة
…
...
…
منيرها
فروى المجادة كابرا عن كابر
…
سندا صحيحا عاليا مأثورها
ملك له في المكرمات رواسخ
…
إن هز رضوى في الثرى وثبيرها
ملك إذا باع الملوك كريمة
…
فهو الحقيق بالابتياع جديرها
ملك يود المزن يمناه التي
…
جادت سحائبها وفاض بحورها
ما إن تحاكيه السحاب وإنما
…
تبكى المدامع إذ عراها قصورها
هانت عليه محاسن الدنيا فما
…
يرضيه منها مديدها وخطيرها
لو أن أمواج البحار بكفه
…
أمست وهن من العطاء نهورها
يهدى لوجه الصبح عند نواله
…
ما ليس تمنحه ذكاء ونورها
ملك له بعداه كم من سطوة
…
صعقت لهيبته الكماة وطورها
تخشى وقائعه وهبها كاثرت
…
... اللوى وذرى السحاب جسورها
لولا توقع حلمه لتصدعت
…
فرقا وصار إلى المشيب صغيرها
نام الأنام بظل كهف أمانه
…
واعتاد دولته الهنا وحبورها
أيامه أعياد أيام الألى
…
ساسوا وإن عدلوا وطال عصورها
أحيا معالم للعلوم فأصبحت
…
وقد استقل في الوجود سديرها
وتولدت عن بذل وبل يمينه
…
آداب عز نظيمها ونثيرها
إن المفاخر والمحامد والتقى
…
وذرى المعالى نديمها وسميرها
من مبلغ صدر الخلائف ما انتهى
…
لكماله هذا الإمام أخيرها
لك يا (أبا زيد) المآثر جل أن
…
تحصى وعز في الملوك نظيرها
يغتال الباب الرجال سماعها
…
ما غالها عند الشراب عصيرها
فخرا لدولتك السنية دائما
…
إذ أنت يا فرد الملوك أميرها
ولها البشارة بالسعادة إذ همى
…
أصل الغيوث بها وفاض نميرها
وإليك يا فخر الملوك أضفتها
…
غيداء من فلك الصدور صدورها
قصرت وطال حياؤها إن لم تكن
…
بذرى البيان وبان منه ضمورها
وأتت بنزر من حلاك ومن لها
…
أنى يقاس بالبحار غديرها
لكنها تزهو بأكبر نسبة
…
لك والقبول لما أتته غفورها
دامت تهاديك البحور قوافيا
…
تمتار سيبك والأكف تميرها
وعلى علا ذك الجناب تحية
…
يزرى بأنفاس الرياض عطيرها
ما قال منشدها بأكمل مجلس
…
زفت لربعك والسعود مهورها
قلت: وهذه القصيدة أنشئت بمناسبة انتصار المترجم على الفئة الباغية العطاوبة الشهيرة واجتثات سيوف عدله جراثيم فسادها، وإرضاح صناديدها، للطاعة قهرا، وذلك عام واحد وسبعين بتقديم السين على الموحدة تحت ومائتين وألف.
وقال العلامة الشيخ الطالب بن حمدون الحاج:
إليك وإلا لا تزف خريدة
…
وفيك وإلا ليس يستعذب الشعر
وفضلك لا فضل الثريا على الثرى
…
ووجهك لا الشمس المنيرة لا البدر
نظمت لآل المجد بعد اندثارها
…
وليس لعقد أنت ناظمه نثر
وقلدت أهل العلم در نفائس
…
بها لم يقلد من مهفهفة نحر
وأخلصت في طاعات ربك موقنا
…
فطاعك كل الخلق والبر والبحر
رقا بك سعد الدين في علا منزل
…
مراقى مجد دونها الفلك والزهر
فصرت (محصل المقاصد) والعلا
…
يهيم بتطريز المديح لك الفكر
فما أنت إلا منحة علوية
…
بنا خصصت ممن له الخلق والأمر
أمين ومأمون رشيد مظفر
…
ومعتصم بالله دام لك النصر
بمنتخب من آل بيت الرسول لا
…
بمنتخب من آل عباس ذا الفخر
على أبى الأشراف ينبوع كوثر
…
وبيت من العلم الغزير ولا نكر
وبيت ولاية من الملك ظاهرا
…
ومن كان ذا تقوى يلين له الصخر
وبيت ولاية من الملك باطنا
…
ولله فيما اختار من خلقه سر
سجلماسة طابت وفاحت شذا به
…
وأنبت واديها ونم به الزهر
ولم تزل الأنوار لائحة بها
…
إلى أن قضى والدين أفنانه خضر
وخلف أقمار تلوح لأعين
…
أمان لأهل الأرض دام لهم فخر
صدور أهلة بدور أجلة
…
غيوث ليوث لا يفل لهم فخر
وما الملك إلا ما حووه ومن له
…
كملك (أبى زيد) به اتضح الفجر
مليك حوى كل المفاخر والعلا
…
فلم تشتمل شام عليه ولا مصر
مليك حباه الله كشف حقائق
…
فلم يطلع زيد عليها ولا عمرو
مليك على الملك جر ذيوله
…
ولكن به الملك استبان له الفخر
مليك له رعب يسير بسيره
…
مسيرته ريح رخاء أو الشهر
ومنه أسود الغاب تنفض هيبة
…
كما انتفض العصفور بلله القطر
(وآية عطا) لما أطغت وأفسدت
…
وجارت على آل الرسول وقد سروا
أصيبوا برعب من جلال إمامنا
…
فقاتلهم عرب وتجنيسهم سر
وقد صب من فوق جيوش عليهم
…
ولم ينجهم من بأس وقعته وعر
وأظلمت الدنيا عليهم بأسرها
…
وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر
وضاق عليهم غورها ونجودها
…
كان جميع الأرض مقدارها شبر
فذوقوا العذاب اليوم ياشر بربر
…
ففى مثل هذا اليوم لا كر ولا فر
ونسوتكم يبكينكم بتحسر
…
ولا مثل خنسا قد نعى لها صخر
أمولاى إن الله أعطاك حكمة
…
فصل له وانحر لشانئك البتر
فلا زلت تاج لعصر في مفرق العلا
…
وما لحت إلا قيل طال لك العمر
في 8 شوال عام 1242" من خطه في كناشته مباشرة.
وقال محمد بن محمد بن سيدى عبد الله العلوى الحسنى الشنقيطى لما قدم إلى المغرب يريد الحج يمدح السلطان المترجم:
هل في بكا نازح الأوطان من باس
…
أم هل لداء رهين الشوق من آس
أم هل معين يعين المستهام على
…
ليل كواكبه شدت بأمراس
آه لمغترب في الغرب ليس له
…
جنس وإن كان محفوظا بأجناس
أقول والركب محزون بوحشتنا
…
صبرًا فكم وحشة أفضت لإيناس
إذا وضعنا بأرض الغرب أرحلنا
…
راح الرجاء علينا طارد الياس
عمل الإمام بفضل الله يمنحه
…
رحمى فيكشف غم الآسف الآس
إنى كفيل بنيل السؤل لى ولكم
…
إما بمراكش المحروس أو فاس
إمامنا في كلا المصرين نورهما
…
إمامنا المستماح المطعم الكاسى
خليفة المصطفى وهو ابن بضعته
…
ثوب من المجد لم يعلق بأدناس
فضيلة لبنى مروان ما سلفت
…
ولا الخلائف أبناء ابن عباس
وسيلة الناس في نيل الوصول لمن
…
هو الوسيلة بين الله والناس
ضمان غرم عليه أن يروح به
…
حلف الثراء من أمسى حلف إفلاس
مولاى لا برحت أيام دولتك الـ
…
ـغراء أيام أعياد وأعراس
الله منك حقوق الناس قلدها
…
يقظان لا غافل عنها ولا ناس
عمرت عمرت من عهد الشريعة ما
…
باض النعام بدور منه أدراس
داركتها بعد ما مالت دعائمها
…
فاستحكمت واطمأنت فوق آساس
وافاك ركب تعاطوا من نعاسهم
…
على متون المطايا قهوة الكاس
حثوا جلاس المطايا لا يرون على
…
منابر الميس عنها غير جلاس
طواهم طى ما تطوى وضرسهم
…
طول السفار بأنياب وأضراس
دعاهم شوق أرض الهاشمى إلى
…
حمل النفوس على الضراء والباس
فواسنا بلقا ما اعتيد منك وما
…
فضل المقالة إلا قولنا واس
وحقق الظن منا أن ستحملنا
…
على مجوفة الحيزوم كالراس
لها دخان حريق الغاب أزعجه
…
مر الجنوب بأنفاس فأنفاس
واسمح لنا بدعاء منك صالحه
…
بيمنه يسهل المستصعب القاسى
لولاك ما طاف من طافوا أو اقتبسوا
…
من نور طيبة من فاروا بمقباس
هذا ومدحك لا يأتى به قلم
…
يلقى مجاجته في بطن قرطاس
هل هو إلا ركام المزن أو كحصى
…
مركومة من لوى يبرين ميعاس
لازلت لا زلت يا ركن العدالة من
…
جيش العناية محروسا بحراس
ولا عدتك صلاة الله كاملة
…
من خص بالفضل من أبناء (إلياس)
وله أيضا يمدحه:
ألمت بنا أهلا بها أم سالم
…
على بابها أم تلك أحلام نائم
ألمت بنا وهنا وقد ضرب الدجا
…
علينا خباء في متيه المخارم
ألمت بشعث في الفلاة توسدوا
…
مرافق خوص كالسهام سواهم
ألمت وقد مس الوجى دون أرضها
…
خفاف خفاف الراقصات الرواسم
نضونا على أنضائها من عزيمنا
…
صوارم أمضى من شفار الصوارم
وجبنا عليها مهما بعد مهمه
…
إلى (ابن هشام) كى نزور (ابن هاشم)
إلى أن أنخناها لديه ولم نكن
…
كمن عاقه عن ذاك ضعف العزائم
عهدنا إليه نرتجى أن نرى الذى
…
تخلف عنا قارعا سن نادم
خليفة مصباح الهدى وحفيده
…
ومحيى عافى ربعه المتقادم
غيور على بيضاء سنته التي
…
أبيحت لها لولاه كل المحارم
حماها حماه الله أن يستبيحها
…
من أعدائها دهم الدواهى الدواهم
فكم غض عنها طرف من رام طرفها
…
بغض وكم قد كف من كف ظالم
أنام عيون الناس تحت عدالة
…
وقت رجل سارى الليل لدغ الأراقم
فأصبح ثغر الأرض سوقا وأصبحت
…
مآسدها مرعى المخاض السوائم
غدا وافرا عرضا ودينا وماله
…
يقسمه العافون قسم الغنائم
مليم لإفراط النوال ولم تكن
…
كمن عاقه عن ذاك ضعف العزائم
أمولاى لازالت مدى الدهر منكم
…
حصون المعالى عاليات المعالم
ولا برح التقبيل شغل أكفكم
…
وأقدامكم تحذى أديم الجماجم
تعاظمنا هول الطريق ومنكم
…
عظام اللهى تعتاد دفع العظائم
وثقنا برى حين أمت ظماؤنا
…
موارد طامى بحرك المتلاطم
وبشرنا أن سوف تأتى ركابنا
…
أبا فاطم إنا أتينا ابن فاطم
على جده في كل بد ومختم
…
مباد صلاة مالها من مخاتم
وله في بعض رجال دولة المترجم وهو ابن أبى ستة، وبعض الناس يقول: إنها في غيره، وهو يريد منه التوسط بينه وبين السلطان مولاى عبد الرحمن بن هشام:
أثار من التذكر ما أثارا
…
خيال من أميمة حين زارا
سرى بعد الهدو فما أعيرت
…
قلوب العاشقين كما أعارا
وكم بعث الخيال لذى انتزاح
…
نزرعا للأحبة وادكارا
ألا زارت أميمة إن في ذا
…
لأرباب البصائر لا اعتبارا
أتسمح إن تزور بجنح ليل
…
وقد حمت المزار ولو نهارا
ومن عاداتها لم تخط إلا
…
إلى أدنى البيوت خطى قصارا
طوت أجواز كل فسيح خرق
…
ولا طى المهار ولا المهارى
ألا أهلا بها ولو استحالت
…
على قرب زيارتها ازورارا
لئن أنأى أميمة ما اعتسفنا
…
رواحا بالنجائي وابتكارا
فقد أدنت مبارات المطايا
…
نوافخ في البرا من لا يبارى
أزارتنا الفقيه فأنصفتنا
…
من أيدى النأى إذ مطل المزارا
وغادر طيها نشر الموامى
…
إليه طى حاجتنا انتشارا
قد أبدى الدهر إذا أهدى إلينا
…
لقاه من إساءته اعتذارا
إلى مثل ابن أحمد فليسافر
…
أخو العزمات أو يدع السفارا
همام سل صارمه ليحمى
…
من الحق الحقيقة والذمارا
أبى نور الهداية من لديه
…
لمحيار الضلالة أن يحارا
أدار على الشريعة منه حصنا
…
حصينا أن تضام وأن تضارا
وشيد للحقيقة من زوايا
…
تعاط الذكر أرفعها منارا
له خلق يدير مدى الليالى
…
عليها من معارفه عقارا
أشقاء المحبة قد أقاموا
…
شعائر دين ربهم شعارا
سرى لمحمد في الأرض حمد
…
يسير به المسافر حيث سارا
حكمنا فيه بالخبر امتداحا
…
إلى أن أصبح الخبر اختبارا
فأبصرنا شواهد ما سمعنا
…
كمفتوق الصباح إذا استطارا
أمتخذ الهدى خذها هديا
…
بدت في زى فارهة العزارى
تغض الطرف من خجل وتدنى
…
عليها من مهابتك الخمارا
أسيدنا النبيه ومن تحلى
…
بما فضح الجواهر والنضارا
نتيجة فكرتى وثمار ذهنى
…
نتيجتها أن أجتنى الثمارا
قد أكسبها فخارك حين زفت
…
إليك على نظائرها فخارا
مدحتك أستجير بها ويرجو
…
جزيل الخير من مدح الخيارا
ودارك بالنجاة ذماء غرقى
…
قد اقتحموا بما اقتحموا بحارا
أطاعوا أمر غيهم ولجوا
…
غرورا في عمايتهم سكارى
فإنهم وإن شطت نواهم
…
لجارك فارع حق من استجارا
رعاك الله من راع نصيح
…
رعاية من قد أودع واستعارا
وبارك فيك ربك من خديم
…
قد أحسن في أوامره ائتمارا
وقال أيضا لما وصل مراكش ونزل عند المذكور فلم يبلغ خبره إلى السلطان:
هل حامل أسنى السلام كله
…
لحامل الملك وعبئى كله
ومتولى عقده وحله
…
وواضع الأمر على محله
من لا يجود زمن بشكله
…
ولا يرى عدل عديل عدله
من شاء ذكر فضله وعدله
…
إلى مضاء نبله ونبله
مأوى الغريب ومحط رحله
…
وملتقى نزوله ونزله
قضى له الله بجمع شمله
…
ووطء من خالفه بنعله
ودام خفض العيش تحت ظله
…
وعز الإسلام وعز أهله
موجبه لا زال فوق سؤله
…
ما يرتجى سائله من بذله
إنا نرجى من جميل فعله
…
ما ترتجى أمثالنا من مثله
وقد سعى له بعد ذلك في الحضور بين يدى السلطان، فأنشده قصيدتيه السينية والميمية المتقدمتين، فقال له: هاتان أحسن من المعلقات، وأجازه بجائزة حسنة، وأمر عامل طنجة بتوجيهه ومن معه للحج ففعل، وقد مات بين جدة ومكة بعد حجه، ولما كان في السياق قال معزيا رفاقه:
نجب الليالى بالبرية تعنق
…
نحو المنون فسابقون ولحق
من أخطأته إلى سواه سهامها
…
فله تراش سهامها وتفوق
وقال الوزير ابن إدريس المتقدم ذكره من مولدية:
حيى منازل من أهوى وأحياها
…
هفافة كفتيق المسك رياها
وجادها الغيث تمريه شمائله
…
على العقيق إلى أعلى مصلاها
إلى اللوى ثم ذى سلع فكاظمة
…
فرامة فالكثيب الفرد سقياها
تزجى البروق على ابن ركائبها
…
تعم بالرى أدناها وأقصاها
والرعد مثل هدير الأرحبى إذا
…
أتت أوائلها يستاق أخراها
فحل في عقدات الجزع حبوته
…
فأفعم الشعب والجزعاء أمواها
وفجرت في مذينب مذانبه
…
وسال مهزور مذحورا بمجراها
حتى تمج نطاق الرى طافحة
…
تلك العراص اللواتى حول بطحاها
وتغتدى غب ذاك النوء لابسة
…
أفواف زهر يكل الطرف مرآها
يا جيرة نزلوا أكناف كاظمة
…
تهنيكم الدار دار نعم عقباها
دار تبوأها المختار من مضر
…
واختار دون جميع الأرض سكناها
دعا وبرك فيها ثم حرمها
…
وطيبة كان يدعوها وسماها
فيها تشعشع نور الحق وانفتحت
…
مغالق الرحمة العظمى فنلناها
ما أومضت نحوها في الدجن بارقة
…
إلا وشب ضرام الشوق ذكراها
وراح في قلق قلبى وفى أرق
…
طرفى يحاكى نجو ما بات يرعاها
شوقا إلى روضة حل النبى بها
…
يجنى بها الوافدون العز والجاها
حيث الرسالة قد لاحت مطالعها
…
حيث النبوءة أعلى الله مبناها
حيث الجلالة قد ألقت مراسيها
…
حيث السيادة قد راقت سجاياها
حيث السعادة قد مدت شوارقها
…
على الوجود حيث المجد والاها
هنالك الوحى روح القدس بلغه
…
لخيرة الرسل أزكاها وأوفاها
روح الوجود حياة الكون رحمته
…
سر الخليقة أولاها وأخراها
ذاك الذى بشرت كتب السماء به
…
من قبل مبعثه يا حسن بشراها
وألزم الله كل الرسل طاعته
…
وعاهدت حين أخذ الإصر مولاها
حتى إذا ظهرت للكون غرته
…
في ليلة ما عرفنا الله لولاها
في ليلة المولد الميمون طالعه
…
على البرية أخراها ودنياها
فأبصر الناس نورا يستضاء به
…
من بعد ما طبق الآفاق ظلماها
وأصبح الدين قد قامت دعائمه
…
ودعا أعلى مبانى الكفر سفلاها
وخر ما حول بيت الله من صنم
…
وضل من أمم الطاغوت مسعاها
كذلك الشهب في ميلاده نزلت
…
تود أن الثرى قد كان مثواها
يا خاتم الأنبياء وهو أولهم
…
يا حاشر الأمم الماحى خطاياها
يا من له انشق بدر التم معجزة
…
وانشق من فارس إيوان كسراها
وغاض بحر فغاظ أهله حزنا
…
لما بدا نوره والنار أطفاها
يا من له ليلة الإسراء مرتبة
…
علياء فوق نطاق العرش يرقاها
أن يمنع الكفر أهل الكفر من حسد
…
شهادة الحق أن يشدوا بمعناها
فقد أقرت لك الأحجار مفصحة
…
ما احتجن في ذلك الإقرار أفواها
يا سيدا ما حكاه في محامده
…
مقرب ذو مكانة ولا ضاها
أنت الذى خلق الله الوجود له
…
من نوره وبك الأملاك قد باهى
فمن جمالك جنات النعيم بدا
…
ومن جلالك نار الخلد أبداها
أنت الذى شرفات العرش قد شرفت
…
لما بدا اسمك مكتوبا بأعلاها
لك اللواء لواء الحمد ترفعه
…
لك الوسيلة تعطاها فترضاها
حاشا مزاياك يدرى المادحون لها
…
قدرا ويدركها الإحصاء حاشاها
مولاى والخير يرجى من معادنه
…
وأنت أجدى الورى كفا وأنداها
وقد مدحناك والأمداح ذمتنا
…
حاشاك يا سيد الأرسال تنساها
إنا لنرجوك للدنيا وضرتها
…
حاشا يمينك ترجى من ترجاها
نشكو إليك باحوال مروعة
…
نشكو إليك من الأيام أسواها
نشكو إليك جسوما دأبها كسل
…
قد غالها العرض الفانى وألهاها
نشكو إليك قلوبا حشوها ظلم
…
تحكى من الحجر الصفوان أقساها
فامنن علينا بأمن يا ابن آمنة
…
من كل نائبة في الدهر نخشاها
واعطف على ابنك ظل الله عصمته
…
أسمى الملوك (أبى زيد) وأسناها
فما له يا عظيم الجود معتمد
…
إلا لحضرة عز منك والاها
فابعث إليه جنود النصر تصحبه
…
حتى يزيل من الأوغاد طغواها
واجعل يمينك ذات اليمن صارفة
…
عنه الصروف فلا ينفك يكفاها
فالدين دينك أضحى في كفالته
…
يذود عنه العدا دأبا ويلقاها
والناس قد ضربوا للعدل في عطن
…
من حسن سيرته المورود سقياها
ولم تزل ملة الإسلام في كنف
…
عالى الذّرا من علاه فيه منجاها
أنامها في مهاد من سياسته
…
على أرائك للإحسان تهواها
وشردت كل باغ الزيغ صولته
…
فأصبحوا للنعام الربد أشباها
أولى فللسيف أو للسبى غايتها
…
لا أسعد الله قتلاها وأسراها
ما زال يركض في آثار أسرته
…
يحمى مآثرهم حتى تعداها
فما تهيب بحر الهول يركبه
…
ولا تجنب نار الحرب يصلاها
ولا استراحت وقد نالت له همم
…
مداركا كان فوق النجم أدناها
يا بن الأُلى زان قطر الغرب دولتهم
…
فأصبح الشرق صبا في مزاياها
يكفى ملوك الورى فخرًا ومنقبة
…
أنا نعدك منها إن عددناها
والدر يحسبه العداد من حجر
…
هيهات أين ثراها من ثرياها
علمت دهرك ما قد حزت من شيم
…
فصار من ذلك التعليم تياها
ما أنت يا (بن هشام) غير معجزة
…
جل الذى من صفاء النور أنشأها
ما أنت إلا جمال الله أظهره
…
ونعمة لجميع الناس أهداها
تهنيك ذى الليلة الغراء تشهدها
…
وغرة منك يهنينا شهدناها
وليهنك الموسم الباهى تفيض به
…
مواهبًا منك صوب القطر حاكاها
لا زلت في دولة للسعد مذعنة
…
لها الورى أبدا طوعا وإكراها
والنصر والعز والتأييد يكنفها
…
تزداد من حسنات الدهر حسناها
يا نسمة الروض مخضلا كمائمه
…
حى بقاعا رسول الله وافاها
ويا سحاب الرضا والجود فانسكبا
…
بساحة حل فيها المصطفى طاها
وأنت يا سامعا أمداحه طربا
…
صل عليه لكيما ترضى الله
وعم آلا وأصحابا وتاليهم
…
وكل من نال قربا منه أو جاها
وله أيضا وسترى من بين أبياتها أنها وجهت لمأوى سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم على لسان السلطان المترجم، يبث فيها شكواه ويشكو ذنبه وما اجترحه، ويستمد الإعانة على صروف الدهر وحدثانه:
أقول لركب شام برقا يمانيا
…
ليهنكم إنا بلغنا الأمانيا
تائق في ظلمائه فكأنه
…
مباسم تحكى في سناها اللئاليا
حزرنا به آمالنا فتبسمت
…
وضاءت كما أضحى يضئ الدياجيا
وروع أحشاء تحن لمعهد
…
قضينا به قبل المشيب لياليا
ألا حى مغنى للحبيب وإن نأى
…
وماذا على صب يحيى المغانيا
وما زال هذا البين يوقد لوعة
…
أبت في فؤاد الصب إلا تماديا
فؤاد دعاه الحب من بعد كبرة
…
فما للهوى بعد المشيب وماليا
ولكن أدواء الهوى إن تمكنت
…
فلا يجد المضنى لهن المداويا
ونحن وقد جف الكتاب معاشر
…
رضينا الهوى فليقض ما كان قاضيا
رعا الله أهل الحب من كل حادث
…
ولا راعهم عذل لمن لاح لاحيا
ترد على الأعقاب صوب مدامع
…
حذار رقيب ليس يبرح واشيا
ولولا عين الكاشحين لخلفت
…
مدامع تجريها الغمام الغواديا
وهيهات إطفاء الجوى بجوانح
…
تذوب إذا ما الركب أصبح غاديا
يهب الصبا إن هب من نحو حاجر
…
كوامن أشواق تزيل الرواسيا
هدير غدير في الهوى لعبت به
…
صبابة ذكراه الربوع القواصيا
إذا غردت في الأيك وهنا حمامة
…
تذكر نجدا والنقا والمطاليا
وبيتا عتيقا في أباطح مكة
…
رفيعا من الديباج ما زال كاسيا
إذا مادنا الركبان منها تجردوا
…
وطافوا بها شعثا ظماء بواكيا
وأيقن كل أنه ببلوغه
…
لذاك الحمى نال المنا والتهانيا
وأضحى أمينا من عذاب إلهه
…
ومن بعد سخط يستبيح المراضيا
هنيئا لقوم ناظرين لحسنها
…
عكوفا لديها يحمدون المساعيا
قضوا تفثا بعد الإضافة وانتهوا
…
لطيبة يزجون القلوص النواجيا
وراحوا على إثر الوداع وحصبوا
…
على فرح يطوون تلك الفيافيا
وما فصلوا حتى تراءت بعيدة
…
من الغور أنوار تنير المحانيا
وهبت رياح عاطرات بليلة
…
كما فاح ورد بالأزاهر حاليا
يحدث عن أين الركاب وهنيت
…
ركائبهم كيما تنال التناديا
ولما دنا مأوى الحبيب ترجلوا
…
وأظهرت الآماق ما كان خافيا
وعفر كل في التراب وجوههم
…
تراب به خير الورى كان ماشيا
وخرت ملوك الأرض فيه جلالة
…
لمن بان فيه يسحبون النواصيا
ألا يا بقاعا بالبقيع وواديا
…
به خيرة الأرسال حميت واديا
فوالله لا أنسى زمانا قطعته
…
بمغناك حيث السعد كان موافيا
ويا وافدا قد أنزلته سعادة
…
هناك فأضحى بالكرامة راضيا
لك الله ما أهنا وأكرم موطنا
…
ثويت به حياك ربى ثاويا
فعنى لخير الرسل أدٍّ رسالة
…
وإياك تنسى أو ترى متناسيا
فقل بعد إهداء السلام تحية
…
تعم ضجيعيه الكرام المواليا
إليك رسول الله من أرض مغرب
…
عن المذنب الجانى أتيتك شاكيا
عن (ابن هشام) المقر بذنبه
…
وأهوائه يبغى لديك التفاديا
عن (ابن هشام) الذى قد تقاعدت
…
به عنك أشغال أصارته عانيا
عن (ابن هشام) الذى ليس يرتجى
…
سواك فحقق فيك ما كان راجيا
يحاول إصلاحا لأمتك التي
…
رجوناك تكفيها الردى والأعاديا
رجونا تكفينا المخاوف كلها
…
فما زلت من كل المخاوف كافيا
رجونا لديك النصر في كل حالة
…
على من غدا بالغى في الناس باغيا
رجوناك ترعانا من الفتن التي
…
غدا أهلها فيها الأسود الضواريا
فليس لهذا السرح غيرك حافظا
…
فكن يا رسول الله للسرح راعيا
وليس لنا إلا بأمة أحمد
…
دعاك إذا ما الغى قد صار داعيا
وحاشاك من ينمى إليك تمله
…
وتسلمه إن أصبح الهول داجيا
وحاشاك تعيا بالمسئ وإن أتى
…
وثوقا بنيل العفو منك، المساويا
وحاشا ندى كفيك وهو مفجر
…
على سائر الأكوان يترك صاديا
ألا يا رسول الله إنى خائف
…
وأنت مجير الخائفين الدواهيا
ولى رحم موصولة بك أبتغى
…
لها صلة تولى لديك التراضيا
ومثبك للأرحام يرعى ذمامها
…
فلا شك أن ترعى كذاك ذماميا
فرحمك للرحم القريب وعطفة
…
وأولى بعطف منك من كان دانيا
وعونا لنا من صولة الدهر إننا
…
بغيرك لا نرجو من الدهر واقيا
فقد أحكمت فينا المقادير حكمها
…
سياسة أقوام تحاكى الأفاعيا
وقد ألزمتنا أن نعاشر معشرا
…
يسرون أمرا غير ما كان باديا
على قلة الإنصاف والخير فيهم
…
وكثرة أقوال تطيل التناجيا
سوابق للأطماع ينتهبونها
…
كواسل عند الروع تخشى التلاقيا
عزائمهم في نيل ملء بطونهم
…
فتدعوهم روبى بطانا بواطيا
فلا عون إلا من عنايتك التي
…
بها نتقى هذى الذئاب العواديا
ولا ملجأ إلا إلى عزك الذى
…
نلوذ به حصنا من الضيم عاليا
بجاهك يا قطب العوالم كلها
…
ويا منبع الأمداد نرجو الأمانيا
فوجه من النصر الإلهى عاجلا
…
لنا مددا ما دام عزك باقيا
وصلى عليك الله في كل لمحة
…
كل صلاة لا تنال التناهيا
وقال في موضوعها على لسان السلطان كتلك:
سلام يفوق الورد في الطيب والزهرا
…
ويفضل في إشراقه الأنجم الزهرا
سلام يفوق الطيبات ذكاؤه
…
ويملأ من أنفاسه البر والبحرا
سلام يعم الكون حسنا وبهجة
…
ويستوعب الآناء والدين والدهرا
سلام يكل الفكر دون انتهائه
…
ويستغرق الإحصاء والعد والحصرا
سلام كريم وافر متواثر
…
به تملأ الغبراء بالطيب والخضرا
سلام كأسلاك الجواهر فصلت
…
وزانت من المجد المقلد والنحرا
سلام امرئ أهدى إلى حضرة الهدى
…
تحية مشتاق تهيجه الذكرا
من المذنب العاصى المؤمل غطفة
…
من المصطفى تمحو الإساءة والوزرا
من السائل اللاجى إلى باب فضله
…
يؤمل في الدنيا الشفاعة والأخرا
من الضارع الجانى الذى حسن ظنه
…
دعاه إلى جذواه فاستمطر الخيرا
من الخائف الراجى بحسن قبولكم
…
أمانا يوليه العناية والبرا
من المسرف العافى المؤمل منكم
…
عوائد بر تملأ البحر والبرا
دعاك ونار الشوق بين ضلوعه
…
يروم ولو بالروح زورتك الزهرا
دعاك غريب الدار بالغرب عاقه
…
عناه عن استجلاء روضتك الغرا
دعاك وأحداث الزمان تنوشه
…
ولا يرتجى إلا بعزتك النصرا
دعاك لما قدها له من ذنوبه
…
وأثقل منه حمل أوزاره الظهرا
دعاك دعاء المستجير بجاهكم
…
وأمل من علياكم الحفظ والسترا
ومد يد المسكين يرجو نوالكم
…
وحاشا علاكم أن ترد له صفرا
وآمل من جذواك كل كرامة
…
تبوئه العليا وتسكنه السرا
وحط بباب الفضل منك رحاله
…
وناداك مشبوب الجوانح مضطرا
ومثلك من واسى وآسى نزيله
…
وأمل مذعورا وعامل معترا
شكا لك يا خير الوجود جرائما
…
توالت فأولته القساوة والنصرا
ورانت على القلب القسى فأصبحت
…
جوارحه في قيد ظلمته أسرا
وأمارة بالسوء تسرع للهوى
…
وتثقل عنى إن أردت بها برا
وأهل زمان قد غدوا من فسادهم
…
سواسية والجهر قد خالف السرا
غدا منكرًا معروف سنتك التي
…
لديهم وأضحى العرف بينهم نكرا
وعادوا ذيابا في ثياب تنسك
…
وقد أظهروا الإسلام واستبطنوا الغدرا
وإنى قد استرعيت منهم رعية
…
وحملت من أعباء أمرهم إصرا
أروم لها التوفيق والرشد والهدى
…
وأرجو لها الإسعاد والحفظ واليسرا
وآمل من جدواك كل عناية
…
ونصرا عزيزا يهدم الشرك والكفرا
فلى ذمة أرجو الوفاء بعهدها
…
ومثلك يا خير الوفا بالوفا أحرا
ولى نسبة أدلى بها وقرابة
…
وأنت ولى المنتمين إلى الزهرا
أعيذك أن يشقى كلانا بجاره
…
وأنت ملاذ الكل إن خشو الضرا
فكن يا رسول الله غوثا لأمة
…
تمت إلى علياك بالنسبة الكبرا
فما أنزلوا إلا ببابك رحلهم
…
ولا اتخذوا يوما سواك لهم دخرا
ولا استنصروا إلا بجاهك في الوَغَى
…
ولا قصدوا في الخلق زيدا ولا عمرا
ولا قصروا إلا عليك رجاءهم
…
وما قصروا لو خالفوا النهى والأمرا
وقد جاروا من عصبة الكفر أمة
…
تريد بنصب الماكرين لها الجرا
وعندهم جزم برفعك من لجا
…
إليك ومن ناواك تكسبه كسرا
فقد قصرت علياك دولة قيصر
…
وقد كسرت أشياع دير الهودى كسرا
أجرنا فنعم الجار أنت لمن لجا
…
لبابك واستكفى بهمتك الإصرا
وغر يا رسول الله عزما لأمة
…
دعوك ولب صوتهم واحبهم جبرا
وأظهر لها من عز جاهك نصرة
…
ترد على الأعقاب من سامها ذعرا
وتخلى ديار المسلمين من العدا
…
وتكسبها من بعد نجسهم طهرا
وتتركهم صرعى بكل ثنية
…
وتملؤها دينا كما ملئت كفرا
فلا جاه إلا جاه عزك يرتجى
…
ولا نصر إلا من علاك لهم يدرا
فأنت الذى لا يلحق الضيم جاره
…
ولا يخش من يلمم بساحته ضرا
فإن كرام العرب تحمى ذمارها
…
وترفع عن جيرانها الضيم والذعرا
وأنت كريم العرب وابن كريمها
…
ومنك استمد الكل أوصافها الغرا
وإنك يا خير الوجود ملاذ من
…
هفا ولك الجاه الذى قد سما خطرا
ألست الذى قد أرسل الله بالهدى
…
فعم الورى بالأمن واليمن والبشرا
ألست لهذا الكون فاتح رتقه
…
وخاتمه والموله المدد الغمرا
ألست الذى أسرى الإله بذاته
…
إلى حضرة ما نال عبد لها نشرا
وخصصه رب الأنام برؤية
…
وقرب وفضل لا يطاق له حصرا
وكنت نبيئا قبل خلقة آدم
…
ووصلته للعفو إذ خشى الوزرا
وجلبت أحلاك الظلام بصارم
…
من الحق هام الشرك من عزه الصغرا