الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها:
وقد تبوأَها دارا ومعتصما
…
لولا رمته يد الأقدار بالنواب
ومنها:
فأعجب لقلب غريق في محاسنهم
…
وقد جفونى فيا للناس للعجب
وقوله مذيلا قول القائل:
وجربت الأمور وجربتنى
…
كأنى كنت في الأمم الخوالى
وذلك باقتراح من مخدومه مولانا الجد الأكبر السلطان مولانا إسماعيل، وكان كثيرا ما يتمثل بالبيت المذكور مذيلا:
ومن عجب تروم الروم حربا
…
بسهل أو حزون أو جبال
وقد شهدوا العرائش يوم جاءت
…
بها الأجناد تزحف للقتال
(وجربت الأمور وجربتنى
…
كأنى كنت في الأمم الخوالى)
523 - عمر الوقاش
.
به شهر، ويعرف بلوقَش بفتح القاف، وأصله: لوكس، اسم لعائلة أندلسية من بقية ملوك بنى أُمية، سموا باسم حصن من حصونها، كذا في عمدة الرواين لأبى العباس أحمد بن محمد الرهونى التطوانى.
حاله: من أهل الرياسة في العلم والأدب، كاتب بارع، متفنن فصيح القلم واللسان، بديع الإنشاء، له القدم الراسخ والمشاركة الزائدة في المعلومات، من أشرف بيوتات تطوان وأهل الوجاهة بها، أصل سلفه من الأندلس، نزلوا تطوان ونواحيها في حدود السبعة عشر بعد الألف أيام خروج المهاجرين منِ الأندلس.
والد المترجم أبو محمد عبد السلام، كان ذاجاه ووجاهة، وثروة عظيمة،
استنابه سيدنا الجد الأكبر السلطان مولانا إسماعيل عنه مع الدول الأجنبية، وولاه وظائف أخر، ويقال: إنه هو الذى عرف السلطان المذكور بالباشا على بن عبد الله الريفى الحمامى، كذا في تاريخ تطوان لأبى محمد عبد السلام بن محمد سكيرج.
وقد استكتب المترجم سيدنا الجد المذكور في ديوانه الملوكى، ونال لديه حظوة ومكانة عالية، وإذْ ذَاك كان مقامه بعاصمة الملك مكناسة، ثم لما كبر سنه وضعف عن الخدمة السلطانية، ولاه على بلده تطوان وأعمالها، وكانت بينه وبين أبى العباس أحمد بن على الريفى زعيم البلاد الهبطية ووجيهها، منافسة ومشاجرة أحدثها المعاصرة والمجاورة، واستبداد كلمة كل وعصبيته ونفوذ كلمته وعزته في قومه، ولم تزل الضغائن بينهما تزداد كل آونه، والعداوة تشتد إلى أن انتقل مخدومهما السلطان المذكور لسعة رحمة مولاه، وأسند الأمر إلى غير أهله، وعصفت رياح الفتن وضيع الحزم، وانحلت عرى السطوة الملوكية، وانمحت آثار هيبتها من قلوب الرعية، ونامت البزاة وصرخت الدياك، وأهمل أمر الجند.
انتهز إذ ذاك الفرصة أبو العباس المذكور، وكان مصمما على أريكة الملك، إذ قد كان أخبره بعض من ينظر في الأجفار بأنه سيدخل مدينة فاس بالطبول ويستولى عليها قهرا، فاغتر بذلك، وأخذ في جمع السلاح والأموال والأبطال وتقوية أصحابه، وبعث للروم على أن يصنعوا له سرير المملكة فصنعوه له ورصعوه وأتقنوا صنعه، وبالغوا في تنميقه وزخرفته، وأنفقوا عليه في ذلك أموالا طائلة، وبعثوا له به وفق طلبه لما كان بينه وبينهم من التوادد.
ثم جعل فاتحة أعماله الزحف على تطوان والفتك بأهلها، فزحف إليها في عرمرم جرار، ودخلها على حين غفلة من أهلها، فبرز إليه المترجم في أبطال أهلها، وأوقع به أشنع وقعة ورده على عقبه مكسور الراية، وترك أشلاء قومه طعمة للعقبان والذِيَاب.
ولما أتيح للمترجم على عدوه هذا الانتصار الباهر الذى لم يكن له في حسبان، طاش عقله واستفزه الشيطان، فسولت له نفسه الجلوس على أريكة
الملك، وأنه الأحق والأولى بذلك مع كبر سنه ووهن عظمه واشتعال الرأس منه شيبا، وأعلن عن نفسه بما أفسد ديباجة علمه وأدبه ونباهته، وصيره غرضا للسهام، وقد صرح بأنه ثالث العمرين ونظم في ذلك ونثر، ثم بعد ذلك نقل إلى تارودانت واستقضى بها، ولم يزل بها إلى أن نقله الله إليه.
شعره: من ذلك قوله ينعى على أهل الريف فعلتهم، وينتقص دولتهم، ويفتخر على أهل فاس فمن دونهم ويخبر عن نفسه بما يئول إليه أمره كما في الاستقصاء وغيره:
بلغت من العلياء ما كنت أرتجى
…
وأيامنا طابت وغنى بها الطير
ونادى البشير مفصحا ومصرحا
…
هلم أبا حفص فأنت لها الصدر
نهضت مجيبا للندا راقصا به
…
وما راعنى إذ ذاك زيد ولا عمرو
شرعت بحمد الله للملك طالبا
…
وقلت وللمولى المحامد والشكر
أنا عمر المعروف إن كنت جاهلى
…
فسل تجد التقديم عندى ولا فخر
أنا عمر الموصوف بالباس والندى
…
أنا عمر المذكور بى ورد الجفر
ظهرتُ لأُحْيِى الدين بعد اندراسه
…
فطوبى لمن أَمسى يساق له الأمر
ولم يبق ملك يستتب بغربنا
…
فعندى انتهى العلم المبرح والسر
أنا عمر المشهور في كل غارة
…
أنا البطل المقدام والعالم الحبر
ضبطت بلادى وانتدبت لغيرها
…
وعما قليل يعظم الجاه والقدر
وجئت بعدل للإمامين تابعا
…
أنا الثالث المذكور بعدهما وتر
فمن ذا يضاهينى ومالى وافر
…
ومن ذا يعانينى ولى الحكم والأمر
إلى أن قال:
ففرطوط والرحمون والكوط عصبتى
…
وراغون كنزى والصغير به القهر
أولئك أنصارى وأرباب دولتى
…
وأهلى وأنصارى هم الأنجم الزهر
إلى أن قال:
هلالى بدا لما هلالى أجابنى
…
وغيلان إذ لبى به عظم الوفر
ودولة أهل الريف حتما تمزقت
…
فلم يبق بالتحقيق عندى لها جبر
أذقناهم لما أتوا شر بأسنا
…
فآبوا سراعا والصوارم والسمر
تطير الأكف والسواعد منهم
…
هنيئا فحق للأنام بنا البشر
بخفّى حنين آب عنا كبيرهم
…
وما فاته منا نكال ولاخسر
فماذا يضاهينى ومالى وافر
…
وذكرى مغمور به البر والبحر
وقد أَجابه على ما فاه به وسولته له نفسه الفقيه أبو عبد الله محمد بن بجة الريفى العرائشى بقصيدة رد عليه فيها أقبح رد وأفظعه، وإن كانت ليست بشئ بالنظر للصناعة الشعرية ودونك بعض ذلك:
في صفحة الدهر قد خطت لنا عبر
…
منها ادعاء الحمار أنه بشر
من مر عنه الصبا وما رأى عجبا
…
خبره بعجيب دهره الكبر
لا تطمعنك الدجاجيل ببرقشة
…
ليس الضلال هدى ولا العمى بصر
ولا الثرى كالثريا في ترقرقها
…
وإن تكن كاسمها ولا الدُّجَى قمر
ولا الذى لم يزل في الغى منهمكا
…
وإن دعى عمرا فليس ذا عمر
تنضاف للمجد والهزل البشيع به
…
عرف قدرك إذ أودى به البطر
ما وجه كونك مثل العمرين وقد
…
فر الحديث واهل عنك والسور
ليس التشبه بالعمرين قصدك بل
…
تبغى النبوءة لولا الصارم الذكر
ولو تمامى الورى عنك بأن غفلوا
…
لجاءنا بالتنبى في غد خبر
وكان أولى بأن يدعى مسيلمة
…
أو المسيح الكذوب لو طرا عور
هل أنت إلا كصار حوله ذهب
…
فقلت عن سفه كلاهما حجر
جعلت علمك إذ تهدى به شركا
…
كيما يحصل من مرغوبك الوطر
وكنت تسعى إلى العليا لتدركها
…
ثم انسلخت ككلب حظه القذر
أنى لبلعام أن يرضى ببيعته
…
وبادر اللوم أن يخلوه الكدر
وأى فخر وفضل ثم أى ندى
…
لراح عمر ترى تقبيلها الحمر
أصبحت مثل الحما المسنون بعد هدى
…
من فوق صفوانه أراقها المطر
لا غرو أن كنت في تطوان ذا أُفق
…
في معشر همج من جلهم بقر
أراك مثل دخان الجو يرفعه
…
رأى كذوب وفى الأبصار محتقر
أنحست قومك إذ طلعت ذا زحل
…
فأمرهم مذ بزغت بينهم زبر
هلا لهاك عن الغراء أربعة
…
حوت وكزبرة والثوم والخضر
لكنت نزهت فاسا إن تمضمضها
…
بذكرك السوء يا ممقوت يا غدر
من أنت حتى يراك الناس مشورة
…
هل أنت إلا كقدر حوله زمر
أنستشير ونهدى في مسالكنا
…
بأحير من كضب رشده خطر
تعيب فاسا وما حوته من بطل
…
وفضلها في الورى ما ليس ينحصر
لم نفتخر أبدا على الورى شمما
…
وقد يحق لنا نعلو ونفتخر
أقر كل هزبر أننا أسد
…
لسنا لغير إله الكون نفتقر
من خاض بحر الوغى منكم وكافحه
…
ورد جيشا أتى كالسيل ينهمر
ورد عنكم خزايا كنتم غرضا
…
لسهمها لم تزل ولو مضى العمر
وصد بالبيض والسمر على رغم
…
عنا جرادا من الأبطال ينتشر
جالدنا عن حضرة حتى غدت حرما
…
لكل حر بها ظل ومستتر
لسنا بأنفسنا ولا بأسيفنا
…
لكننا ننصر الله فننتصر
والأولياء الذين حولنا مدد
…
كنز لدينا من الرحمن مدخر
فإن يمد العدا لنا حبالهم
…
لذنا إلى جانب الله فتنبتر
وأنتم تبعدون عنهم جنبا
…
لدى انكساركم ما ليس ينجبر
ما أنصف الناس أهل الريف وابن على
…
لما عفوا عنكم حلما وقد قدروا
لولا انثنوا عنكم والحام شيمتهم
…
لم يبق في الفحص عنكم منهم ضرر
فررتم حين تبغون وقد علقت
…
بكم براثين أسد في الوغى صبروا
فلا يقيكم ذمام المشركين ولا
…
بنيان في سبته كلا ولا وزر
أخبث بمن يتخذ أهل الصليب له
…
دون الهدى أولياء النصر لا انتصروا
يا قاصدا نحو تطوان على مهل
…
لا بد يرمى بها أقدامك السفر
بلغ إلى عمر الوقاش دامغة
…
أدهى من السم لا تبقى ولا تذر
تلك الصناديد والأفراس داخلها
…
لا ما افتريت من البهتان يا غدر
عليك منى سلام صائب أبدا
…
ما لألأت فيها من إشراقها زهر
وهى وإن كانت مملوءة هجوا وشتما وتقريعا، فالبادى أظلم والظالم أحق بالحمل عليه.