الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففى الحديث: منهومان لا يشبعان، طالب علم وطالب دنيا، فينبغى حمل الطلبة على الأليق بحالهم من الدءوب والإطالة. ومواصلة الطلب وترك البطالة والسلام في 12 محرم الحرام 1261".
وقد جاء في كتاب شريف بعثه لولده الخليفة بتاريخ عام 1252 مما يدل على اعتنائه بالعلم وأهله:
"وما ذكرت على شأن الطلبة الذين ظهرت نجابتهم، فمن كان مجتهدا في القراءة وظهرت نجابته فرد له ما كان يقبضه قبل من الإعانة، ومن كان مجتهدا في القراءة مثابرا عليها فاجعل له ما ينتعش به ويتقوت، وحين يزيد اجتهاده نزيده إعانة، فإن العلم كاد يندثر وفى مراكش أكثر، وقد كان الملوك ينقلون العلماء من البلدان لبث العلم ونشره كالسهيلى وعياض، والطلبة، وإن كان غالبهم إنما يقرأ العلم لأجل الدنيا، فإن العلم يرده إلى الله ويدعوه لإخلاص العمل له، وقد قال سفيان الثورى رحمه الله: قرأنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله".
تبرعاته وأوقافه
من ذلك إنعامه على رئيس الزاوية الكزازية بجميع أعشار بنى عباس.
ودونك لفظ الظهير الصادر بذلك بعد الحمدلة والصلاة ثم الطابع السلطانى بداخله "عبد الرحمن بن هشام بن محمد وفقه الله" وبعده:
"أنعمنا بحول الله وقوته على محبنا المرابط البركة، سيدى محمد بن محمد القائم بأمور الزاوية الكرزازية بجميع أعشار بنى عباس وزكواتهم القاطنين بوادى الساورة وما والاه، ليستعين بذلك على مئونة زاويتهم المباركة، فنأمرهم أن يدفعوا له ذلك، ولا يتراخوا فيه، وفقهم الله والسلام في رابع عشرى 24 محرم الحرام عام 1236".
وقد أصدر ظهيرا آخر بهذا التاريخ لمقدم الزاوية المذكورة بالتوقير والاحترام، نصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع:
"مقدم الزاوية الكرزازية المباركة المحب محمد بن بوعزة، السلام عليك ورحمة الله.
وبعد: فقد ورد على حضرتنا الشريفة المرابط البركة المحب الصالح سيدى محمد بن محمد، وأثنى عليك خيرا، وذكر لنا محبتك في جانبنا العالى بالله تعالى، وسعيك فيما يرضى الله ورسوله ويرضينا، فالله يرشدك، وها نحن وقرناك لانحياشك إليه، واحترمناك وأسدلنا عليك ذيل المبرة وأمّناك فلا يحوم أحد حول حماك، ولا يروم أذاك، والواقف على كتابنا هذا يعمل بذلك، ولا يسلك غيره من المسالك، والسلام في 24 من محرم الحرام عام 1239" هـ من أصلهما المحفوظ بمكتبتنا، وصاحب الزاوية الكرزازية الذى إليه تنسب هو الشيخ عبد الكريم كان من أكابر الأولياء كما في التقاط الدرر للنسابة الضابط المحرر أبى عبد الله محمد بن الطيب القادرى، قال: وممن أخذ عنه من الأكابر سيدى محمد العياشى دفين مصر. هـ.
ومن تبرعات صاحب الترجمة إنعامه بعشرة قناطير من معدن الحديد على الزاوية الناصرية، ودونك نص الظهير الصادر في ذلك بعد الحمدلة والصلاة والطابع السلطانى:
"يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره، وجعل في الصالحات طيه ونشره، أننا جددنا لماسكه المكرم الأجل المرابط البركة السيد أبى بكر بن على حفيد الولى الشهير، والشيخ العارف الكبير صاحب الأسرار والمفاخر سيدى محمد بن ناصر أفاض الله علينا من بركاته، على ما بيده من ظهير جدنا سيدى الكبير قدس الله روحه في النعيم المتضمن إنعامه على الزاوية الناصرية بتمكروت عمرها الله
بدوام ذكره بخمسة قناطير من معدن الحديد من مرسى الصويرة، ومثلها من مرسى آسفى كل عام، إعانة لها، وقد جمعنا العشرة قناطير كلها بثغر الصويرة، فنأمر كل من يتولى بها أمرنا الشريف أن ينفذ للزاوية المذكورة القدر المذكور كل عام والابتداء من شهر تاريخه صدر به أمرنا المعتز بالله في 10 محرم عام 1273" وبعده: استقل.
ومن ذلك الساعات التي حبسها على جامع النجارين والجامع الأعظم من مكناس، ونص ما ورد في ذلك حوالة الأحباس الكبرى بمكناس صحيفة 40:
"حبس مولانا الإمام، المظفر الهمام، أمير المؤمنين مولانا عبد الرحمن ابن مولانا هشام الشريف العلوى مجانة على منار الجامع الأعظم بمكناسة الزيتون، وحازها الموقت بالمنار السيد محمد الفاسى بحضور ناظر الأحباس السيد الحاج الطيب غريط، وذلك بواسطة خديم سيدنا الطالب السيد محمد الأشخم الزرهونى، تقبل الله من مولانا المذكور وشهد على إشهادهم بذلك عارفين قدره وبأتمه، وعرفهم ثالث المحرم الحرام فاتح أربعة وسبعين بموحدة ومائتين وألف فلان بشكله ودعائه وفلان كذلك".
وبالصحيفة نفسها: "بعد تحبيس مولانا أيده الله مجانات خمس على جامعى النجارين، والأعظم بمكناسة الزيتون، وحازها بالأمر المولوى أعزه الله الناظر السيد الحاج الطيب المذكور أعلاه، يليه لجانب الحبسين المذكورين حضر الطالب السيد محمد بن الفقيه السيد عبد القادر الفلوسى الموقت بالجامع الأعظم، والشريف سيدى محمد بن سيدى محمد فتحا المنونى الموقت بالنجارين، وحاز الأولى ثلاث مجانات، وحاز الثانى اثنتين، وعرفوا قدره وبأتمه، وعرفهم ثالث المحرم الحرام فاتح أربعة وسبعين بموحدة ومائتين وألف فلان بشكله ودعائه وفلان كذلك".
ومن ذلك ما سنه للمهاجرين إليه من وطن الجزائر كل سنة خمسمائة مد من القمح بالمد الفاسى لخصوص الأشراف منهم، مع خمسمائة مثقال كذلك، وكان بها خمسمائة ريال أو ما يقرب منها، وذلك زيادة على صلته لهم في الأعياد وكذلك عوامهم من أهل الحرف والزراعة، وقد أصدر أوامره لعماله باحترامهم وتوقيرهم وعدم تكليفهم بأى كلفة من الكلف المخزنية قلّت أو جلّت، وأن لا يسامون بمغرم ولا هدية رعيا لهجرتهم وتغربهم عن أوطانهم.
وقد وقفت له على ظهير كتبه لولده الخليفة يأمره بإسكان القاضى الذى كان مع الأمير عبد القادر دارا تناسبه بفاس وإعانته على مئونته ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع:
"ولدنا الأبر الأرضى سيدى محمد أصلحك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فبوصوله إليك مر الطالب علال الشامى يدفع لحامله السيد عبد القادر بن محمد قاضى الحاج عبد القادر بن محيى الدين ثلاثين مدا من القمح إعانة له على مئونته، وينظر له دارا يسكنها مناسبة لحاله، وإن كان أهلا للتدريس يجعل له ما يستحقه من المشاهرة، على أن يقوم على تدريس مختصر خليل، فقد بلغنا أنه يحسنه، وقد كتبنا لولد عمنا مولاى عبد الهادى بذلك بأن يجعل له ما يستحقه، فإن قيمة كل أحد ما يحسنه والسلام في 11 رمضان المعظم عام 1262".
ومن ذلك أنه لما انتشر القحط بالمغرب سنة أربعين ومائتين وألف بذل للضعفاء والأرامل والأيتام والمساكين، وأمدّ التجار بالأموال لجلب الأقوات من أوربا وغيرها لإيالته، وحدد للمحتكرين الأرباح شفقة على ضعفاء الرعية، وعنف ولام من خالف ذلك، ويكفيك شاهدا على ذلك ما أصدره لأهل العدوتين سَلَا
[صورة]
ظهير رحمانى لأهل العدوتين ببعث تاجر لأوروبا يمتار الأقوات ويجلبها للناس عند القحط
[صورة]
ظهير رحمانى إلى الخليفة سيدى محمد في جواز اكتيال الجزائريين القمح لأنفسهم من المغرب ومنعهم إن أرادوه لغيرهم
والرباط في الموضوع، وإليك نص الظهير الصادر إليهم بعد الحمد لله والصلاة والطابع السلطانى:
"خدامنا أهل العدوتين سَلَا، ورباط الفتح كافة السلام عليكم ورحمة الله تعالى.
وبعد: فكيف تجاركم يجلبون الأقوات ويحتكرونها ولا يقنعون بالربح الذى جعلناه لهم، وقدره درهمان للمثقال، والناس في غاية الاحتياج من غير نكير {
…
أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)} [هود: 78] قال تعالى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون: 7] وقال عليه الصلاة والسلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة.
وعليه فبوصول كتابنا هذا إليكم عينوا رجلين تاجرين ماليين سلاوى ورباطى، كالحاج العربى معنينو، والحاج محمد والزهراء لندفع لهما عشرة آلاف ريال ويتفاوضان فيمن يسافر منهما لبر النصارى يتسوق، ومن يجلس بالبلاد يقبل ما وجهه الآخر، ويباع الزرع بالبلدتين بما يأتى به وزيادة درهم لكل مثقال ربحا، وهذا الربح يستبد به التاجران اللذان تعينونهما، وحظنا من ذلك الدعاء وإغاثة الملهوف، ويباع الزرع للخاص والعام، ولا يحجر على أحد، وإذا تهيأ التاجران للعمل أخبرونا مع رسول، لأوجه للذى يسافر منهما أمرنا لطنجة ليدفع له المال المذكور هناك، ويتخير المسافر المذكور هل نكتب لابن عليل بجبل طارق يعينه أو لمؤدنة بجنوة، والعزم له بركة، وإياكم ثم إياكم والتراخى والسلام في سادس ذى القعدة عام أربعين واثنى عشر مائة" من أصله.
ومن ذلك ما كتب به لولده خليفته سيدى محمد في شأن أهل الجزائر الذين يدخلون أرض المغرب لاكتيال القمح من قبائله، يأمره بالبحث في أمرهم، فإن وجدهم يشترون القمح لأنفسهم وإخوانهم تركهم، وإن وجدهم يشترونه لمن احتل بلادهم منع بيعه إليهم.
ونص الكتاب من أصله الموجود بمستودع المحفوظات بالقصر السلطانى بالرباط بعد الحمد لله والطابع:
ولدنا البار الأرضى، سيدى محمد أصلحك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد بلغنا أن عرب الصحراء من الواسطة وغيرهم يدخلون أفواجا بعدد كثير لكيل الزرع من قبائل الإيالة كعام أول، وأنهم كانوا في العام الفارط يقيمون على الأندر حتى يأخذوا ما يخرج منها جملة وذلك بقصد التوجه لبيعه للنصارى دمرهم الله، فلا بد ابحث عن ذلك عامل وجدة وغيره حتى تقف على حقيقته، فإن كانوا يتوجهون به للنصارى كما بلغ عنهم فقد أذناك في منع القبائل من بيعه لهم، ومن ظهر عليه ذلك يعاقب ويزجر، وإن كانوا يأخذون ذلك لأنفسهم ويحملونه لإقامة بنيتهم فاترك سبيلهم، فإنهم إخواننا ولا سبيل لمنعهم، وأعلمنا بما ثبت عندك لننظر فيه والسلام وفى 14 جمادى الثانية عام 1263 ".
فأين هذا مما تقوله المتقولون عليه من أنه كان يعين النصارى على المسلمين ويمدهم ويساعدهم عليهم.
ومن ذلك ما وصل به علماء الأزهر العامر من مصر المحروسة على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم بواسطة شيخ مجلسه الحديثى قاضيه بالعاصمة المكناسية أبى عيسى المهدى بن سودة المرى مار الترجمة، والأمين الحاج محمد الرزينى، والحاج بوجنان البارودى، وذلك في شهر شوال عام أربعة وسبعين لكل واحد من أهل الطبقات الأولى ثمانية وأربعون ريالا (فرنك 240)، ولكل فرد من الثانية خمسة وأربعون ريالا (فرنك 225)، وللثالثة كذلك اثنان وأربعون ريالا (فرنك 21)، وقد قدمنا أسماء أولئك الشيوخ في ترجمة أبى عيسى المذكور.
ومن ذلك شراؤه لدار بمكة المشرفة وتحبيسه لها على مؤذنى المسجد الحرام بمكة زادها الله عزا وشرفا، وكان ذلك سنة 1274، ودونك نص عقد الشراء
والوقف وما جرى في ذلك بعد افتتاحه وطابع قاضى مكة المشرفة بداخله السيد أحمد عزت:
"الحمد لله عز شأنا، هذه حجة صحيحة شرعية، ووثيقة محررة مرعية، صدرت بمحكمة مكة المكرمة البهية، دامت آمنة محروسة محمية، بين يدى نائب مولانا فخر قضاة الإسلام، كمال ولاة الأنام، قاموس البلاغة ونبراس الأفهام، محرر القضايا والأحكام يومئذ ببلد الله الحرام الراجى لطف ربه الخفى، الحاكم الشرعى الحنفى، الواضع خطه وخاتمه الكريمين أعلاه، دام فضله ومجده وعلاه، مضمونها حضر إلى المجلس الشريف الشرعى، ومحفل الدين المنيف المرعى، المكرم الحاج محمد بن الحاج أحمد الرزينى المغربى في شراء المبيع الآتى ذكره فيه بطريق وكالته عن الجناب الشريف المحترم السيد السلطان الأمجد مولاى الشريف السلطان عبد الرحمن بن المرحوم السلطان هشام سلطان المغرب، الثابتة وكالته عنه في شراء الدار الآتية، وأن يوقفها عنه في الوكالة عنه المفوضة المطلقة وقفا صحيحا شرعيا يصرف ريعه على الآتى ذكرهم أدناه بشروطه الآتية، وذلك بين يدى نائب مولانا الحاكم الشرعى الموما إليه أعلاه ثبوتا شرعيا، بطريقه الشرعى المطابق للوجه الشرعى بشهادة المكرمين الحاج سعيد جسوس بن أحمد المغربى، والحاج على بن حسن المغربى، وحضر لحضوره في البيع المكرم صالح بن الشيخ عبد الغنى بن الشيخ أحمد عبد الغنى غب حضورهما وثبوت الوكالة المذكورة فيما ذكر الثبوت الشرعى".
"اشترى المكرم الحاج محمد بن أحمد الرزينى الوكيل المذكور بطريق وكالته المفوضة المذكور عن موكله مولاى الشريف السلطان عبد الرحمن المشار إليه بمال موكله لموكله، دون مال غيره من بائعه الحاضر معه صالح عبد الغنى المزبور، فباعه ما ذكر أنه له وفى ملكه وحوزه، وباق تحت تصرفه إلى حين صدور هذا البيع منه
فيه الآئل إليه بالشراء الشرعى، بموجب حجة شرعية بيده، أعنى ما باعه كامل الدار الكائنة بمكة المشرفة بحارة الشامية المشتملة على مساكن علوية وسفلية، ومرافق ومنافع، وحقوق شرعية، وحوش وذلك بسفح جبل الهندى، ويحد كامل هذه الدار ويحيط بها بجميع ما اشتملت عليه حدود أربعة شرقا السكة النافذة المصعدة إلى علو جبل الهندى، وفيها باب الدار، وغربا جبل الهندى المذكور، وشاما ملك ورثة الشيخ محمد سعيد بن العطار، ويمينا وقف المرحوم الشيخ إبراهيم بن ياسين الجناعى، وتمام الحد السكة المصعدة إلى علو الجبل المذكور، وفيها باب الحوش بما لهذه الدار المبيعة المذكورة من الحق والحقوق والسوح والفسوح والمرافق والمنافع والأرض والبنا ومجارى الماء والطرق والاستطراقات وكل ما يعد، ويحسب من جملتها، وينسب إليها شرعا المعلوم ذلك عند كل من المتبايعين المذكورين العلم الشرعى، النافى للجهالة شرعا، اشتراء صحيحا شرعيا، وبيعا صريحا مرعيا بيعا باتابتلات
…
حازما جازما لازما ثابتا لا عدة فيه ولا مثنوية، مستوفيا لجميع شرائطه الشرعية، ومسوغاته المحررة المرعية.
لا قول فيه يبطله، ولا شرط ولا خيار يفسده، بل وقع على أتم البيوعات الشرعية وأكملها، صدر بين المتابعين المذكورين بصريحى الإيجاب والقبول الشرعيين، بثمن قدره وجملته من الريالات السنكو ألفان ريالا سنكيا وسبعمائة ريال سنكى. وخمسون ريالا سنكيا، ثمنا حالا مسلما جميعه من يد المشترى المذكور بيد البائع صالح عبد الغنى المزبور، حسب إقراره بقبض ذلك واعترافه الإقرار والاعتراف الشرعيين، وأذن هذا البائع المذكور لهذا المشترى الوكيل المزبور في قبض وتسلم كامل الدار المحدودة المبيعة المذكورة وقبضها وتسليمها منه لموكله مولانا السلطان عبد الرحمن المذكور، وحازها له حوز مثلها خالية عن الموانع المبطلة، والشواغل المفسدة، لصحة هذا البيع، والقبض والتسليم والاستلام
فموجب ذلك صارت الدار المبيعة المحدودة المذكورة ملكا طلقا من أملاك المشترى له مولاى الشريف السلطان عبد الرحمن المذكور، وحقا صرفا من حقوقه يتصرف في ذلك تصرف الملاك في أملاكهم، وذوى الحقوق في حقوقهم من غير معارض له في ذلك ولا منازع، ولا رافع ليده ولا مدافع، وضمان الدرك له على البائع المذكور، حيث يجب له عليه شرعا، وقد صح وثبت جميع ما ذكر لدى نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه ثبوتا صحيحا شرعيا، وأجاز هذا البيع ونفذه وأمضاه، وأوجب العمل بمقتضاه، والله الهادى".
"ثم لما أن تم هذا البيع وانبرم، وصارت الدار المذكورة ملكا من أملاك مولانا السلطان عبد الرحمن المذكور، أقر بالمجلس الشرعى بين يدى نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه هذا الوكيل عنه الحاج محمد الرزينى المذكور بوكالته المفوضة المذكورة الثابتة شرعا، عن مولانا السلطان عبد الرحمن سلطان المغرب، إقرارا شرعيا وهو وموكله بحال الصحة ووفور العقل طائعين نافذين التصرف، بأنه أوقف عن موكله بحال السلطان المذكور كامل هذه الدار ملكه المحدودة المذكورة أعلاه، وذلك لأنه حيث كانت هذه الدنيا الدنية دار مرور وغرور، لا دار بقاء وسرور، ولأن الآخرة خير وأبقى ولا ينفع ابن آدم من هذه الدنيا إلا ما قدمه لنفسه من التصدقات المرضية، والأعمال الزكية، وقد ورد في الخبر عن سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في فضل الصدقة أحاديث كثيرة شهيرة أشهر من شمس الظهيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: يحشر المرء تحت ظل صدقته، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا النار ولو بشق تمرة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
فلهذا رغب السلطان مولاى السلطان عبد الرحمن المذكور في الوقفية لأنها صدقة جارية طامعا في الجزاء والثواب، من الملك الوهاب.
فأوقف هذا الوكيل عنه الحاج محمد الرزينى المذكور بوكالته المفوضة عنه كامل الدار المحدودة المذكورة، وهى في ملك موكله، وحبس وسبل وأبد وأكد، ووطدّ (1) وسرمد وخلد، كامل الدار المحدودة المذكورة أعلاه بحقها وحقوقها وسوحها وفسوحها ومرافقها ومنافعها وأرضها وبنائها وطرقها واستطراقاتها وحوشها ومجارى مائها، وكل ما يعد ويحسب من جملتها وينسب إليها شرعا، المعلوم ذلك عند الواقف الوكيل وموكله العلم الشرعى النافى للجهالة شرعا وقفا صحيحا شرعيا، وحبسا صريحا مرعيا، لا يباع ولا يوهب ولا يرهن ولا يملك ولا يتملك، ولا يبدل ولا يستبدل، ولا يناقل به ولا ببعضه، بل لا يزال قائما على أصوله وضوابطه مستمرا على شروطه وروابطه، أبد الآبدين، ودهر الداهرين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
يصرف ريعه بعد العمارة الضرورية اللازمة على المؤذنين بالمسجد الحرام بمكة المشرفة أهل الوظائف في منابر المسجد الحرام دائما أبدا بالسوية بينهم، وإن تعذر إجراء ريع الوقف على المؤذنين أصحاب الوظائف المذكورين ولم يمكن إجراء ذلك مطلقا بوجه ما، فيصرف ريع الوقف على مطلق الفقراء القاطنين ببلد الله الأمين.
وشرط هذا الواقف الوكيل المفوض المذكور عن موكله، أن النظر على هذه الدار الوقف للحاضر معه بالمجلس الشرعى المكرم أحمد أفندى أماصيه لى ابن عمر مؤذن باشى شيخ المؤذنين حالا، فلا يعارضه فيه معارض، ولا ينازعه فيه منازع، ولا يشاركه مشارك، يؤجر ويعمر ويقسم ريع الغلة بالسوية على أصحاب الوظائف المؤذنين جماعته، ثم من بعده يكون النظر لكل شيخ يتولى مشيخة المؤذنين شيخا بعد شيخ دائما أبدًا.
وإن آل الوقف لمطلق الفقراء بمكة فالنظر لمولانا الحاكم الشرعى يومئذ، ينظر عليه من أهل الديانة والأمانة من فيه صلاحية لذلك".
(1) في المطبوع: "وأطد".
"ثم لما أن تم هذا الوقف وانبرم، وعلى هذا المنوال انحسم، وتسلم هذه الدار الوقف المذكورة الناظر عليها أحمد أفندى المذكور، ووضع يد نظارته عليها خالية عن الموانع والشواغل، حضر إلى المجلس الشرعى ثانيا هذا الوكيل الحاج محمد الرزينى المذكور الثابتة وكالته المفوضة عن مولانا السلطان عبد الرحمن المزبور، بين يدى نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه، وأحضر معه الناظر على الدار الوقف المذكورة أحمد أفندى المذكور شيخ المؤذنين، وادعى عليه بوكالته المذكورة بدعوى صحيحة شرعية مستكملة لشروطها ومسوغاتها الشرعية في هذه الدار الوقف المذكورة، وحددها ورددها بحدودها المذكورة أعلاه، تتضمن دعواه أن موكله عنَّ له الرجوع عن هذه الوقفية ويريد عود الدار المذكورة إلى ملكه ثانيا، زاعمًا عدم صحة الوقفية حيث لم تسجل ولم يحكم بها حاكم شرعى متمسكا بقول الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه في ذلك، وطلب رفع يد الناظر عليها المدعى عليه عنها، وعارضه الناظر في ذلك أحمد أفندى المذكور بأن ليس لموكلك الرجوع عن هذه الوقفية، وأنها صحيحة ولو لم تسجل، متمسكا بقول الإمامين الهمامين أبى يوسف ومحمد، وأن العمل على قولهما في الوقفية، فعند ذلك تأمل بينهما نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه في ذلك، تأملا شافيا كافيا ورأى برأيه السديد، ونظره الرشيد، أن بجانب صحة الوقيفة رجحانا قويا، وطريقا سويا.
ثم استخار الله تعالى وحكم بينهما بصحة الوقفية ولزومها، في خصوصها وعمومها، حكما صحيحا شرعيا عالما بالخلاف، الجارى بين الأئمة الأسلاف، ومنع هذا الوكيل المدعى المذكور عن إعادة دعوى الملكية، وامتثل لذلك وبقى الناظر المذكور واضعا يد نظارته على الدار الوقف المذكورة، وصارت وقفا من أوقاف الله تعالى الأكيدة، مدفوعا عنها بحوله وقوته الشديدة.