الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فامتنع، وبعد مراجعات وقع الاتفاق على بناء الأبراج بثغر الرباط، فأمر ببناء برج السراط، وبرج السقالة، وبرج الدار، وبرج القصبة والسقالة، ثم إن المترجم هو الذى أمر على وجه السر بتغريق الأسطول البحرى المغربى لأمر أوجبه.
علائقه السياسية
كان للسلطان المولى عبد الرحمن علائق ودية مع ملوك عصره وأمرائه المسلمين وغيرهم من الأوربيين، فقد راسل السلطان عبد المجيد الأول العثمانى، وخاطبه مهنئا ومعزيا، كما هادى عباس باشا الأول صاحب مصر، ولما توفى باى تونس وتولى مكانه المشير محمد باشا، راسل السلطان سنة 1271 معلنا تبوأه عرش الإمارة ومجددا عهد السلف، فأجابه المترجم بكتاب من إنشاء العلامة الأديب اكنسوس.
ولما توجه ولديه سليمان والرشيد للحج سنة 1265 ركبا في سفينة إنجليزية ذهابا وإيابا، وأصحبهما هدية سنية إلى عباس باشا أمير مصر، قال صاحب الابتسام: إنها كانت تشتمل على خيل وسرج مذهبة وبغال فارهة، وتحف من طرائف المغرب، فكانا في ضيافته من يوم حلولهما في ثغر الإسكندرية إلى أن رجعا إليه مغربين، وقام بكل ما يحتاجان إليه من زاد ومركوب حتى وصلا لمكة، ومن مكة إلى الإسكندرية، وبعث معهما أبوهما صدقة للحرمين، وكان مدة السفر ذهابا وإيابا خمسة أشهر لخ.
وقد وقفت في مستودع الأوراق الرسمية بالدار العلية من رباط الفتح على رسالة كتبت للسلطان المترجم تدل على نوع من العلائق والاتصال مع على باشا والى مصر، جد عباس باشا المذكور، ونصها بلفظها بعد الحمد لله والصلاة:
"بعد تقبيل البساط بين يدى أمير المؤمنين نصره الله، ودام لنا وللمسلمين وجوده.
وبعد: يكون في كريم علم مولانا أن الحاج عبد السلام اقلع الذى كنا وجهنا بالغنم للباش محمد على، فقد وصل مصر وتلاقى بالباشه ودفع له الغنم وفرح بها الباشه غاية حتى قبل واحد (كذا) من أولادها، وسأله عن مولانا وعن أمر المغرب، وقال له هل عند مولانا نضام (كذا) قال له نعم قال له المعلمين
…
. مسلمون قال للكاتب أعطيه كتوب النضام و
…
. فأعطاه كتب 35 ومنهم واحد طيب جيد غاية وهذا الحاج عبد السلام يفهم في أمر النضام، نطلب من مولانا يعرفنا هل نبعث الكتوب أو نبعث معهما الحاج عبد السلام والباشه أعط للحاج عبد السلام سيف جيد وكسوة ملف ومات ريال.
وأما أمر الفرنصيص ما تحقق عندنا، لأن فرنصه لا زالت قائما وسلطانهم هرب هو وزوجته، ولم يتحاقق أين هو وزوج من أولاده وصل للنضره، وأولاده إلى كان في الجزاير هرب، ووصل إلى سبنيه ومنها ذهب للنضره
…
. وصل للنضره بأولاده وفى فرنصه التفق أن لا يعمل سلطان، وإنما يعمل مثل المركان يحكمون أربعون، وقد نهب دار السلطان والوزير، والله يقوى شرهم ويصل مولانا موسطرت كرية جيده عددها 200 نطلب من مولانا يأخذها منا مثل الذى قبلها سوم 150 للماه وثمانها يقطع مما بدمة شريكنا بهلال في سوير وربنا يدوم لنا وللمسلمين وجود مولانا نصره الله والسلام 10 من ربع الثانى عام 1264 عبد ربه الخديم محمد الرزينى"، صح من أصلها وقوبلت عليه فماثلته حرفا حرفا ولحنًا وتحريفا وركاكة.
وقال في الابتسام لما ذكر ورود يوسف المدنى المتقدم الذكر: هو رجل أديب ورد من المشرق على حضرة الأمير سنة سبع وخمسين فأكرمه وبالغ في إكرامه، ولما أراد الرجوع للقسطنطينية رواده السلطان على أن يبلغ كتابا من حضرته إلى
حضرة عبد المجيد خان والكتاب فيه التعزية والتهنئة، لأن ذلك كان عقب موت السلطان محمود خان وولاية ولده عبد المجيد خان، فلما صادف وروده وقوع الأمرين، رأى سلطاننا أبو زيد، أن من المناسب أن يبعث كتابا فيه التعزية والتهنئة رعاية للود، وحفظا لما تقادم من العهد، وكان يوسف قبل ذلك مقيما بدار الخلافة عارفا باصطلاحهم وما يناسب في حقهم ويعرف أعيان دولتهم، ويعرف الباب التي يدخل منها مع ما كان عليه من الأدب والذكاء وحدة الذهن ومعرفة القوانين الجارية عندهم، فيؤدى بسبب ما ذكر أحسن أداء، ويوفى البلاغ بأكمل وفاء، فلما دفع له الكتاب أخذه ومشى مكرما ثم رجع مرة ثانية بجواب الكتاب في سنة ثمان وخمسين فأنزله السلطان على الفقيه ابن إدريس فبالغ الفقيه في إكرامه، وإتحافه وعظم جانبه، وكان يلتمس في كل الأمور خاطره، ويكرم لأجله وارده وصادره، حتى سافر ثم رجع مرة ثانية بعد سنة فكرمه السلطان بمثل إكرامه في المرتين السابقتين هـ.
وأما أوروبا فقد كان له مع دولهما علائق ودادية سياسية تجارية ومخاطبات مع ملوكها ورؤسائها، وقد أقر معاهدات أسلافه معها وعدل معها ما عدل وأنشأ ما أنشأ:
فالدولة الفرنسية أقر سنة 1239 اتفاق جده سيدى محمد بن عبد الله المعقود معها، وفى نفس السنة أذن بإصدار أربعة آلاف رأس من الثيران وثلاثمائة ألف قنطار من الشعير لتموين الجيش الفرنسى الموجود حينئذ بإسبانيا على سبيل الامتياز، ونص الاتفاق المنعقد في ذلك بين نائبى الطرفين بحضور القائد محمد أميمون الكروانى عامل طنجة:
"الحمد لله نسخة من الشروط في شأن وسق الثيران بين سيدنا نصره الله والنصرانى ويقطور وكذلك في شأن الشعير، وهذه هى: الحمد لله، عقدة شروط
انعقدت بحضرة خديم المقام العلى بالله الأمجد الأسعد القائد محمد أميمون بين خديم سيدنا نصره الله، التاجر مير ابن مغنين في أمور التجارة مما هو مذكور في الأوامر الشريفة المقروءة على كافة قنصوات جميع أجناس النصارى حسبما بأيديهم نسخ منها بالعدول، وبين الرومى ويقطور وكيل ونائب العلاف الكبير على العساكر الفراصيصية وجيوشها، الذى هو الآن في بلاد إصبنول تحت سنجق الفرانصيص بواسطة فونصو الفرانصيص وهو الرومى صرد المقيم في الوقت تحت إيالة مولانا المنصور بالله اتفقا عليها على ما سيذكر:
الشرط الأول:
سرح مير ابن مغنى المذكور بأمر سيدنا نصره الله الذى هو في يده للرومى المذكور أربعة آلاف رأس من الثيران وثلاثمائة ألف قنطار من الشعير بميزان الغرب على شروط المبينة بعد.
الشرط الثانى:
التزم الرومى المذكور بأن يدفع هو إن كان حاضرًا أو يترك نائبه إن كان غائبا بعد وسق الثيران المذكورين اثنى عشر ريالا صاكة، لكل رأس منها لمن يأذن مولانا نصره الله، وبعد وسق الشعير المذكور نصف ريال لكل قنطار من القناطير المذكورة صاكة لمن يأذن أيضا مولانا نصره الله.
الشرط الثالث:
إن وسق ما ذكر يكون بالمراسى المبينة بعد وهى مرسى تطوان والعرائش وطنجة على رضا الرومى المذكور أو نوابه.
الشرط الرابع:
إن الرومى المذكور يدفع في الشهر الذى يقدم فيه أمر سيدنا نصره الله باستحسانه لجميع ما سطر صدره عشرين ألف ريال من حساب وسق الثيران
والشعير، حسبما في الشروط الأول، ويقتطع عند وسق ما ذكر من العدد المذكور قدر ما يلزم في الوسوق قل أو جل، على حسب التوالى حتى يفرغ المال المدفوع.
الشرط الخامس:
إذا خرجت جيوش الفرنصيص من بلاد الأندلس فقط قبل تمام وسق ما ذكر فالرومى ويقطور المذكور له الخيار بين أن يكمل الوسق المذكور بجميع شروطه المذكورة أو يتركه، وإذا كان قد بقى شئ من العدد المدفوع فإما أن يسبق فيه الثيران والشعير أو يسبق برضا سيدنا نصره الله. الشمع بتسع ريالات للقنطار صاكة أو الجلد بثلاث ريالات صاكة، وإذا لم يرض سيدنا أيده الله بذلك فيأخذ دراهمه الباقية ووسق الثيران والشعير من الباقى المدفوع كما ذكر يكون بالصاكة المذكورة قبل.
الشرط السادس:
التزم على نفسه خديم مولانا المنصور بالله مير بن مغنين المذكور بأن ييسر لرومى المذكور جميع ما يحتاج إليه من المواجب التي يسبق في سائر المراسى المذكورة، على حسب ما بيده من إذن سيدنا ومولانا نصره الله، ويبذل جهده في ذلك حتى لا يتعسر عليه شئ في الوسق المذكور، ويكون العمل على الشروط المذكورة من غير أن يتعرض له أحد، ويشرع الرومى المذكور في عمل الشروط من يوم تاريخه.
الشرط السابع:
إن هذه الشروط المذكورة المجعولة مع الرومى المذكور في الوسق المذكور إنما هو للفرانصيص الذين ببلاد إصبانيا لا لغيرها من بلاد الأجناس الآخرين، على هذا انعقدت هذه الشروط المذكورة بين الرومى وبين مير المذكورين، فمن حضر
[صورة]
اتفاق مير بين مغنين و (فكتور)
…
بواسطة قنصل فرنسا على وسق الثيران والشعير من المغرب
العقد المذكور قيده شاهدا به عليهما في الثانى والعشرين من ربيع النبوى الأنور عام 1239" عبد ربه تعالى أحمد بن محمد الرفاعى لطف الله به آمين، وبعده طابع خديم مقام العالى بالله محمد بن ميمون الله وليه وبعده خطوط اليد النصرانى المذكور وقنصو الفرانصيص وخليفته، وكذلك خط اليد خديم المقام العالى بالله مير بن مغنين المذكور بالكتابة بالرومى" وبعد ذلك ختم باللَّك الأحمر وخط إفرنجى.
وقد أرسل إليه الملك لويس سفارة برياسة الكونت (دومرنى) لتجديد روابط الوداد واستتباب الأمن بين الدولتين فوصلت في 15 مارس سنة 1832 م لمكناس، وكان استقبال السلطان للسفير في 22 من الشهر وهو يومئذ بمكناس، وكانت مطالب الملك المذكور محصورة في رسالة منه، وهى التخلى عن تلمسان واسترجاع ابن العامرى والتزام الحياد التام في مسائل داخلية الجزائر وإرجاع الوفد الجزائرى الذى كان إذ ذاك بمكناس، وأداء قيمة السلع التي كانت بسفينة (نيبتون) التي حرثت أمام وادى نول سنة 1820، وحصر واجبات المعشرات بالديوانات ما بين الدولتين، وبقيت المفاوضة جارية بين السفارة والملك بواسطة الوزير المختار الجامعى، والطالب ابن جلول إلى رابع إبريل، وكانت النتيجة عدم اعتراف السلطان بمسئولية ما ضاع في تلك السفينة، حيث كان ذلك في دولة السلطان قبله، كما أنه لم يساعد على الاتفاق الجمركى، وكتب رسالة رسمية إلى لويس فليب التزم فيها استرجاع محمد بن العامرى بعد ما أنكر أعماله السيئة، وأن لا يوجه رسلا إلى الجزائر ما دامت تحت حكم الاحتلال الفرنسى، وأن لا يكلف أوربيا بشئون المغرب في الجزائر وتخلى عن تلمسان، ورد الوفد الجزائرى الذى كان بمكناس بدون نتيجة.
ثم إن الملك لويس المذكور استدعى قنصله بالمغرب وأقام (ميش) قنصلا مكانه وكتب للمترجم بذلك فأجابه بما نصه بعد الحمد لله والحوقلة:
"من عبد ربه الراجى عفوه ولطفه ومعونته ورفده، اللاجئ إلى حوله وقدرته في كل الأحيان، المتمسك بحبل قدرته العظيمة الشان، وهو (الطابع الكبير بداخله عبد الرحمن بن هشام الله وليه): أبد الله سعوده، وأصحب النصر والظفر والتأييد أعلامه وبنوده، إلى المحب الذى بان صدق وداده، وتوفرت دواعى مواصلته ومعاونته وإنجاده، عظيم جنس الفرانصيص لوى فيليب.
أما بعد: فقد وافانا كتابكم الآخذ من البلاغة أوفر نصيب، وعلى كمال عقلكم شاهد غير مريب، فقد أحيا رسوم الوداد، وأكد جميل الاعتقاد، فاعلم بأن الوداد لا زال بمحله طالبين من تعاطى أسبابه المزيد عليه، وقد وصل القونص الذى وجهتم ميش ليكون مكان القونص قبله فتلقيناه بالقبول، وألبسناه رداء عنايتنا المسدول، وخصصناه بين القونصوات بمزيد الحظوة والشفوف، لثنائكم عليه بما هو به لديكم موصوف، ووجهنا ذى لبرط بيش قونص القديم المكث بإيالتنا مكروم الجثاب لأجلكم، وهذا هو شأن الأحباب، والسلام في 6 ذى القعدة الحرام عام 1248" من أصله المحفوظ بقسم المغرب من وزارة الخارجية الفرنسية.
وفى 27 يوليو عام 1836 ورد على المولى عبد الرحمن الكرونيل (دولارو) سفير 2 والسلطان يومئذ بمكناس مذكرا في معاهدة مرنى السالفة ومحذرا ومنذرا في موالاة الأمير عبد القادر، وطالبا كف رعاياه عن الانضمام للمذكور وإلزامهم الحياد، وإلاّ يُعدّ ناقضا للعهد فيؤذن بحرب.
وطلب الإمضاء على شروط سبعة، منها: الاعتراف باستيلاء فرنسا على الجزائر، وملازمة الحياد، وأن يمنع الجزائريين من الالتجاء للمغرب، وأن تطلق حالا سراح الأسارى الفرنسيين الذين بالمغرب، وإلا فإن فرنسا تجاهر بعداوته، وتهجم على مراسى إيالته.
[صورة]
كتاب رحماني إلى لويس فيليب ملك فرنسا بوصول القنصل (ميش) وقبوله
[صورة]
كتاب رحمانى للويس فيليب باعتماد (دينيوق) قنصلا لفرنسا
وكانت مقابلة السلطان لهذا السفير واستلامه منه أوراق مأمورية سفارته في 30 يوليو.
وكان جواب السلطان أن له الرغبة في مسألة فرنسا، وعين له محمد الطيب البياز للمفاوضة، وبعد انتهاء المفاوضة وفق ما أمل السفير بارح الحضرة المكناسية موليا وجهه للمحل الذى جاء منه في غشت.
ثم استدعى القنصل المذكور وحل محله اسمه (دينيون) وكتب الملك للسلطان باعتماده وكيلا فأجابه بما نصه بعد البسملة والحوقلة:
"من عبد الله المتوكل على الله، المعتصم بالله أمير المؤمنين بالمغرب الأقصى الشريف العلوى الحسنى وهو الطابع بداخله (عبد الرحمن بن هشام الله وليه): أيد الله عساكره وجنوده، ونصر أعلامه حيثما توجهت وبنوده، إلى وحيد عصره، وفريد مصره، المتميز بخصوصية نفسه، على أبناء جنسه، المحب الودود، المحافظ على العهود، لويز فيلب عظيم جنس الفرنصيص.
أما بعد: فقد وافى حضرتنا العلية بالله كتابك، وعرفنا ما تضمنه خطابك، وعلمنا ما أنتم عليه من رسوخ المودة وجميل الاعتقاد، والجرى على سنن الوفاء في الإصدار والإيراد، فنحن بحول الله وقوته في حسن الوفاء بالعهود والمحافظة على الشروط فوق ما تظنون، وفى الوقوف على الحدود، واتباع السبيل المعهود، أكثر مما تؤملون، إذ نحن أولى برعى الذمام، وأحق بالمحافظة على الألفة والالتئام.
وما أنهى إليكم الخديم ميشن من الاعتناء به فكل من ورد لإيالتنا، واستظل بظل رعايتنا، لا يرى إلا ذلك وزيادة عموما، وخصوصا جنسكم فإنه آثر الأجناس لدينا لقديم عهده ووصلته، وتحببه لجانبنا العالى بالله تعالى ومودته، والخديم دينيون الذى وجهتم للخدمة بإيالتنا السعيدة واخترتموه للوساطة بين الدولتين بعد
التجربة والاختبار قد أمرنا بمقابلته بالمعروف، وإجرائه على المنهج المألوف، وهو عندنا في محل الثقة فيما ينهى لحضرتنا الشريفة من أمور دولتكم إن شاء الله تعالى، ونسأل الله أن يكون مثل الذى قبله أو أفضل، ومن عنايتكم بجانبنا واهتمامكم بإيالتنا لا توجهون لخدمتنا من حاشيتكم إلا أهل العقل والرزانة وذوى الجد والحذق، ليسعوا في الألفة بين الإيالتين ويحسنوا الوساطة بين الدولتين، والعاقل لا يوجه إلا عاقلا مثله، ولا يرشح للمهمات إلا شكله، انتهى، وكتب في حمراء مراكشة صانها الله في تاسع عشر ذى القعدة الحرام عام 1255" من أصله المحفوظ بوزارة الخارجية.
وبعد وقائع الحدود الجزائرية المعروفة وما تلاها من ضرب الثغور وعظائم الأمور، فوض السلطان عامله أبا سلهام بن على ازطوط العرائشى في عقد المهادنة والرجوع إلى الصلح، وكتب السلطان لباشا مكناس القائد الجيلانى بن بوعزة يقول: وبعد فقد كلفنا خديمنا الطالب بوسلهام بن على بعقد الصلح والمهادنة مع جنس الفرانصيص، لرغبته في ذلك وحرصه عليه، فكتب لنا أنه تم عقد الصلح معه وطلع قونصهم لداره بطنجة، وأطلع سنجق جنسه، ومن جملة ما شرط عليهم الخروج من الجزيرة ورد الأسارى للصويرة، وأعلمناك لتكون على بصيرة والسلام في 28 شعبان الأبرك عام 1260".
ونص معاهدة ازطوط المشتملة على فصول ثمانية بلفظها بعد الحمد لله والحوقلة:
"هذا تقييد الشروط الذى ينعقد عليها أمر الصلح والمهادنة بين سلطان مراكش وسوس وفاس، وبين سلطان الفرنصيص أن خاطر الجانبين لا يكون في هذه الشروط المذكورة تحت، إلا بانفصال ما وقع بين الدولتين أن يتجدد بينهما
الصلح والمهادنة حسبما هو مقتضى الشروط المنعقدة بين أسلافهم وقطعتهم ساعة الحرب، وسلاطين الجانبين أمروا نيابهم المكلفين بأمورهم:
فمن جهة سلطان المغرب وهو الفقيه سيدى أبو سلهامة بن على المفوض إليه من جانب سلطانه الموقع بينهما الفصال:
وحق جهة سلطان الفرنصيص هو المسمى انطوان مارى واقيل دورى دنيون اوفسيال نيشان افتخار كابليو من نيشان السبيل من دولة الصبنيول وغيره نائب قونصو خلنار، ونائب سلطانه بإيالة المغرب مع المسمى لويز شاول أى دكاز كونت، وكازد كرنى دكلو كبسرت كباليرنيشان افتخار أمير نيشان دانبرك من سلطان دينمارك ومن نيشان كارلوس الثالث من دولة الاصبنيول وغيره نائب سلطانه بإيالة سلطان مراكش:
الشرط الأول:
فعساكر سلطان مراكش المجتمعين لغير عادة في الحدود أو قريب منها يأمر عليه بالتفريق في الحين سلطان مراكش، ويأمر الآن أن يقطع اجتماعها في ذلك النواحى ولا يبقى بها أثر من عدد ألفين من الرجال الذى يلزموا في تقدير الصلح وحفظ المحادة، وإذا كان لزم لسلطان مراكش المغرب زيادة عدد من الجيش بذلك النواحى فيعرف به سلطان افرنصة حتى يتفق أمرهم على ذلك ويفعل.
الشرط الثانى منها:
هو أن يأمر سلطان المغرب بالمعاقبة لقواده الذى حاربونا أو تركوا من يحاربونا في إيالتنا في وقت الصلح، وتعدوا على جيش الفرنصيص، وأن يخبر لفقائهم سلطان مراكش لسلطان الفرنصيص.
الشرط الثالث:
هو أن سلطان مراكش يتضمن بأنه لا يأمر بإعانة أحد من رعيتنا الذى يقوم علينا، وكذلك لا يعين أحدًا ممن هو من أعدائنا في بلدنا ولا بموطن، ولا يترك من يعطى من آل رعيته لعدونا سلاحا ولا شيئا من آلات الحرب.
الشرط الرابع:
فالحاج عبد القادر بن محيى الدين هو خارج عن حكم الشريعة في إيالة المغرب وإيالة الجزائر، فعلى ذلك يضربون عليه في بلادهم، وكذلك إذا هو في إيالة سلطان مراكش، فرعيته يضربون عليه بالبارود حتى يطردونه ويخرجونه من بلادهم، وإذ تقبض به واحد من الجانبين، فإذا كان من تحت يدى الفرنصيص فيتضمن سلطان افرانصة بأنه يتكرم عليه ولا يضره، وإذا كان تحت يدى جيش سلطان المغرب فيأمر بإرساله إلى مدينة من مدائن السواحل من نواحى المغرب حتى يصير بين الدولتين الاتفاق في شأنه، لئلا يتجدد من جهة الحرب مرة أخرى معنا، وكذلك لئلا يقطع الصلح مع المهادنة المقيمين بين الدولتين.
الشرط الخامس:
أما الحدود التي بين المغرب وإيالة الجزائر فيبقوا ولابد مثلما كانوا معلومين ومعروفين من المغرب في عهد تولية التي لك على أرض الجزائر، وعلى أن يجرى الأمر في هذا الشرط فيسموا أمر الجانبين نوابا، ويأمرونهم بالمسير إلى هذه الحدود ويحصرونهم هناك، ويتفاصلوا بينهم في ذلك، ويجعلوا شرطا مخصوصا على هذه الحدود، ولازم سلطان المغرب أن يرضى في هذا ويخبر لسلطان الفرانصيص بما فعل في هذه النازلة.
الشرط السادس:
وفى الحين الذين يصنعون النواب المكلفين بأوامر سلطانهم طوابعهم على هذه القوانين فتقطع العداوة بين الدولتين، ولا يبقى بينهما قتال، وكذلك في الوقت الذى يجرى فيه سلطان مراكش الأمر بالوفاء هذه القوانين ونعاينوا الوفاء ويرضى سلطان الفرنصيص في الحين ذلك يخرجون الفرنصيص من جزيرة الصويرة، وكذلك من وجدة وعزما يردون الأسارى الذين بين الدولتين.
الشرط السابع:
والمراد هو أن النواب من الدولتين يصير الاتفاق بينهم على عقد شروط جديدة على وجه جميل وفى وقت قريب، وإن تأسس على الشروط السابقة المقررة بينهم وأسباب تجديد عقدة الشروط هو لزيادة التقوية والتكميل، وذلك على مقتضى الخير من الجانبين والنفع في التجارة، ومن الآن إلى أن يتجددوا هذه الشروط فتبقى هذه الشروط المتقدمة موقرة محترمة في كل شئ، وجنس الفرنصيص في كل شئ وفى كل حالة يكون مقبول بالأنعام والمحبة كما هو الجنس العزيز من سائر الأجناس.
الشرط الثامن:
هو أن سلاطين الجانبين يرضوا ويكون منهم الوفاء في هذه القوانين المذكورين، وفى نسخة منهم بطابع سلطان المغرب يأخذها سلطان الفرنصيص ونسخة أخرى بطابع سلطان أفرانصة يأخذها سلطان المغرب، ولابد ولابد في كون هذه مدة من شهرين أو أقل إذا يمكن، والنواب المذكورين يصنعون من الآن تحتها طوابعهم وأسماءهم وهذا في تاريخ 10 من شهر شتنبروا في سنة المسيح 1842 الموافق في دى 2 من شعبان الأبرك من سنة الهجرة عام 1260" صح من أصله المحتفظ به بالمكتبة الزيدانية على ما به من تحريف وركاكة.
ثم تلا هذه المعاهدة اتفاق آخر بشأن تحديد الحدود حسبما أشير إليه في الشرط الخامس مما تقدم، وقد ناب عن الفريقين في عقده القائد حميدة الشجعى.
"الحمد لله وحده ولا يدوم إلا ملكه، هذا تقييد اتفق عليه نائب سلطان مراكش وفاس وسوس الأقصى، ونائب سلطان الفرنصيص وسائر مملكة الجزائر، فمراد السلطانين هو تصحيح عقد المحبة السابقة وثبوتها، ولذلك ترى كل واحد منهما يطلب من الآخر الوفا بالشرط الخامس في مكتوب الصلح المنبرم 10 شتنبر 1844 عام من تاريخ المسيح ومصادقا لتاريخ 25 من شعبان 1260 سنة من الهجرة، وعين كلا السلطانين نائبه على تحديد الحدود بين الإيالتين وتصحيحها نيابة تفويض، فنائب سلطان المغرب هو الفقيه السيد حميدة الشجعى عامل بعض مملكة المغرب، ونائب سلطان الفرانصيص وهو الجينرال اريسطيد يزيدور كنت دلاروا وصاحب نيشان الافتخار دولة الفرانصيص، ودولة صبانية، فبعد الملاقاة بينهما وإتيان كلاهما برسمى التفويض من سلطانه، اتفقا على ما فيه مصلحة الفريقين، وجلب المحبة بين الجانبين وها هو مذكور أسفله:
الشرط الأول:
اتفق الوكيلان على إبقاء الحدود بين إيالتى المغرب والجزائر كما كانت سابقا بين ملوك الترك وملوك العرب السابقين، بحيث لا يتعدى أحد حدود الآخر، ولا يحدث بنا في الحدود في المستقبل، ولا تمييزا بالحجارة بل تبقى كما كانت قبل استيلا الفرانصيص على مملكة الجزائر.
الشرط الثانى:
عين الوكيلان الحدود بالأماكن التي في ممر الحدادة وتراضيا عليها، بحيث إنها صارت واضحة معلومة كالخيط، فما كان غربى الخط يعنى الحد فلإيالة مملكة المغرب، وما كان شرقى الحد فلإيالة مملكة المشرق.
الشرط الثالث:
ذكر مبدأ الحدود والأماكن التي تمر عليها الحدادة، فمبدؤها ملتقى وادى عجرود مع البحر واصعد مع الوادى إلى أن تبلغ المشرع المسمى كيس، وسر كذلك مع الوادى إلى أن تبلغ رأس العيون الكائنة بحجر الكديات الثلاثة المسماة مناصب كيس، وهذه الكديات الثلاثة داخلة في الحد الشرقى، وسر من رأس العيون من الحمار إلى أن تبلغ دراع الدوم واهبط إلى الوطا المسمى الأعوج، وسر كذلك وحوشى سيدى عياد كالمقابل لك غير أن الحوشى بنفسه يبقى داخل الجهة الشرقية نحو الخمسمائة ذراع، وسر كذلك إلى جوف لبارود الكائن بوادى بونعيم، ومنه إلى كركور سيدى حمزة، ومنه إلى زوج البغال، وسر منه مياسر البلد الطلح إلى سيدى الزهار المعلوم للأعملة الشرقية، ومنه سر مع الطريق الجادة إلى عين تقبالت التي هى بين الواردة والربوجتين المسماتين بالتوميات المعروفتين لإيالة المملكة المغربية، واصعد من عين تقبالت مع واد روبان إلى رأس العصفور، وسر كذلك مع الكاف واترك شرقا قبة سيدى عبد الله بن محمد الحمليلى وغرب مع ثنية المشاميش، وسر كذلك غير مشرق وغير مغرب إلى أن تبلغ قبة سيدى عيسى الكائنة بمنتهى طرفى مسيون والقبة وحرمها داخلان في إيالة المملكة الشرقية، وسر مستقبلا من القبة المذكورة إلى أن تبلغ كدية الدباغ وهى تمام حد التل، ومنها سر مستقبلا إلى أن تبلغ خنيف اللحدا، ومنه إلى ثنية الساسى المعلومة لإيالة المملكتين والحدادة المذكورة من البحر إلى الصحرا من تمامها.
ذكر الأرض الملاصقة للحدود شرقا، وذكر القبائل النازلة بها، فأول الأرض والقبائل أرض بنى منقوس التحاته واعطيه الذين هم لإيالة المغرب، ومنزلهم أرض إيالة مملكة المشرق، وسبب نزولهم واقعة وقعت بينهم وبين إخوانهم الغرابة فانهزموا فالتجأوا إلى المنازل التي هى سكناهم الآن، ولا زالوا يتصرفون في المنازل
المذكورة بالْكِرَا، مِنْ من مالك إيالة المملكة الشرقية إلى الآن وحتى الآن، لكن تكرم وتبرع النائب عن سلطان الفرانصيص على نائب سلطان المغرب بالوظيفة التي تؤديا هاتان القبيلتان المذكورتان لسلطان العملة الشرقية، فلا يطالبون بقليل ولا كثير ولا جليل ولا خطير، رغبة في الاستيلاف وإبقاء للمحبة، وجلبا للمودة بين الفريقين مدة الخير والصلح والمهادنة وضيافة من النائب المتبرع المذكور على السيد النائب عن سلطان المغرب المسطور، ثم يجاور تراب الفرقتين المذكورتين تراب مسيردة والأعشاش وأولاد ملوك وبنى بوسعيد وبنى سنوس وأولاد أنهار، فهذه القبائل الستة من جملة عملة الجزائر.
وكذلك ذكر الأرض الملاصقة الحدود غربا، وذكر القبائل النازلة فيها، فأول الأرض والقبائل، أرض أولاد منصور، أهل تزيفة، وبنى يزناسن، والمزاوير، وأولاد أحمد بن إبراهيم، وأولاد العباس، وأولاد على بن طالحه، وأولاد عزور وبنى بوحمدون وبنى حمليل وبنى مطهر بوحمدون وبنى حمليل وبنى مطهر أهل رأس العين وهو لا القبائل بمنازلهم لعملة المغرب.
الشرط الرابع:
أن أهل الصحرا لا حد فيها بين الجانبين لكونها لا تحرث، وإنما هى مرعى فقط لعرب الإيالتين التي تنزل فيها وتنتفع بخصبها وماها، ولكلا السلطانين التصرف في رعيته بما شاء، وكيف شاء، من غير معارض إن امتازت، وإلا فمن أراد إحداث أمر في رعيته حالة اختلاطها برعية غيره فليكف عن غير رعيته ويحدث في رعيته ما يشاء.
فالأعراب الغربية هما المهايه وبنى قيل أولاد سيدى الشيخ الغرابة وعمور الصحرا وحميان الجنبة.
والأعراب الشرقية هم أولاد سيدى الشيخ الشرافة وكافة حميان من غير حميان الجنبة.
الشرط الخامس:
في تعيين قصور إيالة المملكتين في الصحرا فعلى الملكين اتباع الطريق السابقة وتوقير أهل هذه القصور رعيا لجانب المقامين، أما قصور فجج وقصر بيش فلعمالة المغرب، وأما العين الصفرا وسفيسفة وعلة وتيوت وشلالة والأبيض وبوسمغون فللعملة الشرقية.
الشرط السادس:
أن الأض التي هى قبلة قصور الفريقتين في الصحرا لاما فيها فلا تحتاج للتحديد لكونها أرض فلاة.
الشرط السابع:
أن جميع من التجأ من رعية الفريقين إلى الآخر فلا يرده من التجأ إليه لموضعه، حيث أراد البقاء بملتجئه، وإلا فمن أراد الرجوع لموضعه فلا يتعرض له عامل ولا غيره، وحيث عزم على البقا فيبقى تحت حكم عامل المكان الملتجأ إليه، ويكون آمنا في نفسه وماله احتراما من السلطانين بعضها بعضا.
وهذا الشرط لا تدخل فيه القبائل الذين عملتهم مبينة في الشرط أعلاه، وغير خفى أن الحاج عبد القادر ومن في حزبه غير داخل في هذا الشرط، لأن دخوله فية موجب لبطلان الشرط الرابع في مكتوب الصلح المنبرم 10 شتنبرو سنة 1844، فإن العمل والوفا به من أهم الأمور الموجبة لنفوذ كلمة السلطانين، وتصحيح المحبة، وإبقا المودة بين الدولتين، والألفة بين الجانبين، فبعد المطلوب من السلطانين الرضا بما ذكر أعلاه والوفا به، ولابد من كتب نسختين لتقييد الشروط المذكورة، فتطبع نسخة منهما بطابع سلطان الفرانصيص، ويأخذها سيادة
[صورة]
معاهدة الحدود الجزائرية المغربية المنعقدة بين القائد حميدة الشجعى نائب المغرب والكونت دولارو نائب فرنسا
[صورة]
كتاب الجنرال دولارو إلى المولى عبد الرحمن
سلطان المغرب، وتطبع نسخة أخرى بطابع سلطان المغرب ويأخذها سيادة سلطان الفرانصيص، وتبديل النسختين إنما يكون في طانجة عن قريب إن شاء الله، بعد أن يضع كل واحد من النائبين المذكورين خط يديه وخاتمه في كل نسخة من النسختين، وذلك بقرب الحدود بتاريخ 4 ربيع الأول سنة 1261 الموافق اليوم الثامن عشر من مرس سنة 1845 من تاريخ المسيح، والله يصلح الحالى والمآلى، وأسفله خط يد النائب الفرنصوى الجلينار كونت دولاروا، وأسفله خط يد النائب المغربى السيد حميدة بن على" صح من أصله الموجود بالمكتبة الزيدانية، وقد ألحقت به خريطة جغرافية لبيان تلك المواقع.
وقد عثرت على رسالتين للمندوب الفرنسى المذكور في مسائل من هذا الباب تتعلق بالدولتين، وقد كتب إحداهما للسلطان مباشرة، والثانية لوزيره ابن إدريس ونص الأولى بلفظها العربى:
"الحمد لله وحده، ولله ملك السماوات والأرض، إلى سعادة سلطان المغرب الأعظم فخر ملوك الإسلام، مولاى عبد الرحمن بن هشام أيده الله، وبلغه من الخير ما أراد، وأطال عمره آمين.
من عبد ربه سبحانه الفارس الكونت دولار وصاحب نيشان الافتخار الدولة الفرنصوية وجنيرال بعض عساكر سعادة سلطان فرانصة نصره الله، ونائبا عن حضرته، أعزه الله على تحديد بلد مملكة الغرب، وبلد مملكة الجزائر، ومفوضا التفويض التام بالحل والربط، وأن يحل ويعقد ويلتزم على كل ما يجب لترسخ المحبة الخالصة بين الدولتين.
بعد السلام اللائق بالمقامين، فالمعروض على مسامعكم الشريفة هو أن سعادة سلطاننا لما عيننى مرسولا إلى ناحيتكم لأجل التحديد المذكور أعلاه، ظن أن سعادتكم تسر بذلك لأنكم كنتم تفضلتم عليّ بالقبول والرضا، وشرفت
بمقابلتكم، وإنا نفتخر بذلك الافتخار التام، ونرجو أن تقبلوا كلامى الذى هو كلام سلطاننا المفوض إلى الأمر.
فسعادته أول ما وصانى به خصوصا هو أن نمتن ونصحح عقد الصلح الذى تم حديثا بين مالكى المغرب والفرانصيص، ولأجل تسهيل الأمر الذى أرسلت لأجله نستأذن منكم بأن نخلى العوائد المعلومة على جهة، لما كنتم أنعمتم علىّ سابقا حين كنت أرسلت إلى سعادتكم، ونطلب منكم أن تقبلوا كتابى هذا، لأن مقصودى تعجيل الأوبة وإنا نعلمكم بأن قدومى هذا ليس هو مقصورًا على تحديد البلاد فقط، بل لبيان أمر مهم آخر، وهو أن سلطاننا تحقق عنده ما فعلتم قبل من الخير، وأن نيتكم دوامه، كما تحقق عندكم أن نيته ثبات الخير وهو أفضل من كل فائدة، وسبب الفساد الواقع بين الدولتين إنما نشأ عن حلول الحاج عبد القادر بقرب الحدود، ولا يخفاكم أنه أصل كل فساد، وعنه ينشأ، وبفساده تنتقض المحبة المعقودة بين الدولتين، وهو الآن نازل في بلد قلعية وتروهم في ضيافته وإعانته هو وسائر دائرته وما ذلك إلا من كذبه على القبائل بالتمربيط والجهاد يختلهم به بلا طاقة، وفعله هذا كذب محض، يزعم أن ليس غيره آمرا بالدين والجهاد.
ونيته بذلك أن يقيم رعية، ويختلس لنفسه القوة، ويضرم نار الفتنة بين الجانبين، لما علمتم أن مقصوده الأهم، إنما هو سعيه في إفساد رعية المغرب وهذا الحال لا يخفى على سعادتكم، وفيه خطر كبير للدولتين، ولأجل مصالح الفريقين، وجب علينا إزالة هذا المرض خوفا من زيادته، لأن الذى يحب حفظ الصحة الواجب عليه اتقاء ما فيه زوالها، فعليكم مسامحتنا، فإنا نذكركم أنى حين جئت عندكم سابقا منذ ثمان سنين، وبذلت جهدى عند سعادتكم وعند وزيركم الطيب البياز، وبينت لكم كل الفساد الذى سيصدر من الحاج عبد القادر، وكنت
حذرتكم من بيع السلاح وآلة الحرب له لما علمت أنه لابد يطرد عن مملكته، لأنه لا يستطيع المقاومة.
ومن المعلوم أنه لا يلجأ إلا إليكم، وربما جر لنواحيكم البلاء المحيط به، وكل ذلك وقع بإذن الله، فنرجو من سعادتكم العمل بكلامى، وتبذل مجهودك في إزالة الحاج عبد القادر، لأنك ألزمت نفسك بذلك بواسطة الشرط الرابع من شروط الصلح الذى انعقد، ووافقتم عليه بطابعكم.
فالتحريض الذى حرضنى سلطاننا عليه لأجل وفاء بهذا الشرط، وهو يبين لكم أن نيته دوام الخير وأمر محقق ظاهر ما يثبت الخير بوجود الحاج عبد القادر بمجاورة الحدود، واليوم إن حصل لكم مانع سرى لأجل ذلك، فالطريقة الموافقة أكثر من كل شئ، هو أن ترسل أحد عمالكم من خواص حضرتكم وكنز سركم وتكلفوه بكامل أسراركم عند سلطاننا، وهو يتكلم عند سعادته بجميع أموركم، وما يلزم أن نبين لكم أنه يكون مقبول بالفرح والسرور كما هى عادة الملوك، كما فعل جدكم المعظم المبجل المفتخر مولاى إسماعيل حين أرسل إلى جد سلطاننا لويز الرابع عشر، فلا نقدر نحن ولا أنتم ننسوا الخير الذى صدر من هذه المراسلة بين النصارى والمسلمين.
فبتجديد هذه المراسلة تحصيل فوائد شتى، من جملتها: تجديد عقد الشروط التي وقعت بين الأسلاف السابقين على التجارة وغير ذلك، وامتثال أمر سلطاننا الذى بفعله نسى جميع ما مضى من الفتنة التي اشتعلت بواسطة الشيطان من غير نية من الجانبين، والحاصل بهذه المراسلة تظهر المحبة على عيون الجنوس كلهم، والآن أنا قادم إلى الحدود لأجل تحديد البلاد مع نائبكم إن شاء الله، وحين نكمل ذلك يأتينى مكتوبكم برضاكم موافقا لحين التمام، أو بإرسال نائب من سعادتكم
وبموجب مرسومكم الشريف متضمنا الانتظار بتلمسان، أو نقدم إلى طنجة ونركب في مركب سلطانى، ونذهبوا سوية لباريز، وتكون له حرمة ورفعة كما يليق بمرسول سعادة الأعظم، سلطان الإسلام الذى صار الآن محبا للدولة الفرانصوية، وفى هذا كفاية والسلام بتاريخ أواسط صفر عام 1261، وبأمر المعظم الجنيرال المذكور الواضع طابعه فيه.
وأعلمكم أيضا أن خليفة سلطاننا المعظم الماريشال بيج الضامن العافية في الوطن، قد أخبر السلطان أنه كاتبكم وكاتب ابنكم بما فيه مصلحة الفريقين، وأن سبب الفتنة هو وجود الحاج عبد القادر في الحدود، وأخبره أنه حذركم فلا تظنوا أنه غير عالم بذلك، فقد علم كل الواقع في الوطن، وقد كتبنا لك كتابين أحدهما برا، والآخر بحرا مضمنهما واحد: وقد حط خط يده أسفل" هـ من أصله.
ونص الثانية بعد الحمدلة والحوقلة والطابع الإفرنجى والتوقيع بالخط.
"من المكتوب عن إذنه الجنيرال الكونت دولارو وكيل سلطان الفرانصيص وواليه في بعض جنوده، إلى الفقيه الرئيس السيد محمد بن إدريس، السلام التام اللائق بالمقامين، فإنه قد وصلنا مكتوبك، وعلمنا ما فيه إجمالا وتفصيلا، أما ما ذكرت أن السلطان قائم على ساق الجد في التضييق عن الحاج عبد القادر وحسم مادته، وأنه كلف بعض عماله بذلك، وأنه ساع في الخير حريص على ثبوته، فكل ذلك علمناه وفرحنا به غاية، وحمدنا الله تعالى الذى أظهر صدقنا في تحذير السلطان سابقا من فساده، وأنه سيلتجئ إليكم فقد وقع كل ذلك.
وأما ما ذكرت في شأن الفرنصيصى عمر أنه كاتب الحاج عبد القادر وحذره من الثقة بجانب السلطان، فاعلم أن هذا الرجل اسمه عندنا ليون بن الروش، وهو الآن ترجمان خليفة سلطاننا وكاتبه، وأحد خواصه، وما علمنا عليه إلا خيرًا لا يسعى إلا في مصالح العباد، وأنه لم يكاتب الحاج عبد القادر من تلقاء نفسه، بل
بأمر الخليفة المارشال بيج، وذلك أنه قبل وقعة يسلى بأكثر من نصف سنة كتب الحاج عبد القادر إلى خليفة سلطاننا يلتمس منه الصلح، وهو في إيالتنا، فأمر حينئذ عمر المذكور بإجابته أنه إن التمس الصلح ليعود للملك فذلك لا سبيل إليه، وإن التمس الصلح عن نفسه فقط وبعض دائرته فليقطع الفساد.
ورغبة في الانتقال بمن معه لمكة على يد السلطان مولاى عبد الرحمن ومئونة السفر على سلطاننا، كما أنه تحمل له بعطاء جزيل كل سنة إن فعل ما ذكر، ولما لم يمتثل لأمره حتى قدر الله بالفتنة الواقعة بيننا، ودخل لإيالتكم أمر الخليفة المذكور أيضا عمر المسطور بمكاتبته، وحذره من الثقة بجانب سلطانكم ومن غدره بعد وقعة يسلى بيومين، وبعث المكتوب صحبة أحد أصحابه كان قبض عندنا، وأخبره أن الباب الذى فتح له لا زال كذلك، وهذا إنما وقع حالة الفتنة كما ذكرنا.
وما ذكرته لنا من أن موجب تعاصيه إنما هو هذا الكلام فهذا غير مناسب، لأنه لا يخفى عليكم لفطانتكم وذكاء فهمكم أن هذا العذر لا ينفعه، ومع ذلك لا يستطيع دفاعا عن نفسه، فهو يتعلل بهذه العلة، وقد كاتبنا السلطان بالملاقاة والموافقة على ما فيه سد الخلة بين الجانبين مع النائب الطالب السيد حميدة ورسول السلطان السيد أحمد بن الخضر، وبينا له كيفية الملاقاة، وقد أتحفناهما بهدية نفيسة تليق بالوفود كما ستعاين جميع ذلك في مكتوب السلطان.
وذكرت لنا أن بعث أحد الخواص لحضرة سلطاننا هو ببال من سلطانكم، فالمطلوب منك بذل الجهد في تعيينه ليكون على أهبة واستعداد بطنجة، فإنا قادمون إليها لا محالة لتبديل النسخ، ويذهب معنا وعلينا حفظه ومواصلته بما يليق مكافأة لبر ملككم حال وفودنا عليه مرتين، وفى بعثه وإتمام هذا الخبر والصلح مصلحة الجانبين، وجريا على عادة الملوك، ويحيى هذا الرسول شروط التجارة السابقة بين الأولين، وليراه سائر الأجناس ويحصل لهم اليقين بثبوت الخير.
وكيف بك نحن عظمنا سلطانك بما يليق به، وأنت تقابلنا بخلاف ذلك، مع أن توقير الملوك وتعظيمهم من الأمور المهمة، لا سيما وقد اتفق السيد بوسلهام مع وكيلنا بطنجة على التعظيم، وأنه لابد من ذكر السلطان ولقبه بلفظ التعظيم، ولا يكفى ذكر عظيم الجنس، ووصلت مكاتبه لسلطاننا في البحر بما يناسب قصدنا، ووقعت المخالفة برا، والظن أنه على وجه النسيان منك.
ولا يخفاك أن ملكنا مؤسس على العدل منذ 1855، مع أن كل جنس له ملك والملك يختاره الله من خلقه، فإذا كان كذلك فالواجب على المخلوق تعظيمه، وها هى نسخة مكتوب السيدة حميدة تصلك مضمنها ما قاله به عمر المذكور، والسلام بتاريخ يوم الجمعة 12 ربيع الأول عام 1261" صح من أصله المحفوظ بالمكتبة الزيدانية.
ثم أصدر السلطان ظهيرا ضمنه كيفية معاملة الفرنسيين توكيدا للعهود السالفة بعد الحمدلة والحوقلة:
"كتابنا هذا أسماه الله المتلقى بالإجمال والتعظيم والتبجيل والتكريم، يعلم الواقف عليه من عمالنا وولاة أمرنا بثغورنا علم يقين، ونأمره أمرًا حتما أن يعمل بما فيه ولا يحيد على كريم مذهبه، وذلك أن حاصله القونصوا الفرانصيص خديمنا لورشنيد جعلنا له فيما أنعمنا عليه وعلى جنسه الفرنصيص حسبما تضمنه عقد الصلح الذى بأيديهم، وأن كل ما يوسقونه سفن تجارهم بقصد ما يأكلون بحرية السفينة مدة إقامتهم في المرسى وزاد سفرهم لا يعطون عليه شيئا في الخارج من لوازم المرسى، وكذلك القراصين إذا وسقت ما تحتاج إليه في المأكل والمشرب وما تصلح به مراكبها، لا يلزمهم على ذلك في الخارج شئ.
وكل ما يأتي لهم من بلادهم من المأكل والمشرب واللباس لا يلزمهم عليه شئ في الداخل، وإذا اطرد محاربهم سفينة من سفنهم حتى بلغت رماية المدفع
المعدة للدفاع من مراسينا السعيدة، فلحاكم البلد أن يدفع عنها، وإن جاء عدوهم بالأسارى من الفرانصيص المرسى ما دام مقيما بهم على وجه الماء لم ينزل بهم للبر فلا كلام معه، وإن نزل بهم للبر فلولى تلك المرسى انتزاعهم منه وردهم على الفرانصيص.
وأذنا لقونصو الفرانصيص وبجمع تجارهم الانسياح في إيالتنا يذهبون حيث شاء، فلا يتعرض لهم عارض، ولا يمنعهم مانع، وكذلك جميع أصحابهم وخدامهم، وهم محررون في الوظائف كلها لا يلزمهم شئ.
ولهم أن يعملوا ما شاءوا في دورهم من أمور دينهم مع الفرايلية، ومن أراد ذلك من أجناس النصارى معهم فلا يمنعون من ذلك ولا يحال بينهم وبين دينهم، وإذا صدرت مخاصمة بين مسلم وافرانصيصى فليحكم بينهم والى البلد، أو يرفعهما لعلى مقامنا إذا عجز عن فصالهما.
وإذا ساء الفرانصيص الأدب مع المسلم فلا يحكم عليه والى البلد إلا بمحضر القونصو المذكور، وله أن يدفع عنه بما أمكنه من البينات التي تقبل شرعا.
وإذا هرب الجانى فلا يؤاخذ به القونصوا، ولا غيره من جنس الفرانصيص، إلا إذا ضمنه، وكذلك إذا هرب الفرانصيص بمال مسلم ترتب عليه من سلف أو معالة، فلا يؤاخذ به القونصوا المذكور إلا إذا أذن للمسلم المذكور وأعطاه خط يده.
وإذا هلك أحد من جنس الفرانصيص ومات على دينهم، فله أن يتصرف في ماله القونصوا بما شاء لا يتعرض له عليه، وإذا جاءت سلعة لتاجر من تجارهم وأنزلها بقصد البيع فعشرت ثم إنها لم تبع كلها وإن ردها لبر النصارى فلا يلزمه شئ عليها في الخارج، حيث أدى واجبها في الداخل.
وإذا صدرت مخاصمة بين افرنصيصى فيما بينهم سواء كان تاجرا مع بحرى أو تجار بينهم بما شاء وظهر له، فلا يمنع من ذلك ولا يطاف بدائره بما يكره، وإنما تبقى لمزة عن دور غيره من أهل ملته.
وإذا (1) انتقض الصلح بينه وبين البعض من غير إيالتنا مثل تونس والجزائر وأطرابلس وطردت سفينتهم سفينة الفرانصيص، حتى أدخلتها مرسى من مراسينا، أو وجد بها أو وجدها الحال كانت بالمرسى قبل، ثم أرادت الخروج من المرسى إلى بلادها فأراد محاربها اللحوق بها بنفس خروجها، فلا سبيل له إلى ذلك إنما يمنعه والى البلد جهدها تبعد عنه، وذلك أن يمكث مدة معلومة بين أهل البحر، ثم إن شاء اللحوق بها إذا بعدت فعل، وكذلك العكس، بهذا صدر الأمر العالى فكتبه في الخامس من المحرم الحرام فاتح عام 1261" من أصله المحفوظ بالمكتبة الزيدانية.
ثم إن السلطان بعث عامله على تطوان الحاج عبد القادر أشعاش سفيرًا لفرنسا برهانا على تمام المودة وتسوية الخلاف وإجابة لاقتراح الكونت دولارى المتقدم في كلامه وأصحب السفير كتابا للملك لويس فيلب هذا نصه:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ولا حول ولا قوة إلا بالله من عبد الله المعتصم بالله المتوكل على الله المجاهد في سبيل الله أمير المؤمنين بالمغرب الأقصى الشريف العلوى الحسنى وهو (الطابع بداخله عبد الرحمن ابن هشام الله وليه) أيد الله عساكره وجنوده، ونصر أعلامه حيثما توجهت وبنوده، آمين، إلى المحب الودود، الذى هو في عظماء الملوك معدود، حامل راية الرياسة، والسابق المحلى في مضمار السياسة، الفرد الذى فاق أبناء جنسه، بما حاز من خصائص نفسه، السلطان لويز فلب ملك جنس فرانسه والحاكم على ممالكها الدانية والقاصية وفقه الله وسدده، وإلى سبيل الهدى أرشده.
(1) في المطبوع: "وإنما".
[صورة]
ظهير رحمانى إلى لويس فيليب ملك فرنسا مع السفير الحاج عبد القادر أشعاش
أما بعده: فإن المراسلة بين الدول، والمواصلة بين الملوك الأول، تفتح للمودة أبوابا، وتيسر للمواصلة أسبابا، وتزيد الود تأكيدا، والعناية تجديدا، وتزرع حب الحب في القلوب، وتقرب البعيد وتيسر المطلوب، ولما رأينا ما برز به القدر من هذا الكدر، الذى لم يكن في ورد عندنا ولا صدر، أردنا الوقوف في ذلك على عين الحقيقة، وسلوك السبيل إلى العلم بسببه والطريقة، طلبا للإنصاف ورغبة في العدل الذى هو أحسن الأوصاف واختبارا للمحبة التي قدم عهدها، وكان على يد الأسلاف عقدها، فاخترنا من بيوتات الخدمة والرياسة سفيرا، ورشحنا لحضرتكم من خاصتنا باشدورا، وهو وإن كان صغير السن فهو كبير الهمة والعقل، وهو الخديم الأنجب، والشاب الأنجد الحاج عبد القادر بن الخديم المرحوم الأرشد القائد محمد أشعاش وأصحبناه هذا الكتاب الشريف، والأمر الرفيع المنيف، ليكون للعهد مجددا، وللصلح المنعقد مؤكدا، وهو النائب عنا في إنهاء مسائل عرضت تكسب الود صفاء، وتزيد العهد ثباتا ووفاء، فتأملوها بعين الإنصاف والعناية، وقابلوها مقابلة من شأنه الملاحظة والرعاية، فإن بصفائها تجرى الأمور على مقتضاها، وبحسم مادتها تبلغ النفوس من هذه المهادنة مناها، والله أسأل أن ييسر أسباب التوفيق، والهداية إلى أحسن روض مرعاها، في سابع عشر شوال الأبرك عام واحد وستين ومائتين وألف" من أصله المحفوظ بوزارة الخارجية الفرنسية.
وقد قدمنا الكلام على هذه السفارة في وقائع سنة 1261، كما ذكرنا السفارة التي وردت في السنة بعدها، ونزيد هنا كتابا بعثه السفير الحاج عبد القادر للسلطان يتضمن الإخبار بما لقى من المبرة والإكرام ونصه على بترٍ فيه:
"وبعد فمما يجب إنهاؤه لكريم علمكم، أنا دخلنا مدينة باريس يوم الأحد ثامن عشرين من الحجة الحرام، بعد أن مكثنا في الطريق سبعة أيام، من يوم خروجنا من مرسيليه، فأنزلونا منزلا رفيعا، ونظرنا فيها منظرا حسنًا بديعا، وهى
من أعظم مدن الدنيا، وأبهجها، فأول من لقينا الوزير الذى كان بعث لنا صاحبه لمرسيلية، واسمه اليسكيزوا، فرحب بنا وألطف ملاقتنا، وأثنى خيرًا وأبدى سرورا وبشرى، ثم جاءنا قائد المشور من عند السلطان يستدعينا لملاقاته هـ.
أرسله بذلك سيده فلقينا يوم الثلاثاء ثالث قدومنا فبالغ في إلطافنا والمبرة بنا، وكان أشار علينا بعض من له خبرة بعوايدهم أن لابد من إنشاء خطبة تتضمن تعظيما لجانب سيدنا ولسلطانهم وجنسهم، وأننا لازلنا على المودة وتأكيد المحبة إلى غير ذلك من الزخاريف، ونسردها بحضرته، ففعلنا ذلك من غير تفريط
…
ولا يخل بواحدة من الملتين فلما لقينا
…
ما كنا زورناه ثم فسره الترجمان فبعد فراغ
…
خطبته من جيبه وسردها بلسانه ثم فسرها الترجمان
…
أنه يحمد الله ويشكره على ما حصل من تجديد المحبة
…
بينهم وبين سيدنا نصره الله وأنه لا زال على المحبة
…
والميثاق، وأن ما حدث من المجاورة بيننا وبينهم يوجب كثير الوداد إلى غير ذلك مما كان جوابا لكلامنا، ثم مكناه من كتاب سيدنا فقبضه بيده، ووضعه على كرس رأسه، ونزل درجة عن كرسيه عند قبضه تعظيما، ثم دفعه لوزيره فرجعنا من عنده، ثم بعث لنا يعرضنا للعشاء معه، فصرنا إليه في وقت العشاء فألفيناه قد أحضر عظماء دولته، وخواص مملكته ونساءه وأولاده وجلس معنا بنفسه، في صالة لا يسع هذا الكتاب وصف ما فيها، فأكلنا ما يباح من الأطعمة، وبعد فراغنا أخذ يتحدث معنا ويباسطنا بطيب الكلام ويتصفح من كان معنا من أصحابنا ويقف مع كل واحد منهم على حدته، ويسأل عنه وعن أحواله، ومن هو، وما يعمل، وكذلك أولاده وأقاربه حتى أعطوا لِكُلِّ واحد حقه من ذلك.
ومما تشكر به هو ووزيره وامرأته وخواصه ما فعله المسلمون بناحية الجديدة من إخراجهم ما قدروا على إخراجه من نصاراهم الذين انكسر مركبهم في شهر
ذى الحجة من سنة إحدى وستين هنالك، وطلب منى أن أبلغ سيدنا عنه في ذلك أحسن ثناء، فبقينا معه هنيئة بعد العشاء، وأذن لنا في الذهاب، فرجعنا لمحلنا وذلك كله يوم الثلاثاء المذكور هـ.
ثم استدعى القنصل (دينيون) الذى تولى وظيفته سنة 1255 كما تقدم وأقيم مكانه آخر يسمى (دوشاطو) وكتب الملك لويس للسلطان يعلنه بذلك فأجابه بما نصه:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، من عبد الله المتوكل على الله المعتصم بالله المجاهد في سبيل الله وهو أيد الله أوامره، ونصر أعلامه حيثما توجهت وعساكره (الطابع) إلى المحب الودود، المحافظ على العهود، الذى قدمه عقله وجده، وأورثه الرياسة أبوه وجده السلطان لويز فلب سلطان دولة فرانسة والحاكم على ممالكها، أرشدك الله وهداك، وألهمك هداك.
أما بعد: فقد وافى حضرتنا العلية بالله كتابكم الأوجز، صحبة الخديم الحازم، ذو شاطوا قونص جنسكم بإيالتنا السعيدة الذى أقمتموه مقام القونص دينيون الذى كان قبله ورشحتموه للنيابة عنكم، والوساطة بيننا وبينكم لما عرفتم من عقله وحسن أدبه لتبقى الأمور جارية بين الدولتين على مقتضاها، ويبلغ كل من الجانبين الخطة التي يرضاها، فقد قبلناه قنصوا جلنارًا، وقابلناه بما يليق بأمثاله إكرامًا ووقارًا، وله لدينا مزيد احتفاء واحتفال، وموالاة عناية واهتبال، من معونته على ما يعرض له من مصالح الدولتين، وتأمين تجار المملكتين، فأما أولى الناس بحفظ الجار ومراعاة النزيل، ومعاملة الخدام النصحاء بالجميل، وعلمنا ما أكدتم به عليه من حفظ أسباب المودة، والسعى فيما يزيدها قوة وشدة، فذلك هو المعهود من وسائط الدول، المقتفين سبيل الخدام الأول، وهذا دليل المحبة التي شرح الخديم المذكور فصولها، ومهد بالنيابة عنكم أصولها، فقد أدى كتابكم، وأنهى
إلينا نصيحتكم وخطابكم، ووثقنا بما أنهى إلينا من صفاء مودتكم، وصدف محبتكم، وجدد ما كان بين السلف من ذلك، وسلك في ذلك كله أوضح المسالك، فقد رجعت المواصلة بين الدولتين لنصابها، واستحكمت المودة بالانتفاع بين المملكتين باتصال أسبابها، وحصل من الصفاء ما اتسعت به الأمور، وانشرحت له الصدور، إن شاء الله تعالى والتمام، وكتب بالحضرة العلية بالله تعالى من حمراء مراكشة صانها الله بمنه وحاطها في 3 المحرم الحرام فاتح عام 1263" من الأصل المحفوظ بوزارة الخارجية الفرنسية.
ولما نودى نابليون الثالث سلطانا على فرنسا كتب للمولى عبد الرحمن كتابا يعلمه بتبوئه عرش فرنسا، ويؤكد له استمرار سياسة الوداد بين الدولتين، ويقدم إليه ممثله الجديد في بلاد المغرب (ياجير شميد) ونص ترجمة الكتاب من أصله المحفوظ بوزارة الخارجية الفرنسية:
"من نابوليون أمبرطور الفرنسيين بفضل الله وبإرادة الأمة، إلى الأمير الأسمى الأفخم الأعظم مولاى عبد الرحمن أمبرطور المغرب وملك فاس وسوس صديقنا الأعز الأفضل:
أيها الإمبرطور الأسمى الأفخم الأعظم:
لما ارتقينا عرش الإمبرطورية بفضل الله وبرغبة الفرنسيين أجمعين، بادرنا إلى مخاطبة الأمراء الذين برهنوا لنا على صدق مودتهم، مبلغين إياهم خبر توليتنا، ولأجل ذلك نوجه لكم هذا الكتاب ليعبر لكم عن عواطفنا ويشهد الله الذى يعلم ما انطوت عليه الصدور، أننا لا رغبة لنا إلا في توثيق الروابط الودية التي بين فرنسا وممالككم، وتمتين العلائق التي تدل على ما بيننا من حسن المفاهمة، وأول ما سنوجه إليه اهتمامنا هو المحافظة على تطبيق العهود التي تربط أمبرطوريتنا منذ قرون، ولا شك عندنا أن جلالتكم أيضا ستسهر على تنفيذ جميع
[صورة]
ظهير رحمانى للويس فليب باعتماد (دوشاطو) وقبوله قنصلا
[صورة]
ظهير المولى عبد الرحمن إلى نابليون الثالث بقبول (دى كاستيليو) قنصلا
الشروط، وأنها ما تفتأ تجود بحمايتها للفرنسيين الذين يجولون بالمغرب، أو يقيمون به، أو يتعاطون فيه التجارة.
وبناء على الثقة التي عندنا بجلالتكم في هذا الباب فها نحن نؤكد بأنفسنا لكم ما لنا نَحْوَكُم من عظيم الاعتبار، ومن صادق المحبة، هذا وننتهز هذه الفرصة لنخص لديكم بالوصية خديمنا الأرضى المسيو (ياجر شميد) وقد كلفناه بالقيام بشئون سفارتنا وبالقنصلية العامة بطنجة، ولنا اليقين بأن جلالتكم ستتنزل لمساعدته على القيام بالمهمة التي نيطت به، وذلك بأن تطمئنوا كل الاطمئنان إلى كل ما قد يتشرف بتقديمه لكم باسمنا.
وختاما نتضرع إلى المولى أن يحفظكم بعنايته الكريمة أيها الإمبراطور الأسمى الأفخم الأعظم صديقنا الأعز الأفضل، وكتب في قصرنا الملكى المعروف بتويلرى في 14 يناير من سنة الرحمة 1853".
وبطرته (من الإمبراطور إلى إمبراطور المغرب 14 يناير 1853).
ثم وقع استدعاء ذلك القنصل وأقيم آخر مكانه وكتب نابليون الثالث للسلطان بقبوله نائبا عن دولته فأجابه بما نصه.
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، من عبد الله المتوكل على الله المفوض أمره إلى الله أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين وهو (الطابع بداخله اسم السلطان) أيد الله عساكره وجنوده، ونصر أعلامه وبنوده، إلى المحب الأود صاحب التدبير والسياسة، والتجلى في ميدان الرياسة، عظيم قومه، وزعيم جنسه، من له المحبة التامة في جانبنا العالى بالله السلطان نابليون سلطان الفرانصيص.
أما بعد: فقد وصلنا كتابك، وفهمنا خطابك، وعلمنا أن مرادكم أن لا تتوقف أبدا المعاشرة بين الدولة الفرانصيصية والدولة المغربية، فاخترتم لذلك المكرم
دى كاستليون الذى هو أحد أصحاب نيشان الافتخار، ووجهتموه لإيالتنا المحمية بالله متوليا لأموركم، مفوضا في جميعها، قونصوا جنرال في إيالتنا السعيدة، فقد قبلناه وأسدلنا عليه أردية التوقير والاحترام، وأوصينا عليه بالحظوة والمبرة والاهتمام، رعاية لما بيننا وبينكم من المحبة الأكيدة والمودة القديمة، حسبما كان عليه أسلافكم مع أسلافنا رحمهم الله، وخير الخلف، من انتهج نهج السلف.
ومن دليل محبتكم واعتنائكم بجانبنا العالى بالله اختياركم هذا الرجل الذى وجهتموه من أعيان قومكم وممن يشار إليه في جنسكم، حتى تبقى المحبة متصلة، والمودة مستمرة، ولا يكون إلا ما يسر الجانبين، إذ لا شك في إثبات المحبة بين بلادنا وبلادكم والختام في 17 محرم الحرام عام 1272" من الأصل المحفوظ بوزارة الخارجية.
وأما دولة البرتغال فقد كتب لنائبها العام (جرج كلاص) أول دولته جوابا يعلنه باستمرار السياسة التي كانت جارية بين الدولتين على عهد عمه المولى سليمان، ونص ذلك بعد الحمدلة والحوقلة:
"من له بخدمتنا كمال الاعتناء وغاية الوقوف، والخادم الذى تمام عقله ظاهر معروف، وملاك أمره على مرضاتنا مصروف، قونصوا جلنار البرطقيز جرج كلاص.
أما بعد: حمدا لله الذى بيده الأمر والإنشاء، ويحكم ما يريد ويفعل ما يشاء، فقد وصلنا كتابكم، وأنهى إلينا خطابكم، وعرفنا ما أنتم عليه من صدق الخدمة، ورعى الحرمة، عملا على شاكلة جنسكم مع أسلافنا قدس الله ثراهم، وطيب أخراهم، وخصوصا أنت بمكانتك من الخدمة لا تجهل، فكن لنا كما كنت مع مولانا العم رحمه الله، وخاطبنا بما يظهر من المصالح ونحن اليوم معكم على ما كنتم عليه قيد حياة عمنا السلطان المرحوم من عهد وهدنة وغير ذلك، ونراعى
لكم أكثر مما كان إن شاء الله، حقق الله أملنا ووفق لما يرضاه أعملنا آمين .... انتهى بتاريخ 17 ربيع الثانى عام 1238".
وأما دولة الإنجليز فقد أقر المعاهدة التي عقدها عمه معها بعد أن غير منها الفصل السابع والثامن حسبما ترى في نص الإقرار:
"الحمد لله وحده ولا إله إلا الله (ثم الطابع الشريف داخله عبد الرحمن بن هشام غفر الله له) هذا ولما قدم على الحضرة الإمامية، المولوية العلوية الهاشمية حضرة مولانا أمير المؤمنين، وسلطان المسلمين، السلطان الإمام، ابن السلاطين الكرام، مولانا عبد الرحمن بن مولانا هشام بن مولانا محمد بن عبد الله بن مولانا إسماعيل أيد الله من قبل ملك الإنجلزية السلطان جرج الرابع، وهو خديمه الباشدور جيس شولط دكلا القونص الآن بثغر طنجة، في إقرار الصلح الواقع بين هاتين الدولتين سابقا، وإثباته على منهج ما بيده من هذه الشروط المبتدأ أولها في الوجه حوله التي انعقد بها الصلح والمهادنة لهم مع سيدنا المقدس مولانا سليمان رحمه الله، وهى إحدى وأربعين شرطا.
أمر مولانا أمير المؤمنين أعزه الله أن تتصفح هذه الشروط المشار إليها وتعرض عليه، فلما تأملها مولانا أيده الله شرطا شرطا وظهر له أن، عقده عمه المرحوم بمنة الله سددا ووفاقا، وفيه مصلحة للرعايا من الجانبين، أمر سدده الله هذه الشروط المذكورة المشار إليها التي أولها: الشرط الأول أن لسلطان الإنجليز أن يجعل قونص واحدًا أو أكثر بمراكشة، وآخرها الشرط الواحد والأربعون هذا العقد الذى انبرم به الصلح بين سلطان مراكش إلخ وأمضاها وأثبت ذلك ما عدا شرطين منها، وهما السابع والثامن بدلا بشرطين آخرين.
مضمن أحدهما وهو السابع، أن ما يحدث من الخصومات بين المسلم وبين رعية الإنجليز فإن الفصل بينهما فيما يكون بمحضر عامل البلد وقاضيه وقنصل
الإنجليز، فإن لم يرض أحد الخصمين بحكمهم، فإن قضيتهم ترفع حينئذ إلى السلطان إلخ.
الثانى وهو الثامن، إذا وقع نزاع بين أحد من رعية سلطان الإنجليز أو من هو تحت حميته وبين مسلم، وكان ربما ينشأ عن ذلك النزاع مضرة أو مظلمة لأحد منهما، فإن لسلطان مراكشة هو الذى يتولى الفصل فيهما وحده، ولا يعاقب الظالم إن كان من رعية الإنجليز أو حمايته بأكثر مما يعاقب به المسلم إذا ظلم أحدًا من الإنجليز، أو من غيره، فإذا انفلت هذا الظالم وهرب فلا يؤاخذ أحد به من جنسه، فإذا تحقق أن هروبه كان اتفاقيا من غير قصد أو كان لأجل الدفع به عن نفسه فيحكم عليه في ذلك بمثل ما يحكم به على المسلم في مثل تلك القضية.
وإذا وقع النزاع بين المسلمين وبين الإنجليز في ناحية من إيالة سلطان الإنجليز وتعين الظلم في ذلك على واحد منهما، فإن الفصل في ذلك بينهما يكون بحكم الشرع وقانون الإنجليز، فإذا لم يرض أحدهما بذلك، فإن قضيتهما ترفع حينئذ إلى السلطان انتهى الشرطان المستثنيان اللذان بدلا بما ذكر لما ظهر له أعزه الله في إقرار هذه الشروط غير المستثنى منها وإثباتها من المصلحة العامة للجانبين في هذه المهادنة والمصالحة، والأخذ بالمعروف للمسلمين والمناصحة، صدر أمره الشريف بهذا وهو أعزه الله على كرسى مملكته المعظم مكانه وفوق سرير سلطنته المؤسسة على سبيل الحق قواعده وأركانه، أبقى الله شموس معدلته لغياهب المعضلات ناسخة ومعاليه في المجادة راسخة ونصره نصرا عزيزا آمين في الثامن عشر من جمادى الأولى عام 1239".
وسيأتى نص المعاهدة السليمانية الجرجية في ترجمة صاحبها إن شاء الله وفيها الفصلان المغيران بما ذكر هنا.
ونص كتاب رحمانى للملك جورج الرابع ملك الإنجليز جواب عن كتاب له في بعض الأغراض:
"الحمد لله وحده الملك الكبير، العليم الخبير، المنفرد بالملك الحقيقى والتدبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، من أمير المؤمنين المتوكل على رب العالمين، عبد الرحمن بن أمير المؤمنين هشام بن أمير المؤمنين محمد بن أمير المؤمنين عبد الله بن أمير المؤمنين إسماعيل الشريف الحسنى العلوى أمير المغرب أيد الله أمره، وأطال في عز الخلافة عمره، وأبد نصره، وأسعد زمانه وعصره، لعظيم الروم وزعيم الدولة التي مبرتها شهيرة، وسيرتها في الملة النصرانية أحسن سيرة، ذات الشاه الكبير، والمحل الخطير، الملحوظ من جانب الإسلام، بمزيد الاهتمام، ورعى الذمام، ومنجد ملة النصارى، سياسة واستبصارا، وكبيرهم الذى طلع في أفق التدبير نهارا، وقابل أغراض ملته بالشكر سرا وجهارا، فانشق من روض سياسته أزهارا، والرئيس الذى هو الواسطة في عقد قوم عيسى وعاقلهم أميرًا ورئيسا، الأمير جورج الرابع القائم سلطانا بأمر الملك الحق، وخالق الخلق، على مملكة بريطانيا.
أما بعد حمد الله الذى بيده الأمر كله، وليس للوجود إلا فعله، فإنه وصلنا كتابكم، وأنهى لحضرتنا العلية بالله خطابكم، الذى أملى وكتب بديوان مدينة لوندرة بتاريخ 31 من شهر مايو من عام 1827 مسيحية الموافق 5 من ذى القعدة الحرام 1242 من الهجرة النبوية المترجم على يد الوزير كوردتيش فقرأناه، وفهمنا لفظه ومعناه، وعرفنا ما أنتم عليه من كمال العناية بعلى جنابنا، وجميل الرعاية لعزة بابنا، حتى إن إشارتنا لديكم مقبولة، وأغراضنا على كاهل المبرة محمولة، وأسباب رعاية من انضاف إلينا موصولة، كل ذلك طلبا لدوام العشرة والمبرة، وحصول الألفة بين الدولتين والمسرة.
ومن قديم وجنسكم يجل جانب الإسلام على بعد داره، ويبادر في خدمتنا غاية ابتداره، وغاية مقداره، حتى اجتذب القلوب، وأدرك لدينا غاية المطلوب.
وحاصل ما أشرتم إليه من قضية الذمى ابن كذا أنه أحد يهود ذمتنا، ومن المتوسلين بخدمتنا، وقد توسل إلينا في قدومه عليكم، وتخلية سبيله ليتوجه إليكم، فأجبناه من حيث إنه تردد لبلادكم غير ما مرة، وحصل لكم به طول الألفة والعشرة وحدث عنكم بنيل كامل المبرة.
ولم نتعرض فيما بيده من كتبنا لإبطال حق أو تحقيق باطل، ولا نرضى أن يكون فيما يجب بطريق الحق الملد المماطل، بل هو كغيره، في شأنه كله وأمره يأخذ ما إليه، ويؤدى ما عليه، لأن هذا أمر اجتمعت عليه الملل بأسرها، وعليه مدار كنه أمرها، لا يمترى فيه عاقل، ولا يقبل بخلافه نقل ناقل، والخروج عنه خرق للإجماع، وقيل تمجه الطباع والأسماع.
وأما ما استظهر به الذمى المذكور منا، وزعمه من كونه باشدورا أو قنصوا نائبا عنا، فهو إن صح أمر يتوقف على رضاكم، وحكم لا يتم إلا بقضاكم، فكما أنكم لا تستنيبون لدينا، ولا توجهون قنصوا إلينا، إلا من نرضيه وتتوفر فيه شروط للكمال تقتضيه، فكذلك أنتم لا تتم نيابة أحد من قبلنا لديكم إلا بقبول حاله، واستحسان انتحاله، وإلا، فلا.
بهذا تحصل الألفة بين القلوب، وتدوم المبرة التي هى ملاك الأمر المطلوب، بين الدولتين إن شاء الله تعالى، انتهى، وبه صدر أمرنا الشريف بالحضرة العلية، مكناسة الزيتون الإسماعيلية بتاريخ 28 من ذى الحجة الحرام متم 1242 من الهجرة النبوية القمرية، الموافق من الشمسية المسيحية 7 يليز سنة 1827".
ونص ما كتب به (درماندهى) نائب إنجلترا للسلطان يخبره بوصول الفرس الذى أنعم به على حاكم جبل طارق على يده بعد الحمدلة والسلام من أصله العربى:
"أدام الله العز والتمكين، لسيدنا أمير المؤمنين، وناصر الملة والدين، وبعد تقبيل اليد الشريفة أنهى لكريم علم سيدنا أدام الله نصره، وخلد في الصالحات ملكه، أنه ورد علينا الكتاب الشريف الذى تاريخه في 3 جمادى الثانية سنة تاريخه، وصحبته الفرس، يأمرنى مولانا بتوجهه لحاكم جبل طاريق، وعليه يعلم سيدنا أننا وجهنا الفرس المذكور لصاحبه عن أمر مولانا المنصور بالله هذه مدة من 8 أيام سلفت، وأخبرنا بأن الفرس وصل بخير للحاكم المذكور، كما أمرنا وما نحن إلا على الخدمة الشريفة راجيا دعاء سيدنا الصالح والسلام، وفى 21 رجب الفرد الحرام سنة 1249 عن إذن ادرمندهى قونص خلنار ونائب سلطان الإنجليز بإيالة سيدنا السعيدة".
وبعده كتابة إفرنجية ثم طابع ملصق من ورق مطبوع عليه كتابة كذلك.
وفى سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف أواخر الدولة الرحمانية عقد السيد محمد الخطيب مع قنصل الإنجليز معاهدة في أمور التجارة نصها:
"الحمد لله مضمن الشروط التي تعاقد عليها السيد محمد الخطيب مع قنصوا النجليز في أمر التجارة عام 1273:
الشرط الأول:
مضمنه أن تكون التجارة جارية متساوية بين الإيالتين ولتجار النجليز الإتيان والسكنى والبيع والشراء في جميع مراسى سيدنا أيده الله دون أمد محدود في كل محل يكون به غيرهم من الأجناس، ولهم الكراء والاجراء وأعمال الديار
[صورة]
كتاب (جان درماندهاى) قنصل الإنجليز إلى المولى عبد الرحمن في شأن الجواد المهدى لحاكم جبل طارق
والمخازن، ولهم الأمان في أنفسهم وأمتعتهم، ولهم البيع والشراء مع من شاءوا في أنواع التجارة إلا ما هو مذكور في الشرط الثانى من هذه الشروط، ويتجر في كل ناحية من النواحى من غير تعرض ولا ضرر بكنطردات وشبهها، ودون تخصيص في أنواع المتاجر إلا الأنواع المذكورة في الشرط الثانى، ولهم من المنافع والتخصيص ما يكون لأحد من محبى الأجناس وغيرهم بعد هذا ورعية مولانا أيده الله عندهم كذلك.
الشرط الثانى:
مضمنه إسقاط الكنطردات والممنوعات في المتاجر إلا طابغة والأفيون والكبريت والبارود وملحته والخفيف وآلة الحرب وسلاح الحرب، وإسقاط الكنطردات فيما يخرج إلا العلق والدباغ وطابغة والذى يشبهها من الربيع الذى يشرب في الدواية (كذا).
الشرط الثالث:
لا يلزم مسكن ولا غرامة ولا أعشار ولا ما يشبه ذلك لأحد من رعيتهم في شراء أنواع السلع الخارجة بأى وجه باشروا الشراء بأنفسهم أو بواسطة نوابهم إلا الصاكة المبينة في الشرط السابع، وجميع أنواع السلع المشتراة تحمل من كل موضع وتوسق من المراسى دون مكس ولا غيره إلا الصاكة المعلومة، ولا يلزم إذن ولا شبههه لحمل السلع ووسقها، ولا يمنع إلا المسائل التي اقتضى نظر مولانا منعها كما هو مذكور في الشرط الخامس لا يقبض شيئا عليها، وإن فعل أحد من الخدام شيئا يخالف هذا يزجره مولانا أعزه الله إن كان ظالما، ويؤدى ما ناب من الخسارة بعد بيانها.
الشرط الرابع:
لرعيتهم الاستشغال بأنفسهم في أمورهم أو تعيين من ينوب عنهم، ولا يلزمهم أداء شئ لأحد لم يعينوه لخدمتهم، نعم من كان من إيالة مولانا أيده الله منهم
…
(1) سائر رعيته دون تعرض ولا مدخل للولاة في أمور تجارتهم، وإذا تعرض لهم أحد من الولاة في أمر من أمور البيع والشراء ومنعهم من البيع والشراء، فإن مولانا أيده الله يزجره عن فعله.
الشرط الخامس:
إذا اقتضى نظر مولانا أيده الله منع شئ من الموسوقات قوتا أو سلعا، فإن رعيتهم يحملون ما هو بمخازنهم أو مشترى على أيديهم من ذلك الممنوع قبل ظهور المنع، ويبقون على عملهم في ذلك ستة أشهر بعد ظهور المنع، نعم حين يأتى الأمر الشريف بذلك يجعل للتجار يومين أجلاً لبيان ما عندهم من ذلك النوع بمخازنهم، ويعطون رسوم ما عندهم مشترى بالبادية ولا تمنع رعيتهم من وسق ما هو مسرح لغيرهم من الأجناس.
الشرط السادس:
جميع أنواع المتاجر التي يرد بها تجار النجليز لا يلزمهم في أعشارها أكثر مما يعطى غيرهم من تجار المسلمين والأجناس غيرهم، ولا يمنعون من وسق سلعة مسرحة لغيرهم، عدا الأنواع المذكورة في الشرط الثانى.
الشرط السابع:
السلع التي ترد على يد التجار منهم لا يؤدوا عنها أكثر من عشرة في المائة على تقويمها بالمال، ولا يؤخذ عشرها من عينها، كما أن السلع الخارجة من إيالة
(1) مكان النقط بياض بالأصل.
مولانا أيده الله على يد رعيتهم لا يؤدون في صاكتها أكثر مما هو مسطر في الزمام: القمح ريال واحد للفنيكة، الشعير نصف ريال للفنيكة، التركية والذرة نصف ريال للفنيكة، جميع أنواع القطانى نصف ريال للفنيكة، الدقيق ثلاثون أوقية للقنطار، الأرز ستة عشر أوقية للقنطار، الزوان اثنتا عشرة أوقية للقنطار، التمر أربعون أوقية للقنطار، اللوز خمس وثلاثون أوقية للقنطار، اللتشين اثنتا عشرة أوقية للألف، الزيت خمسون أوقية للقنطار، السعتر مثقال للقنطار، الكرمة عشرون أوقية للقنطار، الحناء خمس عشرة أوقية للقنطار، الشمع اثنا عشر مثقالا للقنطار، الصوف المغسولة ثمانية مثاقيل للقنطار، وغير المغسولة خمس وخمسون أوقية للقنطار، الجلد بأنواعه بصوفه ستة وثلاثون أوقية للقنطار، الجلد الفلالى والزوانى والقشينى عشرة مثاقيل للقنطار، الأنصاب عشرون أوقية لكل ألف، الشحم خمسون أوقية للقنطار، البغال خمسة وعشرون ريال للرأس، الحمير خمسة ريال للرأس، الغنم ريال للرأس، المعز خمسة عشر أوقية للرأس، الدجاج اثنتان وعشرون أوقية للطزينة، البيض واحد وخمسون أوقية للألف، البلغة سبعون أوقية للمائة، شوك الدرب خمس أواقى للألف، الغاسول خمس عشرة أوقية للقنطار، القفاف ثمانية مثاقيل للمائة، الكروية مثقالان للقنطار، مشطة العود خمس أواقى للمائة، الشعر ثلاثون أوقية للقنطار، الزبيب مثقالان للقنطار، الكرازى مثقال للمائة، تكوت مثقالان للقنطار، العنب والكتان أربعون أوقية للقنطار، بطانة الغنم مدبوغة بصوفها ست وثلاثون أوقية للقنطار، العاج
…
(1) والنحاس
…
(1) ريش النعم أسود وأبيض.
ولسيدنا أيده الله النظر في منع وسق ما يريد منعه على ما هو في الشرط الخامس، وأما القمح والشعير إن اقتضى نظره منع وسقه وتسريح ما هو لجانب
(1) مكان النقط بياض بالأصل.
المخزن فقط، فله أن يبيعه بالثمن الذى يريد، وإن أراد أن يزيد أو ينقص فيجعل له أجلا للمشترين قبل كما هو في الشرط الخامس، وإن سرحه للرعية فصاكته ما هو في الزمام فقط، وإن اقتضى نظره التخفيف من هذه الصاكة فيكون لرعيتهم ما يكون لغيرهم من الرفق والتخفيف.
الشرط الثامن:
إن أراد أحد من تجارهم وسق سلعة من إحدى مراسينا لمرسى آخر من مراسينا، وكان أدى صاكتها وقت دخولها، فلا يلزمه أداء صاكة أخرى، نعم يكون بيده خط الأمناء بأنه أدى صاكتها قبل.
الشرط التاسع:
جميع أنواع السلع التي أذن في وسقها إذا اشتراها أحد من تجارهم وأرادوا وسقها، فإنه يحملها ولا يؤدى عنها إلا الصاكة المذكورة في الشرط السابع.
الشرط العاشر:
مضمنه تجديد ما يعطى على المخاطف، وهو أن كل مركب يؤدى في المخاطف ست موزونات عن كل طلنض إلى مايتى طلنض، والمركب الذى فيه أكثر من مايتى طلنض يؤدى موزونتين عن كل طلنض، وإن وقع شك للأمناء في قدر الطلنضات فإن القونص يظهر لهم كواغد المركب الذى فيه عدد الطلنضات، وهذا هو الذى يؤدى في جميع مراسى الإيالة التي تدخل في الأودية، أعنى الرباط والعرايش فإنهم يؤدون للبلوط الذى يدخلهم في الوادى أربع موزونات عن كل طلنض، وكذلك الذى يخرجهم يؤدى له أربع موزونات لكل طلنض، وعن مخاطف المراكب التي تدخل للوادى ثلاث موزونات لكل طلنض، والذى لم يدخل الوادى يؤدى مثل مراسى أخر، ويؤدى للبلوط بالصويرة أربع موزونات لكل طلنض في الدخول فقط، وفى المخاطيف ست موزونات لكل طلنض كما ذكر.
وفى مراسى أخر إذا احتاج رئيس المركب إلى بلوط يؤدى موزونتين عن كل طلنض، وإلا فلا، وأما البابورات الواردة بقصد حمل السلع ووضعها فتؤدى ستة عشر ريالا واجب المخاطف، وإذا دخل لمرسى أخرى من الإيالة المذكورة وحمل منها شيئا أو وضع يؤدى مثل ما أدى في المرسى الأولى، وإذا رجع للمرسى الذى أدى فيها أولا فلا يلزمه أداء شئ ثانيا، نعم إذا تردد في الخدمة بمراسى الإيالة بالحمل والوضع فيؤدى مخطافه، وكذلك إذا سافر لإيالة غير إيالتنا ورجع، فإنه يؤدى إلا البابور الذى يكون من مائة وخمسين طلنض فأقل، فيجرى عمله مركب مركب قلع في واجب المخطاف.
وكل مركب يؤدى الزيادة على المخطاف لخدام المرسى على ما يذكر فقط، وكذلك كل مركب من خمسة وعشرين طلنض فأقل يؤدى مثقالين، وكل مركب من خمسة وعشرين إلى خمسين يؤدى أربعين أوقية، ومن خمسين إلى مائة يؤدى ستين أوقية، ومن مائة إلى مائتين يؤدى ثمانين أوقية، ومن مائتين فأكثر يؤدى عشرة مثاقيل.
وفى مرسى تطوان يزاد على ما ذكر مثقال واحد لحمل كاغد المركب من مرتيل للمدينة، وللنفار خمس أواقى، وللبراح ثلاثة أواقى، والمركب الذى يدخل بقصد التستر مع مراكب الحواتة لا يؤدون شيئا، ومراكب راعيتنا لا يلزمها أكثر من هذا في مراسى النجليز.
الشرط الحادى عشر:
إذا أراد تجارهم أن يحملوا سلعة أو ينزلوها، ففلايك المخزن تخدم ذلك، ثم إذا مرت يومان من وصول المركب ولم توجد فلايك المخزن، فتستخدم فلايك الغير، ويعطون للمخزن النصف المعتاد عدا مرسى طنجة وتطوان لقيامها في
مراسيها بفلايك المخزن، ومصروف الفلايك المعتاد في هذا الوقت لا يزاد عليه في المستقبل.
الشرط الثانى عشر:
إذا فتحت في المستقبل مراسى أخرى مثل مهدية وآكدير وغيرها، فتكون هذه الشروط جارية فيها سواء شروط المتجر والمخاطف وغير ذلك.
الشرط الثالث عشر:
إذا اطلع على أحد من رعيتهم مشغولا لا بكطربنضو في إيالتنا في نوع من أنواع السلع، فإن تلك السلعة تحاز لبيت المال، ومن ثبت عليه كطربنضن أمام القنص فإنه يعاقب بغرامة لا تزيد على قدر ثلاث مرات من عشرها، وإذا كانت من السلع التي تقبل يؤدى قدر ثمنها ثلاث مرات، وإذا لم يؤد ذلك على الفور فإنه يسجن على يد القونصو في المحل الذى يظهر له، ولا يطول سجنه أكثر من عام.
الشرط الرابع عشر:
بعد مضى خمس سنين من تاريخ هذه الشروط لكل من الجانبين أن يطلب من الآخر تفقد هذه الشروط ومراجعتها، ربما تكون في مسألة منفعة الجانبين يتفقون عليها بعد، ولا يكون هذا إلا بخاطر الجانبين ورضاهم.
الشرط الخامس عشر:
هذه الشروط يطبع عليها سلطانا الإيالتين وبعد أربعة أشهر يتمسك كل جانب بنسخة منها، ويكون العمل جاريا عليها، وتنسخ حكم الشروط الأولى القديمة بين الجانبين.
وفى نفس السنة عقد الخطيب معهم معاهدة أخرى تتضمن المهادنة والأمن واحترام الرعية وتنسخ ما تقدمها من الاتفاقات في موضوعها وإليك مضمنها:
"الحمد لله مضمن شروط 38 عقدها الخطيب بطنجة عام 1273 مع نائب النجليز زيادة على شروط التجارة المقيدة يمنته:
الشرط الأول:
مضمنه انعقاد الصلح والمهادنة دايما بين جانب مولانا المنصور بالله وبين رينة النجليز، ولمن يأتى بعدهما في مقام الرتبة وبين إيالتهم ورعيتهم.
الشرط الثانى:
مضمنه أن رينة النجليز تعين قونصو متحدا ومتعددا بهذه الإيالة المغربية يسكن بمرسى من مراسيها أو مدينة بمدنها بحسب ما يختاره القونصوا أو دولته.
الشرط الثالث:
مضمنه توقير واحترام نائب رينة النجليز ونوابه لجميع المراسى، ومن توجهه من قبلها لجانب مولانا أيده الله يكونون محفوظين في أهلهم وديارهم لا ينالهم أحد بسوء، ومن عرض لهم بمكروه يؤدب، ويختار النائب المذكور من يترجم عنه ويخدمه من المسلمين أو غيرهم، ونوابه بالمراسى يختارون ترجمانا واحدًا وبوابًا واحدًا ومتعلمين اثنين من المسلمين أو غيرهم للواحد، ولا يكلفون بجزية ولا غرامة، ولا يكون أحد من هذه الإيالة المغربية تحت حمايته إلا عياله فقط، ويؤذن لهم في جعل السنجاق في كل وقت، وفى اتخاذ محل صلاتهم والحوائج التي ترد عليهم لأنفسهم أو لأهل دورهم بهذه الإيالة لا صاكة فيها، وإنما يعطون خطوط أيديهم للأمناء بعدد ما يريدون جوازه، وهذا إنما هو للقونصوات الذين لا
يتجرون، وفيها أرادوا الخروج فلهم ذلك لا يمنعون، ولا يثقف عليهم شئ من حوائجهم، وإن زيد لقنصوات الأجناس شئ من ذلك يزاد لهم.
الشرط الرابع:
مضمنه أن لرعية النجليز أن يسافروا أو يسكنوا حيث شاءوا من إيالة سيدنا، لكنهم إن سكنوا يتبعون قانون حاكم البلد، ولهم أن يكتروا ويحوزوا (1) الديار المخازن، وإن لم يجدوا ذلك وكان في المحل المعلوم لسكناهم محل يصلح لبناء ذلك فيه، فإن المخزن يعينهم عليه ويتكاتب معهم على مصروف رينتهم قدر ما يبقى بأيديهم من السنين، لا يخرجهم أحد منها إلى أن تتم المدة، ولا يلزمون بغرامة ولا بخدمة المخزن في بر أو بحر ولا بإسلاف شئ من مالهم، كرها وديارهم ومخازنهم محترمة ولا تفتيش كرها في ديار رعيتهم وكنانيش تجارهم وكاتبهم إلا بموافقة القونصو أو نوابه، وقد عهد سيدنا أيده الله أن رعية النجليز المستقرين بإيالته السعيدة لهم الأمن والحق في أنفسهم وأمتعتهم مثل ما لرعية سيدنا بإيالة النجليز.
الشرط الخامس:
مضمنه أن الساكنين بإيالة سيدنا أو التاجرين بها من إيالة النجليز لهم الأمن التام على أنفسهم وأموالهم، ويتدنون بأمر دينهم من غير منع، وتعين لهم مقبرة لدفن موتاهم ويخرجون لدفنها آمنين في ذهابهم وإيابهم، ويوجهون لقضاء أغراضهم برا وبحرا من أرادوا، وإذا كان لتاجر منهم مركب في أحد المراسى أو خارجها فله أن يصعد إليه بنفسه أو بمن يريد من أصحابه من غير أن يعطوا شيئا على ذلك.
(1) في الأصل: "ولهم أن يكنزوا ويجزوا (كذا) " وحاز الشئ: ضمه وملكه. يقال: حاز المالَ وحاز العقار.
الشرط السادس:
مضمنه أن كل من بإيالة سيدنا من النجليز لا يكلف ببيع ولا بشراء إلا برضاه، ولا تسلط لأحد من المسلمين على ما بأيديهم إلا ما يعطونه عن طيب نفس، ومثل هذا يكون لإيالة سيدنا في إيالة النجليز.
الشرط السابع:
أن من كان من إيالة النجليز لا يلزم بأداء دين ترتب على غيره من أهل جنسه إلا إن كان ضامنا له برسم أن بخط يد، ومثل ذلك الديون التي تكون لبعض إيالة النجليز على بعض إيالة سيدنا.
الشرط الثامن:
مضمنه أن ما يحدث بين رعية النجليز بإيالة سيدنا من الدعاوى كيفما كانت إنما يحكم فيها القونصوا أو نوابة، ولا يدخل فيها قاض ولا قائد ولا غيرهما.
الشرط التاسع:
مضمنه أن الدعاوى التي تكون بين رعية سيدنا وبين رعية يفصل فيها، فإن كان المشتكى من رعية النجليز والمشتكى من رعية سيدنا، فالمشتكى النجليزى يرفع شكواه لعامل البلد أو قاضيه بواسطة القونصو أو نوابه، ولهم الحضور في محل الحكم على الدعاوى.
وإن كان المشتكى من رعية سيدنا والمشتكى به من رعية النجليز، فيرفع المشتكى شكواه لمحل الحكم والفصال للقونصو أو نوابه بواسطة عامل البلد أو قاضيه، ولهما أو لمن ناب عنهما الحضور وقت فصل الدعوى، وإن لم يرض النجليز بحكم الحاكم أو القاضى أو لم يرض المسلم بحكم القونصو ونوابه فله رفع دعواه لنائب جنسه المفوض من الإيالتين.
الشرط العاشر:
مضمنه كيفية النظر في فصل الدعوى وما هو حجة فيها وما لا فيها إذا رضى أحد من رعية النجليز يرفع دعواه لولاة سيدنا على أحد من رعية سيدنا لسبب دين ترتب عليه بإيالة النجليز، مع بيان ما يكون عليه العمل إن فر مدين من المدينين، وهو من إيالة سيدنا لبلد داخل الإيالة وليس بها قونصو للنجليز ولا نائبه.
الشرط الحادى عشر:
مضمنه إعانة ولاة سيدنا لنواب جنس النجليز بالمخزانية والعسة وغير ذلك إن احتاجوا له وتكون السخرة مثل ما يعطيه رعية سيدنا.
الشرط الثانى عشر:
مضمنه إذا تبين الزور في شهادة أحد من رعية سيدنا على أحد من رعية النجليز فيزجر، وكذا إن تبين الزور في شهادة أحد من رعية النجليز على أحد من رعية سيدنا فإنه يزجر أيضا.
الشرط الثالث عشر:
مضمنه استواء كل من هو من رعية النجليز كانوا مسلمين أو يهود أو نصارى في الحقوق والمنافع المتفق عليها في هذه الشروط، وفى اتفاق شروط أمور التجارة والمراكب، وكذا فيما يسلم لجنس من خواص الأجناس فيما يستقبل.
الشرط الرابع عشر:
مضمنه إذا كانت دعوى كبيرة أو صغيرة بين أحد من رعية النجليز، وبين أحد من رعية جنس من الأجناس غير المسلمين فلا يدخل فيها ولاة سيدنا، والقونصوات هم الذين يتولون فصلها في محل خدمتهم إلا إن ظلم أحد من رعية
سيدنا في تلك الدعوى، فيحضر أحد ولاة المسلمين أو نائبه في فصلها عند القونصوات.
الشرط الخامس عشر:
مضمنه أنه إذا كان أحد من الرعيتين في خدمة، وفر منها للرعية الأخرى، فإنها لا تستعمله في خدمتها، ولا يستقر بإيالتها، سواء كانت خدمته في البحر والبر، وكذلك إن فر أحد من بحرية المراكب البرزكان من أحد الجانبين للجانب الآخر ووقع عليه الطلب، فإن لم يكن فيه كسب ولا هد من رعية الجانب المطلوب منه، فإن ولاة ذلك المحل يعينون القونصوات أو نوابهم على قبضه ولا يعينون الفار على فراره.
الشرط السادس عشر:
مضمنه أن جميع رعية النجليز على أى دين كانوا لهم الحق والمنع على مقتضى هذه الشروط، وإن كان أحدهم متدينا بدين الإسلام فلا تنقض له حماية ولا منفعة.
الشرط السابع عشر:
مضمنه أن كل من كان من رعية النجليز بإيالة سيدنا في وقت الصلح أو في وقت الحرب، فله الحرية الكاملة، وإن نشأ بالمغرب أو بمحل آخر من غير إيالة النجليز فيذهبون حيث شاءوا ويركبون في أى مركب أرادوا، ويحملون معهم عيالهم وخدامهم، ويتصرفون بما شاءوا في سلعهم وأموالهم من غير أن يتعرض لهم بمنع أو تثقيف، ويكون مثل ذلك لرعية سيدنا في إيالة النجليز.
الشرط الثامن عشر:
مضمنه إذا مات أحد من رعية النجليز أو ممن في حمايته بإيالة سيدنا،
فالنظر في متروكه وجميع متخلفه لوصيه الذى سماه في وصيته كورثته إن كانوا حاضرين، فإن غاب الورثة أو الوصى إن لم يكونوا، فالقونصوا أو نوابه يحوزون ذلك لورثة الميت أو أقاربه، ولا يدخل في ذلك ولاة سيدنا بتثقيف ولا بحث.
وإذا ترك الميت المذكور دينا على أناس، فإن عامل البلد يلزمهم أداءه للقونصو، وكذلك إن كان على الميت دين لأحد من رعية سيدنا فإن القونصو يقف له على متاعه حتى يقبضه.
الشرط التاسع عشر:
مضمنه أن ما انعقد عليه الشروط يعم جميع إيالة النجليز وجميع من سكن في بلد من مملكتها حتى الذين هم بجبل طارق وبالجزر التي تحت حمايتهم، ويعم جميع من يدخل في طاعتها في المستقبل.
الشرط الموفى عشرون:
مضمنه أن رعية النجليز ومن هو تحت حكمها يكون لهم ما انعقد بهذه الشروط من المنافع ووفور النعم، وجميع ما يسلم لجنس من الأجناس في المستقبل يكون لهم مثله.
الشرط الحادى والعشرون:
مضمنه إذا غنم النجليز مركبا لجنس معه في الحرب ووجد في المركب أحد من رعية سيدنا، فإنه على حرمته ويخل سبيله ولا يتعرض له ولا لأمتعته المحمولة معه، وكذلك إن غنم قرصان من قراصين سيدنا مركبا لجنس معه في الحرب ووجد فيه أحد من رعية النجليز، فإنه على حريته كذلك يذهب حيث شاء، ولا يتعرض له ولا لأمتعته المحمولة معه.
الشرط الثانى والعشرون:
مضمنه إذا كان مركب للنجليز عنده البطنطة وغنم مركبا وأتى به لمرسى من مراسى سيدنا، فلأهل المركب النجليزى أن يبيعوا المركب المغنوم بتلك المرسى، وكذلك السلعة المغنومة من غير منع، ولهم أن يذهبوا بغنيمتهم إلى حيث شاءوا.
الشرط الثالث والعشرون:
أن مركب النجليز إذا ألجأه مركب لعدوه إلى الدخول تحت رمايته من سواحل سيدنا، فإن له الاحترام ويدافع عنه ولاة سيدنا ما أمكن، ومثل ذلك يكون لمراكب سيدنا في جميع سواحل إيالة النجليز.
الشرط الرابع والعشرون:
مضمنه إذا كان قرصان من القراصين ليس لسيدنا ولا للنجليز وعنده بطنطة لجنس هو في الحرب مع سيدنا أو مع النجليز، فلا يسامح في الإقامة بمرسى من مراسى الجانبين، ولا يبع بها الغنائم التي غنمها، ولا يبدل بها سلعة أو سقا لغيره، وكذلك لا يسامح أن يعان بشئ من الإقامة لمركب ولا بشئ من المأكولات إلا قدر ما يوصله لأقرب بلدة.
الشرط الخامس والعشرون:
مضمنه أنه إذا كان بإحدى مراسى سيدنا أو بساحل من سواحله مركب لجنس هو في الحرب مع النجليز، وكان هناك مركب للنجليز، فإنه لا يسامح لمركب عدو النجليز أن يقتحم على مركب النجليز، أو يتعرض له بسوء، كما لا يسامح لمركب ذلك العدو أن يخرج بإثر مركب النجليز، إنما يخرج بعد مضى أربعة وعشرين ساعة من خروجه، إذا كان لأهل المحل قدرة على منعه، وبمثل ذلك تعامل مراكب سيدنا في مراسى النجليز.
الشرط السادس والعشرون:
مضمنه أن مراكب تجار النجليز أو قراصينه إذا كانت بإحدى مراسى سيدنا أو بساحل من سواحله واحتاج أهلها للماكولات أو الفريشك، فلهم أن يشتروا ما يحتاجون إليه بسعر الوقت من غير عشر، ولكن إنما يشترون ما يكفيهم مدة إقامتهم بالمرسى، وما يوصلهم للبلد الذى يسافرون إليه.
الشرط السابع والعشرون:
مضمنه أن المراكب أو الفلايك الصغار التي يكتريها النجليز لحمل المكاتيب، لها الاحترام والخصوصية كما ذلك للمراكب القراصين إذا لم يبع أهلها ولم يشتروا مع أهل بلد بإحدى مراسى سيدنا ولم يحملوا شيئا من السلعة، فإن حملوا سلعة فحكمهم حكم البرزقان.
الشرط الثامن والعشرون:
مضمنه أن مراكب رعية الجانبين وسكان إيالتنا إذا دخل أحد منهم لساحل من سواحل الجانبين، ولم يرد الدخول للمرسى، أو دخل ولم يرد أن يبين ما عنده ولا أن يبعه، لا يلزم ببيان ولا يبحث أحد فيما عنده، لكن لخدام المرسى الإذن في جعل السلعة بالمركب مدة إرسائه بالمرسى على المخطاف لمنع الكطربنض.
الشرط التاسع والعشرون:
مضمنه أنه إذا ورد مركب للنجليز على إحدى مراسى سيدنا وكان فيه وسق، فإنما يطالب بصاكة ما أنزل من الوسق، وأما ما لم ينزله فيفعل فيه ما شاء، وله أن يسافر به وزمام وسق المركب يدفع بيد ولاة المرسى حالة الوصول إليها، ولولاة المرسى البحث في المراكب ساعة الوصول وعند السفر، وأن يجعلوا الساعة في المركب على شأن الكربنض، وعلى هذا المنوال يكون العمل في مراسى النجليز
مع مراكب سيدنا، ويلزم رؤساء المراكب أن يصحبوا زماما من قونصهم أو نائبه بما سافروا به من الوسق ويظهروه لأمناء المرسى ليبحثوا عن الكطربنض.
الشرط الموفى الثلاثين:
مضمنه أنه لا يلزم رؤساء مراكب الجانبين أن يحملوا في مراكبهم سلعة ولا أحدًا إلا برضاهم، ولا يلزمون أن يسافروا لمحل لا يريدونه ولا تثقف مراكبهم بوجه.
الشرط الحادى والثلاثون:
مضمنه أنه إذا اكترى أحد من رعية سيدنا مركبا للنجليز على أن يحمل فيه سلعة أو أناسا إلى بلد آخر من إيالة سيدنا، فألجأت الريح أو البحر ذلك المركب في حال سفره إلى الدخول لمرسى أخرى، فإن رئيس ذلك المركب لا يلزمه مخطاف ولا صاكة إلا إن أنزل شيئا أو حمل شيئا.
الشرط الثانى والثلاثون:
مضمنه أن مراكب النجليز إذا حصل لها مضرة في البحر ودخلت لأحد مراسى سيدنا بقصد إصلاح ما فسد، فإنهم يقبلونها ويعينوها بما تتوقف عليه من الإقامة والآلات إن كان ذلك موجودا في المحل، ويشتريه أهل المركب لأنفسهم كما يشتريه غيرهم.
الشرط الثالث والثلاثون:
مضمنه أن مركبا إذا حرث أو تكسر في نحية من نواحى سيدنا فله الاحترام والإعانة بما يحتاج إليه، والمركب وما فيه والسلعة التي نجت من الغرق، والتى خرجت بعده لا يضيع شئ من جميع ذلك، ويدفع جميعه لأربابه أو للقونصوا ونوابه يدفعونه لأربابه.
وإن كان في المركب الذى حرث سلعة فلأربابها بيعها لإيالة سيدنا أيده الله، ويؤدون الواجب في عشرها ما لم تكن موسوقة من إحدى مراسى سيدنا، فإن الصاكة الأولى حينئذ كافية، ولربها الخيار في البيع والوسق والبحرية مع الرئيس يتوجهون حيث شاءوا، رعية سيدنا مثل ذلك ببلاد النجليز، وإذا حرث مركب للنجليز بوادى نون أو بعض سواحله، فإن سيدنا يستعمل جهده في تحصيل بحريته حتى يركبوا لبلادهم، وحتى القونصوا أو نوابه يؤذن لهم في البحث والوقوف في ذلك ويعينه ولاة سيدنا بما يوافق المحبة.
الشرط الرابع والثلاثون:
مضمنه اتفاق جانب سيدنا وجانب النجليز على بذل المجهود في قطع الزمنطوط، وأن سيدنا التزم البحث بسواحله عن المشتغلين بذلك، وأن يعين النجليز في ذلك بعقدية من يظهر منهم بإيالته.
الشرط الخامس والثلاثون:
مضمنه إذا وقع من أحد من رعية الجانبين أو في مركب من مراكبها ما يخالف شرطا من الشروط، فإن الصلح لا ينقض، ويبقى ثابتا راسخا إلى أن يكتب لسلطانه بفعله، فينكر عليه، وإذا رام بعض رعية الجانبين إفساد شرط من هذه الشروط، فإن سلطانه يؤدبه ويعاقبه.
الشرط السادس والثلاثون:
مضمنه أنه إذا وقع بين الجانبين نقض للصلح، نشأ عنه حرب بجميع من بإيالة سيدنا من رعية النجليز، أو من في حمايتهم على حريتهم يذهبون لأى محل أرادوا، ويركبون في موضع أحبوا من مراكب الأجناس، ولهم حمل أمتعتهم وعيالهم وخدامهم، سواء خلقوا بإيالة النجليز أم لا، ويكون الأجل في ذلك ستة
أشهر لمن طلبه لإصلاح أموره وبيع سلعته، ولا يتعرض لهم أحد بمكروه في خلال المدة في أنفسهم وأموالهم، وللولاة إعانتهم في قبض ديونهم من غير مماطلة، ومثل ذلك يكون لرعية سيدنا في إيالة النجليز.
الشرط السابع والثلاثون:
مضمنه وجوب شهرة هذه الشروط المنبرمة لرعية الجانبين، فتخرج منها نسخ للقواد والأمناء الواقفين على الداخل والخارج في جميع المراسى ولرؤساء القراصين بحيث لايبقى فيها جهل.
الشرط الثامن والثلاثون:
مضمنه أن هذه الشروط يطبع عليها سيدنا وسلطانة النجليز، ويتمسك بها كل واحد من الجانبين في مدة أربعة أشهر من تاريخها الذى هو عاشر ربيع الثانى من عام ثلاثة وسبعين ومائتين وألف، وحين يتمسك بها مع شروط التجارة والمراكب التي وقع الفصل عليها في التاريخ المذكور، يصير العمل في المستقبل عليها، وتكون ناسخة للشروط المتقدمة بين الإيالتين بهذا تم فصل النائبين الخطيب وقونصوا النجليز بمحروسة طنجة ووضع كل منهما طابع خاتمه على الشروط المذكورة.
وأما إسبانيا فقد أقر معاهدة عمه ألتى عقدها معها وزيره ابن عثمان عام 1213.
ونص ما كتبه في ذلك موافقا على إقامة نائب إسبانيا الجديد بعد البسملة والحوقلة والطابع:
"أثبتنا بحول الله وقوته، وإفضاله وشامل يمنه ومنته، ما صالح عليه أسلافنا قدس الله ثراهم جنى الإصبنيول من الشروط المقررة المعهودة المتعارفة، التي
[صورة]
مطالب سبع طلبتها إسبانيا من المولى عبد الرحمن بواسطة قنصل الإنجليز درمنادى الوارد على حضرة مراكش الحمراء، وبجانبها أجوبة السلطان عليها بواسطة وزيره ابن إدريس المنتدب لذلك
[صورة]
إرجاع حدود سبتة لما كانت عليه من قبل وتحديدها بحضور عامل طنجة بوسلهام أزطوط وقنصل الإنجليز درماندهاى، وقنصل إسبانيا أنطونيو برمندى وحاكم سبتة الجنرال أردنيس وشيخ أنجرة شجاع وقائد عسة سبتة أحمد العسرى سنة 1260، ويرى إمضاء القنصلين وختم العامل
[صورة]
تسوية المسائل بين إسبانيا والمغرب نهائيا بمدينة العرائش بتاريخ 28 ربيع الثانى عام 1261، 6 ماى 1845 وعليه خط قنصلى إسبانيا وإنجلترا وطابع بوسلهام عامل طنجة، وتحت الوثيقة العربية النص الإسبانى
[صورة]
بقية النص الإسبانى، ثم إمضاء ملكة اسبانيا بمدريد عليها في ثانى عشر ماى المذكور
بسببها تتم المهادنة والمساعفة والمساعدة، وتوجب الاعتناء بجانبنا الشريف العالى بالله والمودة، وارتضينا اليصاندرابريارى بدلا من الذى كان قبله، فعلى الواقف عليه من خدامنا وولاة أمرنا العمل بما قدرناه، وأن يقتفى أثر ما سطرناه، صدر بهذا الأمر المعتز بالله في 26 من جمادى الثانية عام 1240.
وفى سنة أربعين المذكورة ورد عليه سفير (الصاردو) من قبل ملكهم طالبا عقد صلح ومهادنة ورعاية من الجانبين، فأجابه السلطان لذلك، وكلف الوزير المختار الجامعى بمفاوضته، فعقد معه هذه المعاهدة التي أمضاها السلطان وأوجب العمل بها ونصها بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكبير:
"لما ورد على حضرتنا العلية بالله سفير جنس صارض (جرونم ارميريوا) قونصو ونائبا عن الباشدور الموجه قبل جنسه لكبره وضعفه عن السفر (كونذى ذيجنس) بكتاب سلطان جنسه المتضمن طلبه من على جانبنا المصالحة والمهادنة والانخراط في سلك من له محبة في جانبنا العالى بالله أجبناه لذلك على نحو ما اشتملت عليه الشروط التي وقع اختياره عليها ومراده العمل بمقتضاها إسعافا لرغبة سلطانه، وإكراما لوفادته، وأوجبنا العمل بمقتضاها مدة كون جنسه محافظا لمقتضيات رضانا، مراعيا لأشراط مودتنا، معتنيا بشأننا ماضيا على نفذ أمرنا هـ.
الشرط الأول:
أننا آلينا على أنفسنا أن لا نقبل نيابة جنس عن جنس، فإننا أقررنا الصلح والمهادنة على الشروط التي ستذكر مدة كون قونصوا صارض في إيالتنا رافعا لسنجاق جنسه مراعيا لأشراط المودة عاملا لمقتضاها هـ.
الشرط الثانى:
رعية مولانا أمير المؤمنين لهم التجارة في البر والبحر آمنين، بحيث لا يتعرض لهم بسوء ولا مكروه وكذلك تجار جنس صارض هـ.
الشرط الثالث:
جميع تجار صارض وبحريته ورعيته تكون لهم المنافع بهذه الإيالة السعيدة، كما هى لرعية الأجناس المعتبرين الملاحظين عند سلطان مراكش، ويكون لرعية سلطان مراكش في إيالة سلطان صارض مثل ذلك هـ.
الشرط الرابع:
رعية سلطان صارد لهم الخروج والسفر من إيالة سلطان مراكش كغيرهم من الأجناس النصرانية، من غير إذن ولا مشورة، إلا أذن قونصهم أو نائبه وربما تكون عليهم حقوق لغيرهم لا يلزمونهم ولا قنصهم ولا نائبه بأداء دين ترتب على غيرهم إلا ما كان ضامنا له من ذلك برسم أو بخط يد هـ.
الشرط الخامس:
لقونصوا صارض ونائبه وأصحابه ما لغيرهم من أصحاب قنصوات الأجناس من الاستظلال بظل عناية سلطان مراكش والتوقير من ولاة أمره الشريف، وكذلك من اتصف بخدمة سلطان مراكش بأرض صارض هـ.
الشرط السادس:
رعية سلطان صارض لا يجبرون على الإتيان بالمدافع والبارود ولا بشئ من آلة الحرب هـ.
الشرط السابع:
مراكب سلطان صارض لا يثقفون مجانا بإيالة سلطان مراكش أكثر من المدة التي يريدون المقام بها، ولا يلزمون حمل شئ من مرسة إلى مرسة أخرى إلا برضاهم هـ.
الشرط الثامن:
سلطان صارض ألزم نفسه أنه لا يعطى باسبورطه لأحد من مراكب الأجناس إلا لمراكب رعيته، ويكون مطبوعا بطابع رئيس وزرائه وخليفته برا وبحرا، ويكون أيضا مطبوعا بطابع مرانطى المرانطس، ويكون أيضا في بسبورط مراكبه البرزكانية تقطيع كنطر سينية المعروفة بهذا الاسم عند رؤساء مراكب المسلمين وغيرهم، فإذا لقيتهم مراكب سلطان مراكش في البحر ورأوا عندها هذه الكنطر سينية فإن مطالعتها تغنيهم عن البحث في البسبورط، وأما المراكب الصغار للجنبين مثل صيادين الحوت وغيرهم لا يحتاجون ولا يلجئون إلى إحضار هذه الكنطر سينية، ثم إذا ظهر لسلطان صارض تبديل هذه الكنطر سينية إلى حالة غير الحالة التي هى عليها الآن فإنه قبل تبديلها عن حالها يخبر بذلك سلطان مراكش على يد قونصوه هـ.
الشرط التاسع:
إذا قرصان من قراصين سلطان لقى في البحر المراكب البرزكانية لسلطان صارض وبسنجاقه، فإن قرصان سلطان مراكش لا يثقفهم ولا يعطلهم عن سفرهم ولا يطلع إليهم للبحث في وسقهم، بل يتركهم على حريتهم يتوجهون إلى سبيلهم، ولا يلزمهم بإظهار كاغيط آخر سوى الكونطر سينية، ولا يختلطون معهم بالمباشرة لئلا يلزمهم الكرنطينة في دخولهم للمراسى، فإذا استعار أحدهم الآخر بشئ هو في الحاجة إليه، فلا بأس أن يعين أحدهم الآخر على طريق الصحبة والمهادنة، ومثل ذلك تفعله قراصين سلطان صارض مع مراكب سلطان مراكش وقراصينه، ولا يلزمون مراكيب صارض بإظهار كاغيط سوى ما أخذوه من عند قونصهم الذى هو بالمرسة التي خرجوا منها هـ.
الشرط العاشر:
إذا لقى قرصان من قراصين الجانبين مركبا بزرقانا للجانبين، فإن القرصان لا يلزم البزرقان بأن يأتى إليه بفلوكة لمطالعة كواغطه، بل القرصان ينزل فلوكته ويأتى إليه، فإذا وجد عنده ما أوجب له شكا أو ريبة في الكواغط وألجأه ذلك إلى البحث لإزالة الشك والريبة، فإنه لا يطلع إلى المركب، ولا يسامح أن يبحث في كواغطه ولا في وسقه إلا لمن هو أمين، فإذا نشأ عن ذلك ضرر للمركب أو لما فيه فإن من جاء ذلك على يده يؤدب ويصلح ما فسد ويغرم ما ضاع هـ.
الشرط الحادى عشر:
إذا قرصان لسلطان مراكش غنم مركبا لمن هو في الحرب مع سلطانه، ووجد فيه أحدا من رعية صارض، فإنه لا يتعرض له بمكروه، بل هو وسلعه وأمتعته على سبيل حريته، فإذا دخل به إلى مرسى إيالة سلطانه فإنه يدفع هو وسلعته وأمتعته إلى قنصوه، وكذلك يدفعه لقنصوه إذا دخل به مرسى من مراسى الأجناس الذين هم في المهادنة والصلح مع سلطانه، فإذا دخل مرسى بلد صارض فإنه يدفعه لحاكم ذلك البلد، ومثل ذلك يكون لقراصين سلطان صارض مع رعية سلطان مراكش.
الشرط الثانى عشر:
إذا مركب لسلطان صارض أقحمته مركب لعدوّه ودخل تحت رماية من سواحل إيالة سلطان مراكش، فإن له الاحترام ويدافع عنه ما أمكن، ثم على الحاكم بذلك الساحل أن يلزم مركب العدو الخروج إلى البحر من حينه، أو يقيم بالمرسى بعد خروج مركب صارض المدة المعلومة لهم في قانون البحر، ومثل ذلك يكون لمراكيب سلطان مراكش التي يقحمها عدوها ويلجئها إلى دخول سواحل إيالة سلطان صارض.
الشرط الثالث عشر:
جميع مراكب رعية سلطان مراكش الخارجة من مراسى سواحله إذا دخلت مراسى سواحل إيالة سلطان صارض، فلابد أن يلزموا بأعمال الكرنطينة إن تعين موجبها في المواضع المعلومة لأعمالها لكل من لزمه ذلك، أو في موضع آخر يعين لهم، وبعد الخروج من الكرنطينة فإنه يسوغ لهم الدخول لأى مرسة شاءوا من إيالة سلطان صارض وحتى مراكب سلطان صارض الواردين لمرسى سلطان مراكش يلزمون لأعمال الكرنطينة في الموضع الذى يعين لهم أعمالها فيه على الكيفية التي تكون لغيرهم من الأجناس.
الشرط الرابع عشر:
جميع مراكب الكرة لسلطان صارض إذا دخلوا مراسى إيالة سلطان مراكش يقابلون بمثل ما يقابل به غيرهم من قراصين الأجناس الذين في المهادنة والصلح معه والعمل فيما يحملونه من العوين وما يصلحون به مركبهم على القانون الجارى المعمول به مع سائر الأجناس. المعتبرين عند سلطان مراكش، ومثل ذلك يكون للقراصين الجهادية التي لسلطان مراكش في مرسى سلطان صارض.
الشرط الخامس عشر:
إذا دخل قرصان صارض لمرسى من مراسى إيالة سلطان مراكش، فإن القونصوا أو خليفته بذلك المرسى يعلم عامل البلد لئلا يهرب إليه أسير من الأسارى التي تكون عنده، فإذا وقع ونزل وهرب إليه أسير فإنه لا يقدر أحد أن ينزله منه مراعاة لتوقير سنجق صارض، وليس لأحد كلام في ذلك مع قونصوا صارض ولا يلزم بشئ من ذلك، ومثل ذلك يكون لقراصين سلطان مراكش بمرسى إيالة سلطان صارض.
الشرط السادس عشر:
حتى قرصان من قراصين الجانبين لا يسامح له في الترصية قريبا من مراسى الجانبين التي يكون داخلا تلك المرسى مركبا لعدوه ليأخذه إذا خرج، ولا يتعرض أحد لمركب عدوه التي تحت رماية مدافع، وكذلك المركب مرصا على قدرها في الموضع الذى لا مدافع فيه كما هى العادة هـ.
الشرط السابع عشر:
إذا حرث مركب لسلطان صارض بساحل من سواحل إيالة سلطان مراكش بسبب من أسباب فراتين البحر، أو ألجأه إلى ذلك قرصان لعدوه، فإن الواقفين بذلك الساحل وسكانه يعينوهم على إخراج مركبهم إلى البحر، فإذا لم يقدروا على إخراجه يعينوهم على نزول وسقه وجميع ما فيه، وقونصوهم أو خليفته هو الذى له التصرف في ذلك والنصر فيه، ولا يلزمهم في ذلك مصروف إلا ما يلزم في خدمة نزول الوسق منه، وكذلك لا يلزم شئ من العشر في السلعة التي يلزم منه إلا ما بيع منها في الموضع، فيعطى العشر الواجب فيه، وأما ما يحمل من ذلك في مركبه أو في مركب آخر فلا يلزم عليه شئ من الأعشار ولا غيرها هـ.
الشرط الثامن عشر:
لسلطان صارض أعمال قونصوه وخلائف قونصوه الذين يعينهم هو لذلك ليقفوا بحسب النيابة عنه مع تجاره ورؤساء مراكبه وبحريته، ويفاصلون الدعاوى التي تكون بينهم، ولا مدخل لحاكم البلد في ذلك إلا أن يستعين به القونصوا على من امتنع من أداء ما وجب عليه فليعنه بما يطلبه منه.
الشرط التاسع عشر:
لقونص سلطان صارض تعليق سنجق جنسه في داره وحتى في القوارب
التي يركب فيها حين يريد الخروج لملاقاة مراكب جنسه، ويكون لداره الوقار والاحترام مثل ما هو لدور غيره من قونصوات الأجناس.
الشرط العشرون:
لا يمنع قونصوا جلنار سلطان صارض من أعمال كنيسية في داره ليتعبد بها هو وأهل جنسه، وكذلك من أراد الدخول إليها لذلك من جنس آخر فلا يمنع، وكذلك رعية سلطان مراكش لهم إحداث موضع لصلواتهم وعبادتهم في إيالة سلطان صارض.
الشرط الحادى والعشرون:
إذا مات أحد من رعية سلطان صارض في إيالة سلطان مراكش فإن قونصوهم هو الذى يحوز جميع متروكه، وله التصرف فيه بما يظهر له بيعه أو دفعه لورثة الميت، ولا مدخل في ذلك لشرع البلد ولا لعامله.
الشرط الثانى والعشرون:
إذا أحد من رعية سلطان صارض رفع يده تعديا على أحد من رعية سلطان مراكش، لا يكون إعمال الشريعة بينهما في ذلك إلا إذا حضر معه قونصوه، فإذا هرب هذا الذى تعدى أو ظلم فإن قونصوه لا يطالب بإحضاره، وكذلك يكون لمن رفع يده تعديا على أحد من رعية صارض، فإنه العقوبة تلزمه على قدر فعله، فإذا هرب أو اخترم فإن العامل لا يطالب به.
الشرط الثالث والعشرون:
إذا وقع نقص من هذا الصلح والمهادنة التي بين الجانبين، وجاء من ذلك حرب نعوذ بالله منه، فإن لسلاطين الجانبين إعمال الأجل في ذلك لمن طلبه ستة أشهر لأجل أن يخرج من إيالة هذا بل هو من راعية هذا، ولرعية الجانبين في
خلال تلك المدة الحرية الكاملة حتى يبيعون سلعهم أو يحملونها إلى أى موضع شاءوا آمنين لا يتعرض لهم أحد بسوء أو منع بسبب ما ذكر من الحرب ولهم حمل أمتعتهم وعيالهم سواء نشأوا في بر المسلمين أو لا، ثم إذا وقع الحرب بين الجانبين وغنم أحد مركبا لرعية الآخر فإنهم لا يكونون عندهم أسارى، ولا يفعل بهم ما يفعل بالأسارى بل يكونون مثقفين فقط حتى يقع الفداء، وإن لم يمكث أسيرا عند الجانبين أكثر من عام، وإن وجد في المركب المغنوم لأحد من الجانبين نساء صبيان من نحو سنتين إلى اثنتى عشرة سنة وشيوخ مر عليهم أكثر من ستين سنة، فإن هؤلاء من أخذهم في غنيمته فإنه يسرحهم من حينه ويتوجهون حيث شاءوا وعليهم كراء حملهم للموضع الذى قصدوا النزول به.
الشرط الرابع والعشرون:
حيث إنه (البرنسبلداددمنك) تحت طاعة سلطان صارض، وله فيها جيشه وهى بلاد حرب فجميع سكانها داخلين تحت هذه الشروط لأنهم من جملة رعيته.
الشرط الخامس والعشرون:
إذا وقع فيما يستقبل نزاع في كلمة من ألفاظ هذه الشروط من حيث إنها تقتضى أمرين ووقع نزاع فيما يتمشى عليه فيهما ويتبع فلا ينقض الصلح بذلك، بل يبقى محفوظا ثابتا مقيما دائما على رسخه وصفوه إلى أن يتبين ذلك ويتحقق معناه، فتتبع الحقيقة والبيان حيث ما كانا، ورعية الجانبين تبقى على حريتها في عملها وتجارتها، ولا يتعرض لهم أحد بسوء لأجل هذا، ولا تكون الكرة ولا الحرب بين الجانبين إلا إذا أحدهما امتنع من اتباع الحق والشريعة.
الشرط السادس والعشرين:
إذا أحدث فيما يستقبل وقد أغفل ذكره في هذه الشروط (1) فإن الفصل فيه والعمل يكون على ما فيه منفعة لرعية الجانبين.
يزاد فصل على الشروط المذكورة:
وهو إذا وقع خصام بين المسلمين وبين صارض المفاصلة تكون بينهما على وجه الشريعة والحق، ولا يكون ذلك إلا إذا حضر مع صارض قنصوه أو نائبه أو وكيله هو، حتى يتبين الحق له أو عليه، وعلى كل حال لابد من رجوع مشورة السلطان، وحتى من كان من رعية سلطان مراكش في إيالة سلطان صارض إذا يكون له خصام مع أحد من رعيته، فإن المفاصلة بينهما تكون بمحضر قونصوا المسلمين أو نائبه أو وكيله هو، ثم إذا لم يقبل المسلم ذلك فله الرفع لشرع بلدة أخرى أو سلطان صارض.
ثم يزاد أيضا ما أمر مولانا نصره الله بزيادته حين قرئت عليه الشروط المذكورة ويلزم إياله سلطان مراكش إعانة أرباب المراكب التي تكسر أو تحرث من إيالة سلطان صارض وحفظها، وما احتوت عليه إذا وقع بها ذلك حوز ثغوره المحروسة بالله تطوان وطنجة والعرائش وآسفى والسويرة ورباط الفتح والسواحل المعمورة، وأما إن وقع ذلك بالمراكب المذكورة بالسواحل الخالية التي لا يصل إليها إلا الزمنطوط فلا يلزم سلطان مراكش ولا رعيته حفظها وأداء ما نهب منها.
تم العقد وكمل، وأوجب مولانا نصره الله بمقتضاه العمل، فمن حضر العقد وإبرامه وناقش تفاصيله وإجماله قيده في 12 ذى القعدة عام 1240 المختار ابن عبد المالك الجامعى خار الله له ولطف به بمنه "انتهت بلفظها وبعدها مقابلتها بالأصل بعدلين وأداء القاضى بعدهما ونصه:
(1) في هامش المطبوع: "كذا وفى نسخة بجعل مما مكان قد".
"قوبلت بأصلها فماثلته حرفا حرفا في سابع صفر الخير عام واحد وأربعين ومائتين وألف عبد ربه أحمد بن سليمان برناط وفقه الله آمين: وبعده بخط من يجب وقته: الحمد لله أديا بمضمنه أصلا وإلحاقا فثبت وأعلم به عبد ربه محمد بن يحيى وفقه الله فكتبه في الخامس من المحرم الحرام فاتح عام 1266".
وفى شعبان سنة خمس وأربعين انبرم الصلح بينه وبين دولة النابريال (استرياك) على اثنى عشر شرطا مضمون جميعها تحسين العلائق وترويج البضائع واحترام كل رعية الآخر ونصها باللفظ:
"الحمد لله مضمن شروط عقدها من ناب عن سيدنا المقدس بالله مع جنس النابريال في تاريخ 1830:
الشرط الأول:
أن رعية السلطانين يتعاشرون على وجه المواصلة والموافقة لا يكون بينهم اختلاف في البحر والبر ومن احتاج إلى مواساة صاحبه يواسه مثل الأصحاب.
الشرط الثانى:
مضمنه إذا تلاقى مركب البرزكان مع القرصان واجب القرصان تفتيش الكاغد من البرزكان لا يرسل إلا اثنين في فلوكة ينظران الباسبرط.
الشرط الثالث:
مضمنه إذا اجتمع قرصاننا مع برزكان (الانفلادر) يظهر له باسبورط في المركب والناس في الفلوكة ولا يطلع أحد للمركب لئلا تفسد له الكرنطينة.
الشرط الرابع:
مضمنه أنه لا يفتش باسبرط إلا القرصان حين يتلاقى مع البرزكان ويقابلون القطع على ما هو معلوم.
الشرط الخامس:
مضمنه إذا ألقت الريح مركبا لنا إلى مرساهم أو ساحلهم يكون كل ما فيه محفوظا مأمونا ويقف معه أهل ذلك المحل ويعطونه كل ما يحتاج إليه، وإذا سلم الله ذلك المركب واحتاج إلى بعض الحوائج يقضونها له حتى يسافر مأمونا، وكذلك إذا حرث مركبهم بساحلنا وكانت لهم به سلعة لم يرد بيعها في بلدنا وأراد ردها لبلده لا يلزمه شئ من الأعشار.
الشرط السادس:
مضمنه أن لا يأسر أحد الجانبين من رعية الآخر أحدًا، وإن وجد أسيرا في مركب العدو لا يأخذه هو ولا سلعته بعد ما يثبت أنه من أحد رعية الجانبين، ولا يطالب أحد منهما صاحبه بقليل ولا كثير.
الشرط السابع:
مضمنه أن تجار (الانبلادر) يدخلون لأى مرسى أرادوا من مراسينا، وتجارنا يدخلون لمراسيهم كذلك، وقائد المرسى يراعى التجار كما يراعى غيرهم، ويبيعون ويشترون ولا يطالبون بزيادة على العادة القمرق.
الشرط الثامن:
مضمنه أن سلعة النابريال الواردة في مركبهم أو مركب غيرهم لمراسى سيدنا يدفع عليها العشر كاملا مثل ما يدفع أجناس النصرى كلهم (كذا) كيرة مع المسلمين فالنابريال يبقى في الصلح المذكور، وإن كانت لسيدنا كيرة مع جنس آخر وللنابريال كيرة مع جنس آخر فلا يمنع أحد الجانبين الآخر من المسير والتجارة في بلاد عدوه.
الشرط الحادى عشر (1):
مضمنه إذا انحرف هذا الصلح وكان بيننا وبينه حرب فلا يترامى أحد الجانبين على الآخر إلا بعد ستة أشهر، وإذا كان أحدهم في بلد الآخر يكون مأمونا في نفسه وماله حتى يرجع لبلده بعد ما توفت ستة أشهر، ولا يضيع له شئ من ماله في بلد الآخر بموجب شرعى.
الشرط الثانى عشر:
مضمنه الصلح الدايم على هذه الشروط يفسده أمر يحدث بعده ولا يقع فيه زيادة ولا نقصان".
وقد دام الأمر على ذلك إلى أن حدثت فتنة وورد سفير الإنجليز مع سفير النابربال على السلطان لعاصمة سلفه مكناسة الزيتون في ربيع الأول عام ستة وأربعين للنظر فيها وتعديل مشكلة ما غنمته القراصين المغربية من قراصين جنس النابريال التي كانت تتجول بالمياه بدون تأبط لورقة الجواز، وقد تكفل صاحب الاستقصا بشرح هذه الحادثة فلا داعى لجلبها هنا، وقد كانت من أعظم الأسباب في إهمال المراكب البحرية المغربية والإعراض عن الاعتناء بشأنها.
وفى سنة خمسين عقدا معاهدة مع (سيجيليا) المعروفة بالنابلطان مجددة لمعاهدة سلفت معها ومضيفة إليها زوائد ونصها بلفظها بعد الحمدلة والحوقلة والطابع السلطانى:
"بسم الله القادر الصلح المتفق عليه في 4 رجب سنة 1196 من الهجرة النبوية في مدينة نابل ما بين مملكة سيلجليتان ومملكة مراكش، وثبت ذلك في كتاب من المعظم أمير المؤمنين سلطان مراكش وسلطان سجيلتان بتاريخ فاتح ذى القعدة سنة 1198 فلما صدر بينهما بعض الاختلاف حتى كادت المحبة أن تتفرق،
(1) في هامش المطبوع: "كذا بالأصل بحذف التاسع والعاشر ولعل الناسخ مزجهما بالثامن على ما فيه".
فبادر لتجديدها سلطان سجيلتان والمعظم أمير المؤمنين سلطان مراكش، وأنبتا شجرة الصدق فيما بينهما وتجديدها بكمالها ولمن يأتى إن شاء الله بعد وارثا لهما إلى الأبد، على شروط الصلح والتجارة المعقودة بالتاريخ المذكور، ويحددون شروطا بعدها تكميلا للمحبة، فلأجل ذلك فوض الجانبان للمفوضين المذكورين بعده فجعل سلطان سيجليتان وفوض له (كمنضاطى جان بطسطسطيط مرشال ويطر) أمير إلى كمنضاطى حاكم جميع مراكب البحر، وجعل أمير المؤمنين سلطان مراكش مفوضه (بشرور دون يوذبن عليل) قونصوا خلينار المفوض له من قبل سلطانهما أن شروط الصلح المتفق عليه سنة 1196 ما بين الدولتين تحفظ وتبقى على كمالها كما كانت إلى الأبد، ويزاد عليها شروط يأتى ذكرها إن شاء الله:
الشرط الأول:
جميع الإكرام والبرور والإحسان الذى يصدر من قبل أمير المؤمنين سلطان مراكش إلى رعية الأجناس وسائر دولتهم التجارية والبحرية كذلك، يحصل لرعية سلطان سجيليتان ولمراكبه التجارية والبحرية.
الشرط الثانى:
إذا كان مركب تجاره ببندرة سجيليا وصادف في البحر مركب الحرب ببندرة مراكش وأراد مركب الحرب أن يطلع على قواعد مركب التجارة فليعين رائسه رجلين أن يطلعا الباسبورط الذى عنده، ولا يقرب أحد منهم المركب لأجل الكرنطينة كفى بمراكب الحرب الاطلاع على قواعد مركب التجارة ولا يقربهم، وإذا كان بالمرسى لهم معه وكذلك مراكب الحرب سجيليا يعملون بمراكب رعية تجار مراكش على السواء.
الشرط الثالث:
إذا كان مركب أحد الجانبين رماه البحر وحرث بمرسى أو بادية أحد الجانبين فيحفظ وسقه وما فيه في موضع آمن حتى يحملها أهلها، وعلى أهل المحل الذى
حرث فيه الإعانة على جميع الوسق وحفظ الرجال والأمتعة وعليه أجرة من استخدموه، ولا يمنعونه ما هو لازم، وإذا خرج المركب مكسر البعض فيه واحتاج إلى الإصلاح أو إقامة فتعطاه بالثمن المعلوم الذى يساوى، وإذا وقع بمركب سجيليا هذا العذر وأراد حمل سلعه إلى محل آخر فلا يعطى في خروجها صاكة ولا في دخولها.
الشرط الرابع:
سلطان سجيليا يفعل كعادة سلاطين الأجناس وتوفية لكلامه السابق يجعل قونصوه خلينار بأرض سلطان مراكش ويستقر بطنجة، ويجعل نوابه في جميع مراسى مراكش، ويكون محترما ونوابه كقونصوات الأجناس.
الشرط الخامس:
أن شروط هذا الصلح تكون محفوظة إلى الأبد من الجانبين، وتكون زيادة في الحبة والمودة، وإذا وقع اختلاف بين الجانبين وقد يمحوه الله تعالى فيبذل مجهود الجانبين في الاتفاق على الصلح وإبقائه على حاله من غير كرة بواسطة قونصوا طنجة، أو رجل يعينه سلطان سجيليا لمراكش، وإذا لم يتفقا وأراد كل واحد حرب الآخر فليتوقفا عن الحرب مدة من ستة أشهر من بعد الإعلام لتأتى مراكب التجارة وأهلها آمنين.
الشرط السادس:
أن هذا الصلح الدائم والمحبة المستقيمة تكون إلى الأبد، وشروط التجارة التي اتفق عليها الجانبان فلا ينسخها بحول الله وقوته أمر من الأمور، ولا يزاد ولا ينقص فيها من الشروط المذكورة.
الشرط السابع:
سلطان سجيليتان يثبت محبة في أمير المؤمنين سلطان مراكش ويرغبه في ذلك، ويوجه له في دفعة واحدة مما يكرمه ويتحفه به الذى يرضاه سلطان سجيلتان ويواصل إلى طنجة.
الشرط الثامن:
المكمل لشروط المهادنة والصلح الدائم المعقود بين الجانبين المفوضين فيحتاج الثبت لكمال الصحة، يكون بطوابع السلطانين المذكورين بعد مدة تاريخه بأربعة أشهر، ثم يعطى لمن يتراضى عليه الجانبان حتى يتوصل كل واحد بطابع الآخر، وبهذا وقع طوابع المفوضين وخطوط أيديهما بجبل طارق بتاريخ 19 صفر سنة 1250 الموافق لعجمى المسيحى 25 لينيه سنة 1834".
وإليك ترجمة كتاب بعثة للمترجم فرديناندو الحادى عشر ملك إيطاليا يعلمه بحفلات الأفراح المقامة لزواج بنت عمه بولد ملك فرنسا، وهى تدل على مقامه بين أمراء أوروبا وسمو قدره عند ملوكهم، ونصها من أصلها الإفرنجى المحفوظ بمكتبتنا الزيدانية:
"من فردينادو الحادى عشر المالك بحمد الله سيشليا الكبرى والصغرى وبيت المقدس والدوق بارماوبليزانس وكاستورى وغيرها والأمير الأكبر ولى عهد توسكاو إلى صاحب الجلالة الشريفة عظيم المسلمين مولاى عبد الرحمن سلطان المغرب وفاس وسوس، الذى نرجو له دوام العافية وبلوغ المرام.
وبعد: فلما كنا نأمل أن رسائلنا هذه ستروق جلالتكم الشريفة، وكنا قد أقمنا في نفس هذا اليوم حفلات زواج بنت عمنا المحبوبة مارى كارولين اكيستا كريمة عمنا المحبوب صاحب الفخامة الملكية أمير سليرق مع صاحب السمو الملكى
[صورة]
كتاب فرديناندو الحادي عشر ملك نابولى للمولى عبد الرحمن
الدوق او مال نجل جلالة ملك الفرنسيس، أردنا أن نزف سريعا إلى سدتكم المولوية نبا هذا الزواج لتتمكن جلالتكم من مشاطرة عائلتنا الملوكية في هذه الأفراح التي غمرتها، وبهذه المناسبة نشعر جلالتكم الشريفة أننا لا نبرح داعين الله تعالى أن يحرسكم ويسبغ عليكم أخلاف النعمة والرفاهية (نابلس) 25 نوفمبر 1844 الإمضاء:(فردينادو").
وفى سنة اثنتين وخمسين أمضى معاهدة مع أمريكا وضعت على يد نائبها بطنجة (جميس لا عيب) ونصها بعد البسلمة والطابع السلطانى الكبير:
"الحمد لله هذه نسخة شروط الصلح التي جعلناها مع المار كانوس وأثبتناها في هذا الدفتر، ووضعنا عليها طابعنا الشريف لتبقى مستمرة إن شاء الله، وكتبت بحضرة مكناسة الزيتون في ثالث جمادى الأخير عام اثنين وخمسين ومائتين وألف.
الشرط الأول:
أن هذه الشروط المذكورة في هذا الدفتر وهى خمسة وعشرون شرطا قد قبلت من الجانبين وذلك على يد الواقف على أمورهم وكيلهم وقونصهم جيمس لا عيب المقيم وقته بمحروسة طنجة.
الشرط الثانى:
أنه مهما كانت الكرة مع أى جنس كان فلا تخرج سفينة من إحدى الجانبين وتعمل سنجق العدو، إما من جهتنا وإما من جهة المار كانوس.
الشرط الثالث:
أنه متى جعلت الكرة مع أى جنس كان وقبضت سفينة من أهل ذلك الجنس، ووجد مسلما أو نصرانيا ولهم سلعة، فإنهم يسرحون بسلعهم، وحتى إذا
كانوا حاملين سلعة لجنس وبيننا وبينه الكرة فلا تؤخذ من أيديهم، ولا يكلفون بنزولها لما بيننا وبينهم من الصلح.
الشرط الرابع:
تكون بيننا علامة يعرف بها بعضنا بعضا في البحر، ومهما لقى أحدنا سفينة الكرة لا يبحث عنها، وإنما يكفيه كلام الرائس في بيانها مع سفن أخرى.
الشرط الخامس:
أنه مهما تلاقت السفن في البحر وكانت الكرة، فإن كل واحد من الجهتين لا يبعث لاختبار السفينة التي أراد اختبارها إلا فلوكة واحدة فيها اثنان أو ثلاثة فقط، ومهما خرجت عمارة وأفسدت شيئا من إحدى الجهتين من غير طريق، فإن صاحب العمارة التي خرجت يصلح للآخر ما أفسدت له.
الشرط السادس:
أنه مهما قبض المسلمون أهل جنسنا أو سلعتهم وأتوابهم لسيدنا نصره الله، فإنه يسرح، وكذلك إذا قبضوهم مسلمون من غير إيالتنا ودخلوا بهم لإحدى مراسينا، فإنهم يسرحون لأنهم تحت أماننا ومصالحين معنا.
الشرط السابع:
أنه متى وردت سفينة لإحدى مراسى الجانبين تقبض كمانية أو غيرها، فإنها تقبض ذلك من غير مشقة ولا حرج.
الشرط الثامن:
أنه متى وقع بإحدى السفن شئ ومالت إلى البر ووضعت وسقها حتى أصلحت ما فسد منها، فإنها مهما أرادت تحمل ذلك الوسق الذى وضعت، فإنها تحمله من غير صاكة ولا غيرها هـ.
الشرط التاسع:
أنه متى حرثت سفينة فى ناحية من نواحينا، فإنها تبقى على حالها حتى تنظر ما يصلح بها، إما الخروج من موضع آخر أو نقل السلع أو غير ذلك من الوجوه التي تليق بها، ولا يقربها أحد لأنها في أماننا، وكذلك إذا دخلت سفينة للمرسة أو ألجأها الريح حتى دخلت للمرسة، فلا تكلف بنزول سلعتها بل تبقى على الأمان حتى تخرج برضاها.
الشرط العاشر:
أنه متى وقع قتال من أحد الجانبين مع بعض أجناس النصارى وكان القتال قريبا من بعض مدن الجانبين، فإننا نعين بعضنا على ذلك الجنس حتى يغلب أو يذهب، أو حرثت سفينة في واد نون أو غيره فإن النصارى الذين بها في الأمان حتى يصلون بلادهم إن شاء الله.
الشرط الحادى عشر:
أنه متى كانت الكرة بيننا وبين جنس من أجناس النصارى وكنا بالمرسة وأرادت سفينتنا الخروج من المرسة وأرادت سفينة العدو تتبعها فلا تخرج تتبعها حتى تمضى من الزمان أربعة وعشرون ساعة، وكذلك سفن الماركانوس إذا كانت بالمرسة وقت زمان الكرة وأرادت الخروج فلا تتبعها سفينة حتى تمضى أربعة وعشرون ساعة، سواء كانت من سفن المسلمين أو من سفن النصارى.
الشرط الثانى عشر:
أنه متى وردت سفينة الكرة على إحدى مراسينا فإنها لا تفتش، بل تبقى على حالها، ومهما كان بها أسيرا هاربا، فإنه لا ينزل منه كرها، ولا يطلب عامل تلك البلاد الذى به السفينة من رب السفينة قيمة ذلك الأسير.
الشرط الثالث عشر:
أنه متى وردت سفينة الكرة على أى مراسى وردت وأخرجت المدافع، فإنها لا يخرج عليها من تلك المراسى إلا مثل ما أخرجت من غير زيادة ولا نقصان.
الشرط الرابع عشر:
أن تسبب التجار يكونون على عادة تجار إصبنيول، ويكونون مميزين، ويكونون مثل الجنس العزيز عندنا في الوقت ويذهبون في المدن والمراسى حيث شاءوا فلا يتعرض لهم أحد.
الشرط الخامس عشر:
أن التجار يكونون مشتغلين بالسباب، وإذا أرادوا يجعلون من يقف معهم أو ترجمان فلا بأس بذلك، ولا يقلب وسق سفينة إلى أخرى ولا تثقف سفينة في المرسة، وإذا أرادوا يجعلون من يعاونهم على أمور الوسق أو غيرها فإنهم ما يعطون سوى القدر الذى يعطون الأجناس من قبلهم هـ.
الشرط السادس عشر:
أنه متى كانت الكرة من الجانبين، فإن الأسارى يكونون رأسا برأس، فالرايس بالرايس، وسوط رايس بسوط رايس، والبحرى بالبحرى وهكذا، وأن يكمل العدد بيننا فتعطى في كل رأس من الجانبين مائة ريال بشرط أن لا يبقى الأسير من الجانبين أكثر من سنة، وحتى إذا أراد فداءه مركانطى أو تاجر من الجانبين فيفديه بالمائة ريال المذكورة.
الشرط السابع عشر:
أن التجار لا تكلف عليهم السلع ولا يشترون إلا ما أرادوا عن طيب
أنفسهم، وكذلك البيع إلا إذا كانت هناك مسائل جارية فيها العادة مع من قبلهم من أجناس النصارى يحملونها فلا بأس بذلك.
الشرط الثامن عشر:
أن السلع التي توسق توزن وتقلب قبل وضعها في السفينة لأجل أن لا تثقف السفينة من أجل إذا تحققوا أن بها كطربنط، وإذا كان كذلك فذاك الذى جعل الكربنط هو الذى يؤاخذ بذلك وحده على العادة الجارية فيمن قبله، وأما السفينة والسلع وما معها فإنها بريئة من ذلك.
الشرط التاسع عشر:
أنه لا تثقف سفينة في مرسة ولا تحمل شيئا كرها إلا إذا كان عن طيب نفس من رئيسها فإنه يتهاود معه على حمل ما أراد حمله.
الشرط العشرون:
أنه مهما جنى أحد من أهل جنسنا جناية أو من هو داخل تحت سنجقنا، فإنه يحكم فيه قونصو جنسه، وإذا احتاج القونصو إلى أصحاب باشة البلاد فيعينه. على ذلك.
الشرط الحادى والعشرون:
أنه إذا قتل منهم نصرانى أو العكس أو جرحه فإنه يحكم عليه بالقانون الشرعى من غير زيادة ولا نقصان، ويكون الحكم بمحضر القونصو، وإذ هرب قبل وقوع الحكم فلا يؤخذ به القونصو ولا بما جنى.
الشرط الثانى والعشرون:
أنه مهما مات أحد من جنس الماركانوس في بلدنا ولم يوص فإن قونصهم هو الذى يقف على متروكه وسلعته، وإن لم يكن قونصو فتوضع عند أمين حتى
[صورة]
ترجمة أصلية لكتاب وزير الدنمرك من عاصمة كوبنهاجن لقنصل دولته بطنجة بإعادة المخابرة مع الوزير ابن إدريس ليسقط السلطان عن دولتهم القدر المطالبة بدفعه للمغرب حسب المعاهدات السابقة
[صورة]
ترجمة أصلية لإمضاء كرستيان الثامن ملك الدنمرك بعاصمة كوبنهاجن في 17 ينيه 1845، للاتفاق المنعقد بين قنصله بطنجة والباشا بوسلهام في شأن المال الذى تدفعه الدنمرك للمغرب سنويا والموافقة على إلغائه ابتداء من تاريخ توقيعهما على ذلك في 27 ربيع الأول 1261 موافق 5 أفريل 1845
[صورة]
إمضاء اسكار ملك السويد لاتفاق ممثليه مع الباشا بوسلهام على إلغاء القدر الذى تدفعه دولة السويد للمغرب بموجب اتفاق سابق وذلك بالعرائش في 27 ربيع الأول 1261 موافق 5 افريل 1845، وإمضاء الملك بعاصمتهم استكهلم في 13 ينيه 1845، ويرى خط قنصل السويد أورنهوف بالإفرنجية
يظهر من يستحقها، وإذا كان عنده من يرثه فتعطى لورثته من غير تعرض، أو أوصى بخط يده لمن يدفع ماله فالنظر في ذلك لقونصه.
الشرط الثالث والعشرين:
أن القونصوات يكونون في أى مرسة أرادوا، ويكونون موقرين مثل أجناس من قبلهم من النصارى، وإذا تعامل أحد من جنسهم مع مسلم بمال وأتلفه له فلا يؤاخذ به القونصو ولا يضمنه إلا إذا كان القونصو أعطى بذلك خط يده فيغرمه، وأما إذا لم يعط خط يده فلا كلام معه مثل جميع القونصوات.
الشرط الرابع والعشرون:
أنه مهما تنازع أحد في شرط من شروط الصلح بأن ادعى أحد مسألة وادعى الآخر مسألة وقال إنها ليست في الشرط، وطال النزاع بينهما، فإن الصلح يبقى على حاله ويبحث كل واحد منهما على ما ينفعه، حتى إذا لم يوافق أحدهم ما في الصلح ومنع منه كل الامتناع، فإن الكرة تعمل حينئذ، وجميع التجار تضرب لهم تسعة أشهر أجلا إلى أن يرفعوا سلعهم، وإذا تفضل سيدنا على جنس من أجناس النصارى فنحن من جملتهم.
الشرط الخامس والعشرون:
أن هذا الصلح يبقى مستمرا إن شاء الله بحول الله وقوته مدة من خمسين سنة، ويبقى يجرى بين الدولتين على القانون الجارى حتى يخبر أحد الجانبين الآخر في مدة من سنة، بأن مراده قطعه فحينئذ ينقطع بعد تمام تلك السنة" هـ بلفظه.
وقد كانت دولة الدنمارك لا تزال تدفع للمغرب في دولة المترجم ما هى مطالبة به حسب الفصل التاسع والعشرين من معاهدة السلطان سيد محمد بن عبد الله والملك كريستيان السابع سنة 1181، كما تدل على ذلك وثائق رسمية كتبها
القائد عبد الخالق أشعاش عامل تطوان للمولى عبد الرحمن نص الأولى بعد الحمدلة والصلاة:
"بعد تقبيل حاشية بساط سيدنا أمير المؤمنين، وناصر الملة والدين، الذى ما رئى مثله منذ دهور وأزمان، سيدنا ومولانا عبد الرحمن.
وبعد: أنهى لكريم علم سيدنا أنه ورد علينا الأمر الشريف بحوز ما تحت يد القنص ابن عليال مما وجب على جنس دنمرك واجب سنة 47 وواجب سنة 48، وأعلمنا بذلك القونص ابن عليال على نهج ما أمرنا به سيدنا أدام الله نصره وخلد في الصالحات ملكه، ولم يأتنا جواب من عنده حتى أتانى أحد رؤساء المراكب وهو الرومى طلايه، وأخبرنى بأنه أتى باثنى عشر ألف ريال من عند ابن عليال من المال المذكور ليدفعها لخديم سيدنا الأنصح القائد العربى السعيدى، وبهذا وجب الإعلام لسيدنا والسلام وفى 9 ربيع الأول عام 1250 خديم المقام العالى بالله عبد الخالق أشعاش وفقه الله" بلفظه وحروفه.
ونص الثانية:
"بعد تقبيل حاشية بساط سيدنا أدام الله نصره وخلد في الصالحات ملكه أنه وافانا الكتابان (1) الشريفان وفهمنا مضمنهما فأعلم سيدنا أنه بلغنا بقية المال الواجب على جنس دنمرك على يد القونص يودى بن عليال صار جملة ما تحت أيدينا وأدخلناه بيت المال وفره الله خمسين ألف ريال، ثم أنهى لكريم علم سيدنا أن قونص جنس المركان حمل من مرسى سيدنا بعض الهدية المنعم بها سيدنا عليه، وذلك أسد وفرسان، حيث وجدنا بيده الكتاب الشريف يتضمن تسريحها، فوجب
(1) في المطبوع: وافانا الكتابين (كذا) الشريفين".