الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاته: توفى رحمه الله بمكناس شهيدا بالطاعون يوم الاثنين الحادى عشر من جمادى الآخر عام واحد وتسعين وألف، ونقل إلى فاس، فدفن بها ظهر يوم الثلاثاء بعد يوم موته، وإلى تاريخ وفاته المشار أشار صاحب حدائق الأزهار بقوله:
في الألف والواحد والتسعينا
…
صار لجنة العلا يقينا
538 - الغالى ابن المكى السنتيسى المكناسى النشأة والدار والإقبار
.
حاله: فقيه أديب، كاتب شاعر معقولى مدرس، كان أحد أعيان الكتاب الذين يكتبون كما يشاء منهم، استكتبه في أول أمره محتسب مكناسة الحاج محمد أجانا، ثم رشح للكتابة بالدولة الحسنية وأقر عليها في الدولة العزيزية، فكان يظعن بظعن الجلالة السلطانية ويقيم بإقامتها إلى أن رشح للنظارة على الأحباس الصغرى ببلده مكناس في الدولة الحفيظية، فألقى عصاه واستقر به النوى إلى أن لبى داعى مولاه، وكان من العدول المبرزين بسماط مكناس.
مشيخته: أخذ عن المفضلين السوسى، وابن عزوز، وأبى العباس ابن سودة، ثم رحل لفاس وأخذ عن نقاد أعلامها كالشيخ السيد الحاج محمد جنون اختصار الرهونى، وابن التهامى الوزانى ونظرائهم.
الآخذون عنه: منهم مولاى الطيب بن عبد الله المترجم فيما مر، وابن أخيه النجيب عبد الله بن محمد بن عبد الله، وابن عمه العدل المولى العربى ابن برهيم ابن عبد الله، والفقيه العدل السيد المختار السوسى، والشريف الفقيه العدل مولاى عبد الرحمن بن الفضيل العلوى وغيرهم من نجباء الطلبة.
مؤلفاته: منها حاشية على الرسموكى شارح الجمل، وتوليف في إعراب أما
538 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في الموسوعة 8/ 2912.
بعد، وهدية المناهج، في شرح قصيدتى الهمزية المعنونة بكفاية المحتاج في مدح صاحب اللواء والتاج، في جزأَين، وشرح على همزية الإمام النبهانى لم يكمل، وديوان شعر في الأمداح النبوية رتبه على الحروف الهجائية، جعل في كل حرف قصيدة تحتوى على عشرين بيتا، ضمنت جله في تأليفى إزالة الوهم والشكوى، وتحفة الأشياخ والأطفال، بما بقصة الزباء من الأمثال، عنَّ لى أن أثبتها هنا تتميما للفائدة ودونك لفظها:
حمدا لمن زان بحلية الأدب
…
جيد الفنون وبه نيل الأرب
ثم الصلاة والسلام أبدا
…
على النبى الهاشمى أحمدا
وآله وصحبه ومن تلا
…
سبيلهم ممن سيأتى وخلا
(وبعد) ذى أرجوزة نميتها
…
لأدباء عصرنا سميتها
بتحفة الأشياخ والأطفال
…
من قصة الزباء بالأمثال
رسمتها بحمرة مميزه
…
بسبب القول لها معززه
إن كان في النظم له اتساع
…
أولا فان سردها مشاع
فقلت والمثل عند النبلا
…
تشبيه مضرب بمورد خلا
قال قصير لجذيم الخسائر
…
(رأيك فاتر وغدر حاضر)
قال له (رأيك في الكن) و (لا
…
في الضح) سار ذا المقال مثلا
وقال (لا يطاع) بعد (لقصير
…
أمر) فجد للهلاك في المسير
قال جذيمة أشر عليا
…
قال (ببقة تركت الرايا)
و (القول) يا جذيمة لك (رداف
…
والحزم) منه في ثراته (تخاف)
وقال يا قصير كيفما ترى
…
(خطب يسير في كبير) قل جرى
قال قصيرله (فاركب العصا
…
غبارها) فـ (لا يشق) من قصا
(حزما) أرى منه (على متن العصا)
…
فر قصير راجعا وما عصى
(ماذل من جرت به) بعد (العصا)
…
إلى غروب الشمس ترمى بالحصا
(قد بلغ المدى و) قد (جف الثرى
…
وامر غدر) واقع لى قد (أرى)
إذ قالت الزباء فحشا (أترى
…
داب عروس) في الذى لك جرى
قال جذيمة لهم (دعوا دما
…
ضيعه) منى (أهله) كما
وقال عمرو لقصير عجبا
…
(امنع من عقاب جو) هربا
قال قصير (خل عنى) واجدعن
…
أنفى (خلاك الذم) منى في ظعن
(لأمر ما جدع أنفه قصير)
…
من مثل العرب أحفظنه يا بصير
قالت (عسى الغوير) منى (ابؤسا)
…
عسى قصير أن يحز أرؤسا
(جئت بما صاى) فقال لقصير
…
حين رأَت بالعين شدة الزئير
قالت وعمرو واقف بالنفق
…
(بيدى لا بيد عمرو) خنق
هذا تمام القصة العجيبة
…
أمثالها أتت بغير ريبة
ثمان عشرة أتت محررة
…
بلفظها كتبتها محمرة
إلا بتنكير وتعريف فلا
…
بأس به عند السراة النبلا
خذها عروسا نمقت طررها
…
وعنبرت بعنبر غررها
ووشيت كنمرق أرساغها
…
وثقلت بجوهر أصداغها
ولتفها بمهرها حسن القبول
…
ونيل وصل منك لارين المقول
تغنى عن التخميس والتشطير
…
والشرح لا النسخ مع التسطير
وعن عيوبها فغض من بصر
…
وانظر لحسنها بأحسن نظر
قرت بك العيون منا وانجبر
…
كل انصداع وانجلى ران الغبر
هـ.
شعره: من ذلك قوله مقرظا كتابى تغيير الأسعار على من عاب الأشعار، وملمحا لبعض فصوله:
زهر الرياض تناسقت أفنانه
…
ولدى العيان تتابعت ألوانه
أضحى يصادفه النسيم بكفه
…
إذ زانه من عرفه أمزانه
يهتز من فرط السرور تواجدا
…
يدنو إليه وإن نأت أوطانه
يروى بإسناد حديث صبابة
…
عن ماء عين قد رقا إنسانه
عن صوب أنواء بأكمام لها
…
عن ورده القانى سما عقيانه
عن آسه الآسى للوعة الجوى
…
عن أقحوان قد وفت إيمانه
عن نرجس من حسنه قد هذبت
…
أهدابه وتزعفرت أجفانه
عن ياسمين أبيض أو أصفر
…
قد شك في وصف له أخدانه
كل على قضب الزبرجد مائل
…
كالراح حين أمالها أغصانه
ثبت الرواية وهو منها معربد
…
لا يرعوى بتناقض سلطانه
من خمرة من ريق ظبى أهيف
…
عن در ثغر نظمت أسنانه
إن اليواقيت النضيدة قسمت
…
لنثيرها ولما بدت أوزانه
فالنثر يحسن في العيان يفوقه الـ
…
منظوم إذ قد كسرت أوثانه
فالغزل ليس بساتر ما لم تكن
…
بالنسخ تجمعه لنا خلانه
أنقاض بيت ما بقت لم تبتنى
…
لا بيت أو تبنى لنا أركانه
كالبيت من شعر ومن شعر له
…
بالنظم فضل يقتنى عرفانه
كيف انتقاص الشعر يسمع في الورى
…
من عائب قد عابه أقرانه
لله در إمام شعر فائز
…
بالرد عن شعر نما إيمانه
قد قام عن شعراء إسلام بما
…
سماه تغييرا زكت أحيانه
فاهنأ أبا زيد ويا عابدا لمن
…
ثانى إضافته له رحمانه
فالشعر والشعراء تعلن بالثنا
…
كالزهر يثنى على الندى إحسانه
رتب تآليف الكتاب كروضة
…
يحكى الكتاب بحسنه بستانه
هذى مقدمة بفصليها وفت
…
تبدى عوار مهدم حيطانه
في مقتل النضر الرثاء مرفع
…
للشعر لا يبدو به عدوانه
في سؤل طه عن قريض قاله
…
ابن الرواحة زانه إتيانه
في كونه متمثلا بالشعر في
…
جمع الصحابة ما جرى نسيانه
في نقض تحصيل الخلائف هل أتوا
…
الشعر كالشمس انجلى برهانه
في شعر أتباع وأتباع لهم
…
ما طال في شعر حلا أزمانه
في نبغ شاعر فرقة تحمى به
…
أنسابهم لما صفا ميزانه
فيمن غدا بالشعر يرفع قدره
…
أو ضده كمنقص آوانه
في حكم شعر بالجواز وغيره
…
فقها صحيحا فتشت أركانه
في حكم عود واستماع غنائه
…
قد شنفت برقيقه آذانه
لا فض فوك نقيبنا ما رددت
…
زهر الرياض تناسقت أفنانه
وقوله مادحا جناب خير العالمين صلى الله عليه وسلم وآله:
ريح الصبابة بالمتيم عابث
…
والصب تبريح الجوى به لابث
يا رب وجد قد تمكن وقعه
…
فهو الذى في روحى نافث
قد ماج في أوصال صب مولع
…
وهو الذى عن كل فن باحث
إلى أن قال:
آنست من بشرى الحبيب لوائحا
…
هذا الحبيب إلى المتيم باهث
حب الفؤاد ونوره وسروره
…
ختم الرسالة للعريكة دامث
فاز الذى بعهود شرعك واثق
…
إنى لعهدك باليمين لضابث
أَوضحت سبلا للهدى لما بدا
…
منك الرشاد وأنت خيرا باثث
إلى أن قال:
أَغضيت في غى بدا من جلنا
…
والبعض منا في الضلالة رافث
صدق الحديث يزيد أقواما ومن
…
في ضده فهو المخالف ضاغث
فامنح رسول الله عبدك بلغة
…
أقوى بها إنى لرفد غارث
إلى أن قول:
صلى عليك الله ما فاح الكبا
…
من نحو نجد في العواطن ماكث
والآل والأصحاب ما قد أنشدت
…
ريح الصبابة بالمتيم عابث
وقوله مخاطبا لى ومضمنا أنواعا من البديع:
خيلا به رشدى
…
وفيه وفى عهدى
وأولى الورى عندى
…
لأورى به زندى
حريص على رفدى
…
أمين على وفدى
مريد لما يسدى
…
صفوح على جندى
مشوق على فقدى
…
زلال على وقدى
سموح بما يجدى
…
معظم ما عندى
كئيب على وجدى
…
حريص على حمدى
أصم عن المبدى
…
هجا زيد أو هندى
معادى في سبقى
…
ملاذى في رفقى
وفائى في رزقى
…
علائى في حقى
ومستعذب نطقى
…
محق سنا صدقى
وساع إلى وفقى
…
وخافض من فوقى
أبو زيد المرقى
…
جنابى من عرقى
فلا وزر يبقى
…
ولا من يرى حمقى
نقيب له شوقى
…
أديب به روقى
عهوده في طوقى
…
ولطفه في ذوقى
رفيع به ذكرى
…
كثير به شكرى
قليل به نكرى
…
حديد به فكرى
حلاه على ذكرى
…
فليس يرى مكرى
وريقته سكرى
…
بلا عمرو أو بكر
غرامى به أُجرى
…
ثناه بلا هجرى
عكوفا على حجرى
…
من الفجر في فجرى
مودته ذخرى
…
مناقبه فخرى
فواشيه من صخرى
…
ينوح على صخر
مصيب له سهمى
…
ينابذه وهمى
بخيل به فهمى
…
فإنى له شهمى
مقاتله أَرمى
…
إذا ما ترى جرمى
وكيف ربى صرمى
…
عنائى على قرمى
فحلمك من حلمى
…
ككلى ومن علمى
ضياء فهل كلمى
…
سوى أنها ظلمى
فدونك ما اسمى
…
وحسبك من رسمى
مناقبكم في اسمى
…
ليشفى به جسمى
في 24 رجب عام 1330، ولى معه مراسلات ومساجلات أرق من النسيم، وأعذب من التسنيم، تركتها اختصارا وليلا يقال مادح نفسه يقرئك السلام.
نثره: من ذلك قوله في فاتحة كتاب: من خاطبته البلاغة فأجابها، وخطبته فأدخلته حجابها، وملكته البراعة رسنها، وأَولته اليراعة أحسنها، وأودعته السيادة ذخائرها، وأكرمته اللطافة ضمائرها، فكان أحق بالفضائل فرضا، والأخذ بحجزتها طولا وعرضا، من ظللته ظلال الثناء وأرخت عليه ستور الهناء، وخص بأخص التجايا، وامتاز بأشرف المزايا؛ وجبلت القلوب على وداده. واقتبست الآمال من مشكاة إسعاده، وكيف لا وهو لحقائق الإنسانية إنسان عين. ومعين ظرفه لسقى الأرواح أروق عين. ولو حاول المثنى عليه أقصى ما يحاول. فدون محاسنه تكل العبارات والأقوال، فهيهات مسير النملة من الأسد، ونورانية الروح من ترابية الجسد.
وفاته: توفى ليلة سابع عشر شعبان الأبرك عام ثمانية وثلاثين وثلاثمائة وألف، ودفن بالزاوية الكنتية من حومة صدراته من الحضرة المكناسية.
وقد رثاه شيخنا العلامة القاضى ابن عبد السلام الطاهرى المترجم له سابقا بقوله:
دموع جرت كالسيل من فقد عالم
…
عليه أمارات المزايا تلوح
من العلم والآداب والفضل والتقى
…
له رغبة في الفضل وهو سموح
أخو العلم والتحقيق غال بعلمه
…
نجوم الهدى تغدو له وتروح
ألا فابكه يا عين والقلب آسف
…
فأَرجاء مكناس عليه تنوح
وعامله ربى بالنعيم وجنة
…
وغفران آثام فأنت صفوح
* * *