الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية سنة ستين ومائتين وألف من هجرة من له المجد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله أولا وآخرا، وباطنا وظاهرًا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه صلاة زاهرة وسلاما فاخرا، هـ لفظه.
الآخذون عنه: منهم أبو عبد الله محمد بن المدنى جنون صاحب اختصار الرهونى، والقاضى الحاج المهدى ابن سودة، وأخوه الحاج عمر، والقاضى حميد مصغرا -بنانى، والحاج صالح التادلى، وشيخنا أبو العباس أحمد بن الخياط سمع عليه مجلسا واحدا في الشفاء، والسيد فضول السوسى، والسيد فضول بن عزوز، والسيد الظاهر بوحدو، وأبو عبد الله محمد بن الجيلانى السقاط، والسيد المختار الأجراوى، والسيد الهادى فرموج، وغيرهم من نقاد فحول الأعلام.
مؤلفاته: منها حاشية على خطبة الشيخ ميارة الصغير شرح المرشد المعين.
وفاته: توفى بمكناسة الزيتون في ثانى قعدة الحرام عام واحد وسبعين ومائتين وألف أغفله صاحب السلوة فلم يتعرض لترجمته، وترجمه الحاج المختار التاسفينى في ذيله على تاريخ ابن عيشون والقاضى حميد في فهرسته.
478 - العباس بن أمير المؤمنين مولاى عبد الرحمن بن أمير المؤمنين مولاى هشام بن أمير المؤمنين سيدى محمد بن أمير المؤمنين مولاى عبد الله بن أمير المؤمنين السلطان الأعظم مولاى إسماعيل بن الشريف الحسنى
.
حاله: فقيه علامة، مشارك متفق، مدرس مقيد ممتن، كثير المطالعة، جماع للكتب، عمت كتبه بعد موته المشرق والمغرب، لا تكاد تجد خزانة من الخزائن ذات البال خالية من كتبه، ولا تكاد تجد كتابا من كتبه إلا وعليه توقيفاته من أوله إلى
478 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2663.
[صورة]
مولاى العباس بن السلطان عبد الرحمن
أخره ولو تعددت أجزاؤه، وربما قيد ساعة ابتدائه للكتاب بالمطالعة وساعة ختمه، وقفت على كثير من ذلك بالخزائن الإسلامية والأوربية، وكان ذا همة عالية، ونفس آبية، وتؤدة ووقار وأبهة، مع بشاشة ولين جانب وتواضع وخفض جناح وحنان وشفقة وحلم، جوادا كريما وجيها.
قال في حقه صاحب الدرر البهية! فكان رحمه الله في العلوم آية، ومن أهل الإتقان والدراية، مشاركا حافظا جاهدا مجاهدا ذا إقدام ولسان، مع كرم وإحسان، رأيته يوما في بعض المحافل وقد أملى من الأحاديث النبوية، مع ما طابقها من الآيات القرآنية، ما بهر عقول الحاضرين، وقطع ألسن المناظرين، كما أنى رأيته وقد حضر بيعة أمير المؤمنين مولانا الحسن رحمه الله، وقد تكلم بكلام يحرك الجماد، ويصدع القلوب والأكباد، مفصحا في الخطاب والجواب، حتى رد الناس إلى الصواب.
وقد كانت له مكانة لدى والده وعناية كاملة بشأنه حتى إنه كان يتتبع أطوار أحواله، ويرشده لما فيه تحسين مآله، يرشدك لذلك المكاتيب الإرشادية التي كان يوجهها له منها كتاب يخاطبه فيه بلسان وزيره الشهير السيد العربى بن المختار الجامعى ونصه.
"الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم. سيدنا الأجل الأرضى الفقيه العلامة الأحظى الأمجد الأنجد الأفضل، مولاى العباس بن مولانا أمير المؤمنين حفظك الله ورعاك، وأخصب بمنه روض مرعاك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: فقد أمر سيدنا أعزه الله أن يكون السيد محمد الريفى يطالع معك الأنصبة التي تقرأ على السيد العباس بن كيران، فإنه طالب عارف غير مزوق،
وإنما يبلغ المقصود وعلى محبة سيدى والسلام في 2 محرم عام 1268 العربى بن المختار خار الله له".
ولم يزل قائما على أخذ العلوم عن نقادها بجد واجتهاد، حتى فتحت له النجابة بابها وبرع ومهر، فكان يدرس العلوم العقلية والنقلية بجامع القصبة السلطانية المعد لصلاة السلطان الجمع عند حلوله بالحضرة المكناسية، وكان يحضر درسه قاضى الحضرة فمن دونه من الأعلام والعدول، ودرس بجامع المنصور من الحضرة المراكشية، أصدر والده الأمر لطلبة العلم بالحضور عنده.
وكان كثير الانحياش لجانب الله محبا للصالحين مواسيا للضعفاء والأرامل وبالأخص الأشراف ساعيا في خيرهم، ومستعملا نفوذه في الإنعام عليهم. ينبئك عن ذلك ما أجابه به الوزير أبو عبد الله الصفار عن كتاب بعثه إليه في الموضوع ونصه بعد الحمدلة والصلاة.
"سيدنا الفقيه النبيه، السرى النزيه، النحرير الأجل؛ اللوذعى الأفضل مولاى العباس نجل مولانا أمير المؤمنين حفظك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: فقد وصلنى كتاب سيدى وعرفت مضمنه وشاورت سيدنا أعزه الله على ما طلب سيدى للأساتيذ، فأنعم عليهم بما من عادته أن يصلهم به كما شاورناه على الشريف مولاى عبد المالك ولد مولاى أحمد القاضى، وعلى الشريفة لال صفية، فأنعم على الأول بكسوة بيضاء وكساء وسلهام وعشرة مثاقيل، وللثانية أربعة مناصير وعشرة مثاقيل، الكل على يد السيد أحمد اللب، وقد توجه له الأمر الشريف بذلك كما شاورناه أعزه الله على أمر نقص حزابة لأل عودة لم ييسر الله لهم في شئ، وقال أعزه الله إن فتح لهؤلاء باب الزيادة طمع فيها غيرهم، وما علينا إلا البلاغ المبين، وأمر الفقيه السيد العربى بصرى منا على بال،
نطلب الله أن ييسر في الوفاء بوعده وعلى محبة سيدى، والسلام في 6 حجة عام 1270.
محمد الصفار وفقه الله.
ثم بعد يسر الله في تسراد السيد العربى مكرما مجبور الخاطر فالحمد لله على الوفاء بالوعد".
قال في الدرر البهية: حدثنى من لا أتهم، أن والده أمير المؤمنين مولاى عبد الرحمن، لما دنت وفاته أدناه منه وأشهد من حضره من أهله أنه راض عن أولاده عموما، وعن صاحب الترجمة خصوصا، وأوصى الخليفة من بعده سيدى محمد بواسطة الحاضرين بالإحسان إلى صاحب الترجمة، فنفذ رحمه الله وصية أبيه فيه ولذلك كان له معه مزيد إخاء وارتباط يقدمه للمهمات، ويستشيره في المدلهمات، لا يفارقه ظعنا ولا إقامة إلا إذا عقد له على جيش لقضاء مهم.
وقد كان رحمه الله هو المتولى رياسة وقعة تطوان الواقعة مع الإصبان سنة 1276 معززا بصنوه جدنا من قبل الأم أبى العباس مولانا أحمد الذى كان نجا بنفسه بعد الواقعة للديار المشرقية، وصاهر أحد ملوك بنى عثمان، ولم يزل بتلك الديار إلى أن ختمت أنفاسه بدمشق الشام من الأرض المقدسة، وقد أسلفنا مضمن تلك القضية، التي هى على عزة الإسلام قاضية، في ترجمة أخيه السلطان سيدى محمد بن عبد الرحمن، وذكرنا ما أظهره المسلمون من القوة والبأس أولا، وأن المعارك لم تزل متوالية وجيوش الإصبان في انكسار إلى أن كان ما قدر الله وقوعه مما لا داعى إلى التطويل به.
وإنما أومأنا لذكر القضية لدلالتها على نبل المترجم ومهارته في علم السياسة والحرب، وزيادة على ما أوتيه من واسع الاطلاع، مع قلة من كان معه، وشدة
جيوش خصومه ولذلك لما وقعت المخابرة في عقد الصلح بين السلطان المقدس سيدى محمد وبين دولة إصبانيا فوض للمترجم في عقد الصلح مع تلك الدولة كل التفويض حسبما تنبئ عن ذلك ظهائر السلطان المذكور والمتقدم ذكر نصوص بعضها، ولم يخب ظن السلطان سيدى محمد فيما أمله في أخيه مولاى العباس، والمطلع على ما كان يروج بين السلطان وأخيه المذكورين من المكاتيب في قضية الحرب التطوانية يعلم أن ذلك التفويض في محله.
وعلى يد مولاى العباس المذكور انعقدت عدة معاهدات كالهدنة والصلح بين المغرب وإصبانيا إثر تلك الحرب المشئومة، وتلا ذلك عقد معاهدة تجارية بين الدولتين على يد مولاى العباس المترجم وكان سفير إسبانيا قد كتب إليه في شأن المفاوضة فيها بما معربه:
"سفارة الجلالة المسيحية.
في المغرب.
إلى الكريم الأمير مولاى العباس، خليفة سلطان المغرب وممالك إفريقيا الجنوبية.
نسأل أولا عن صحتكم التي نرجو أن تكون تامة، ثم أفيدكم بأنه وفاقا لما أوضحته لكم في مذكرتنا الأخيرة، تلقيت من جلالة مولاتى الملكة، تعليمات قاطعة فيما يخص السعى لديكم، لتعيين مفوض من قبل جلالة سلطان المغرب، يعهد إليه بمفاوضتى في إبرام اتفاقية تجارية تنفيذا لما ورد في الفصل الثالث عشر من معاهدة الصلح المنعقدة في تطوان بتاريخ 26 يبراير من هذه السنة.
وقد علمتم أن جلالة ملكة إسبانيا أصدرت أمرها بتعيين مندوبها المفوض للغاية المبينة.
وفى أملى أنكم تتخذون كافة الاحتياطات اللازمة للوصول إلى غرضنا من غير توان، وليس بخاف أن المادة الرابعة عشرة في معاهدة تطوان تنص على وجوب اجتماع المفوضين بعد انقضاء شهر على توقيع المعاهدة المشار إليها، وها قد انقضت خمسة أشهر كاملة ونجن لم نجتمع والسلام.
كتب بطنجة بخامس نوفمبر 1860
مندوب جلالة ملكة أسبانيا:
فرانسيسكو ميرى اكلون".
صح مباشرة من أصلها الإصبانى المحتفظ به بالمكتبة الزيدانية.
وقد توجه مولاى العباس لمدريد فعقد مع حكومتها المعاهدة التجارية المشار إليها المؤرخة بخامس عشرى ربيع الثانى عام 1278، وقابل ملكة الإسبان فلقى منها ومن رجال دولتها من الإجلال والإعظام ما يليق بجنابه السامى، وكتب للسلطان أخيه يخبره بذلك، فأجابه بما نصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الصغير:
"أخانا الأعز الأرضى، مولاى العباس حفظك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد وصلنا كتابك، وعرفنا ما تضمنه خطابك، واستفدنا منه وصولك لمدريد، وأنك تلاقيت مع رينة دولة الصبنيول في الساعة الثالثة من اليوم الذى أرخت، على الكيفية التي شرحت ووصفت، وأنها أظهرت لكم من أنواع الفرح والسرور والترحيب، والمباششة والاعتناء والتقريب، ما أبهت أرباب دولتها حيث لم يكن عندهم معتادا وأعلمتكم بما هى عليه من المحبة في جانبنا العالى بالله ووعدتكم بالخير وكمال الغرض إن شاء الله ثم وجهت لكم الوزراء والأعيان والكبراء مسلمين عليكم ومهنئين ومظهرين ما يدل على كمال النجح وقضاء المراد
بحول الله، فنسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، بجاه رسوله صلى الله عليه وسلم أن ييسر لكم جميع الأمور، ويصحبكم السلامة والعافية في الورود والصدور، وأن يجعل الفتح أمامكم حيثما توجهتم والسلام 12 ربيع الثانى عام 1278".
وقد قدمنا نصوص تلك المعاهدات في الترجمة المحمدية فلتراجع هناك، ولعل من لا خبرة له يفوق سهام اللوم للرجل المقدام صنو جلالة السلطان مولاى العباس، الذى فوض له في عقدها، ومن علم الحالة التي كان عليها المغرب وقتئذ وأحاط علما بتلك الظروف الحرجة التي منها احتلال العدو لثغر من أرفع ثغور البلاد يقرب من النقطة المحتل لها، ومنها جنوح الرعية وتحفزها للثورة اغتناما لفرصة اشتغال المخزن بتلك الحادثة المؤلمة، ومنها إظهار بعض القبائل الجبلية الميل للعدو والتفاخر بحسن معاملته، كما يرشد لذلك ما تقدم في الترجمة المحمدية، علم أن هذه أمور كلها موجبة لحسم مادة الحرب التي لا يوافق على خوض معامعها إذ ذاك عاقل، ولولا حسن سياسة النائب المفوض مولاى العباس لعظم الأمر واستفحل الداء، ولله في خلقه شئون.
وكان السلطان أخوه يكلفه بمراجعة السفراء ومباحثتهم في غير ما تقدم من لاشئون، وهم يكاتبونه في ذلك، من ذلك ظهير شريف كتب له ليجيب به سفير فرنسا فيما طلبه من إباحة إصدار الصوف لفرنسا، ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكبير بداخله (محمد بن عبد الرحمن غفر الله له):
"أخانا الأرضى مولاى العباس حفظك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد كتب لجانبنا العالى بالله نائب الدولة الفرانصوية في شأن الصوفة بأن في دوام وسقها منفعة لتجارنا وتجار جنسهم، وأن في قطعه تكديرا لهم، وأن
ما كان يذكر من أن وسقها يحدث منه الضرر بسبب أمر الحمايات قد ارتفع قبل هذا بزمان، وأنهم بريئون من التعدى في أمر الحمايات بكل وجه ممن هو تحت نظرهم.
فأخبره بأن كتابه وصل لجانبا العالى بالله، وبأنا نعرف ما فيها من النفع لبيت المال، لكن أمرنا بتثقيفها حين يكمل الأجل الذى حددنا لها، لننظر عند ذلك في أمر الضعفاء والمساكين الذين يحتاجون إليها، ويصعب عليهم التوصل لها، وفى أمر نفع بيت المال، وننظر فيما تحصل من النفع في مدة تسريحها، وما اقتضته المصلحة نرتكبه إن شاء الله، وما كان سيدنا رحمه الله قطع وسقها إلا رعيا للضعفاء حيث بلغ سيادته أنهم لا يجدون ما يتسترون به إلا الجراتيل، وأنهم يلقطون صوفة موتى المواشى من المزابيل، فوسع عليهم بقطع وسقها لترخص ويتوصلوا منه لما يجعلون على ظهورهم، وما قيل من أن الرعية لم يحصل لها ضرر في وسقها فهو صحيح بالنسبة لمن يبيعها فقط، وأما من لا يبيعها وهم الأكثر بكثير فليس كذلك، ونحن إن شاء الله ننظر فيما فيه نفع بيت المال والرفق بالضعفاء إن شاء الله، والله الموفق بمنه والسلام في متم صفر عام 1277".
وكتب له الوزير الطيب بن اليمانى بوعشرين في شأن سفير الإنجليز الراجع لطنجة بعد قدومه على الحضرة السلطانية بعد الحمدلة والصلاة:
"سيدنا الشريف الأجل، الفقيه العلامة النبيه المبجل، سيدى مولاى العباس حفظك الله وسلام على سيادتك ورحمة الله، عن خير مولانا نصره الله. وصلنا الأعز كتابك، وعرفنا ما تضمنه الشريف خطابك، واستفدنا منه وصول باشدور دولة الإنجليز لطنجة مثنيا على ما لقيه من الجانب العالى بالله، ووصلت الكزيطة التي وجهت وطالعنا، وصار بالبال ما اشتملت عليه من الأخبار، كما وصلت
البهائم 20 التي حمل عليها الباشدور المذكور ورددتها ونحن على محبة سيدنا وعهده والسلام في 19 من صفر الخير عام 1278.
الطيب بن اليمانى أمنه الله".
وقد زاد الوزير المذكور بخطه أسفل الكتاب: "وقد سررنا غاية بما ذكره سيدنا عن الباشدور، لأنا لا نحب إلا أن تكون أمور سيدنا نصره الله على ما تحبه سيادتك، لأنك تحب له الخير أكثر من كل أحد كيف وأنت أخوه وعضده وساعده أبقاكما الله آمين للمسلمين". هـ.
وكتب له السلطان في شأن ما طمح إليه الإسبان من بناء على شاطئى تكنة بقصد التجارة ظاهرًا بعد الحمدلة والصلاة والطابع الصغير بداخله (محمد بن عبد الرحمن الله وليه):
"أخانا الأعز الأرضى، مولاى العباس حفظك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فإن بيرك التكنى كان على عهد سيدنا ومولانا قدسه الله تواطأ مع بعض النصارى على البناء بشاطئى أرضهم، فبلغ خبره لمولانا فوجه له نور الله ضريحه من ذكره وخلفه في المصحف الكريم على أن لا يعود لذلك، ولا يسلك مع الكفار تلك المسالك، وظهر منه من التوبة ما أوجب اعتباره ومراعاته عند سيدنا، ونفذ له دارًا بالصويرة، وكان محررًا من الإعطاء على سلعه التي ترد على الثغر الصويرى تأليفا له، وبقى على ذلك إلى أن لقى الله تعالى.
ثم خلفه من أولاده خلف أضاعوا تلك الوصايا، وأرادوا أن يعرضوا بلاد المسلمين للرزايا، ويبيعوا دينهم بدنياهم، فتواطئوا مع نصارى جنس الصبنيول على البناء هنالك، فسمعت تلك القبائل المجاورة لهم بذلك، واتفقت على قتالهم إن لم يرجعوا عن غيهم، ويقلعوا عن بغيهم.
ولا يخفى ما يترتب على ذلك من الفتن والأهوال، واتساع دائرة القتال، وعليه فيتعين الكلام مع الصبنيول في هذا الأمر الذى يجر إلى ما لا يليق ليرجعوا عنه إن بدءوك بالكلام فيه وإلا فلا، ومن المعلوم أن أهل تلك البلاد من جملة رعيتنا وإيالتنا، فليس لأحد منهم أن يفعل في شبر منها ما شاء ولا تسلمها تلك القبائل ولو أفناهم القتال عن آخرهم.
ومرادنا أن تبقى هذا المر مكتوما حتى يبدأك به الصبنيول، فإن بدءوك به فتجد عندك ما تقول لهم وما تردهم به.
وها كتاب المرابط السيد الحسين الأليغى يصلك فطالعه لتعلل ما ذكر فيه، وإن ذكروا لك أن أهل تلك الجهة هم الطالبون لذلك والراغبون فيه، فأجبهم بأن الأمر بخلاف ذلك، وبأن قبائل تلك النواحى رمت ولد بيروك عن قوس واحدة، وليس معه أحد فيما أراد فعله، واذكر لهم في ذلك ما يليق أن يذكر، وإن لم يذكروا لك شيئا فلا تذكر لهم شيئا، ونسأل الله أن يرد كيده في نحوه، وقد أخبر خديمنا الطالب عبد الله أبهى بمثل ما أخبر به المرابط المذكور ونسأل الله أن يعجل بهلاكه آمين والسلام في 11 من ربيع الأول عام 1278".
مشيخته: أخذ عن العلامة أبى العباس أحمد المرنيسى، وسيدى إدريس السنوسى، وسيدى عبد السلام بن على بن ريسون، والسيد العباس بن كيران، والسيد المهدى ابن سودة، وسيدى محمد بن محمد بن على الترغى، والسيد ابن داود بن العربى الشرقى، وسيدى محمد غيلان، والسيد عبد السلام المصورى، والسيد محمد بن اد الشنجيطى، والشيخ محمد صالح الرضوى، والسيد على المسفيوى، وأبى الحسن على بن محمد الهوارى، وأبى عبد الله محمد بن عزوز، ومولاى أحمد بوغربال، والشيخ الطالب بن الحاج السلمى، وعن الحاج أحمد الصفار جميع أوراد الشاذلى وغيرها من الأذكار والأسرار، وأخذ دلائل الخيرات
عن والده السلطان مولاى عبد الرحمن، عن البركة السيد الحاج التغمرتى، عن الشريف مولاى الطائع بن محمد بن هاشم، عن شيخه الشريف مولاى الفضيل ابن على، عن شيخه العلامة الهمام خلاصة الذهب الإبريز ومن له في تحقيق العلم والإفادة التبريز، أبى العباس سيدى أحمد بن عبد العزيز الهلالى، عن شيخه مولاى المصطفى البكرى، وخليفته بمصر الشيخ محمد الحفناوى، عن شيخه البديرى، عن شيخه محمد بن أحمد المكناسى المسطارى، عن شيخه أبى القاسم السفيانى، عن شيخه سيدى محمد الشرقى، عن شيخه سيدى عبد الله بن ساسى، عن شيخه العارف بالله سيدى عبد الله الغزوانى، عن شيخه سيدى عبد العزيز التباع، عن شيخه مولاى محمد بن سليمان الجزولى رضى الله عنه.
وأخذ التغمرتى المذكور عن سيدى العربى بن المعطى الشرقى التادلى، عن سيدى محمد بن أبى القاسم العيساوى الشهير بالرباطى صاحب نظم العمل المطلق، عن شيخه سيدى أحمد بن عبد العزيز الهلالى، ويروى الجواهر الخمس عن الشيخ محمد صالح البخارى الحسنى الرضوى، عن مولاى رفيع الدين القادرى، ويروى عنه، أيضا الدور الأعلى حسبما ذلك بخط يد المترجم في كناشة له ومنها نقلت.
الآخذون عنه: منهم عمنا أبو محمد عبد القادر بن زيدان، وشيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الطاهرى وجماعة من الأعلام.
مؤلفاته: وقفت له على ختم حافل على صحيح البخارى بخط يده.
شعره: من ذلك قوله:
يا ذا المكارم والعلا
…
يا ذا الجلال الأوحد
إن العصاة تجمعوا
…
وأتوا لبابك سيدى