المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌522 - عمر الحراق أبو حفص، وزير الحضرة الإسماعيلية الشريف الحسنى - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٥

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌412 - عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن فخر الملوك أبي النصر إسماعيل السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان

- ‌ولادته:

- ‌حاله:

- ‌اهتمامه بأمور الدين وصدور أوامره لولاته بجبر رعاياهم على إقامة رسومه

- ‌اعتناؤه بنشر العلم وتسهيل سبله:

- ‌تبرعاته وأوقافه

- ‌استعداده البحرى

- ‌علائقه السياسية

- ‌خلفاؤه:

- ‌وزراؤه:

- ‌كتابة

- ‌قضاته:

- ‌قواد مشوره:

- ‌قواد المسخرين:

- ‌عماله:

- ‌أمناؤه:

- ‌محتسبوه:

- ‌نظاره:

- ‌الأول:

- ‌الثانى:

- ‌بناءاته وآثاره:

- ‌نساؤه الحرائر والشريفات:

- ‌ما خلفه من البنين والبنات:

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح:

- ‌وفاته:

- ‌413 - عبد الرحمن الكَاوَانى -بفتح الكاف مشبعة ثم واو مشبعة كذلك بعدها نون مكسورة مشبعة أيضا

- ‌414 - عبد الرحمن بن أحمد بن أبى القاسم القَرْمُونى القيسى

- ‌415 - عبد الرحمن بن الشيخ الولى أبى السرور عياد بن يعقوب

- ‌416 - عبد الرحمن بن أحمد الوقاد المكناسى الدار، المعافرى النجار

- ‌417 - عبد الرحمن بن قاسم بن محمد بن عبد الله آعراب -بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم عين مهملة ساكنة فموحدة

- ‌418 - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عزون -بالنون- المكناسى، أورده صاحب الإعلام

- ‌419 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الإدريسى المكناسى الحسنى

- ‌420 - عبد الرحمن بن الحسن اليازغى

- ‌421 - عبد الرحمن كدران

- ‌422 - عبد الرحمن بن النقيب الأشهر سيدى عبد القادر بن عبد الله الشريف الإدريسي الشَّبِيهِىّ

- ‌423 - عبد الرحمن بن محمد الفاسى لقبا، المكناسى دارًا ومنشأ وقرارًا، الشاوى أصلا المعزاوى

- ‌424 - عبد الرحمن بن أحمد دادى الزرهونى

- ‌425 - عبد الرحمن بن محمد فتحا بصرى المكناسى

- ‌426 - عبد الرحمن بن على بن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن إسماعيل الأكبر

- ‌427 - عبد الرحمن بن التهامى بن الفقيه العلامة سيدى يحيى بن عبد الواحد الشريف الحسنى الإدريسى الزرهونى

- ‌428 - عبد الرحمن القرشى دفين بطحاء خارج باب بريمة، ولم أقف له على ترجمة

- ‌429 - عبد الرحمن التاغى دفين حومة حمام الجديد، ولم أقف له على ترجمة

- ‌430 - عبد الرفيع بن مسعود بن عبود المكناسى الأصل

- ‌431 - عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد المالك بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد أبى الغيث الحسنى العلوى

- ‌432 - عبد الكريم بن الرضى بن محمد بن على بن أحمد اليلمحى الشريف الوزانى

- ‌433 - عبد المالك بن فخر الملوك أبى النصر إسماعيل

- ‌اعتباره لمن يشار له بخير:

- ‌علائقه السياسية:

- ‌434 - عبد الملك البوعصامى نزيل مكناسة

- ‌435 - عبد الملك بن محمد الحسنى

- ‌436 - عبد المالك بن عبد السلام بن السلطان محمد بن السلطان مولاى عبد الله بن السلطان الأعظم مولانا إسماعيل

- ‌437 - عبد المالك أبو المفاخر بن السلطان عبد الرحمن بن هشام

- ‌438 - عبد النبي الشاوى

- ‌439 - عبد العزيز أبو فارس

- ‌440 - عبد العزيز بن محمد اليفرنى

- ‌441 - عبد العزيز بن محمد بن محمد بن قاسم بن على بن عبد الرحمن ابن أبى العافية الشهير بابن القاضى الزناتى المكناسى

- ‌442 - عبد العزيز المكناسى المدنى

- ‌443 - عبد القادر بن عبد الله بن محمد بن عبد القادر بن عبد الواحد بن أحمد الشبيه الجوطى الحسنى

- ‌444 - عبد القادر بن العربى المنبهى المدغرى المعروف بابن شقرون المكناسى

- ‌446 - عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الملقب الفاسى

- ‌447 - عبد القادر أبو محمد القاضى الأعدل بن محمد بن عبد المالك بن العربى بن على بن مولانا محمد بن مولانا على الشريف الحسنى السجلماسى

- ‌448 - عبد القادر بن الحران الحسنى الإسماعيلى

- ‌449 - عبد القادر بن عبد الرحمن بن سعيد

- ‌450 - عبد القادر بن محمد بن أحمد بن بلقاسم الإدريسى العلمى الحمدانى

- ‌451 - عبد القادر زين العابدين

- ‌452 - عبد القادر شقيق والدنا ابن عبد الرحمن بن على بن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن فخر الملوك إسماعيل

- ‌453 - عبد القادر بن على الحسنى العلوى

- ‌454 - عبد القادر بن المعطى بن العناية

- ‌455 - عبد السلام ابن العلامة الشاذلى بن محمد بن أبى بكر الدلائى

- ‌456 - عبد السلام أبو محمد قاضيها ابن محمد الدلائى البكرى المسناوى

- ‌457 - عبد السلام البيجرى المكناسى

- ‌458 - عبد السلام بن أبى يعزى حركات السَّلاوى

- ‌459 - عبد السلام الرامى الزرهونى أصلا الفاسى النشأة والدار

- ‌460 - عبد السلام بن الحاج محمد بن عمرو

- ‌461 - عبد السلام بن محمد التازى الرباطى

- ‌462 - عبد السلام بن محمد فتحا بن عبد الله بن الطاهر الأمرَانى

- ‌463 - عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن عبد الله

- ‌464 - عبد الهادى بن عبد المالك بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حفيد بن على بن محمد بن عبد الواحد أبى الغيث الشريف العلوى البلغيثى

- ‌465 - عبد الهادى الفيلالى نزيل مكناس ودفينها

- ‌466 - عبد الواحد بن على بن محمد فتحا بن على الكتانى. نزيل مكناس

- ‌467 - عبد الواحد بن الأستاذ أبى الحسن على بن محمد بن على المدعو منون

- ‌468 - عبد الواحد بن عبد الرحمن الشبيهى الجوطى

- ‌469 - عبد الواحد المدعو الدربالى

- ‌470 - عبد الواحد بن حمادى بن عبد الواحد بن محرز بن الشريف بن على

- ‌471 - عبد الواحد بن محمد ابن فقيرة

- ‌472 - عبد الوهاب بن محمد بن الشيخ المكناسى الأصل والنشأة والدار

- ‌473 - عبد الوهاب أبو نصر وأبو اليمن وأبو البركات قاضيها ابن السيد الحاج محمد المدعو حم العرايشى المكناسى الدار والإقبار

- ‌474 - عبد الوهاب الشيخ أبو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عمران

- ‌475 - عبد الوهاب بن أحمد أدَرّاق

- ‌476 - عبد الوهاب أجانا

- ‌477 - العباس بن محمد بن كيران الفاسى الأصل المكناسى الوفاة

- ‌478 - العباس بن أمير المؤمنين مولاى عبد الرحمن بن أمير المؤمنين مولاى هشام بن أمير المؤمنين سيدى محمد بن أمير المؤمنين مولاى عبد الله بن أمير المؤمنين السلطان الأعظم مولاى إسماعيل بن الشريف الحسنى

- ‌479 - العباس بن الهادى فرموج المكناسى

- ‌480 - عثمان أبو سعيد بن عبد الواحد بن عبد العزيز اللمطى المكناسى الميمون

- ‌481 - العربي بن محمَّد فتحا بصرى المكناسى

- ‌482 - العربي بن مسعود أبو سرحان بن عبد الله بصرى

- ‌483 - العربي بن على القسمطينى

- ‌484 - العربي بن أبي فارس بن محمَّد المدعو ولد عريبة ابن السلطان الأعظم سيدنا الجد الأكبر مولانا إسماعيل

- ‌485 - العربي بن عامر المكناسى

- ‌486 - العربي بن الطاهر بن المهدي بصرى المدعو قطيطة المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌487 - العربي: بن محمَّد بن محمَّد السائح بن العربي بن فاضل بن محمَّد ابن بوعزة الصالح بن رشيد بن عبد القادر بن الشيخ أبي عبيد سيدي محمَّد الشرقى العمرى

- ‌488 - العربي بادو ابن الأمين المحتسب الحاج الطاهر

- ‌489 - العربي بن على بن فارس الحسنى العلوى

- ‌490 - العربي بن إدريس الشريف العلمى اللحيانى المعروف بالموساوى

- ‌491 - العربي بن الأستاذ فضول ابن شَمْسِى

- ‌492 - على أبو الحسن عرف بالأعرج

- ‌493 - على بن حمود

- ‌494 - على بن عيسى بن عمران بن دافال المكناسى

- ‌495 - على بن أبي بكر بن سبع بن مزاحم المكناسى

- ‌496 - على بن عبد الرحمن بن تميم اليفرنى، شهر بالطنجي والمكناسى

- ‌497 - على بن موسى بن أبي بكر بن محمَّد فتح ابن عبد الله الكتانى

- ‌498 - على أبو الحسن بن الفقيه الأستاذ المدرس محمَّد بن على، دعى منون الحسنى المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌499 - على بن هارون الشريف الحسنى المكناسى

- ‌500 - على بن محمَّد بن عبد الرحمن المعروف بالمراكشى

- ‌501 - على بن محمَّد بن أبي الفضل بن أحمد بن العافية

- ‌502 - على بن سعيد بن محمَّد الصنهاجي المكناسى

- ‌503 - على بن يوسف

- ‌504 - على بن محمَّد الزرهونى المعروف بالدشيش بصيغة التصغير

- ‌506 - على بن عمر

- ‌507 - على أبو الحسن قاضيه ابن أحمد بن محمَّد بن حماد زغبوش

- ‌508 - على أبو الحسن

- ‌509 - على بن قاسم الوقاد المعافرى قاضيها أبو الحسن

- ‌510 - على الزرهونى

- ‌511 - على بن أحمد المكناسى

- ‌512 - على بن عمر بن عبد السلام بن أحمد بن محمَّد بن محمَّد ثاني ابن أحمد بن الحافظ بن أبي بكر بن العربي المعافرى

- ‌513 - على أبو البركات بن محمَّد المدعو حمدوش بن عمران الشريف العلمى العروسى

- ‌514 - على بن سعيد العميرى

- ‌515 - على بن عبد الرحمن بن عبود المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌516 - على بن صانبة البخارى المكناسى

- ‌517 - على جد والدنا دنية ابن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌519 - على بن محمد المسفيوى

- ‌520 - على بن الشاد بن محمد بن العربى بن الطالب الأمرانى

- ‌521 - عمر بن عثمان الونشريسى المكناسى

- ‌522 - عمر الحراق أبو حفص، وزير الحضرة الإسماعيلية الشريف الحسنى

- ‌523 - عمر الوقاش

- ‌524 - عمر الخطاب نزيل جبل زرهون ودفينه

- ‌525 - عمر بن عبد العزيز بن عمر الخطاب الزرهونى

- ‌526 - عمر بن مبارك الحصينى

- ‌527 - عمر الكوش المكناسى

- ‌528 - عمر بن الفقيه المقدس أبى عبد الله محمد بن عوادة العثمانى

- ‌529 - عمر بن أمير المؤمنين مولانا الحسن

- ‌530 - عمران أبو موسى بصرى الولهاصى الولى الشهير

- ‌531 - عمران بن موسى الجاناتى المكناسى

- ‌532 - عياد السوسى

- ‌533 - عائشة العَدَويَّة دفينة مكناسة الزيتون

- ‌534 - عيسى بن دافال أبو موسى المكناسى

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌535 - غازى بن الإمام شيخ الجماعة بمكناس وفاس محمد بن أحمد ابن غازى المكناسى الأصل الفاسى الإقبار

- ‌536 - الغازى بن العربى بن عبود المكناسى النشأَة والدار والإقبار

- ‌537 - الغزوانى بن الشيخ الإمام عبد الله محمد بن أبى بكر الدلائى

- ‌538 - الغالى ابن المكى السنتيسى المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌حرف الفاء

- ‌539 - فتحون البزازية

- ‌540 - فاطمة بنت الشيخ الصالح أبي عبد الله محمَّد بن عبد الرَّحْمَن بصري مار الترجمة

- ‌541 - فرج الأَنْدلسيّ أبو الفضل المكناسى الدار

- ‌542 - الفاطمى بن محمَّد بن سميه بن عبد القادر بن محمَّد بن عبد القادر النقيب الإدريسى الشبيهى

- ‌543 - الفضيل بن الفاطمى المترجم قبله يليه بن محمَّد بن سميه بن عبد القادر بن محمَّد بن عبد القادر النقيب

- ‌544 - الفاطمى بن الفضيل المترجم قبله يليه

- ‌حرف القاف

- ‌545 - القاسم بن عبد الله بن محمَّد بن حماد بن محمَّد بن زغبوش

- ‌546 - قاسم أبو الخير بن محمَّد بن محمَّد بن قاسم بن أبي العافية الشهير بابن القاضي

- ‌547 - قاسم بن رَحْمُون الزرهونى الأصل، الفاسى النشأة والوفاة

- ‌548 - قاسم البندورى أبو اليسر

- ‌549 - قاسم. دُعِيَ الدامى بن محمَّد فتحا المنصورى أصلا المكناسى نشأة ودارا وإقبارا

- ‌550 - قاسم بن الفقيه الأستاذ عبد القادر الحسنوى

- ‌551 - أبو القاسم ابن الأبرش

- ‌552 - أبو القاسم بن حبيب الحريشى المكناسى

- ‌553 - أبو القاسم بن درى الشاوى الأصل المكناسى الدار

- ‌554 - أبو القاسم قاضى الحضرة المكناسية وابن قاضيها سعيد بن أبي القاسم العميرى -بفتح العين نسبة لبنى عمير، فرقة من تادلا الجابرى التادلى

- ‌فهرس مصادر التحقيق

الفصل: ‌522 - عمر الحراق أبو حفص، وزير الحضرة الإسماعيلية الشريف الحسنى

‌522 - عمر الحراق أبو حفص، وزير الحضرة الإسماعيلية الشريف الحسنى

.

حاله: عين أعيان الأعلام، وواسطة عقد حملة الأقلام، بذلك الأوان، إذا نظم سحر الألباب، وإذا نثر أَدهش فرسان البلاغة بما أويته من حسن الانسجام، وعجيب الإبداع، نشأَ ببلده شفشاون نشأَة حسنة في العفاف والصيانة، وغذى بألبان المعارف والعلوم والآدب، إلى أَن بلغ الأشد، ونبع وبرع في الفنون على اختلاف أنواعها. قال في حقه معاصره الأديب الماهر المقتدر أبو عبد الله محمد بن الطيب الشريف العلمى في أنيسه ما لفظه: قوى العارضة، لا يطمح الفتح أَن يعارضه، تقلد الوزارة، وشد بها إزاره، فأَلقت إليه الرياسة عصا الطوع، وأمنت بسيوف أقلامه وسهام إصابته من الروع، وجاءها من البيان بكل صنف ومن البديع بكل نوع، من رجل يهاب سطوته الحجاج، ويستفتيه في العربية الزجاج.

رحل إلى المشرق فحج واعتمر، وطلع بأدبه على ذلك الأفق طلوع القمر، فاستفاد وأَفاد، وخلد هنالك علما تدخره الأبناء للأحفاد، وله ديوان شعر يشهد له بالدراية، وينشر على رأسه في دولة الإحسان أى راية، ولقد أَثبت له ما تبصره شعرا، وتجده عند الاختبار سحرا، وعند الاستنشاق شحرا، إلى أن قال: لقيته بداره من محروسة مكناسة فأطرفنى بما شاء من الطرف، وأعطانى في أخباره من كل فن طرف، ثم دعا بولد له بعد ست سنين، فلما حضر أَدى حق الآباء على البنين، ثم قال له: قل يا بنى لا فض الله فاك، ولا سلم من جفاك، فأنشد وما وجم، حتى أتى على آخر لامية العجم، من غير أن يحدث في عروضها كسرا، أو يغفل في إعرابها ضما ولا كسرا.

ثم أتى من القصائد ما يتخذ ذخرا، وانتقل في المعانى فكان تميميا مرة وقيسيا أُخرى، فما رأيت والله من يفصح مثل لفظه، ولا من ظفر بمثل حفظه، ثم

ص: 563

قال يا بنى أَطرفنا بشئ من الأخبار. مما عقلت من الأحبار. ونبذة من عجائب الأسفار. فحدثنا بقصص رائقة، سلك فيها منهج الإتقان ورائقه.

أَخبرنا قال حدث الخالد عن أبى بكر الصنوبرى، قال: كان بالرُّها وراق له سعد، وكان يجلس له أهل الفضل والأدب من أهل عصره وكان حسن الأدب غزير العلم، كثير الفهم، ينظم الأشعار الفائقة الرائقة، وكان جملة من الأدباء لا يفارقون دكانه، منهم أبو بكر المعوج الشامى الشاعر، وأبو بكر الصنوبرى وغيرهم من علماء الشام وديار مصر.

وكان لتاجر نصرانى هنالك ولد اسمه عيسى من أحسن الناس وجها وأعلاهم قدرا، وأظرفهم منطقا، وكان يجلس إلينا ويكتب من أشعارنا وجميعنا يحبه ويميل إليه، وهو حينئذ في المكتب، فعشقه سعد الوراق عشقا مبرحا، وكان يعمل فيه الأشعار فمن ذلك قوله فيه وقد جلس عنده يكتب شعرا:

اجعل فؤادى دواة والمداد دمى

وهاك فاجر عظامى موضع القلم

يرى المنعم لا يدرى بمن كلفى

وأنت أشهر في الصبيان من علم

ثم شاع بعشق الغلام، فلما كبر وبلغ الاحتلام، أحب الرهبانية وخاطب أباه وأمه في ذلك، وألح عليهما فأجاباه، وخرجا به إلى دير زكرى بنواحى الرقة وهو في نهاية الحسن، فابتاعا له قلابة فأَقاماه فيها، وضاقت الدنيا على سعد الوراق فأَغلق دكانه، وهجر إخوانه، ولزم الدير مع الغلام يعمل فيه الأشعار، ويسير خلفه حيث سار.

فأنكرت الرهبان إلمام سعد بعيسى ونهوه عنه وأَنكروا عليه، وأَغلظوا له في القول، وأَزمعوا على إخراجه إن دخل القلابة على عيسى، فلما رأى سعد امتناعه منه شق ذلك عليه وخضع للرهبان، وتملق لهم فلم يجيبوه، وقالوا: هذا عار علينا وفيه إثم فلا تمكن موافقتنا عليه، مع ما نخشى من السلطان.

ص: 564

فكان إذا وافى الدير أَغلقوا الباب في وجهه، ولم يدعو الغلام يكلمه، فاشتد وجعه وزاد عشقه وكلفه، حتى صار إلى الجنون، فخرق ثيابه وأضرم النار في جميعها، ولزم صحراء الدير وهو عريان يهيم، ويعمل الأشعار.

قال الصنوبرى: فعبرت يوما أنا والمعوج الشامى من بستان بتنا فيه فرأيناه عريانا جالسا في ظل الدير، وقد طال شعره وتغيرت خلقته، فسلمنا عليه وعذلناه وعنفناه، فقال: دعانى من هذا الوسواس، أتريا ذلك الطير الذى على هيكل الدير؟ قلنا: نعم، قال: إنى والله أُناشده منذ الغداة أَن يسقط فأَحمله رسالة إلى عيسى، ثم التفت إلى وقال: يا صنوبرى أمعك ألواحك؟ قلت: نعم، قال اكتب عنى وأَنشد:

بدينك يا حمامة دير زكرى

وبالإنجيل عندك والصليب

قفى وتحملى منى سلاما

إلى قمر على غصن رطيب

حماه جماعة الرهبان عنى

فقلبى لا يقر من الوجيب

وقالوا رابنا إلمام سعد

ولا والله ما أنا بالمريب

وقولى سعدك المسكين يشكو

لهيب جوى أحر من اللهيب

فصله بنظرة لك من بعيد

إذا ما كنت تمنع من قريب

وإن أَنامت فاكتب حول قبرى

محب مات من هجر الحبيب

رقيب واحد تنغيص عيش

فكيف بمن له مائتا رقيب

قال: ثم تركنا وقام إلى باب الدير وهو مغلق دونه، وانصرفنا عنه، وما زال كذلك زمانا حتى وجد في بعض الأيام ميتا إلى جانب الدير فانتهى خبره إلى أمير البلد ابن كيغلغ، فعزم على ضرب رقبة الغلام وإحراقه بالنار، وضرب جميع الرهبان بالسياط حتى افتدوا منه بمائة ألف، وانتقل عيسى إلى دير سمعان مطرودا.

ص: 565

رجع: ثم أَنبأت صاحب الترجمة بعزمى على هذا الكتاب، وطلبت منه أَن يعطينى من ديوانه ما أَثبت له في طبقة الكتاب، فماطلنى في ذلك، وكأنه رأى نفسه ليس أهلا لما هنالك، تواضعا لمولاه، ومن تواضع لله رفعه الله، ثم لما أن عدت في ذلك إليه، وأجلبت بخيلى ورجلى للتأكد عليه، اعتذر بتراكم الأكدار، ووعدنى بوصول القصائد إلى الدار؛ فودعته مصدقا لوعده، فما رأيت شيئا من بعده، سوى فقده، هـ لفظه.

شعره: من ذلك قوله يتشوق إلى شفشاون بلده ويحن لها حنين الوالد لولده:

شفشاون يا شفاء النفس من نصب

ومن عنا وشفاء الروح من وصب

حياك من لم يزل حيا وأحيا رُبًى

رُبِّيت فيها رهين اللهو والطراب

مسقط رأسى وأنسى مع جهابذة

أَربوا على كل ذى علم وذى أدب

زدت جمالا على حمراء أندلس

وفقت بيضاء غرب منتهى الأدب

أرض تجمع فيها كل مفترق

في غيرها من أراضى العجم والعرب

ماء معين وأشجار منوعة

تعجز عن وصفها الأقلام في الكتب

ما شعب بوان ما مرج دمشق وما

نيل بمصر وما العاصى لدى حلب

في جنب شفشاون الغراء إن فخرت

بتينها وبزيتون مع العنب

إلى أن قال:

أنت التي في سواد القلب مسكنها

يا بلدة قربها يروى بلا قرب

تسر من جاءها ظمآن في تعب

كما تسر عطاش ليلة الغرب

قومك قومى ورهطى لست أنكرهم

وكيف أنكر أمى أو أعق أبى

ص: 566