المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌461 - عبد السلام بن محمد التازى الرباطى - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٥

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌412 - عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن فخر الملوك أبي النصر إسماعيل السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان

- ‌ولادته:

- ‌حاله:

- ‌اهتمامه بأمور الدين وصدور أوامره لولاته بجبر رعاياهم على إقامة رسومه

- ‌اعتناؤه بنشر العلم وتسهيل سبله:

- ‌تبرعاته وأوقافه

- ‌استعداده البحرى

- ‌علائقه السياسية

- ‌خلفاؤه:

- ‌وزراؤه:

- ‌كتابة

- ‌قضاته:

- ‌قواد مشوره:

- ‌قواد المسخرين:

- ‌عماله:

- ‌أمناؤه:

- ‌محتسبوه:

- ‌نظاره:

- ‌الأول:

- ‌الثانى:

- ‌بناءاته وآثاره:

- ‌نساؤه الحرائر والشريفات:

- ‌ما خلفه من البنين والبنات:

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح:

- ‌وفاته:

- ‌413 - عبد الرحمن الكَاوَانى -بفتح الكاف مشبعة ثم واو مشبعة كذلك بعدها نون مكسورة مشبعة أيضا

- ‌414 - عبد الرحمن بن أحمد بن أبى القاسم القَرْمُونى القيسى

- ‌415 - عبد الرحمن بن الشيخ الولى أبى السرور عياد بن يعقوب

- ‌416 - عبد الرحمن بن أحمد الوقاد المكناسى الدار، المعافرى النجار

- ‌417 - عبد الرحمن بن قاسم بن محمد بن عبد الله آعراب -بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم عين مهملة ساكنة فموحدة

- ‌418 - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عزون -بالنون- المكناسى، أورده صاحب الإعلام

- ‌419 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الإدريسى المكناسى الحسنى

- ‌420 - عبد الرحمن بن الحسن اليازغى

- ‌421 - عبد الرحمن كدران

- ‌422 - عبد الرحمن بن النقيب الأشهر سيدى عبد القادر بن عبد الله الشريف الإدريسي الشَّبِيهِىّ

- ‌423 - عبد الرحمن بن محمد الفاسى لقبا، المكناسى دارًا ومنشأ وقرارًا، الشاوى أصلا المعزاوى

- ‌424 - عبد الرحمن بن أحمد دادى الزرهونى

- ‌425 - عبد الرحمن بن محمد فتحا بصرى المكناسى

- ‌426 - عبد الرحمن بن على بن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن إسماعيل الأكبر

- ‌427 - عبد الرحمن بن التهامى بن الفقيه العلامة سيدى يحيى بن عبد الواحد الشريف الحسنى الإدريسى الزرهونى

- ‌428 - عبد الرحمن القرشى دفين بطحاء خارج باب بريمة، ولم أقف له على ترجمة

- ‌429 - عبد الرحمن التاغى دفين حومة حمام الجديد، ولم أقف له على ترجمة

- ‌430 - عبد الرفيع بن مسعود بن عبود المكناسى الأصل

- ‌431 - عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد المالك بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد أبى الغيث الحسنى العلوى

- ‌432 - عبد الكريم بن الرضى بن محمد بن على بن أحمد اليلمحى الشريف الوزانى

- ‌433 - عبد المالك بن فخر الملوك أبى النصر إسماعيل

- ‌اعتباره لمن يشار له بخير:

- ‌علائقه السياسية:

- ‌434 - عبد الملك البوعصامى نزيل مكناسة

- ‌435 - عبد الملك بن محمد الحسنى

- ‌436 - عبد المالك بن عبد السلام بن السلطان محمد بن السلطان مولاى عبد الله بن السلطان الأعظم مولانا إسماعيل

- ‌437 - عبد المالك أبو المفاخر بن السلطان عبد الرحمن بن هشام

- ‌438 - عبد النبي الشاوى

- ‌439 - عبد العزيز أبو فارس

- ‌440 - عبد العزيز بن محمد اليفرنى

- ‌441 - عبد العزيز بن محمد بن محمد بن قاسم بن على بن عبد الرحمن ابن أبى العافية الشهير بابن القاضى الزناتى المكناسى

- ‌442 - عبد العزيز المكناسى المدنى

- ‌443 - عبد القادر بن عبد الله بن محمد بن عبد القادر بن عبد الواحد بن أحمد الشبيه الجوطى الحسنى

- ‌444 - عبد القادر بن العربى المنبهى المدغرى المعروف بابن شقرون المكناسى

- ‌446 - عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الملقب الفاسى

- ‌447 - عبد القادر أبو محمد القاضى الأعدل بن محمد بن عبد المالك بن العربى بن على بن مولانا محمد بن مولانا على الشريف الحسنى السجلماسى

- ‌448 - عبد القادر بن الحران الحسنى الإسماعيلى

- ‌449 - عبد القادر بن عبد الرحمن بن سعيد

- ‌450 - عبد القادر بن محمد بن أحمد بن بلقاسم الإدريسى العلمى الحمدانى

- ‌451 - عبد القادر زين العابدين

- ‌452 - عبد القادر شقيق والدنا ابن عبد الرحمن بن على بن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن فخر الملوك إسماعيل

- ‌453 - عبد القادر بن على الحسنى العلوى

- ‌454 - عبد القادر بن المعطى بن العناية

- ‌455 - عبد السلام ابن العلامة الشاذلى بن محمد بن أبى بكر الدلائى

- ‌456 - عبد السلام أبو محمد قاضيها ابن محمد الدلائى البكرى المسناوى

- ‌457 - عبد السلام البيجرى المكناسى

- ‌458 - عبد السلام بن أبى يعزى حركات السَّلاوى

- ‌459 - عبد السلام الرامى الزرهونى أصلا الفاسى النشأة والدار

- ‌460 - عبد السلام بن الحاج محمد بن عمرو

- ‌461 - عبد السلام بن محمد التازى الرباطى

- ‌462 - عبد السلام بن محمد فتحا بن عبد الله بن الطاهر الأمرَانى

- ‌463 - عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن عبد الله

- ‌464 - عبد الهادى بن عبد المالك بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حفيد بن على بن محمد بن عبد الواحد أبى الغيث الشريف العلوى البلغيثى

- ‌465 - عبد الهادى الفيلالى نزيل مكناس ودفينها

- ‌466 - عبد الواحد بن على بن محمد فتحا بن على الكتانى. نزيل مكناس

- ‌467 - عبد الواحد بن الأستاذ أبى الحسن على بن محمد بن على المدعو منون

- ‌468 - عبد الواحد بن عبد الرحمن الشبيهى الجوطى

- ‌469 - عبد الواحد المدعو الدربالى

- ‌470 - عبد الواحد بن حمادى بن عبد الواحد بن محرز بن الشريف بن على

- ‌471 - عبد الواحد بن محمد ابن فقيرة

- ‌472 - عبد الوهاب بن محمد بن الشيخ المكناسى الأصل والنشأة والدار

- ‌473 - عبد الوهاب أبو نصر وأبو اليمن وأبو البركات قاضيها ابن السيد الحاج محمد المدعو حم العرايشى المكناسى الدار والإقبار

- ‌474 - عبد الوهاب الشيخ أبو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عمران

- ‌475 - عبد الوهاب بن أحمد أدَرّاق

- ‌476 - عبد الوهاب أجانا

- ‌477 - العباس بن محمد بن كيران الفاسى الأصل المكناسى الوفاة

- ‌478 - العباس بن أمير المؤمنين مولاى عبد الرحمن بن أمير المؤمنين مولاى هشام بن أمير المؤمنين سيدى محمد بن أمير المؤمنين مولاى عبد الله بن أمير المؤمنين السلطان الأعظم مولاى إسماعيل بن الشريف الحسنى

- ‌479 - العباس بن الهادى فرموج المكناسى

- ‌480 - عثمان أبو سعيد بن عبد الواحد بن عبد العزيز اللمطى المكناسى الميمون

- ‌481 - العربي بن محمَّد فتحا بصرى المكناسى

- ‌482 - العربي بن مسعود أبو سرحان بن عبد الله بصرى

- ‌483 - العربي بن على القسمطينى

- ‌484 - العربي بن أبي فارس بن محمَّد المدعو ولد عريبة ابن السلطان الأعظم سيدنا الجد الأكبر مولانا إسماعيل

- ‌485 - العربي بن عامر المكناسى

- ‌486 - العربي بن الطاهر بن المهدي بصرى المدعو قطيطة المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌487 - العربي: بن محمَّد بن محمَّد السائح بن العربي بن فاضل بن محمَّد ابن بوعزة الصالح بن رشيد بن عبد القادر بن الشيخ أبي عبيد سيدي محمَّد الشرقى العمرى

- ‌488 - العربي بادو ابن الأمين المحتسب الحاج الطاهر

- ‌489 - العربي بن على بن فارس الحسنى العلوى

- ‌490 - العربي بن إدريس الشريف العلمى اللحيانى المعروف بالموساوى

- ‌491 - العربي بن الأستاذ فضول ابن شَمْسِى

- ‌492 - على أبو الحسن عرف بالأعرج

- ‌493 - على بن حمود

- ‌494 - على بن عيسى بن عمران بن دافال المكناسى

- ‌495 - على بن أبي بكر بن سبع بن مزاحم المكناسى

- ‌496 - على بن عبد الرحمن بن تميم اليفرنى، شهر بالطنجي والمكناسى

- ‌497 - على بن موسى بن أبي بكر بن محمَّد فتح ابن عبد الله الكتانى

- ‌498 - على أبو الحسن بن الفقيه الأستاذ المدرس محمَّد بن على، دعى منون الحسنى المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌499 - على بن هارون الشريف الحسنى المكناسى

- ‌500 - على بن محمَّد بن عبد الرحمن المعروف بالمراكشى

- ‌501 - على بن محمَّد بن أبي الفضل بن أحمد بن العافية

- ‌502 - على بن سعيد بن محمَّد الصنهاجي المكناسى

- ‌503 - على بن يوسف

- ‌504 - على بن محمَّد الزرهونى المعروف بالدشيش بصيغة التصغير

- ‌506 - على بن عمر

- ‌507 - على أبو الحسن قاضيه ابن أحمد بن محمَّد بن حماد زغبوش

- ‌508 - على أبو الحسن

- ‌509 - على بن قاسم الوقاد المعافرى قاضيها أبو الحسن

- ‌510 - على الزرهونى

- ‌511 - على بن أحمد المكناسى

- ‌512 - على بن عمر بن عبد السلام بن أحمد بن محمَّد بن محمَّد ثاني ابن أحمد بن الحافظ بن أبي بكر بن العربي المعافرى

- ‌513 - على أبو البركات بن محمَّد المدعو حمدوش بن عمران الشريف العلمى العروسى

- ‌514 - على بن سعيد العميرى

- ‌515 - على بن عبد الرحمن بن عبود المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌516 - على بن صانبة البخارى المكناسى

- ‌517 - على جد والدنا دنية ابن محمد بن عبد المالك بن زيدان بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌519 - على بن محمد المسفيوى

- ‌520 - على بن الشاد بن محمد بن العربى بن الطالب الأمرانى

- ‌521 - عمر بن عثمان الونشريسى المكناسى

- ‌522 - عمر الحراق أبو حفص، وزير الحضرة الإسماعيلية الشريف الحسنى

- ‌523 - عمر الوقاش

- ‌524 - عمر الخطاب نزيل جبل زرهون ودفينه

- ‌525 - عمر بن عبد العزيز بن عمر الخطاب الزرهونى

- ‌526 - عمر بن مبارك الحصينى

- ‌527 - عمر الكوش المكناسى

- ‌528 - عمر بن الفقيه المقدس أبى عبد الله محمد بن عوادة العثمانى

- ‌529 - عمر بن أمير المؤمنين مولانا الحسن

- ‌530 - عمران أبو موسى بصرى الولهاصى الولى الشهير

- ‌531 - عمران بن موسى الجاناتى المكناسى

- ‌532 - عياد السوسى

- ‌533 - عائشة العَدَويَّة دفينة مكناسة الزيتون

- ‌534 - عيسى بن دافال أبو موسى المكناسى

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌535 - غازى بن الإمام شيخ الجماعة بمكناس وفاس محمد بن أحمد ابن غازى المكناسى الأصل الفاسى الإقبار

- ‌536 - الغازى بن العربى بن عبود المكناسى النشأَة والدار والإقبار

- ‌537 - الغزوانى بن الشيخ الإمام عبد الله محمد بن أبى بكر الدلائى

- ‌538 - الغالى ابن المكى السنتيسى المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌حرف الفاء

- ‌539 - فتحون البزازية

- ‌540 - فاطمة بنت الشيخ الصالح أبي عبد الله محمَّد بن عبد الرَّحْمَن بصري مار الترجمة

- ‌541 - فرج الأَنْدلسيّ أبو الفضل المكناسى الدار

- ‌542 - الفاطمى بن محمَّد بن سميه بن عبد القادر بن محمَّد بن عبد القادر النقيب الإدريسى الشبيهى

- ‌543 - الفضيل بن الفاطمى المترجم قبله يليه بن محمَّد بن سميه بن عبد القادر بن محمَّد بن عبد القادر النقيب

- ‌544 - الفاطمى بن الفضيل المترجم قبله يليه

- ‌حرف القاف

- ‌545 - القاسم بن عبد الله بن محمَّد بن حماد بن محمَّد بن زغبوش

- ‌546 - قاسم أبو الخير بن محمَّد بن محمَّد بن قاسم بن أبي العافية الشهير بابن القاضي

- ‌547 - قاسم بن رَحْمُون الزرهونى الأصل، الفاسى النشأة والوفاة

- ‌548 - قاسم البندورى أبو اليسر

- ‌549 - قاسم. دُعِيَ الدامى بن محمَّد فتحا المنصورى أصلا المكناسى نشأة ودارا وإقبارا

- ‌550 - قاسم بن الفقيه الأستاذ عبد القادر الحسنوى

- ‌551 - أبو القاسم ابن الأبرش

- ‌552 - أبو القاسم بن حبيب الحريشى المكناسى

- ‌553 - أبو القاسم بن درى الشاوى الأصل المكناسى الدار

- ‌554 - أبو القاسم قاضى الحضرة المكناسية وابن قاضيها سعيد بن أبي القاسم العميرى -بفتح العين نسبة لبنى عمير، فرقة من تادلا الجابرى التادلى

- ‌فهرس مصادر التحقيق

الفصل: ‌461 - عبد السلام بن محمد التازى الرباطى

‌461 - عبد السلام بن محمد التازى الرباطى

.

أمين الأمناء، ورد أبوه من فاس للرباط وبها ولد المترجم.

حاله: نشأ بالرباط، وكان في أول أمره ممن يتعاطى التجارة بأروبا، ثم ببلده بعد ذلك، ولما مات أخوه الأكبر السيد محمد التازى سنة 1307 - وكان من المحظوظين عند السلطان المولى الحسن لسابق معرفة بينهما إذ كان أمينا بالصويرة والسلطان لا زال مستخلفا من أبيه على بعض الجيوش بسوس- أسند له المولى الحسن خطته التي هى أمانة الأمناء، ووظيفتها الإشراف على أمناء الثغور والأملاك المخزنية، والمستفاد كما أومأنا لذلك في الترجمة الحسنية فسار فيها سيرة حسنة، وحمد عمله فيها، وكان يرافق السلطان كسائر كبار رجال الدولة في تنقلاته يقيم لإقامة ركابه ويظعن بظعنه بين عواصمه الكبرى مراكش وفاس ومكناس، وكان إذا حل مكناسة سكن بروض العلامة مولاى العباس بن السلطان المولى عبد الرحمن ابن هشام آتى الترجمة الواقع بدرب حمام السلطان إسماعيل جوار الدار التي كانت بها سكنى والدى هنالك، وصار بعد مكتبا لقبض الموظف البلدى على الملاك والزراع والمحترفين من الأهالى والأجانب وغير ذلك، وقد كان بين المترجم ووالدى صفاء حب رحم الله الجميع.

ولما توفى السلطان وبويع للمولى عبد العزيز وانقلبت الأحوال بالوزير الجامعى وأخيه، وتولى الوزارة أحمد بن موسى، بقى على وظيفه غير منازع فيه ولا مدافع، واستمر التعاون بينهما على تسيير شئون الدولة، ذاك في صدارته وداخليته، وهذا في مراسيه وماليته، والمسفيوى على عدليته وشكايته، إلى أن توفى الوزير المذكور بمراكش والمترجم مريض بها، فلما أبل من سقمه ورأى أمارات الاختلال وسوء الأحوال؛ وتصدر الإعجاز؛ والتباس الحقيقة بالمجاز؛ فضل

461 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 8/ 2848.

ص: 430

الانسحاب معتذرا بالعجز والضعف وكبر السن، وقصد الحج الواجب فقبل السلطان عذره وأعفاه مع الإكرام والاحترام واعتباره كأنه لا زال قائما بوظيفه راعيا لسالف خدمته.

ونص ظهير الإعفاء بعد الحمدلة والصلاة والطابع السلطانى الكبير بداخله (عبد العزيز بن الحسن بن محمد):

"يعلم من كتابنا هذا أسمى الله قدره، وأعز أمره، أننا بحول الله وقوته، وجزيل منته، أعفينا ماسكه خديمنا الأرضى الأمين الطالب عبد السلام التازى من الخدمة بأعتابنا الشريفة وأرحناه منها لما اعتذر به من العجز والضعف وكبر السن، وقبلنا عذره، وأبقيناه مسربلا بسربال التوقير والتعظيم والإجلال والتكريم، وأقررناه على ما عهد له حالة تلبسه بالخدمة من المراعاة والاعتبار؛ والملاحظة بعين الاحترام والوقار؛ كأنه لا زال قائما فيها وملتبسا بها أو أكثر، رعيا لسالف خدمته، وصدقه ونصيحته؛ وألحقنا به في ذلك كله قرابته وأصهاره وأصحابه فلا سبيل لمن يريد التوصل إليهم بمكروه، أو يمد لهم يد الترامى والتعدى في وجه من الوجوه، ونأمر الواقف عليه من عمالنا وولاة أمرنا بأعمال عوامله وإجرائه على مقتضاها وعدم مجاوزة أحكامه إلى ما سواها، والسلام صدر به أمرنا المعتز بالله في 20 ربيع النبوى عام 1318".

وقد جاء هذا الظهير بما اشتمل عليه من الرعاية بعين الاعتبار مجددا ومؤكدا لظهير شريف عزيزى منيف تقدمه، نصه:

"يعلم من هذا المسطور الكريم، المقابل أمره بالإجلال والتعظيم، أبقاه الله في إكليل المعالى درة، وفى جبين الدهر غرة؛ أننا بحول من لم يزل مسدلا جلباب الامتنان والإفضال، مسبغا أياديه على التوال، أسدلنا على ماسكه خديمنا وخديم سيدنا قدسه الله الأمين الأرضى الأنصح الأفلح الأنجح، الطالب عبد السلام بن

ص: 431

الحاج محمد التازى الرباطى أردية التوقير الضافية؛ وأوردناه من معين التعظيم والاحترام المناهل الصافية، ولاحظناه بعين الاعتبار، وأرتعناه في رياض الاصطفا والتقريب في سائر الأطوار، وأجرينا أولاده أصلحهم الله وأخويه الحاج محمد والحاج محمد وابن أخيه الحاج محمد بن أحمد وأصهاره مجراه في جميع ذلك، وسلكنا بجمعهم تلك المسالك؛ فلا يطالبون بجليل ولا حقير، ولا نقير ولا قطمير.

وزدناهم من التخصيص والتقريب ما يدل على علو مكانتهم، وسمو منزلتهم، ومنحنا بناءهم الوثيق بمحبة جانبنا العلى بالله، وانقطاعهم لخدمتنا الشريفة تأسيسا، ووهبناهم من مزيد الحظوة ما تكون لهم به آية على ممر الدهور تنويعا وتجنيسا، فلا يروع لهم سرب، ولا يكدر لهم شرب، ومن حام حماهم بما ينقص، قال منا بحول الله ما ينغص، رعيا لخدمتهم، وصدقهم في أمانتهم، وانقطاعهم إلى على جنابنا بكليتهم، فنأمر الواقف عليه من سائر عمالنا؛ وولاة أمرنا، أن يعلم ذلك ويجريهم على مقتضاه، ويقف عند حده ومنتهاه، صدر به أمرنا المعتز بالله تعالى في 4 ربيع النبوى عام 1312".

وفى نفس السنة توجه لأداء فريضة الحج وسنة الزيارة ولما رجع لمستقره عاد قال تجارته مستقرا في بلدته، إلى أن دعاه السلطان لفاس في جمادى الأولى سنة 1322، وقلده النيابة عن جنابه الشريف بثغر طنجة مقر السفراء الأجانب بدلا من الطريس الذى كتب له ظهير الإعفاء لحالته الصحية، ولفظه كما بكناش بمكتبتنا الزيدانية:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الطريس، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

ص: 432

وبعد: فإننا على يقين من إنفاقك نفائس عمرك في صدق خدمة جنابنا الشريف منذ سنين، وتمسكك فيها بحبل متانة الدين، واستفراغك طاقة وسعك بجد وصفاء طوية وحسن يقين، كما أننا على بال من تشوفاتك السابقة غير ما مرة بالرغبة في إراحتك من مشقة التكليف برياسة دار نيابتنا السعيدة بطنجة، حرسها الله معتذرا بكبر السن ووهن العظم وضعف القوى عن تحمل أعباء ذلك المنصب الأهم، وكان يصدر لك الجواب بما يسليك عن مكابدة تلك المشاق، ويحملك على الصبر ولزوم القيام بذلك الواجب، الذى هو أهم ما تطوق به الأعناق، والوعد بمساعدتك في الإبان الذى يقتضيه الحال، ويترجح فيه من يكون بدلا عنك في رياسة تلك الأشغال.

وقد اقتضى نظرنا الشريف الآن إجابة طلبتك، وإسعاف رغبتك، وفاء بوعدنا السابق، وشفقة عليك من تحمل ما لا يطيقه تزايد الضعف اللاحق، ومجازاة لك باغتنامك جمع شملك في بلدك، وتفرغك للزيادة فيما يرضى الله ورسوله بقية عمرك، فأرحناك من ذلك التكليف، عن رضى من خاطر جنابنا الشريف، وعينا الخديم الأرضى الحاج عبد السلام التازى الرباطى بدلا عنك في القيام بذلك الوظيف، فنأمرك أن تمكنه من جميع ما على يدك من الشروط والأوفاق والضوابط والمكاتب والكنانيش والتقاييد وجميع ما راج على يدك في مدة تكليفك من أشغال دار نيابتنا السعيدة ومتعلقاتها، وأن تبصره كل ما يقتضى الحال اطلاعه عليه، وأن تبين له القضايا التي لا زال الكلام يروج فيها، وما آلت إليه المباشرة في كل واحدة منها، وما يتعلق بها ليكون على بصيرة في إتمام مباشرتها على الوجه المتعين فيها، وأذنا لك بعد ذلك في التوجه لبلدك مثابا مأجورا متفيئا في ظلال رضا الله ورسوله ورضانا ملحوظا مسرورا، والسلام لخ".

وعاد المترجم للرباط للنظر في أموره الشخصية والاستعداد للتوجه لمقر

ص: 433

مأموريته الرسمية، فدخله في موكب رسمى حيته فيه مدافع العدوتين، مملوء العيبة بالظهائر السلطانية المخاطب بها أمناء المراسى والعمال والقواد والقضاة وغيرهم من الولاة، إعلاما لهم بنيابته ليسيروا معه سيرتهم مع سلفه، ثم تطورت الأحوال وتتابعت الحوادث والمؤامرات بعضها خارجى أجنبى وبعضها داخلى مغربى مما قدمنا بعضه في ترجمة الوزير أحمد بن موسى، كل ذلك والمترجم مقيم ببلده إلى أن اخترمته المنية، وإليك أمثلة من الظهائر المتعلقة بنيابته ما خوطب به الطريس:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الطريس، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

وبعد: فنأمرك أن تدفع لخديمنا الأرضى النائب الحاج عبد السلام التازى سائر أملاك المخزن بطنجة المحروسة التي من شأنها أن تكون على يد المكلف بوظيف النيابى حتى يتمكن من جميعها ويتبصر فيها على القاعدة في ذلك، أعانك الله وأنابك والسلام في 3 رجب عام 1322".

ونص آخر:

"خديمنا الأرضى الأنصح الحاج محمد بن العربي الطريس، وفقك الله، سلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فنأمرك أن تمكن الخديم النائب الحاج عبد السلام التازى المعين مكانك من التصرف فيما كنت قائما به من التكليف بشؤون النيابة السعيدة، وتسلم إليه جميع ما تحت يدلّ من المكاتب الشريفة، وشروط الأجناس والكنطردات والكنانيش وخطوط اليد، وعقد الطرفاية، ومنار اشغار، ومحل عسة البابورات، والمراكب وما راج في قضية جزيرة جبل المعدنوس وغير ذلك مما تصرفت فيه مدة خدمتك، وكذا مما حزته من النائب قبلك الخديم الطالب محمد بركاش رحمه الله، كما نأمرك أن تدفع للنائب المعين المذكور تقييدًا ببيان الدعاوى التي لا زلت

ص: 434

تباشر أمرها، وما راج في كل منها، ليبنى عمله فيما كلف على يقين، وينتهج في ذلك مناهج الاقتداء بسيرتك المحمودة ونصحك المبين، والسلام في 5 رجب الفرد الحرام عام 1322".

وهناك ظهائر شريفة أخرى مما خوطب به قاضى تطوان السيد محمد أفيلال، وقاضى طنجة السيد محمد بن عبد القادر بن سودة، وقاضى العرائش السيد إبراهيم الصقلى، وقاضى الرباط السيد أحمد بنانى، وقاضى الدار البيضاء السيد محمد بنانى، وقاضى أزمور السيد إدريس بن بوعبيد، وقاضى الجديدة السيد محمد الدويرى، وقاضى آسفى السيد محمد بن سليمان، وقاضى الصويرة السيد محمد بن الطالب الفاسى، وكذلك ما خوطب به أمناء مراسيها وعمالها كالسيد عبد الله بن سعيد، والسيد أحمد السويسى، والحاج محمد بن يحيى الجديدى، والقائد حمزة بن هيمة، والحاج الوعدودى الأزمورى وخليفة عياد القايد المنبهى بالصويرة، وعيسى بن عمر العبدى، وقدور بن الغازى، ومحمد بن قاسم المختارى، وأحمد بن العربي المديونى.

وقد كان المترجم له من أمثل أهل عصره وأنقاهم سيرة، وأنصحهم وأكثرهم اهتماما بمصالح المسلمين عموما وخصوصا، مع التفانى في الإحسان والبذل للمحتاجين والضعفاء، والتغالى في حب آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم العلماء، ومراعاة ذوى البيوت، والسعى في نفعهم بقدر الإمكان.

ويكتفى هنا بشهادة العلماء والأعلام من جنوب المغرب وشماله ووسطه بل وبعض الأجانب من الفرنجة له بحسن السيرة والصدق والإخلاص، فمن الأول شيخ الجماعة العلامة السيد محمد بن إبراهيم السباعى مفتى مراكش المتوفى سادس رجب عام 1332 فإنه قال في كتابه: البستان الجامع لكل نوع حسن الذى ألفه بأمر من السلطان المولى الحسن لما ذكر أخبار سنة 1307 وإقامة السلطان بفاس:

ص: 435

"وفى مدة هذه الإقامة وأثنائها توفى أمين الأمناء ورئيسهم القاعدة العظمى الذى عليه المدار في معظم الأمور، وإليه مرجع مهمات تدبير خراج الملك، وعن أمره في جميعها الإيراد والصدور، الأمين السيد محمد التازى المُوخَى، يُعرَف. توفى في غرة رمضان من تلك السنة وكان لتشييعه ورمسه ودفنه مشهد عظيم، وجمع حفيل جسيم؛ ودفن بالزاوية الصقلية من فاس.

وفى يوم دفنه دخل لحضرة فاس أخوه الأمين الأنصح، الكيس الأفلح، ذو التدبير الحسن والرأى الأنجح؛ والخلق الأفسح؛ السيد عبد السلام التازى فأقيم مقامه؛ ورفع السلطان مقامه، لما علم من خلوص تلك الشنشنة الأخزمية، وخالص صفاء تلك السريرة، وكونهما فرسى رهان في حسن السيرة، فكل منهما في جانب ما أسند إليه وغيره من مهمات أمور الملك على غاية ما ينبغى من النصيحة، من حسن التدبير وصالح السياسة والآراء الصحيحة، على ما بلغنا من طريق التواتر مع متانة الدين، وصلاح القصد والاقتصاد المتين، إلا أن الذى بلغنا أن الأمين السيد عبد السلام أوسع صدرًا أو أكثر صبرًا، من أخيه وفاقه في سعة الخلق وحسن الخليقة، وأكثر منه تحملا وألين طبيعة وعريكة، هذا على ما نقل إلينا بالتواتر الذى هو أعلى مراتب الشهادة، وإلا فالعبيد صاحب هذا التقييد ما رآهما قط ولا رأياه، ولا عرفهما ولا عرفاه؛ إلا بالسماع نعم:

فالناس أكيس من أن يحمدوا رجلا

من غير أن يجد آثار إحسان".

هـ بلفظه مع ما عرف غنه من المعارضة وعدم المبالاة بالولاة وذوى النفوذ بل وذمه لوزراء عصره غير المسفيوى وموسى.

ومن الثانى المشرفى في الحلل البهية، فإنه قال لما ذكر وفاة الوزير أحمد بن موسى والانقلاب الحادث بعدها: إن وزير المالية الحاج عبد السلام موخى التازى الرباطى لما رأى ما صار إليه الأمر بعد موت الوزير من ارتكاب المجون والموافق

ص: 436

عليها ناصح ملحوظ، والناكر غاش في زوايا الإهمال مسجون، طلب من السلطان الإقالة من توليته معتذرا بذهابه لبيت الله الحرام، فأقاله لذلك السبب الظاهر وذهب بسلام؛ وهو من كمال عقله وديانته، وسديد رأيه ومروءته، ونتيجة صدقه وأمانته هـ منه.

ومن الثالث قول الأديب الكبير العلامة أبى العباس أحمد جسوس الرباطى فيه من قصيدة:

ذاك العقول إذا كبت آراؤهم

أضحى العويص برأيه مفتوحا

إن عدت الأمثال كان أجلها

بل نورها وسواه كان الشيحا

أس الوقار ومنبع المجد الذى

تلقى مكان الحمد فيه فسيحا

وقال الدكتور (فيسربر) خليفة مدير البنك المخزنى والمراقب المدنى تشريفا من محاضرة ألقاها في نادى دروس الضباط عام 1928 موضوعها (المغرب منذ ثلاثين سنة):

"إن أمين الأمناء السعيد عبد السلام التازى جاب كثيرا أقطار أروبا، وكان معجبا بنفسه يلفت الأنظار بهيئته، وله شعر على صدغيه، ويجعل على إحدى عينيه زجاجة (1)، فكان بهذه الهيئة يشبه بكيفية عجيبة للمسيو جول فيرى، فهو الذى كنت أخاطبه في أداء راتبى ولم ألق في ذلك أدنى صعوبة منه، بل أرسل إليه التواصيل فيبعث إلى أكياسا فيها ريالات".

وفاته: توفى ليلة الخميس 27 صفر عام 1325، ودفن بالزاوية الناصرية من بلده رباط الفتح، وله فيها ذكر جميل وثناء عاطر طيب.

(1) في هامش المطبوع: "بل عليهما معا عند القراءة".

ص: 437