الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استعن بالصبر يا خل الوفا
…
وتمسك به واقرأ ما نزل
ما عسى يغنى التشكى والأسى
…
أيردان قضاء حيث حل
إن أذكى الناس من يرضى بما
…
قدر الرحمن قدما في الأزل
وتجمل إن عرى خطب ولا
…
تشكون حالك للخلق تجل
واحتسب أجر أبي صار إلى
…
جنة الفردوس يزهو ذا جذل
بجوار المصطفى خير الورى
…
جده الهادى إلى خير الملل
فلقد كان ورب العرش ما
…
له في المجد وفى الفخر مثل
عالما حبرا تقيا عاملا
…
فاضلا مقتفيا نهج الأول
فاز من خلف نجلا مثلكم
…
تابعا سيرته ثم ارتحل
فاتق الله وكن خير امرئ
…
لأياد الله بالشكر عقل
لم يسد من ساد إلا بالتقى
…
وحياء وبعلم وعمل
ولقد ذكرتكم ممتثلا
…
أمر رب منعم عز وجل
463 - عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن عبد الله
.
يدعى سيدى عب طلاق النساء لكثرة تطليقه -إذ تزوج بمائتين اثنتين وسبعين بتقديم السين على المثناة امرأة- بن محمد الحبيب المعروف بسيدى حبيبى ابن محمد فتحا بن زين العابدين بن فخر الملوك مولانا إسماعيل الحسنى.
حاله: شاب نجيب، حامل لواء الأدب في زمانه، رقيق الطبع، حلو الشمائل، لطيف المعاشرة، ممتع المجالسة، شريف النفس، فقيه نبيل، لوذعى نبيه،
عالى الهمة، له اليد الطولى، والعارضة العريضة، والاقتدار الكامل في النظم والنثر، ذهب في شعره مذهب القاضى الفاضل، وابن نباتة وغيرهما من أكابر الأدباء، استكتب في الدولتين العزيزية والحفيظية، فكان أكتب أهل طبقته وأبرع جلهم خطا، وكان يقيد بإقامة الحضرة السلطانية، ويظعن بظعنها، ولما ظعن المولى عبد الحفيظ من فاس إلى الرباط كان من جملة من تخلف عن الظعن معه، ثم لحق به وأعيد قال خدمته، ولم يزل مقرا عليها إلى أن اخترمته المنية.
شعره: من ذلك قوله:
أشجى فؤادك بارق الأنواء
…
أم ذكر رامة أم نسيم قباء
أم ذكر وجرة أم جآدد جاسم
…
والمنحنى أم ساكن البطحاء
سقيا لهم معاهدا وملاعبا
…
لمهى محجبة وعين ظباء
لله أيام لنا سلفت بها
…
جاد الزمان بشربها بصفاء
جاريت فيها إلى الصبابة والصبا
…
رخو الأعبة أصهب الصهباء
سكران سكر مدامة وصبابة
…
خلع العذار أجر فضل رداء
قضيتها أحلام صب موله
…
قد أيقظته إشارة الرقباء
يا عاذلى لو كنت تدرى ما الهوى
…
أبدلت لامك عاذلى بالراء
دع عنك تحذير (المحب) فإنما
…
يزداد بالتحذير في الإغراء
أأروم إخفاء المحبة والهوى
…
والدمع سال ولات حين خفاء
كم ذا التعلل بالإشارة والكنى
…
مترددا كتردد الفافاء
ما العشق من خلقى ولا فعلى بأفـ
…
ـعال المغازل ليلى أو أسماء
بل طيبة الغرا مناى ومقصدى
…
عين الوجود وسيد الشفعاء
ختم النبوة صفوة النور التي
…
قد أودع الأجداد للآباء
والنخبة العظمى التي قد بشرت
…
بمصون سرها سائر البشراء
لله ليلة كان ساطع نورها
…
بتوارد الأنباء والأضواء
يا زاجر الوجناء يقصد طيبة
…
رفقا بقلبى زاجر الوجناء
بالله إن عرجت نحو مقامه
…
وحللت بالأكناف والأرجاء
عفر خدودك عن عبيد مسرف
…
ولتسع بين مخافة ورجاء
يا خير من وطئ الثرى ماذا عسى
…
يجدى لديك تمدحى وثنائى
هل بعد مدحك في المثان يروم مد
…
حك معشر الخطباء والشعراء
يا متعب الأقلام بالتعداد ما
…
لخصائص المختار من إحصاء
صلى عليه الله أزكى صلاته
…
والآل والأتباع والصحباء
وقوله وأجاد:
لمع البرق فأورى كمدى
…
شمته ليلا كسيف مغمد
مومضا من رامة أو أضم
…
باسما عن حبب أو برد
وأرانى من سناه ابرا
…
ترفأ السحب بخيط أسود
خفق الجنح ولولا برد ما
…
كان من ريح لحاكى كبدى
أيها البرق الذى أجبابنا
…
لم يزالوا مثله في الموعد
هل لأيام مضت من عودة
…
على أن ما مضى لم يعد
سمحوا بالوصل حتى لم نكن
…
نتقى في قربهم من مبعد (1)
(1) الوزن مضطرب في الأصل، والمثبت رواية المؤلف.
ثم شحوا وافترقنا بددا
…
هل ترى من جامع للبدد
هل ترى أحظى بوصل أهيف
…
ساكنا قلبى بعيش أرغد
رشأ يرنو بعينين فكم
…
قتلت أجفانه من أسد
قلت قلبى ماله من مخلص
…
غير مدح المصطفى محمد
ودوائى وشفائى ذكره
…
ليس لى في غيره في من مقصد
خير مبعوث لخير أمة
…
النبى العربى السيد
شهد الظبى مع الضب له
…
ولمن من قبله لم يشهد
والحصى قد سبحت في كفه
…
وبكى الجذع له بالمسجد
ورجوع الشمس لما أن دعا
…
واضطراب قد بدا من أحد (1)
وانشقاق البدر منه آية
…
نورها ذو بصر لم يجحد
معجزات كالنجوم ما لها
…
في سماء فضله من عدد
حبذا ليلة فيها وضعه
…
مثله في مثلها لم يولد
خرت الأصنام فيها وبدا
…
لجميع الخلق ما لم يعهد
وقوله يرثى والده الولى الصالح أبا عبد الله محمد المحب المتوفى ليلة الأحد سابع عشرى محرم الحرام عام واحد وعشرين وثلاثمائة وألف:
سل الدار عن سكانها أين يمموا
…
وأين ثووا بعد الرحيل وخيموا
إذا وردت ماء النعيم مطيهم
…
فقد لفحت قلبى الكثيب جهنم
فعذرى في جف المدامع واضح
…
وأين يسيل الماء والنار تضرم
(1) الوزن مضطرب في الأصل، والمثبت رواية المؤلف.
أتانى كتاب ناعيا بفراقهم
…
فعاد نهارى داجيا فهو مظلم
أجيل به طرفى فتزاد لوعتى
…
كما ازداد سما من به عض أرقم
وقد كان قلبى بالرزية مخبرى
…
فصار بيانا ما له أتوهم
هو الموت مر في المذاق وشربه
…
على كل حال واجب متحتم
أرى الدنيا بحرا زاخرا وهو ساحل
…
وبعض الورى غرقاه والبعض عوم
وما هذه الأعمار إلا سفائن
…
مجاذفها الأيام تمضى وتصرم
أباد الردى آباءنا وجدودنا
…
وكل تساوى آخر ومقدم
عجبت لمن يبنى القصور جهالة
…
وقبره ما تحت الثرى متهدم
أغرك من دنياك حسن ابتسامها
…
حذار حذار عطرها فهو منشم
أتلهو ضلالا في أمان وهذه
…
طيور المنايا فوق رأسك حوم
تروح وتغدو لا لديك تفكر
…
ولا عبرة كأنما لست تعلم
وما فات في الدنيا كمثل محمد
…
وقد صار للدار التي هى أدوم
لقد عاش لا شئ يخاف عقابه
…
ومات ولا شئ له يتندم
مضى غير صاح من هواه وسكره
…
ألا إنه هو (المحب) المتيم
ومذ جذبت أيدى الحبيب بضبعه
…
غدا بلسان الحال عنه يترجم
ولو كان كل ميت كمحمد
…
لهان على الناس الذى هو أعظم
فيا ليتنى لو كنت عند احتضاره
…
أقبل ذاك الكف منه وألثم
ويا ليتنى لو كنت عند محمد
…
إذا ما هم صلوا عليه وسلموا
وقوله مقرظا تأليف العلامة الجليل صاحب التآليف العديدة، والمقيدات المفيدة، حامل لواء الإفتاء والمرجوع إليه في النوازل بالديار الفاسية، مفيدنا ومخلص ودنا أبى عيسى المهدى الوزانى، في الرد على ابن المهنا القسمطينى:
سلا هل على ضوء النهار دليل
…
وهل لابن مهنا في الضلال مثيل
وهل مثله من أنكر الشمس من عمى
…
وقد كر منها بكرة وأصيل
ولا عجب أن ينكر الشم ضلة
…
ويرتد منه الطرف وهو كليل
فلن ينظرن شمس الظهيرة أرمد
…
ولن يقذف الماء الزلال عليل
يجادلنا في الطاهرين ومن زكت
…
فروع علاء منهم وأصول
وقد جادل الجهال في الله قبله
…
وكذب في الدعوى إليه رسول
يجادلنا في الطاهرين ومن لهم
…
بكل قتام غرة وحجول
ومن جاهدوا في الله حق جهاده
…
وقاموا بعبء الدين وهو ثقيل
أتنقم من (إدريس) أن كان طالبا
…
حقوقا بهم الشهم (الحسين) قتيل
وقد كان في قتل (الحسين) وأهله
…
لظلم وعن نهج الهدى لنكول
وللأرض منه والسماء لعبرة
…
وللخلق فيه رنة وعويل
فإن له والله فيه لأسوة
…
ومنحى لعمرى واضح وسبيل
فكيف ترى في الأرض [إدريس] باغيا
…
وقد بايعته عامر وسلول
وكيف نرى (إدريس) للحق نابذا
…
وقد بان عنه إذخر وجليل
ولن يرتضى العباس لو كان باقيا
…
فعال بنيه فيهم و (عقيل)
فمذ قتلوا إدريس قلت عروشهم
…
وصار وذاك الرعى وهو وبيل
وعاد على ابن خالد شؤم قومه
…
وأمسى عزيز القوم وهو ذليل
أعد نظرا فيما احتججت فإننا
…
عليك به حقا عليك نصول
كحاطب ليل ليس يدرى بما أتى
…
وحاطبة عشواء وهى حمول
وباحثة بالظلف عن حتف نفسها
…
فخرت وشيكا والنجيع يسيل
أتنسب (إدريسا) إلى غير عيصه
…
وتحسب أن الشبل ويك دخيل
ومن قال إن الشمس مطلعها الدجى
…
تكذبه أبصارنا وعقول
ولم يتخذ إدريس عند مسيره
…
سوى (راشد) مولاه فهو خليل
وإن خليقا باسمه وصفاته
…
وعن عهدهم والله ليس يحول
وهل تصحب الآساد غير شبيهها
…
وهل يصطفى غير الفحول فحول
لك الويل ثم الويل منها مقالة
…
بنفسك منها للبلاء حلول
فنشهد أن الله لا رب غيره
…
وأن ابن إدريس لطه سليل
ونشهد أن الممترين جميعهم
…
يميل مع الجهال حيث نميل
دعا المغرب الأقصى بدعوة صادق
…
فلبى دعاه وعره وسهول
وأمسى به الإسلام يعلو مناره
…
وأصبح والإيمان فيه يجول
فطابت به منه البقاع وجددت
…
رسوم عفت من أهله وطلول
كفى المغرب الأقصى بذلك مفخرا
…
وفرع بنى الزهراء فيه أثيل
كثيرون في أنحائه وشعوبه
…
وهم في سواه نادرون قليل
فلم يخل من أسمائهم عود منبر
…
ولم تخل منهم عصبة وقبيل
ولم يحتكم في نفسنا غير أمرهم
…
فكل سميع أمرهم وفعول
فجورهم والله عدل ورحمة
…
وصرصرهم عند الهبوب قبول
أتنكر فضل المغرب الأقصى جاحدا
…
بزوغ نجوم ما لهن أفول
تواترت الأخبار طرا بفضله
…
وما كان في نقل الثقات فضول
ومنهم سيوف نحو نحرك شرع
…
مواض قواض ما لهن فلول
ومنها بحور قد تفجر بعضها
…
فأرداك منها وافر وطويل
وهل نحن إلا الصخر توهى بنطحه
…
قرون وعول إن أتته وعول
ومن تاه في البيداء من غير مرشد
…
فليس له غير الضلال قفول
ألم يكفك التاريخ بالحق شاهدا
…
وعدلا رضيا ليس عنه عدول
لقد مر قرنا بعد قرن وفضلنا
…
يزيد وجيل قد تقضى فجيل
أما سلفت فينا ملوك خضارم
…
لفيلقها فوق السماك مقيل
تسير بهم للمكرمات سوابق
…
فيخلف من بعد الرعيل رعيل
يخوضون في نيل العلا كل غمرة
…
فلا يعتريهم في العظيم ذهول
ويقتحمون الموت والموت أحمر
…
وللبيض والسمر العوالى صليل
لهم كل يوم للوغى ورجالها
…
نزال وللضيف الملم نزول
رعى الشادن السرحان من حسن عدلهم
…
وعاد يسوق الكركدن لفيل
عطاؤهم قصد وعقلهم هدى
…
وأخلاقهم مثل الزمان فصول
ذكاؤهم بالمبهمات موكل
…
وحدسهم للمعضلات كفيل
أما سلفت فينا ربوع أواهل
…
من العلم أعناب بها ونخيل
ثمار جناها دانيات قطوفها
…
وظلهم للرائدين ظليل
صحائفهم للشاردات حبائل
…
وأقلامهم عند الهياج نصول
أنافوا على الشعرى العبور نباهة
…
فصار لها بين النجوم خمول
فلو فاض في بحر المحيط مدادهم
…
لما شربا بعد الفرات ونيل
بهم ملة الإسلام ألقت ثقالها
…
فما ناء منهم بازل وفصيل
وما غرهم بالله والدين زخرف
…
ولا فتنتهم قينة وشمول
ولا نبذوا عهد الرسول وراءهم
…
ولا جرفتهم عن حماه سيول
وفى الملة السمحاء لم يتلونوا
…
كما تفعل الحرباء فيه وغول
وفينا لعمر الله منهم بقية
…
بها طرف أعيان الفخار كحيل
بزاة لهم في العلم كل طريدة
…
لتهوى ولو أن الجناح بليل
شمائلهم لم يبد فيها تصنع
…
وأوراقهم لم يعتورها ذبول
وقد تخلف الأزهار بعد ذهابها
…
لطيبا وبعد النخل ينحو فتيل
ولا عيب فيهم غير أن جسومهم
…
بها من هموم المشكلات نحول
وأنطقهم في فاحش القول ألكن
…
وأفطنهم في المحدثات غفول
ضوالعهم يوم الرهان سوابق
…
وأطفالهم عند اللقاء كهول
أصاغرهم عند المقال أكابر
…
ونزرهم عند النوال جزيل
وقد كان في الإعراض عنك لغنية
…
فإن به وجه السكوت جميل
إلى أن قال:
فدونكها كالشهد أما حجاجها
…
فرجم وأما نظمها فحفيل
قواف لها يغدو الحطيئة صاغرا
…
ويمسى جرير وهو منها ضئيل
تسير مسير الشمس في كل بلدة
…
فتخضر آكام بها وحقول
لها في جدال الخصم من كل مصنف
…
لقاض ومن أهل النهى لوكيل
وناتجها مثل الدلاص مسرد
…
وبرهانها مثل الحسام صقيل
بغايتها تجرى الفحول جيادها
…
وتضحى لأقداح السباق تجيل
ينم بها نشر الحجا عند نشرها
…
فيمسى عليها الناشقين يحيل
وما روضة غناء باكرها الحيا
…
وغنى على الأغصان منها هذيل
وراح لها قيل الربيع بجيشه
…
فاضحى لديه للنسيم مثول
ومات بها الجعل الغبى لحينه
…
فلم يك فيه من شذاها حصول
بأطيب منها نظرة ونضارة
…
إذا ما تنيط زهرها وتنيل
يطيب سليم الشم من شم طيبها
…
وليس لمزكوم إليه وصول
يؤرخ مسكا فاح عند ختامها
…
لسان مجيب سرمدا وسئول
. . . . . . . . . . . . . 381 55 545 343
. . . . . . . . . . . . . ج: .... 1324
وقوله راثيا شيخنا الفقيه العلامة الحافظ أبا عبد الله محمد بن عبد السلام كنون رحمه الله تعالى:
الكون أصبح ظاهر الأوصاب
…
والدهر جرعنا كئوس الصاب
بأشد رزء في الزمان وحادث
…
وأجل خطب في الورى ومصاب
فبكل قلب حسرة وتأسف
…
وبكل عين عبرة كعباب
هل هو إلا الموت قصاب الورى
…
ما حيلة الأغنام في القصاب
أبدا يفجعنا بأفضلنا فكم
…
أخد الرءوس وشال بالأذناب
لابد في الدنيا وإن طال المدى
…
من فرقة الإخوان والأصحاب
كل الحياة بها كلمعة بارق
…
والعمر أجمعه كفئ سحاب
وإذا نظرت إلى الوجود بأسره
…
لم تلفه إلا شراب سراب
ذهب الإمام محمد لسبيله
…
واحسرتاى ولات حين إياب
علامة العلماء حافظ عصره
…
من كان في التدريس ليث الغاب
ذهب الذى في العلم يفتح دائما
…
للجاهلين مغالق الأبواب
ذهب الذى قد كان في أوج الهدى
…
نجم اهتداء لنا وخير شهاب
ذهب الذى قد كان في ليل الخطا
…
إن جن بالأفهام بدر صواب
أسفى على شمس المعارف كورت
…
والفضل والإرشاد والآداب
أسفى على روض المعارف قد ذوى
…
وغدت مقاصره طلول خراب
ما كنت أحسب قبل رفع سريره
…
أن البحور تسير في الأخشاب
من للمجالس والمنابر بعده
…
من للدروس ووجهة المحراب
من للعلوم إذا تحجب وجهها
…
فيميط عنه لنا لكل حجاب
من للعباد إذا أصابهم الظما
…
لمعين ورد عنده وشراب
لو قبله تفدى الكرام من الردى
…
لفداه أولو شيبة وشباب
ما كان إلا التبر عاد لأصله
…
وغدا بمعدن جندل وتراب
عز العزاء به وقد عظم الأسى
…
فعرى اللسان تحير الألباب
فلقد تنكس رأس كل يراعة
…
ولقد تشتت شمل كل كتاب
سيان إيجازى بذكر ثنائه
…
ورثائه من بعد أو إطنابى
لو كان يمكننى عتاب للردى
…
عاتبته فيه أشد عتاب
لكنها أيدى المنية طالما
…
نبذت لقشر وانتقت للباب
إنى ليحزننى به ويسرنى
…
أن حل بالفردوس خير جناب
في مقعد صدق ينعم دائما
…
بجميل أعمال وحسن ثواب
لولا الحياة لكنت تسمع حورها
…
نادته بالتأهيل والترحاب
وتقول أرخ عند أفيا جنة
…
لمحمد زلفى وحسن مآب
. . . . . . . . . . . . . 1326
نثره: منه مقامة نصها: حكى الضحاك بن بشير قال: ضمتنى يد الرفقة والعشرة، مع أصحاب بفاس كالنجوم عشرة، بلوت شجرهم مرا وحلوا، وخطبت صحبتهم فوجدتها من الموانع خلوا، رضعوا من الأدب الأخلاف والأفواق، وفطموا عن ضرعها الخلاف بالوفاق، طالما حنكتهم التجارب رغبة ورهبة، وسامتهم الأيام فرقة وغربة، حتى ألفتهم الأسنمة والغوارب، واختصصت فيهم المشارق والمغارب، وصارت جميع البلاد لهم أوطانا، والمنازل كلها أعطانا، وكان لى فيهم صاحب هو واسطة عقودهم، وحبة عنقودهم. امتزجت روحى بروحه امتزاجا، واعتدل طبعى بطبعه مزاجا، أخلص كلانا لصاحبه جهره وسره، ووثقنا بخير مودتنا فلم يتق شرى ولم أتق شره، وحينما ألقينا عصا الترحال بفاس، وتخلصت الرحال بوضع ثقلها من معزة النفاس، أصبحت الطرق بالقطاع شاغرة، وعوادى الفساد لأفواه الفتن فاغرة، وأمست السهول وهى وعرة، وأعثرت الخيول بعرة، واستنسرت بغاث الطير، وانتشرت بغاة الضير، وذلك بشغب شيطان يزعم أنه من الملائكة، وأشداقه لحنظل الباطل لائكة، فأعوزتنا السيوف ففزعنا للأقلام،
وأرهفنا بصحائف الكلام صفائح الكلام، فإذا نحن جعنا، لأقراص الأوراق رجعنا، وإذا نظما، نظمنا نظما، وترانا نثرى، إذا نثرنا نثرا، فنظم ذلك الصاحب قصيدة ميلادية انتقل فيها من المديح النبوى، إلى المدح السلطانى المولوى وأشار فيها لذلك الفتان الخارجى الذى شاب الموارد لما شب نار شبيب، وعقد للفتنة في الدين والدنيا كل سبيب، الخارج من الهدى بالضلال، والشبيه في أخلاقه الشيطانية بالضلال، الدعى الشاق للعصا، الداعى الشقى بما لم يطع الله به بل عصا، واستشارنى فيها، هل يثبتها أو ينفيها، فأمرته أن يقصد بقصيدته تلك دار الخلافة وليأت من الباب، من له من الرياسة والسياسة اللباب، دستورها المبجل المعظم، وعقد وزارتها الأمثل المنظم من إذا وعد فالسوأل، وإذا أعطى فحاتم إذا يسأل، أكرم من تكرم في عصره وتفضل، ووزير الوزراء سيدى محمد المفضل، قال غريط قلت غريط، والتقريظ للمعالى والتقريط:
وزير يود السيف والسهم عزمه
…
ورأيه في إمضائه وسداده
وصوب الندى كقطرة من نواله
…
على صبه أو نقطة من مداده
فأرصد ليلة الاحتفال، فلك عند ملكها أيمن قال، حيث الألسن بأسرار المديح بائحة، والمباخر بالند فائحة، والإنشاد يرجع ويردد، والعهود القديمة تذكر وتجدد، وكواكب الشموع والمشاغل تزهر، والجفان والأجفان هذى تكسر وهذى تسهر، والموائد تنصب وترفع، والعوائد الكريمة صلتها للموصول تدفع، قال الراوى فكتب القصيدة بما خشلب خط ياقوت المستعصى، وكان عنه ابن مقلة عمى، وانتظر ليلة المولد، وورود صافى ذلك المورد، وربيع أمامه وصفر وراءه، وكرم المصدر الوزير حفظه الله يضمن عند صدوره ووروده وراءه هـ.
مشيخته: أخذ القرآن العظيم عن الأستاذ البركة أبى عبد الله محمد الغمارى بفاس، وعن الأستاذ الفقيه أبى عبد الله محمد البوعمرانى بمراكش.
وأخذ النحو والفقه عن الفقيه العالم أبى العز رحال الزمرانى، وعن الشريف الفقيه الأخير أبى على الحسن السرغينى، وعن العلامة الأديب أبى الفضل عباس التازى، والعلامة الشريف البركة سيدى محمد بن جعفر الكتانى، والعلامة رئيس المجلس العلمى سيدى أحمد بن الجيلانى.
وأخذ الطريقة التجانية عن العلامة أبى عبد الله محمد فتحا بن عبد السلام جنون المتوفى عشية الجمعة ثامن عشرى شعبان عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف، وأخذ عن شيخنا أبى عيسى المهدى بن محمد الوزانى المتوفى يوم الثلاثاء متم صفر عام اثنين وأربعين وثلاثمائة وألف، وشيخنا أبى عبد الله محمد فتحا بن قاسم القادرى، وعن عمه الشريف الأخير الفقيه مولاى العربى المحب.
ولادته: ولد بالدار العالية بمكناس في عام اثنين وثلاثمائة وألف.
وفاته: توفى في أوائل شوال عام واحد وثلاثين وثلاثمائة وألف برباط الفتح، ودفن بالعلو، وقد رثاه صديقنا الكاتب الأديب الأبرع أبو عبد الله محمد بن محمد المفضل غريط بقوله:
نغالط بالآمال والحكم واجب
…
ونستوهب الإمهال والعمر ذاهب
ولولا أمانينا وحجب نفوسنا
…
عن الغيب ما لذت لدينا مشارب
حيارى فلا ندرى بيوم انتقالنا
…
كما ضل بين النجح واليأس هائب
وما الحى إلاطعمة لمنية
…
براثنها لم ينج منهن هارب
فبينا تراه أيدا متماسكا
…
إذا به منحل العزيمة شاجب
وأى محب لم تنله كريهة
…
وأى زمان ليس فيه مصائب
كأن بنى الإنسان بل كل محدث
…
على لجة الأيام طاف وراسب
هو الموت جل الله قاهر خلقه
…
يروع من ذكراه ضار وضارب
فأين الملوك الصيد أين عديدهم
…
وأين القصور الشم أين المواكب
وأين أباة الضيم أين اقتدارهم
…
وأين بناة المجد أين المناصب
وأين بنو الآداب أين سراتهم
…
وأين رجال الشعر أين الحبائب
وأين ذوو الأقلام أين خيارهم
…
وأين ذوو الأحلام أين العصائب
محاهم من سفر الوجود معيدهم
…
لأصل الثرى والفرع للأصل آيب
وأعظم رزء تشتكى النفس حره
…
نوى من إليه تدنى وتناسب
خليلى أما الصبر عنك فخائن
…
وأما فؤادى فهو بالوجد ذائب
وكانت ظنونى أن يتاح اجتماعنا
…
فلم تجدنى تلك الظنون الكواذب
فآه ليوم ثم آه لليلة
…
كساها إهاب الحزن ناع وناعب
وأضحت لها الأقلام تخدش طرسها
…
وتذرى الدموع السود وهى نوادب
وكنت لها نعم الموفى حقوقها
…
إذا كل فكر أو توقف كاتب
وكنت بروض العلم أنضر زهرة
…
فذبلها ريح من الحين عاصب
وكنت أديب العصر والجوهر الذى
…
تنافس فيه مشرق ومغارب
وكنت بتقوى الله أشرف آخذ
…
وأول ساع حيث ترضى المناقب
نشأت على هدى وجد وعفة
…
نقى الحلى لم تستملك الملاعب
عكفت على الإصلاح طوعا ولم تقل
…
(وللهو منى والخلاعة جانب)
ومالك في غير المعارف رغبة
…
ومالك غير الذكر والفكر صاحب
ومت وعند الله أعظم نعمة
…
لمن هو في رضوان ربه راغب