الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بظاهر سرقسطة في زحف الطاغية إليها. وولي بعده ابنه عبد الملك وتلقّب عماد الدولة، وأخرجه الطاغية من سرقسطة سنة اثنتي عشرة فنزل روطة من حصونها وأقام بها إلى أن هلك سنة ثلاث عشرة. وولي ابنه أحمد وتلقّب سيف الدولة والمستنصر، وبالغ النكاية في الطاغية، ثم سلّم له روطة [1] على أن يملّكه بلاد الأندلس، فانتقل معه إلى طليطلة بحشمه وآلته، وهنالك هلك سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وكان من ممالك بني هود هؤلاء مدينة طرطوشة [2] ، وقد كان بقايا من الموالي العامريّين فملكها سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. ثم هلك سنة خمس وأربعين وملكها بعده يعلى العامريّ ولم تطل مدّته. وملكها بعده شبيل إلى أن نزل عنها لعماد الدولة أحمد بن المستعين سنة ثلاث وخمسين، فلم تزل في يده وفي يد بنيه من بعده إلى أن غلب عليها العدوّ فيما غلب عليه من شرق الأندلس. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
(الخبر عن مجاهد العامري صاحب دانية والجزائر الشرقية وأخبار بنيه ومواليهم من بعدهم ومصاير أمورهم)
كان فتح ميورقة سنة تسعين ومائتين على يد عصام الخولانيّ، وذلك أنه خرج حاجّا في سفينة اتخذها لنفسه فعصفت بهم الريح فأرسوا بجزيرة ميورقة، وطال مقامهم هنالك واختبروا من أحوالهم ما أطمعهم في فتحها، فلما رجع بعد فرضه أخبر الأمير بما رأى فيها، وكان من أهل الغناء عنده في مثلها، فبعث معه القطائع في البحر، ونفر الناس معه إلى الجهاد، فحاصرها أياما وفتحوها حصنا حصنا إلى أن كمل فتحها. وكتب عصام بالفتح إلى الأمير عبد الله، فكتب له بولايتها فوليها عشر سنين، وبنى فيها المساجد والفنادق والحمامات. ولما هلك قدّم أهل الجزيرة عليهم ابنه عبد الله، وكتب له الأمير بالولاية. ثم زهد وترهّب وركب إلى الشرق حاجّا وانقطع خبره، وذلك سنة خمسين وثلاثمائة. وبعث الناصر المرواني إليها الموفّق من
[1] روطة: بضم اوله، وسكون ثانيه، وطاء مهملة: حصن من اعمال سرقسطة بالأندلس وهو حصين جدا على وادي شلون. (معجم البلدان) .
[2]
طرطوشة: بالفتح ثم السكون ثم طاء أخرى ومضمومة، واو ساكنة وشين معجمة: مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية وهي شرقي بلنسية وقرطبة، قريبة من البحر متقنة العمارة مبنية على نهر أبره ولها ولاية واسعة وبلاد كثيرة تعد في جملتها. (معجم البلدان) .
الموالي فأنشأ الأساطيل وغزا بلاد الإفرنج، وهلك سنة تسع وخمسين أيام الحكم المستنصر، وولي بعده كوثر من مواليه فجرى على سنن الموفّق في جهاده. وهلك سنة تسع وثمانين أيام المنصور فولّى عليها مقاتل من مواليه، وكان كثير الغزو والجهاد.
وكان المنصور وابنه المؤيد يمدّانه في جهاده. وهلك سنة ثلاث وأربعمائة أزمان الفتنة.
وكان مجاهد بن يوسف بن عليّ من فحول الموالي العامريّين. وكان المنصور قد ربّاه وعلّمه مع مواليه القراءات والحديث والعربية فكان مجيدا في ذلك. وخرج من قرطبة يوم قتل المهدي سنة أربعمائة، وبايع هو والموالي العامريّين وكثير من جند الأندلس للمرتضى كما قدّمناه. ولقيهم زاوي بفحص غرناطة فهزمهم وبدّد شملهم. ثم قتل المرتضى كما تقدّم وسار مجاهد إلى طرطوشة فملكها. ثم تركها وانتقل إلى دانية واستقلّ بها. وملك ميورقة ومنورقة ويابسة واستبدّ سنة ثلاث عشرة. ونصّب العيطي كما مرّ فأراد الاستبداد، ومنع طاعة مجاهد ومنعه أهل ميورقة من ذلك، فبعث عنه مجاهد، وقدّم على ميورقة عبد الله ابن أخيه فولي خمس عشرة سنة. ثم هلك، وكان غزا سردانية في الأساطيل فاقتحمها، وأخرج النصارى منها وتقبضوا على ابنه أسيرا ففدّاه بعد حين، وولّى مجاهد على ميورقة بعد ابن أخيه مولاه الأغلب سنة ثمان وعشرين، وكان بين مجاهد صاحب دانية وبين خيران صاحب مرسية وابن أبي عامر صاحب بلنسية حروب إلى أن هلك مجاهد سنة ست وثلاثين. وولي ابنه عليّ وتسمى إقبال الدولة، وأصهر إلى المقتدر بن هود وأخرجه من دانية سنة ثمان وستين ونقله إلى سرقسطة، ولحق ابنه سراج الدولة بالإفرنجة، وأمدّوه على شروط شرطها لهم، فتغلّب على بعض حصونه. ثم مات فيما زعموا مسموما بحيلة من المقتدر سنة تسع. ومات عليّ قريبا من وفاة المقتدر سنة أربع وسبعين. ويقال بل فرّ أمام المقتدر إلى بجاية، ونزل على صاحبها يحيى بن حمّاد، ومات هنالك، وأمّا الأغلب مولى مجاهد صاحب ميورقة فكان صاحب غزو وجهاد في البحر. ولما هلك مجاهد استأذن ابنه عليّا في الزيارة فأذن له، وقدّم على الجزيرة صهره ابن سليمان بن مشكيان نائبا عنه، وبعث على آل الأغلب فاستعفاه وأقام سليمان خمس سنين. ثم مات فولّى عليّ مكانه مبشرا وتسمى ناصر الدولة، وكان أصله من شرق الأندلس أسر صغيرا وجبّه العدوّ وأقام بدانية محبوبا يجاهد في أسرى دانية وسردانية، واصطفاه فولّاه بعد مهلك سليمان فولي خمس سنين، وانقرض ملك عليّ وتغلّب عليه المقتدر بن هود