الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخادم من قبل المسترشد بركب العراق، وأوصل الخلع والأموال إلى مكة، ثم توفي قاسم بن محمد سنة ثمان عشرة وخمسمائة لثلاثين سنة من إمارته، وكانت في اضطراب وتغلب، وولي بعده ابنه أبو قليبة بمكة، فافتتح بالخطبة العبّاسية وأحسن الثناء عليه بالعدل، ووصل نظر الخادم أميرا على الركب ومعه الأموال والخلع. ثم مات أبو قليبة سنة سبع وعشرين لعشر سنين من إمارته، والخطبة للعبّاسيّين وإمارة الحاج لنظر الخادم. ثم كانت واقعة المسترشد مع السلطان مسعود ومقتله وتعطّل ركب الحاج. ثم حج نظر الخادم في السنة بعدها. ثم بعثت أسماء الصبيحيّة صاحبة اليمن لأمير مكة قاسم بن أبي قليبة فتوعدته على قطع خطبة الحافظ، وماتت فكفاه الله شرّها، وانقطع الركب العراقي في هذه السنين للفتن والغلاء. ثم حجّ سنة أربع وأربعين نظر الخادم، ومات في طريقه، فولي مولاه قيماز، واعترضه رهط من الأعراب فنهب الركب، واتصل حجّ قيماز والخطبة لبني العبّاس إلى سنة خمس وخمسين قبله، وبويع المستنجد فخطب له كما كان لأبيه المقتفي. ثم قتل قاسم بن أبي قليبة سنة ست وستين وبعث المستضيء بالركب طاتغكين التركي، وانقضت دولة العبيديّين بمصر، ووليها صلاح الدين بن أيوب، واستولى على مكّة واليمن، وخطب له بالحرمين ثم مات المستضيء سنة خمس وسبعين وبويع ابنه الناصر، وخطب له بالحرمين، وحجّت أمه بنفسها سنة خمس وثلاثين، وكانت له آثار عظيمة ورجعت فانهت إلى الناصر بن عيسى بن قاسم ما اطّلعت عليه من أحواله فعزله عن إمارة مكة، وولّى أخاه مكثر بن قاسم، وكان جليل القدر، ومات سنة تسع وثمانين السنة التي مات فيها صلاح الدين. وضعف أمر الهواشم، وكان أبو عزيز بن قتادة يناسبهم من جهة النساء فورث أمرهم وملك مكة من أيديهم، وانقرضت دولتهم والبقاء للَّه.
الخبر عن بني قتادة أمراء مكة بعد الهواشم ثم عن بني أبي نمير منهم أمرائها لهذا العهد
كان من ولد موسى الجون الّذي مرّ ذكره في بني حسن عبد الله أبي الكرام، وكان له على ما نقل نسّابتهم ثلاثة من الولد سليمان وزيد وأحمد. ومنه تشعّبت ولده. فأمّا زيد فولده اليوم بالصحراء بنهر الحسنية، وأمّا أحمد فولده بالدهناء، وأما سليمان
فكان من ولده مطاعن بن عبد الكريم بن يوسف بن عيسى بن سليمان. وكان لمطاعن إدريس وثعلب بالثعالبة بالحجاز. فكان لإدريس ولدان قتادة النابغة وصرخة. فأمّا صرخة فولده شيع يعرفون بالشكرة، وأمّا قتادة النابغة فكان يكنّى أبا عزيز، وكان من ولده عليّ الأكبر وشقيقه حسن. فمن ولد حسن إدريس وأحمد ومحمد وجمان، وامارة ينبع في أعقابهم ومنهم لهذا العهد أميران يتداولان إمارتها من ولد إدريس بن حسن بن إدريس. وأمّا أبو عزيز قتادة النابغة فمن ولده موالي عز أمراء مكة لهذا العهد. وكان بنو حسن بن الحسن كلّهم موطنين بنهر العلقميّة من وادي ينبع لعهد إمارة الهواشم بمكة، وكانوا ظواعن بادية. ولما نشأ فيهم قتادة هذا جمع قومه ذوي مطاعن، وأركبهم واستبد بإمارتهم، وكان بوادي ينبع بنو خراب من ولد عبد الله بن حسن بن الحسن، وبنو عيسى بن سليمان بن موسى الجون فحاربهم بنو مطاعن هؤلاء، وأميرهم أبو عزيز قتادة وأخرجهم، وملك ينبع والصفراء واستكثر من الجند والمماليك. وكان على عهد المستنصر العبّاسي في أواسط المائة السادسة. وكان الأمراء يومئذ بمكة الهواشم من ولد جعفر بن هاشم بن الحسن بن محمد بن موسى بن أبي الكرام عبد الله، وقد مرّ ذكرهم، وكان أخرجهم مكثر بن عيسى بن قاسم الّذي بنى القلعة على جبل أبي قبيس، ومات سنة تسع وثمانين وخمسمائة. فسار قتادة إلى مكة وانتزعها من أيديهم وملكها، وخطب للناصر العباسي، وأقام في إمارتها نحوا من أربعين سنة. واستفحل ملكه واتسع إلى نواحي اليمن وكان لقبه أبا عزيز. وفي سنة ثلاث وستمائة حجّ بالركب وجه السبع التركي من مماليك الناصر وفرّ من طريقه إلى مصر فنهب الركب. وفي سنة ثمان وستمائة وثب شخص من حاج العراق على شريف من قرابة قتادة فقتله، فاتهم الشرفاء به أمراء الركب، فثاروا بهم وقتلوا منهم خلقا. ثم بعث إليهم بالأموال من بغداد وبعث قتادة بعض أولاده يستعتب فأعتب. (وفي سنة خمس عشرة) خطب بمكّة للعادل بن أيوب بعد الناصر الخليفة وللكامل بن العادل بعدهما. (وفي سنة ست عشرة) كان خروج التتر وكان قتادة عادلا وأمّن الناس في أيامه، ولم يعد قط على أحد من الخلفاء ولا من الملوك، وكان يقول أنا أحق بالخلافة، وكانت الأموال والخلع تحمل إليه، واستدعاه الناصر في بعض السنين فكتب إليه
ولي كفّ ضرغام أذلّ ببسطها
…
وأشري بها عزّ الورى وأبيع
تظلّ ملوك الأرض تلثم ظهرها
…
وفي بطنها للمجد بين ربيع
أأجعلها تحت الرجا ثم ابتغي
…
خلاصا لها إني إذا لوضيع
وما أنا إلّا المسك في كلّ بقعة
…
يضوع وأمّا عندكم فيضيع
واتسعت دولته فملك ملك مكّة والينبع وأطراف اليمن، وبعض أعمال المدينة وبلاد نجد، وكان يستكثر من المماليك، وتوفي سنة سبع عشرة وستمائة، ويقال سمّه ابنه حسن ويقال داخل ابنه حسن جاريته فأدخلته ليلا فخنق أباه، ثم قتلها وملك مكة وامتعض لذلك ابنه راجح بن أبي عزيز قتادة وشكاه إلى أمير حاج أقباش التركي عند وصوله فأشكاه، ووعده بالإنصاف منه، فأغلق حسن أبواب مكة وخرج بعض أصحابه إلى الأمير أقباش فلقوه عند باب المعلّى فقتلوه وعلّقوه بالمسعى. ثم جاء المسعود بن الكامل سنة عشرين من اليمن إلى مكة، فحجّ وقاتله حسن ببطن المسعى فغلبه المسعود وملك مكة، ونصب رايته وأزال راية أمير الركب، وكتب الخليفة من بغداد يعاتب أباه على ذلك، وعلى ما فعله في مكة والتخلّف فكتب إليه أبوه: برئت يا أقسى من ظهر العادل ان لم أقطع يمينك فقد نبذت وراء ظهرك دنياك ودينك، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم. فغرم ديات الشرفاء وأصابه شلل في يده ومضى حسن بن قتادة إلى بغداد صريخا بعد أن بقي طريدا بالشام والجزيرة والعراق.
ثم جاء إلى بغداد دخيلا وهمّ الترك بقتله بأقباش أمير الركب فمنعوا منه. ومات ببغداد سنة اثنتين وعشرين ودفن بمشهد الكاظم. ثم مات المسعود بن الكامل بمكّة سنة ست وعشرين ودفن بالمعلّى وبقي على مكّة قائده فخر الدين بن الشيخ، وعلى اليمن أمير الجيوش عمر بن عليّ بن رسول. (وقصد راجح بن قتادة) مكّة سنة تسع وعشرين مع عساكر عمر بن رسول فملكها سنة ثلاثين من يد فخر الدين بن الشيخ، ولحق فخر الدين بمصر، ثم جاءت عساكر مصر سنة اثنتين وثلاثين مع الأمير جبريل وملكوا مكة، وهرب راجح إلى اليمن. ثم جاء عمر بن رسول معه بنفسه فهربت عساكر مصر، وملك راجح مكة وخطب لعمر بن رسول بعد المستنصر، ولما ملك التتر العراق سنة أربع وثلاثين وعظم أمرهم وانتهوا إلى إربل أبطل المستنصر الحجّ من أمر الجهاد وأفتاه العلماء بذلك. ثم جهّز المعتصم الحاج مع أمّه سنة ثلاث وأربعين وشيّعها إلى الكوفة، ولما حجّت ضرب تركي في الموسم شريفا وكتب راجح فيه إلى الخليفة فقطعت يده وبطل الحجّ بعد ذلك. ثم قوي أمر الموطئ امام الزيديّة باليمن،