الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاعتزال والنجامة، وملك حدود أرمينية وخطب له علاء الدولة بن كاكويه بأصفهان، واستخلف على الريّ ابنه مسعودا فافتتح زنجان وأبهر، ثم ملك أصفهان من يد علاء الدولة، واستخلف عليها بعض أصحابه فثار به أهل أصفهان وقتلوه، فسار إليها وفتك فيهم، يقال قتل منهم خمسة آلاف قتيل وعاد إلى الريّ فأقام بها.
(اخبار الغز بالريّ وأصفهان وأعمالها وعودهما إلى علاء الدولة)
قد تقدّم لنا في غير موضع بداية هؤلاء الغزّ، وأنهم كانوا بمفازة بخارى وكانوا فريقين: أصحاب أرسلان بن سلجوق وأصحاب بني أخيه ميكائيل بن سلجوق، وأن يمين الدولة محمود بن سبكتكين لما ملك بخارى وما وراء النهر قبض على أرسلان ابن سلجوق، وسجنه بالهند ونهب أحياءه. ثم نهض إلى خراسان ولحق بعضهم بأصفهان، وبعث محمود في طلبهم الى علاء الدولة بن كاكويه فحاول على أخذهم، وشعروا ففرّوا الى نواحي خراسان، وكثر عيثهم فأوقع بهم تاش الفوارس قائد مسعود ابن سبكتكين فساروا الى الري قاصدين أذربيجان، وكانوا يسمّون العراقية، وكان أمراء هذه الطائفة كوكتاش ويرفأ وقزل ويعمر وناصفلي [1] ، فلما انتهوا إلى الدّامغان خرج إليهم عسكرها فلم يطيقوا دفاعهم فتحصنوا بالجبل.
ودخل الغز البلد ونهبوه، ثم فعلوا في سمنان مثل ذلك، ثم في جوار الريّ وفي إسحاقاباذ وما جاورها من القرى، ثم ساروا إلى مسكويه من أعمال الري فنهبوها. وكان تاش الفوارس قائد بني سبكتكين بخراسان ومعه أبو سهل الحمدونيّ من قوّادهم فاستنجدوا مسعود بن سبكتكين وصاحب جرجان وطبرستان فأنجداهم وقاتلا الغز فانهزما وقتل تاش الفوارس. وسار إلى الريّ أبو سهل الحمدونيّ فهزموه وتحصن بقلعة طبرك، ودخل الغز الريّ ونهبوه. ثم قاتلوه ثانيا فأسر منهم ابن أخت لعمر من قوادهم فبذلوا فيه ثلاثين ألف دينار واعادة ما أخذوا من عسكر تاش من المال والأسرى فأبى أبو سهل من إطلاقه، وخرج الغز من الرقّ ووصل عسكر جرجان وقاتلوا الغز عند ما
[1] هكذا بالأصل وفي الكامل ج 9 ص 379: «كوكتاش وبوقا وقزل ويغمر وناصغلي.»
قاربوا الريّ وأسروا قائدهم وألفين معه، وساروا إلى أذربيجان وذلك سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
ولما سار الغز إلى أذربيجان سار علاء الدولة إلى الريّ فدخلها بدعوة مسعود بن سبكتكين، وأرسل الى أبي سهل الحمدونيّ أن يضمنه على البلد مالا فأبى [1] فأرسل علاء الدولة يستدعي الغز فرجع إليه بعضهم وأقام عنده. ثم استوحشوا منه وعادوا الى العيث بنواحي البلاد، فكرّر علاء الدولة مراسلة أبي سهل في الضمان ليكون في طاعة مسعود بن سبكتكين. وكان أبو سهل بطبرستان فأجابه وسار إلى نيسابور وملك علاء الدولة الريّ. ثم اجتمع أهل أذربيجان لمدافعة الغز الذين طرقوا بلادهم وانتقموا من الغز، فافترقوا فسارت طائفة الى الري ومقدّمهم يرقأ وطائفة الى همذان ومقدّمهم منصور وكوكتاش فحاصروا بها أبا كليجار بن علاء الدولة، وأنجده أهل البلاد على دفاعهم وطال حصارهم لهمذان حتى صالحهم أبو كليجار وصاهر كوكتاش. وأما الذين قصدوا الريّ فحاصروا بها علاء الدولة بن كاكويه وانضم اليهم فناخسرو بن مجد الدولة وكامد صاحب ساوة، فطال حصارهم وفارق البلد في رجب ليلا إلى أصفهان، وأجفل أهل البلد وتمزقوا ودخلها الغز من الليل واستباحوها. واتبع علاء الدولة جماعة منهم فلم يدركوه فعدلوا الى كرج ونهبوها، ومضى ناصفلي منهم إلى قزوين فقاتلهم حتى صالحوه على سبعة آلاف دينار وصاروا الى طاعته. ولما ملكوا الريّ رجعوا إلى حصار همذان ففارقها أبو كليجار وصحبه الوجوه والأعيان وتحصّنوا بكنكون [2] ، وملك الغز همذان ومقدّمهم كوكتاش ومنصور ومعهم فناخسرو بن مجد الدولة في عدد من الديلم فاستباحوها، وبلغت سراياهم إلى أستراباذ وقرى الدينور
[1] هكذا بالأصل وفي الكامل ج 9 ص 381: «فأرسل الى أبي سهل الحمدونيّ يطلب منه ان يقرر الّذي عليه بمال يؤدّيه، فامتنع من إجابته مخافة علاء الدولة، فأرسل الى الغز يستدعيهم ليعطيهم الأقطاع، ويتقوّى بهم على الحمدونيّ، فعاد منهم نحو ألف وخمسمائة مقدّمهم قزل، وسار الباقون الى أذربيجان.
فلما وصل الغز الى علاء الدولة أحسن اليهم وتمسّك بهم، وأقاموا عنده، ثم ظهر على بعض القواد الخراسانية الذين عنده انه دعا الغز الى موافقته على الخروج عليه والعصيان، فأرسل اليه علاء الدولة وأحضره وقبض عليه، وسجنه في قلعة طبرك، فاستوحش الغز لذلك ونفروا، فاجتهد علاء الدولة في تسكينهم، فلم يفعلوا، وعاودوا الفساد والنهب وقطع الطريق، وعاد علاء الدولة فراسل أبا سهل الحمدونيّ وهو بطبرستان، وقرّر معه أمر الريّ ليكون في طاعة مسعود، فأجابه إلى ذلك وسار إلى نيسابور وبقي علاء الدولة بالريّ.
[2]
كنكور: ابن الأثير ج 9 ص 384.