الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(انتقاض جمان بالرحبة ومهلكه)
كان جمان هذا من أصحاب توزون وسار إلى ناصر الدولة بن حمدان، فلما كان في محاربة معز الدولة ببغداد، استراب بمن معه من الديلم وجمعهم على جمان هذا وأخرجه إلى الرحبة واليا فعظم أمره. وانتقض سنة ست وثلاثين وثلاثمائة على ناصر الدولة، وحدثته نفسه بالتغلب على ديار مضر، فسار إلى الرقة وحاصرها سبعة عشر يوما، وانهزم عنها. ووثب أهل الرحبة بأصحابه وعماله فقتلوهم لسوء سيرتهم، وجاء من الرقة فأثخن فيهم وبعث ناصر الدولة بن حمدان حاجبه باروخ [1] مع عسكر فاقتتلوا على الفرات وانهزم جمان فغرق في الفرات واستأمن أصحابه إلى باروخ فأمنهم ورجع إلى ناصر الدولة.
(فتنة ناصر الدولة مع معز الدولة)
ثم وقعت الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان ومعز الدولة ابن بويه وسار إليه معز الدولة من بغداد سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة فسار هو من الموصل الى نصيبين وملك معز الدولة الموصل فظلم الرعايا وأخذ أموالهم، وأجمع الاستيلاء على بلاد ابن حمدان كلها، فجاءه الخبر بأنّ عساكر خراسان قصدت جرجان والريّ. وبعث أخوه ركن الدولة يستمده فصالح ناصر الدولة عن الموصل والجزيرة والشام على ثمانية آلاف ألف درهم كل سنة، وعلى أن يخطب له ولأخويه عماد الدولة وركن الدولة، وعاد إلى بغداد في ذي الحجة آخر سبع وثلاثين وثلاثمائة.
(غزوات سيف الدولة)
كان أمر الثغور راجعا إلى سيف الدولة بن حمدان ووقع الفداء سنة خمس وثلاثين
[1] ياروخ: ابن الأثير ج 8 ص 475.
وثلاثمائة في ألفين من الأسرى على يد نصر النملي، ودخل الروم سنة اثنتين وثلاثين مدينة واسرغين ونهبوها وسبوها وأقاموا بها ثلاثا وهم في ثمانين ألفا مع الدمشق [1] ثم سار سيف الدولة سنة سبع وثلاثين غازيا إلى بلاد الروم فقاتلوه وهزموه. ونزل الروم على مرعش فأخذوها وأوقعوا بأهل طرسوس. ثم دخل سنة ثمان وثلاثين وتوغل في بلاد الروم وفتح حصونا كثيرة وغنم وسبى. ولما قفل أخذت الروم عليه المضايق وأثخنوا في المسلمين قتلا وأسرا واستردوا ما غنموه. ونجا سيف الدولة في فل قليل. ثم ملك الروم سنة إحدى وأربعين مدينة سروج واستباحوها. ثم دخل سيف الدولة سنة ثلاث وأربعين إلى بلاد الروم فأثخن فيها وغنم وقتل قسطنطين بن الدمشق فيمن قتل، فجمع الدمشق عساكر الروم والروس وبلغار وقصد الثغور، فسار إليه سيف الدولة بن حمدان والتقوا عند الحرث [2] فانهزم الروم واستباحهم المسلمون قتلا وأسرا، وأسر صهر الدمشق، وبعض أسباطه وكثير من بطارقته ورجع سيف الدولة بالظفر والغنيمة. ثم دخل بلاد الروم النصرانية ثم رجع إلى أذنة، وأقام بها حتى جاءه نائبة على طرسوس فخلع عليه، وعاد إلى حلب وامتعض الروم لذلك فرجعوا إلى بلادهم. ثم غزا الروم طرسوس والرها وعاثوا في نواحيها سبيا وأسرا ورجعوا. ثم غزا سيف الدولة بلاد الروم سنة ست وأربعين وأثخن فيها وفتح عدة حصون وامتلأت أيدي عسكره من الغنائم والسبي، وانتهى إلى خرسنة [3] ورجع وقد أخذت الروم عليه المضايق، فقال له أهل طرسوس: ارجع معنا فإن الدروب التي دخلت منها قد ملكها الروم عليك فلم يرجع إليهم. وكان معجبا برأيه فظهر الروم عليه في الدرب واستردوا ما أخذوا منهم ونجا في فلّ قليل يناهزون الثلاثمائة ثم دخل سنة خمسين قائد من موالي سيف الدولة إلى بلاد الروم من ناحية ميافارقين فغنم وسبى وخرج سالما.
[1] الدمشق: هكذا بالأصل وهو تحريف واسمه الحقيقي دمستق كما في كتب التاريخ وقد ورد اسمه في شعر المتنبي وكذلك في الكامل لابن الأثير ج 8 ص 508.
[2]
الحدث: ابن الأثير ج 8 ص 508
[3]
هي مدينة خرشنة (معجم البلدان) .