الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجع. ثم فتح مدينة نوطوس سنة خمس وخمسين إلى سرقوسة، وجبل النار، واستأمن إليه أهل طرميس، ثم غدروا فسرّح ابنه محمدا في العساكر وسبى أهلها. ثم سار خفاجة إلى رغوس وافتتحها، وأصابه المرض فعاد إلى بليرم. ثم سار سنة ثلاث وخمسين إلى سرقوسة وقطانية فخرّب نواحيها، وأفسد زرعها، وبعث سراياه في أرض صقلّيّة فامتلأت أيديهم من الغنائم. وفي سنة أربع وخمسين وصل بطريق من القسطنطينية لأهل صقلّيّة فقاتله جمع من المسلمين وهزموه، وعاث خفاجة في نواحي سرقوسة ورجع إلى بليرم. وبعث سنة خمس وخمسين ابنه محمدا في العساكر الى طرميس وقد دله بعض العيون على بعض عوراتها فدخلوها وشرعوا في النهب.
وجاء محمد بن خفاجة من ناحية أخرى فظنوه مددا للعدو فأجفلوا، ورآهم محمد مجفلين فرجع. ثم سار خفاجة إلى سرقوسة فحاصرها وعاث في نواحيها، ورجع فاغتاله بعض عسكره في طريقه وقتله، وذلك سنة خمس وخمسين، وولى الناس عليهم ابنه محمدا وكتبوا إلى محمد بن أحمد أمير إفريقية فأقرّه على الولاية وبعث إليه بعهده.
(إبراهيم بن أحمد أخو أبي الغرانيق)
ولما توفي أبو الغرانيق ولي أخوه إبراهيم، وقد كان عهد لابنه أبي عقال، واستحلف أخاه إبراهيم أن لا ينازعه ولا يعرض له، بل يكون نائبا عنه إلى أن يكبر، فلما مات عدا عليه أهل القيروان وحملوه على الولاية عليهم، لحسن سيرته وعد له فامتنع ثم أجاب وترك وصية أبي الغرانيق في ولده أبي عقال، وانتقل إلى قصر الإمارة وقام بالأمر أحسن قيام. وكان عادلا حازما فقطع البغي والفساد وجلس لسماع شكوى المتظلمين، فأمنت البلاد وبنى الحصون والمحارس بسواحل البحر حتى كانت النار توقد في ساحل سبتة للنذير بالعدو فيتصل إيقادها بالإسكندرية في الليلة الواحدة وبنى سور سوسة. وفي أيامه كان مسير العباس بن أحمد بن طولون مخالفا على أبيه صاحب مصر سنة خمس وستين ومائتين فملك برقة من يد محمد بن قهرب قائد ابن الأغلب ثم ملك لبدة، ثم حاصر طرابلس واستمدّ ابن قهرب بقوسة فأمدوه ولقي العباس بن طولون بقصر حاتم سنة سبع وستين فهزمه، ورجع إلى مصر. ثم خالفت
وزداجة ومنعوا الرهن، وفعلت مثل ذلك هوارة، ثم لواتة، وقتل ابن قهرب في حروبهم فسرح إبراهيم ابنه أبا العباس عبد الله إليهم في العساكر سنة تسع وستين فأثخن فيهم. وفي سنة ثمانين كثر الخوارج وفرّق العساكر إليهم فاستقاموا، واستركب العبيد السودان واستكثر منهم فبلغوا ثلاثة آلاف. وفي سنة إحدى وثمانين انتقل إلى سكنى تونس واتخذ بها القصور، ثم تحرك إلى مصر سنة ثلاث وثمانين لمحاربة ابن طولون، واعترضته نفوسة فهزمهم وأثخن فيهم. ثم انتهى إلى سرت فانفضت عنه الحشود فرجع، وبعث ابنه أبا العباس عبد الله على صقلّيّة سنة سبع وثمانين فوصل إليها في مائة وستين مركبا. وحصر طرابة وانتقض عليه بليرم وأهل كبركيت، وكانت بينهم فتنة فأغراه كل واحد منهم بالآخرين. ثم اجتمعوا لحربه وزحف إليه أهل بليرم [1] في البحر فهزمهم واستباحهم، وبعث جماعة من وجوهها إلى أبيه، وفرّ آخرون من أعيانهم إلى القسطنطينية وآخرون إلى طرميس فاتبعهم وعاث في نواحيها. ثم حاصر أهل قطانية فامتنعوا عليه فأعرض عن قتال المسلمين. وتجهز سنة ثمان وثمانين للغزو فغزا دمقش [2] ثم مسيني [3] . ثم جاء في البحر إلى ربو [4] ففتحها عنوة وشحن مراكبه بغنائمها، ورجع إلى مسيني فهدم سورها، وجاء مدد القسطنطينية في المراكب فهزمهم وأخذ لهم ثلاثين مركبا. ثم أجاز إلى عدوة الروم وأوقع بأمم الفرنجة من وراء البحر. ورجع إلى صقلّيّة. وجاء في هذه السنة رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به، فاستقدم ابنه أبا العباس من صقلّيّة وارتحل هو إليها مظهرا لغربة الانتجاع. هكذا قال ابن الرقيق. وذكر أنه كان جائرا ظلوما سفّاكا للدماء، وأنه أصابه آخر عمره ماليخوليا أسرف بسببها في القتل، فقتل من خدمه ونسائه وبناته ما لا يحصى. وقتل ابنه أبا الأغلب لظن ظنه به. وافتقد ذات يوم منديلا لشرابه، فقتل بسببه ثلاثمائة خادم. وأمّا ابن الأثير فأثنى عليه بالعقل والعدل
[1] بليرم: هي بلرم: وهي أعظم مدينة في جزيرة صقلّيّة في بحر المغرب على شاطئ البحر (معجم البلدان) وهي اليوم عاصمة صقلّيّة.
[2]
دمقش: من قرى مصر في الغربية.
[3]
مسيني: بليدة على ساحل جزيرة صقلّيّة مما يلي الروم مقابل ريو، وهو بلد في بر القسطنطينية، الواقف في مسيني يرى من في ريو (معجم البلدان) .
[4]
هي ريو وليس ربو- هي مدينة للروم مقابل جزيرة صقلّيّة من ناحية الشرق على بر القسطنطينية.
(معجم البلدان) .