الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والبرسقيّ وحيوس بك الى المدائن للقائهما. ثم خاموا عن لقائهما لكثرة جموعهما، ونكبوا عن المدائن وعبروا نهر صرصر، وأكثروا النهب في تلك النواحي من الطائفتين.
وبعث إليهم المسترشد بالموعظة ويأمرهم بالموادعة والمصالحة فأجابوا إلى ذلك. ثم بلغهم أنّ دبيسا ومنكبرس قد بعثا العساكر مع منصور أخي دبيس وحسين بن أوزبك ربيب منكبرس ليخالفوهم إلى بغداد فخلوها من الحامية، فأغذّ البرسقي السير إلى بغداد وترك ابنه عزّ الدين مسعود على العسكر وصحبه عماد الدين زنكي بن آق سنقر وانتهى إلى ديالى، ومنع العسكر من العبور. ثم جاءه الخبر ليومين بصلح الفريقين كما أشار الخليفة ففتر نشاطه وعبر إلى الجانب الغربيّ من بغداد. وجاء في أثره منصور أخو دبيس وحسين ربيب منكبرس فنزلا في الجانب الشرقي من بغداد. وأغار البرسقي على نعم الملك مسعود فأخذها، وعاد فخيم بجانب آخر من بغداد، وخيّم مسعود وحيوس بك من جانب آخر ودبيس ومنكبرس من جانب ومعهما عز الدولة بن البرسقيّ منفردا عن أبيه. وكان حيوس بك قد بعث إلى السلطان محمود بطلب الزيادة له وللملك مسعود فجاء كتاب مع رسوله يذكر أنّ السلطان كان أقطعهم أذربيجان، حتى إذا بلغه مسيرهم إلى بغداد تثاقل عن ذلك، وقد جهّز العساكر إلى الموصل. ووقع الكتاب بيد منكبرس فبعث إلى حيوس بك وضمن له إصلاح الحال. وكان يؤثر مصلحته إذ كان متزوّجا بأمّه فتمّ الصلح وافترق عن البرسقي أصحابه، وبطل ما كان يحدّث به نفسه من الاستبداد بالعراق. وصار مع الملك مسعود واستقرّ منكبرس شحنة ببغداد، ورجع دبيس الى الحلّة.
(فتنة دبيس مع السلطان محمود واجلاؤه عن بغداد ثم معاودته الطاعة)
كان دبيس بن صدقة كثيرا ما يكاتب حيوس بك أتابك الملك مسعود، ويعريهم بطلب السلطنة ويعدهم بالمساعدة ليحصل له بذلك علوّ اليد كما كان لأبيه مع بركيارق ومحمد ابني ملك شاه. وكان قسيم الدولة البرسقي شحنة بغداد قد سار للملك مسعود، وأقطعه مراغة مع الرحبة. وكانت بينه وبين دبيس عداوة مستحكمة فأغراهم دبيس بالقبض عليه، ففارقهم البرسقي إلى السلطان محمود فأكرمه. ثم
اتصل الأستاذ أبو إسماعيل الحسين بن عليّ الأصفهاني الطغرائي بالملك مسعود، وكان ولده أبو المؤيد محمد يكاتب الطغرائي عن الملك مسعود. فلمّا وصل أبوه عزل أبا عليّ بن عمّار صاحب طرابلس واستوزره. وحسن لهم ما أشار به دبيس فعزموا عليه. ونمي الخبر إلى السلطان محمود فكاتبهم بالوعيد فأظهروا أمرهم وخطبوا للملك مسعود بالسلطنة، وضربوا له النوب الخمس. وبلغهم أن عساكر محمود متفرّقة فأغذّوا السير لمحاربته، والتقوا عند عقبة أستراباد في ربيع سنة أربع عشرة، وأبلى البرسقيّ وكان في مقدمته. ثم انهزم مسعود وأمر [1] كثير من أصحابه، وجيء بالوزير أبي إسماعيل الطغرائي فأمر بقتله لسنة من ولايته، وكان حسن الكتابة والشعر وله تصانيف في صنعة الكيمياء. وسار مسعود يطلب الموصل بعد أن استأمن البرسقيّ وأدركه فردّه إلى أخيه، وعفا عنه وعطف عليه. ولحق حيوس بك بالموصل. ثم بلغه فعل السلطان محمود ومعه ألف سفينة لعبوره، فبادر دبيس لطلب الأمان بعد أن أرسل حرمه إلى البطيحة. وسار بأمواله عن الحلّة وأمر بنهبها. ولحق بأبا الغازي بن أرتق بماردين، ووصل السلطان إلى الحلّة فوجدها خاوية على عروشها فرجع عنها. وأرسل دبيس أخاه منصورا من قلعة صفد في عسكر إلى العراق فمرّ بالحلّة والكوفة، وانحدر إلى البصرة وبعث إلى برتقش الزكويّ في صلاح حالهما مع السلطان محمود فقبض على منصور أخي دبيس وولده، وحبسهما ببعض القلاع حذاء الكرخ. ثم أذن دبيس لجماعة من أصحابه بالمسير إلى أقطاعهم بواسط فمنعهم أتراك واسط، فبعث إليهم عسكرا مع مهلهل بن أبي العسكر، وأمر مظفّر بن أبي الخير فساعده، واستمدّ أهل واسط البرسقي فأمدّهم بعسكر. وسار مهلهل للقائهم قبل مجيء المظفّر فهزم وأخذ أسيرا في جماعة من أصحابه. وأصعد المظفر من البطيحة ينهب ويفسد حتى قارب واسط. وسمع بالهزيمة فأسرع منحدرا ووقع على كتاب بخط دبيس إلى مهلهل يأمره بالقبض على مظفّر بن أبي الخير، ومطالبته بالأموال، فبعثوا به إلى المظفّر. وسار معهم وبلغ دبيسا أنّ السلطان كحّل أخاه فلبس السواد، ونهب البلاد، وأخذ للمسترشد بنهر الملك، وأجفل الناس إلى بغداد وسار عسكر واسط إلى النعمانيّة، فأوقعوا بمن لك من عساكر دبيس وأجلوهم
[1] مقتضى السياق وفرّ كثير من أصحابه.