الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه من آل الزبير، فيقال أطلقه بعدها، ووصله بمال، ويقال سمّه لشهر من اعتقاله، ويقال أطلقه جعفر بن يحيى افتياتا فكان بسببه نكبة البرامكة، وانقرض شأن بني حسن وخفيت دعوة الزيديّة حينا من الدهر حتى كان منهم بعد ذلك باليمن والديلم ما نذكره والله غالب على أمره.
(الخبر عن خروج الفاطميين بعد فتنة بغداد)
كانت الدولة العبّاسية قد تمهدت من لدن أبي جعفر المنصور منهم، وسكن أمر الخوارج والدعاة من الشيعة من كل جهة حتى إذا هلك الرشيد، ووقع بين بنيه من الفتنة ما وقع، وقتل الأمين بيد طاهر بن الحسين، ووقع في حصار بغداد من الحرب والعبث ما وقع، وبقي المأمون مقيما بخراسان تسكينا لأهلها عن ثائرة الفتن، وولي على العراق الحسن بن سهل، اتسع الخرق حينئذ بالعراق وأشيع عن المأمون أنّ الفضل بن سهل غلب عليه، وحجره فامتعض الشيعة لذلك، وتكلّموا، وطمع العلويّة في التوثّب على الأمر، فكان في العراق أعقاب إبراهيم بن محمد بن حسن المثنّى المقتول بالبصرة أيام المنصور. وكان منهم محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ولقبه أبوه طباطبا، لكنة كانت في لسانه، أيام مرباه بين داياته فلقّب بها، وكان شيعته من الزيديّة وغيرهم يدعون إلى إمامته لأنها كانت متوارثة في آبائه من إبراهيم الإمام جدّه على ما قلناه في خبره، فخرج سنة تسع وتسعين، ودعا لنفسه، ووافاه أبو السرايا السريّ بن منصور كبير بني شيبان فبايعه وقام بتدبير حربه، وملك الكوفة وكثر تابعوه من الأعراب وغيرهم، وسرّح الحسن بن سهل زهير بن المسيب لقتاله فهزمه طباطبا واستباح معسكره، ثم مات محمد في صبيحة ذلك اليوم فجأة، ويقال إنّ أبا السرايا سمّه لما منعه من الغنائم فبايع أبو السرايا يومه ذلك لمحمد بن محمد بن زيد بن عليّ زين العابدين، واستبدّ عليه، وزحفت عليه جيوش المأمون فهزمهم أبو السرايا وملك البصرة وواسط والمدائن. وسرّح الحسن بن سهل لحربه هرثمة بن أعين وكان
مغضبا فاسترضاه وجهّز له الجيوش، وزحف إلى أبي السرايا وأصحابه فغلبهم على المدائن، وهزمهم وقتل منهم خلقا، ووجّه أبو السرايا إلى مكّة الحسين الأفطس ابن الحسن بن عليّ زين العابدين، وإلى المدينة محمد بن سليمان بن داود بن حسن المثنّى ابن الحسن، وإلى البصرة زيد بن موسى بن جعفر الصادق، وكان يقال له زيد النار لكثرة من أحرق من الناس بالبصرة فملكوا مكة والمدينة والبصرة، وكان بمكّة مسرور الخادم الأكبر، وسليمان بن داود بن عيسى، فلما أحسوا بقدوم الحسين فرّوا عنها، وبقي الناس في الموقف فوضى، ودخلها الحسين من الغد فعاث في أهل الموسم ما شاء الله. واستخرج الكنز الّذي كان في الكعبة من عهد الجاهلية وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده، وقدره فيما قيل مائتا قنطار ثنتان من الذهب فأنفقه وفرّقه في أصحابه ما شاء الله. ثم إنّ هرثمة واقع أبا السرايا فهزمه، ثم بحث عن منصور ابن المهدي فكان أميرا معه، واتبع أبا السرايا فغلبه على الكوفة، وخرج الى القادسية، ثم الى واسط، ولقيه عاملها وهزمه، ولحق بجلولاء مغلولا جريحا فقبض عليه عاملها وقدمه الى الحسن بن سهل بالنهروان فضرب عنقه، وذلك سنة مائتين.
وبلغ الخبر الطالبيّين بمكة فاجتمعوا وبايعوا محمد بن جعفر الصادق، وسمّوه أمير المؤمنين، وغلب عليه ابناه عليّ وحسين فلم يكن يملك معهما من الأمر شيئا، ولحق إبراهيم ابن أخيه موسى الكاظم ابن جعفر الصادق باليمن في أهل بيته فدعا لنفسه هنالك، وتغلّب على الكثير من بلاد اليمن، وسمّي الجزار لكثرة ما قتل من الناس.
وخلص عامل اليمن وهو إسحاق بن موسى بن عيسى إلى المأمون فجهّزه لحرب هؤلاء الطالبيين فتوجّه إلى مكة وغلبهم عليها، وخرج محمد بن جعفر الصادق إلى الأعراب بالساحل فاتبعهم إسحاق وهزمهم، ثم طلبهم وطلب محمد الأمان فأمّنه، ودخل مكّة وبايع للمأمون وخطب على المنبر بدعوته، وسابقته الجيوش إلى اليمن فشرّدوا عنه الطالبيّين وأقاموا فيه الدعوة العباسية، ثم خرج الحسين الأفطس ودعا لنفسه بمكة، وقتله المأمون وقتل ابنيه عليّا ومحمدا. ثم إنّ المأمون لما رأى كثرة الشيعة واختلاف دعاتهم وكان يرى مثل رأيهم أو قريبا منه في شأن عليّ والسبطين فعهد بالعهد من بعده لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق سنة احدى ومائتين، وكتب بذلك إلى الآفاق، وتقدّم إلى الناس فنزع السواد ولبس الخضرة، فحقد بنو العبّاس ذلك من أمره وبايعوا بالعراق لعمّه إبراهيم بن المهدي سنة اثنتين ومائتين، وخطب له
ببغداد وعظمت الفتنة وشخص المأمون من خراسان متلافيا أمر العراق، وهلك عليّ بن موسى في طريقه فجأة، ودفن بطوس سنة ثلاث ومائتين. ووصل المأمون إلى بغداد سنة أربع، وقبض على عمّه إبراهيم وعفا عنه وسكن الفتنة. (وفي سنة تسع) بعدها خرج باليمن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب يدعو للرّضا من آل محمد، وبايعه أهل اليمن، وسرّح إليه المأمون مولاه دينارا، واستأمن له فأمّنه وراجع الطاعة. (ثم كثر خروج الزيدية) من بعد ذلك بالحجاز والعراق والجبال والديلم وهرب إلى مصر خلق، وأخذ منهم خلق، وتتابع دعاتهم. (فأوّل) من خرج منهم بعد ذلك محمد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن زين العابدين، هرب خوفا من المعتصم سنة تسع عشرة ومائتين، وكان بمكان من العبادة والزهد فلحق بخراسان، ثم مضى إلى الطالقان ودعا بها لنفسه، واتبعته أمم الزيدية كلهم. ثم حاربه عبد الله بن طاهر صاحب خراسان فغلبه وقبض عليه، وحمله إلى المعتصم فحبسه حتى مات، ويقال إنه مات مسموما (ثم خرج) من بعده بالكوفة أيضا الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين الأعرج بن علي ابن زين العابدين، واجتمع إليه الناس من بني أسد وغيرهم من جموعه وأشياعه، وذلك سنة إحدى وخمسين ومائتين، وزحف إليه ابن شيكال [1] من أمراء الدولة فهزمه، ولحق بصاحب الزنج فكان معه، وكاتبه أهل الكوفة في العود إليه، وظهر عليه صاحب الزنج فقتله. وكان خروج صاحب الزنج بالبصرة قبله بقليل، واجتمعت له جموع العبيد من زنج البصرة وأعمالها، وكان يقول في لفظة من أعلمه أنه من ولد عيسى بن زيد الشهيد وأنه عليّ بن محمد بن زيد بن عيسى. ثم انتسب إلى يحيى بن زيد الشهيد، والحق أنه دعيّ في أهل البيت كما نذكره في أخباره.
وزحف إليه الموفّق أخو المعتمد ودارت بينه وبينهم حروب إلى أن قتله، ومحا أثر تلك الدعوة كما قدّمناه في أخبار الموفّق ونذكره في أخبارهم. (ثم خرج في الديلم) من ولده الحسن بن زيد بن الحسن السبط الداعي المعروف بالعلوي، وهو الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن خرج لخمس وخمسين فملك طبرستان وجرجان وسائر أعمالها، وكانت له ولشيعته الزيدية دولة هناك. ثم انقرضت آخر المائة الثالثة،
[1] وفي نسخة اخرى: ابن بشكال
وورثها من ولد الحسن السبط، ثم من ولد عمر بن عليّ بن زين العابدين الناصر الأطروش وهو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن عمر وهو ابن عمّ صاحب الطالقان. أسلم الديلم على يد هذا الأطروش وملك بهم طبرستان وسائر أعمال الداعي، وكانت له ولبنيه هنالك دولة، وكانوا سببا لملك الديلم البلاد وتغلّبهم على الخلفاء كما نذكر ذلك في أخبار دولتهم. (ثم خرج باليمن) من الزيدية من ولد القاسم الرسيّ بن إبراهيم طباطبا أخي محمد صاحب أبي السرايا أعوام ثمانية وثمانين ومائتين يحيى بن الحسين بن القاسم الرسيّ فاستولى على صعدة وأورث عقبه فيها ملكا باقيا لهذا العهد، وهي مركز الزيدية كما نذكر في أخبارهم. (وفي خلال ذلك خرج بالمدينة) الأخوان محمد وعليّ ابنا الحسن بن جعفر بن موسى الكاظم وعاثا في المدينة عيثا شديدا وتعطلت الصلاة بمسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوا من شهر وذلك سنة إحدى وسبعين. (ثم ظهر بالمغرب) من دعاة الرافضة أبو عبد الله الشيعي في كتامة من قبائل البربر أعوام ستة وثمانين ومائتين داعيا لعبيد الله المهدي محمد بن جعفر ابن محمد بن إسماعيل الإمام بن جعفر الصادق فظهر على الأغالبة بالقيروان، وبايع لعبيد الله المهدي سنة ست وتسعين فتم أمره وملك المغربين، واستفحلت له دولة بالمغرب ورثها بنوه. ثم استولوا بعد ذلك على مصر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة فملكها منهم المعزّ لدين الله معد بن إسماعيل بن أبي القاسم بن عبيد الله المهدي وشيّد القاهرة. ثم ملك الشام واستفحل ملكه إلى أن انقرضت دولتهم على العاضد [1] منهم على يد صلاح الدين بن أيوب سنة خمس وستين وخمسمائة. (ثم ظهر في سواد الكوفة) سنة ثمان وخمسين ومائتين من دعاة الرافضة رجل اسمه الفرج بن يحيى، ويدعى قرمط، بكتاب زعم أنه من عند أحمد بن محمد بن الحنفيّة فيه كثير من كلمات الكفر والتحليل والتحريم، وادّعى أنّ أحمد بن الحنفيّة هو المهدي المنتظر، وعاث في بلاد السواد، ثم في بلاد الشام وتلقّب وكرويه بن مهرويه، واستبدّ طائفة منهم بالبحرين ونواحيها ورئيسهم أبو سعيد الجناجيّ، وكان له هناك ملك ودولة أورثها بنيه من بعده إلى أن انقرضت أعوامهم كما يذكر في أخبار دولتهم. وكان أهل البحرين هؤلاء يرجعون إلى دعوة العبيديّين بالمغرب وطاعتهم. (ثم كان بالعراق) من دعاة
[1] مقتضى السياق: في أيام