الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومماليك الخلفاء. وداخل يأنس الجند من كتامة وغيرهم في شأنه، واتفقوا على قتله. وترصّد له قوم من الجند فاعترضوه خارج البلد، وهو في موكبه وهم يتلاعبون على الخيل. ثم اعتمدوه فطعنوه وقتلوه، وأخرجوا الحافظ من معتقله وجدّدوا له البيعة بالخلافة، ونهب دار أبي عليّ. وركب الحافظ وحمل ما بقي فيها إلى القصر واستوزر أبا الفتح يانسا الحافظي، ولقّبه أمير الجيوش، وكان عظيم الهيبة بعيد الغور، واستبدّ عليه فاستوحش كل منهما بصاحبه. ويقال إنّ الحاكم وضع له سمّا في المستراح هلك به وذلك آخر ذي الحجة سنة ست وعشرين.
(قيام حسن بن الحافظ بأمر الدولة ومكره بأبيه ومهلكه)
ولما هلك يأنس أراد الحافظ أن يخلى دست الوزارة ليستريح من التعب الّذي عرض منهم للدولة، وأجمع أن يفوّض الأمور إلى ولده، وفوّض إلى ابنه سليمان. ومات لشهرين، فأقام ابنه الآخر حسنا فحدّثته نفسه بالخلافة، وعزم على اعتقال أبيه، وداخل الأجناد في ذلك فأطاعوه، وأطلع أبوه على أمره ففتك بهم يقال: إنه قتل منهم في ليلة أربعين، وبعث أبوه خادما من القصر لقتله فهزمه حسن وبقي الحافظ محجورا، وفسد أمره وبعث حسن بهرام الأرمني لحشد الأرمن ليستظهر بهم على الجند، وثاروا بحسن وطلبوه من أبيه، ووقفوا بين القصرين وجمعوا الحطب لإحراق القصر. واستبشع الحافظ قتله بالحديد فأمر طبيبه ابن فرقة عنه [1] في ذلك سنة تسع وعشرين.
(وزارة بهرام ورضوان بعده)
ولما مات حسن بن الحافظ ورحل بهرام لحشد الأرمن اجتمع الجند وكان بهرام
[1] هكذا بالأصل والمعنى مبتور وغير واضح وفي «الكامل لابن الأثير ج 11 ص 23 «فاحضر طبيبين كانا له، أحدهما مسلم والآخر يهودي، فقال لليهودي: نريد سمّا نسقيه لهذا الولد ليموت، ونخلص من هذه الحادثة! فقال: انا لا اعرف غير النقوع وماء الشعير وما شاكل هذا من الأدوية، فقال: أنا أريد ما أخلص به من هذه المصيبة، فقال له: لا أعرف شيئا. فأحضر المسلم وأمره بذلك فصنع له شيئا فسقاه الولد فمات لوقته» .
كبيرهم وراودوا الحافظ على وزارته فوافقهم وخلع عليه وفوّض إليه الأمور السلطانيّة، واستثنى عليه الشرعيّة، وتبعه تاج الدولة أفتكين في الدولة، واستعمل الأرمن وأهانوا المسلمين. وكان رضوان بن ولحيس صاحب الباب، وهو الشجاع الكاتب من أولياء الدولة، وكان ينكر على بهرام ويهزأ به، فولّاه بهرام الغربيّة، ثم جمع رضوان وأتى إلى القاهرة ففرّ بهرام وقصد قوص في ألفين من الأرمن، ووجد أخاه قتيلا فلم يعرض لأهل قوص، وباء بحق الخلافة، وصعد إلى أسوان فامتنعت عليه بكنز الدولة. ثم بعث رضوان العساكر في طلبه مع أخيه الأكبر وهو إبراهيم الأوحد فاستنزله على الأمان له وللأرمن الذين معه. وجاء به فأنزله الحافظ في القصر إلى أن مات على دينه. واستقرّ رضوان في الوزارة ولقّب بالأفضل وكان سنيّا، وكان أخوه إبراهيم إماميّا، فأراد الاستبداد وأخذ في تقديم معارفه سيفا وقلما. وأسقط المكوس وعاقب من تصدّى لها، فتغيّر له الخليفة فأراد خلعه، وشاور في ذلك داعي الدعاة وفقهاء الإمامية فلم يعينوه في ذلك بشيء. وفطن له الحافظ فدسّ خمسين فارسا ينادون في الطرقات بالثورة عليه، وينهضون باسم الحافظ فركب لوقته هاربا منتصف شوّال سنة ثلاث وثلاثين، ونهبت داره، وركب الحافظ وسكن الناس، ونقل ما فيها إلى قصره. وسار رضوان يريد الشام ليستنجد الترك، وكان في جملته شاور وهو من مصطفيه، وأرسل الحافظ الأمير بن مضيال [1] ليردّه على الأمان فرجع، وحبس في القصر، وقيل وصل إلى سرخد فأكرمه صاحبها أمين الدولة كمستكين، وأقام عنده ثم رجع إلى مصر سنة أربع وثلاثين فقاتلهم عند باب القصر وهزمهم. ثم افترق عنه أصحابه وأرادوا العود إلى الشام فبعث عنه الحافظ بن مضيال وحبسه بالقصر إلى سنة ثلاث وأربعين فنقب الحبس وهرب إلى الجيزة، وجمع المغاربة وغيرهم ورجع إلى القاهرة فقاتلهم عند جامع ابن طيلون [2] وهزمهم. ثم دخل القاهرة ونزل عند جامع الأقمر، وأرسل إلى الحافظ في المال ليفرّقه فبعث عشرين ألفا على عادتهم مع الوزير، ثم استزاد عشرين وعشرين.
وفي خلال ذلك وضع الحافظ عليه جمعا كثيرا من السودان فحملوا عليه وقتلوه وجاءوا
[1] وفي نسخة اخرى: الأمير بن مصّال، وكذلك عند ابن الأثير.
[2]
هو جامع ابن طولون.