الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
برأسه إلى الحافظ. واستمرّ الحافظ في دولته مباشرا لأموره وأخلى رتبة الوزارة فلم يولّ أحدا بعده.
(وفاة الحافظ وولاية ابنه الظافر)
ثم توفي الحافظ لدين الله عبد الحميد بن الأمير أبي القاسم أحمد بن المستنصر سنة أربع وأربعين لتسع عشرة سنة ونصف من خلافته، وعن أبي العالية يقال بلغ عمره سبعا وسبعين سنة، ولم يزل في خلافته محجور الوزارة، ولما مات ولي بعده ابنه أبو منصور إسماعيل بعهده إليه بذلك ولقّب الظافر بأمر الله.
(وزارة ابن مضيال ثم ابن السلار)
كان الحافظ لما عهد لابنه الظافر أوصاه بوزارة ابن مضيال فاستوزره أربعين يوما وكان علي بن السلار واليا على الإسكندريّة ومعه بلارة بنت عمّه القاسم وابنه منها عبّاس وتزوّجت بعده بابن السلار [1] ، وشبّ عبّاس وتقدّم عند الحافظ حتى ولي الغربية فلم يرض ابن السلار وزارة ابن مضيال واتفق مع عبّاس على عزله، وبلغ الخبر إلى
[1] العبارة غير واضحة ومبتورة وفي الكامل ج 11 ص 142: واستوزر ابن مصّال فبقي أربعين يوما يدبّر الأمور، فقصده العادل بن السلار من ثغر الإسكندرية ونازعه في الوزارة، وكان ابن مصّال قد خرج من القاهرة في طلب بعض المفسدين من السودان، فخلفه العادل بالقاهرة وصار وزيرا.
وسيّر عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس الصّنهاجيّ في عسكر وهو ربيب العادل، إلى ابن مصّال، فظفر به وقتله، وعاد الى القاهرة واستقرّ العادل وتمكّن، ولم يكن للخليفة معه حكم. واما سبب وصول عباس الى مصر فإن جدّه يحيى أخرج أباه أبا الفتوح من المهدية، فلمّا توفي يحيى وولي بعده بلاد إفريقية ابنه عليّ بن يحيى بن تميم بن يحيى صاحب إفريقية، أخرج أخاه ابا الفتوح بن يحيى والد عبّاس من افريقية سنة تسع وخمسمائة، فسار إلى الديار المصريّة ومعه زوجته بلّارة ابنة القاسم بن تميم بن المعزّ بن باديس، وولده عبّاس هذا وهو صغير يرضع، ونزل ابو الفتوح بالإسكندرية فأكرم وأقام بها مدة يسيرة، وتوفي وتزوّجته بعده امرأته بلّارة بالعادل بن السلار. وشبّ العباس وتقدّم عند الحافظ حتى ولي الوزارة بعد العادل، فإن العادل قتل في المحرّم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. قيل: وضع عليه عبّاس من قتله، فلما قتل ولي الوزارة بعده وتمكّن فيها، وكان جلدا حازما» . من المقارنة بين ما ورد عند ابن الأثير وما ورد في تاريخ ابن خلدون نرى انه سقطت بعض السطور ربما أثناء النسخ أو ان الناسخ نسيها سهوا.
ابن مضيال فشكا إلى الظافر فلم يشكه فقال ذوو الحروب: ليس هنا من يقاتل ابن السلار فغضب الظافر ودسّ عليه من بني عليّ مصلحيه فخرج إلى الصّعيد، وقدم ابن السلار إلى القاهرة فاستوزره الظافر، وهو منكر له ولقّبه العادل. وبعث العساكر مع العبّاس ربيبه في اتباع ابن مضيال فخرج في طلبه. وكان جماعة من لواتة السودان فتحصّنوا من عبّاس في جامع دولام فأحرقه عليهم، وقتل ابن مضيال وجاء برأسه.
وقام ابن سلار بالدولة وحفظ النواميس وشدّ من مذاهبه أهله. وكان الخليفة مستوحشا منه منكرا له وهو مبالغ في النصيحة والخدمة. واستخدم الرجّالة لحراسته، فارتاب له صبيان الخاص من حاشية الخليفة فاعتزموا على قتله، ونمي ذلك إليه فقبض على رءوسهم فحبسهم، وقتل جماعة منهم وافترقوا، ولم يقدر الظافر على إنكار ذلك. واحتفل ابن السلار بأمر عسقلان، ومنعها من الفرنج وبعث إليها بالمدد كل حين من الأقوات والأسلحة فلم يغن ذلك عنها، وملكها الفرنج وكان لذلك من الوهن على الدولة ما تحدّث به الناس.
ولما قتل العادل بن السلار صبيان الخاص تأكّد نكر الخليفة له، واشتدّ قلقه. وكان عبّاس بن أبي الفتوح صديقا ملاطفا له فكان يسكّنه ويهدّيه، وكان لعبّاس ولد اسمه نصير، استخصه الظافر واستدناه، ويقال كان يهواه، ففاوض العادل عبّاسا في شأن ابنه عن مخالطة ابنه للظافر فلم ينته ابنه، فنهى العادل جدّته أن يدخل إلى بيته فشقّ ذلك على نصير وعلى أبيه، وتنكّر للعادل. وزحف الفرنج إلى عسقلان فجهّز العادل الجيوش والعساكر إليها مددا مع ما كان يمدّها به، وبعثهم مع عبّاس بن أبي الفتوح فارتاب لذلك، وفاوض الظافر في قتل العادل وحضر معهم مؤيدا لدولة الأمير أسامة بن منقذ أحد أمراء شيزر، وكان مقرّبا عند الظافر وصديقا لعبّاس، فاستصوب ذلك وحثّ عليه، وخرج عبّاس بالعساكر إلى بلبيس، وأوصى ابنه نصير بقتله، فجاء في جماعة إلى بيت جدّته، والعادل نائم فدخل إليه وضربه فلم يجهز عليه، وخرج إلى أصحابه. ثم دخلوا جميعا فقتلوه وجاءوا برأسه إلى الظافر، ورجع عبّاس من بلبيس بالعساكر فاستوزره الظافر، وقام بالدولة وأحسن الى الناس، وأيس أهل عسقلان من المدد فأسلموا أنفسهم وبلدهم بعد حصار طويل وكان ذلك كله سنة ثمان وأربعين
.