الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحشدوا الناس للقائه فهزمهم وافترقوا، فسار عبد الملك إلى بخارى وبكثرزون إلى نيسابور وكان معهم أبو القاسم بن سيجور، ولحق بقهستان واستولى محمود على خراسان وذلك سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. ثم سار إلى طوس وهرب بكثرزون إلى جرجان، وبعث محمود أرسلان الحاجب في أثره فأخرجه من نواحي خراسان، فولّى أرسلان على طوس وسار إلى هراة لمطالعة أحوالها، فخالفه بكثرزون إلى نيسابور وملكها، ورجع فطرده عنها أبو القاسم بن سيجور وملكها. وولّى محمود أخاه نصر ابن سبكتكين قيادة الجيوش بخراسان وأنزله بنيسابور، ثم سار إلى بلخ فأنزل بها سريره. ثم استراب بأخيه إسماعيل فاعتقله ببعض القلاع موسعا عليه، وكتب بالبيعة للقادر الخليفة من بني العبّاس [1] ، فبعث إليه بالخلع والألوية على العادة. وقام بين يديه السماطان واستوثق له ملك خراسان وبقي يردّد الغزو إلى الهند كل سنة.
(استيلاء محمود على سجستان)
كان خلف بن أحمد صاحب سجستان في طاعة بني سامان ولما شغل عنه بالفتن استفحل أمره، وشغل للاستبداد. فلما سار سبكتكين للقاء ملك الهند كما مرّ، اغتنم الفرصة من بست وبعث إليها عسكرا فملكوها وجبوها. ولما رجع سبكتكين من الهند ظافرا تلقّاه بالمعاذير والتعزية والهدايا والطاعة فقبل وأعرض عنه، وارتهن عنده على طاعته، وسار معه الحرث أبو علي بن سيجور بخراسان فملأ يده ويد عسكره بالعطاء، وبتفدّمه لقتال ايلك خان بما وراء النهر كما مرّ، فدسّ إلى ايلك خان يغريه بسبكتكين. واعتزم سبكتكين على غزو سجستان، ثم أدركه الموت فاغتنم خلف الفرصة وبعث طاهرا إلى قهستان وبوشنج فملكها، وكاتب البغراجق أخا سبكتكين. فلما فرغ محمود من شأن خراسان بعث لبغراجق عمه بانتزاع قهستان وبوشنج، فسار إلى طاهر فهزمه واتبعه، وكرّ عليه طاهر فقتله وانهزم الفريقان، وزحف محمود إلى خلف سنة تسعين وثلاثمائة، فامتنع في أحصن بلد [2] وهي قلعة
[1] وكان يخطب سابقا للطائع للَّه.
[2]
هو حصن اصبهبد.
عالية منيعة، وحاصره بها حتى لاذ بالطاعة. وبذل مائة ألف دينار فأفرج عنه وسار إلى الهند فتوغّل فيها، وانتهى في اثني عشر ألف فارس وثلاثين ألف راجل، فاختار محمود من عساكره خمسة عشر ألفا، وسار لقتال جميال [1] فهزمه وأسره في بنيه وحفدته وكثير من قرابته. ووجد في سلبه مقلد من فصوص يساوي مائة ألف دينار وأمثال ذلك، فوزّعها على أصحابه، وكان الأسرى والسبي خمسمائة ألف رأس وذلك سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وفتح من بلاد الهند بلادا أوسع من بلاد خراسان. ثم فادى جميال ملك الهند نفسه بخمسين رأسا من الفيلة ارتهن فيها ابنه وحافده وخرج إلى بلده، فبعث إلى ابنه أندبال وشاهينة وراء سيجور فأعطوه تلك الفيلة، وسار لا يعود له ملك [2] ، وسار السلطان محمود الى ويهند فحاصرها وافتتحها، وبعث العساكر لتدويخ نواحيها فأثخنوا في القتل في أوباش كانوا مجتمعين للفساد مستترين بخمر الغياض فاستلحموهم. ورجع السلطان محمود الى غزنة وكان خلف بن أحمد عند منصرف السلطان عنه أظهر النسك، وولّى ابنه طاهرا على سجستان، فلما طالت غيبة السلطان أراد الرجوع إلى ملكه فلم يمكّنه ابنه، فتمارض وبعث إليه بالحضور للوصيّة والاطلاع على خبايا الذخيرة، فلما حضر اعتقله ثم قتله كما مرّ. وبلغت ضمائر [3] قوّاده لذلك، وخافوه، وبعثوا للسلطان محمود بطاعتهم ما بقيت له الدعوة في سجستان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وسار السلطان محمود إلى خلف فامتنع منه في معقلة بحصن الطاق، وهو في رأس شاهق تحيط به سبعة أسوار عالية، ويحيط به خندق بعيد المهوى، وطريقه واحدة على جسر، فجثم عليه أشهرا. ثم فرض على أهل العسكر قطع الشجر التي تليه وطمّ بها الخندق، وزحف إليه وقدّم الفيول بين يديه على تعبيتها فحطم الفيل الأعظم على باب الحصن فقلعه ورمى به، وفشا القتل في أصحاب خلف وتماسكوا داخل الباب يتناضلون بأحجار المجانيق والسهام والحراب، فرأى خلف هول المطلع فأثاب [4] واستأمن، وخرج إلى السلطان وأعطاه كثيرا من الذخيرة، فرفع من قدره وخيّره في مقاماته فاختار الجوزجان فأذن له في
[1] جيبال: ابن الأثير ج 9 ص 169.
[2]
من عادة الهند انه من وقع أسيرا في ايدي المسلمين لا ينعقد له لواء بعد ذلك.
[3]
اي جزعت نفوس قواده.
[4]
لا معنى لها ولعلها أناب أي تاب.