الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(استيلاء السلطان محمود على بخارى ثم عوده عنها)
كان ايلك خان ملك الترك وصاحب تركستان لما ملك بخارى من يد بني سامان سنة تسعين وثلاثمائة، ولّى عليها ورجع إلى بلاده كما مرّ، وكان الغزّ أحياء بادية بضواحي بخارى وزعيمهم أرسلان بن سلجوق عمّ السلطان طغرلبك. وكان بينه وبين ايلك خان وأخيه بقراخان حروب وفتن بسبب استظهار بني سامان بهم. فلما ملك ايلك خان بخارى عرف لأرسلان بن سيجور حقّه ورفع محلّه، وهو مع ذلك مستوحش.
وكان على تكين أخو ايلك خان، وحبس أرسلان ولحق ببخارى فاستولى عليها، وطلب موالاة أرسلان بن سيجور فوالاه، واستفحل أمرهما، ونهض إليهما ايلك خان وقاتلهما فهزماه. واستوثق أمر تكين في بخارى وكان يسيء جوار السلطان محمود بن سبكتكين في أعماله، ويعترض رسله المتردّدين إلى ملوك الترك فأحفظ ذلك السلطان، وأجمع المسير إليه، فنهض من بلخ سنة عشرين وأربعمائة، وعبر النهر وقصد بخارى، فهرب منها على تكين ولحق بايلك خان. ودخل السلطان بخارى وملك سائر أعمالها، وأخذ الجزية من سمرقند، وأجفلت أحياء الغزّ وأرسلان بن سلجوق، وتلطف في استدعائه. فلما حضر عنده تقبّض عليه، وبعثه إلى بعض قلاع الهند وحبسه بها. وسار إلى أحياء الغزّ فنهبهم، وأثخن فيهم قتلا وأسرا، ورجع إلى خراسان.
(خبر السلطان محمود مع الغز بخراسان)
لمّا حبس السلطان أرسلان بن سلجوق، ونهب احياءهم، أجلاهم عن ضواحي بخارى، فعبروا نهر جيحون إلى خراسان، وامتدّت فيهم أيدي العمّال بالظلم والتعدّي في أموالهم وأولادهم فتفرّقوا، وجاءت منهم طائفة في أكثر من ألفي خركاة إلى كرمان، ثم إلى أصفهان، وكان يسمّون العراقية. وطائفة إلى جبل بكجان عند خوارزم القديمة، وعاث كل منهم فيما سار فيه من البلاد. وبعث السلطان إلى علاء الدولة بأصفهان لردّ الذين ساروا إليه إلى الريّ وقبلهم، وحاول ذلك بالغدر فلم
يستطع، وحاربهم فهزموه وساروا عنه إلى أذربيجان، وأفسدوا ما ساروا عليه وصانعهم وهشوذان صاحب أذربيجان وآنسهم. وكان مقدّموهم: بوقا وكوكاش ومنصور ودانا. وأمّا الذين ساروا إلى خوارزم القديمة فكثر عيثهم في تلك النواحي.
وأمر السلطان محمود صاحب طوس أرسلان الحاجب أن يسير في طلبهم فاتبعهم سنتين. ثم جاء السلطان على أثره فشرّدهم على نواحي خراسان، واستخدم بعضهم.
وكان أمراؤهم: كوكاش وبوقا وقزل ويغمروتا صغلي.
ولمّا مات السلطان محمود استخدمهم ابنه مسعود أيضا، وساروا معه من غزنة إلى خراسان فسألوه فيمن بقي منهم بجبل بكجان عند خوارزم فأذن لهم أن يسهلوا الى البسائط على شرط الطاعة. ثم انتقض أحمد نيال عامل الهند فسار مسعود إليه، وولى على خراسان تاش، وكثر عيث هؤلاء الغز في البلاد فأوقع بهم تاش، وقتل أميرهم يغمر. وبعث السلطان مسعود من إجلائهم عن البلاد، ومثّل بهم بالقتل والقطع والصلب. فساروا إلى الريّ طالبين أذربيجان للحاق بالعراقية منهم كما مرّ ذكرهم فملكوا الدامغان ونهبوها، ثم سمنان. ونهبوا جوار الريّ وايجاباذ ومشكوبة من أعمال الريّ، وخرّبوا كل ما مرّوا عليه من القرى والضياع فاجتمع لحربهم تاش وأبو سهل الحمدونيّ صاحب الريّ. وسار إليهم تاش في العساكر والفيلة على التعبية، ولقوة مستميتين، وسبق إليه أحياؤهم فهزموه وقتلوه.
ثم ساروا الى الريّ فهزموا أبا سهل الحمدونيّ وعسكره، ولحق بقلعة طبول، ونهبوا الريّ واستباحوا أموالها، وجاء عسكر من جرجان فاعترضوه وكبسوه، وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا، ومضوا إلى أذربيجان ليجتمعوا بالعراقية. ثم رجع علاء الدولة بن كاكويه إلى أصفهان بعد مسيرهم من الريّ، وطلبوا مولاه أبا سهل على طاعة مسعود فلم يتم وعاث الغز في أذربيجان وأوقع بهم ففارقوها إشفاقا من نيال وأخيه طغرلبك، وافترقوا بين الموصل وديار بكر فملكوها ونهبوها وعاثوا في نواحيها كما مرّ ذكره في أخبار قرواش صاحب الموصل وابن مروان صاحب ديار بكر.
هذه أخبار أرسلان بن سلجوق مفصلة إلّا مفصلة إلّا ما اختصر منها بالريّ وأذربيجان فإنه يأتي في مواضعه من دولة الديلم. وأمّا طغرلبك وإخوته داود
…
وبيقو وأخوه لأمه نيال المسمى بعد الإسلام إبراهيم فانهزموا وأقاموا بعد سلجوق ببلاد ما وراء النهر. وكان بينهم وبين علي تكين صاحب بخارى حروب ظهر عليهم فيها