الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا من الأتراك ينصحون عنّا، فأطلق المعتقلين عنهم ورجع، وجعل أردويه [1] صاحب الجيش مكان سبكتكين، وكتب إلى عمّه ركن الدولة وابنه عضد الدولة يستنجدهما، وإلى أبي ثعلب بن حمدان يستمدّه بنفسه، ويسقط عنه مال الضمان، وإلى عمران بن شاهين بأن يمدّه بعسكر، فبعث عمّه ركن الدولة العساكر مع وزيره أبي الفتح بن العميد، وأمر ابنه عضد الدولة بالمسير معهم، فتربّص به ابن العميد. وأنفذ أبو ثعلب بن حمدان أخاه أبا عبد الله الحسين بن حمدان إلى تكريت، وأقام ينتظر خروج سبكتكين والأتراك عن بغداد فيملكها، وانحدر سبكتكين ومعه الأتراك إلى واسط وحمل معه الخليفة الطائع الّذي نصّبه وأباه المطيع مكانه أفتكين [2] وساروا إلى بختيار ونازلوه بواسط خمسين يوما والحرب بينهم متّصلة والظفر للأتراك في كلّها، وهو يتابع الرسل إلى عضد الدولة ويستحثه.
(استيلاء عضد الدولة على العراق واعتقال بختيار ثم عوده إلى ملكه)
ولما بلغ عضد الدولة ما فعله الأتراك مع بختيار اعتزم على المسير إليه بعد أن كان يتربّص به فسار في عساكر فارس وسار معه أبو القاسم بن العميد وزير أبيه من الأهواز في عساكر الري وقصدوا واسط ورجع أفتكين والأتراك إلى بغداد وكان أبو ثعلب عليها فأجفل، وكتب بختيار إلى طبة الأسديّ صاحب عين التمر، وإلى بني شيبان بمنع الميرة عن بغداد وإفساد سابلتها، فعدمت الأقوات وسار عضد الدولة إلى بغداد، ونزل في الجانب الشرقي وبختيار في الجانب الغربيّ. وخرج أفتكين والأتراك لعضد الدولة فلقيهم بين دبانى والمدائن منتصف جمادى سنة أربع وستين وثلاثمائة فهزمهم وغرق كثير منهم. وساروا إلى تكريت، ودخل عضد الدولة بغداد ونزل دار الملك، واستردّ الخليفة الطائع من أفتكين والأتراك، وكانوا أكرهوه على
[1] آزادرويه: ابن الأثير ج 8 ص 643.
[2]
المفهوم ان أفتكين قد خلع المطيع وولّى الخلافة بعده ابنه الطائع. وقد ورد اسمه في الكامل ج 8 ص 148: الفتكين.
الخروج معهم، وخرج للقائه في دجلة وأنزله بدار الخلافة وحدّثته نفسه بملك العراق، واستضعف بختيار ووضع عليه الجند يطالبونه بأرزاقهم، ولم يكن عنده في خزانته شيء. وأشار عليه بالزهد في إمارتهم يتنصّح له بذلك سرّا، والرسل تتردّد إلى بختيار والجند فلا يقبل عضد الدولة تقرّبهم. ثم تقبّض عليه آخرا ووكّل به، وجمع الجند ووعدهم بالإحسان والنظر في أمورهم فسكنوا، وبعث عضد الدولة عسكره إلى ابن بقيّة ومعه عسكر ابن شاهين فهزموا عسكر عضد الدولة، وكاتبوا ركن الدولة، فكتب إليه بالثبات على شأنهم. فلمّا علم أهل النواحي بأفعال عضد الدولة اضطربوا عليه وانقطعت عنه موادّ فارس، وطمع فيه الناس حتى عامّة بغداد، فحمل الوزير أبا الفتح بن العميد إلى أبيه ركن الدولة الرسالة بما وقع، وبضعف بختيار وأنه إن عاد إلى الأمر خرجت المملكة والخلافة عنه، وأنه يضمن أعمال العراق بثلاثين ألف ألف درهم في كل سنة، ويبعث إليه بختيار بالريّ وإلّا قتلت بختيار وأخويه وجميع شيعتهم وأترك البلاد، فخشي ابن العميد من هذه الرسالة، وأشار بأن يبعث بها غيره ويمضي هو إلى ركن الدولة فيحاول على مقاصد عضد الدولة، فمضى الرسول إلى ركن الدولة فحجبه أولا، ثم أحضره وذكر له الرسالة فهمّ بقتله، ثم ردّه وحمّله من الإساءة في الخطاب فوق ما أراد. وجاء ابن العميد فحجبه ركن الدولة وأنفذ إليه بالوعيد. وشفع إليه أصحابه واعتذر بأنه إنما جعل رسالة عضد الدولة طريقا الى الخلاص منه فأحضره، وضمن له ابن العميد إطلاق بختيار. ثم سار إلى عضد الدولة وعرفه بغضب أبيه فأطلق بختيار من محبسه وردّه إلى ملكه على أن يكون نائبا عنه ويخطب له، ويجعل أخاه أبا إسحاق أمير الجيش لضعفه عن الملك. وخلّف أبا الفتح بن العميد لقضاء شئونه فتشاغل هو مع بختيار فيما كان فيه من اللذّات عن ركن الدولة. وجاء ابن بقيّة فأكّد الوحشة بين بختيار وعضد الدولة وجبى الأموال واختزنها، وأساء التصرّف واحترز من بختيار
.