الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحر سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، ثم صعدوا من البحر في نهر اللكنهر، وانتهوا إلى مدينة بردعة من بلاد أذربيجان وبها المرزبان فخرج إليهم في نحو خمسة آلاف مقاتل من الديلم وغيرهم فهزمهم الروس، وقتلوا الديلم وتبعوهم إلى البلد فملكوه ونادوا بالأمان، وأحسنوا السيرة، وجاءت العساكر الإسلامية من كل ناحية فلم يقدروا عليهم. وظاهرهم العوامّ والرعاع، فلما انصرفت العساكر غدرت الروسية بهم فقتلوهم، ونهبوا أموالهم واستعبدوهم.
وأحزن المسلمين ذلك واستنفر المرزبان الناس وسار لهم وأكمن لهم كمينا، وزحف إليهم، وخرجوا إليه واستطرد لهم حتى جاوزوا موضع الكمين، فاستمرّ أصحابه على الهزيمة ورجع هو مع أخيه وصاحب له مستميتين، وخرج الكمين من ورائهم واستلحم الروسية وأميرهم، ونجا فلّهم إلى البلد فاعتصموا بحصنه، وكانوا قد نقلوا إليه السبي والأموال، وحاصرهم المرزبان وصابروه. ثم إن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل بعث إلى ابن عمّه الحسين بن سعد بن حمدان في هذه السنة إلى أذربيجان ليملكها، فبلغ الخبر إلى المرزبان بأنه انتهى إلى سلماس، فجهّز عسكرا إلى الروس وسار لقتال ابن حمدان، فقاتله أياما ثم استدعاه ابن عمّه ناصر الدولة من الموصل وأخبره بموت توزون وأنه سائر إلى بغداد، وأمره بالرجوع فرجع. وأمّا الروس فحاصرهم العسكر أياما واشتدّ فيهم الوباء فانقضوا من الحصن ليلا وحملوا ما قدروا عليه من الأموال ولحقوا باللكن [1] فركبوا سفنهم ومضوا إلى بلادهم، وطهر الله البلاد منهم.
(مسير المرزبان الى الري وهزيمته وحبسه)
ولما سارت عساكر خراسان إلى الريّ وظنّ المرزبان أنّ ذلك يشغل ركن الدولة بن بويه عنه، وكان قد بعث رسوله إلى معزّ الدولة ببغداد فصرفه مذموما مدحورا، فاعتزم على غزو الريّ، وطمع في ملكه واستأمن إليه بعض قوّاد الري وأغراه بذلك.
وراسله ناصر الدولة بن حمدان يستحثّه لذلك، ويشير عليه ببغداد قبل الريّ.
[1] الكرّ: ابن الأثير ج 8 ص 414.
وكتب ركن الدولة إلى أخويه عماد الدولة ومعزّ الدولة يستنجدهما، فبعثوا إليه بالعساكر، وسار بها من بغداد سبكتكين الحاجب. ولما انتهى إلى الدّينور انتقض عليه الديلم ووثبوا به، فركب في الأتراك فتخاذل الديلم وأعطوه الطاعة. وكان المرزبان قبل وصول العساكر زحف إلى الريّ وهزمه ركن الدولة وحبسه، ورجع الفلّ إلى أذربيجان ومعهم محمد بن عبد الرزاق. واجتمع أصحاب المرزبان على أبيه محمد بن مسافر، وأساء السيرة فهمّوا بقتله، وكان ابنه وهشودان قد هرب منه واعتصم بحصن له فلحق به أبوه محمد فقبض عليه وهشوذان وضيّق عليه حتى مات. ثم استدعى دسيم الكرديّ من مكانه بقلعة الطرم حيث أنزله المرزبان عند ظفره به، وبعثه إلى محمد بن عبد الرزاق، وأقام بنواحي أذربيجان. ثم رجع إلى الريّ سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة واستعتب إلى سلطانه نوح بن سامان فأعتبه وعاد إلى طوس.
واستولى دسيم على أذربيجان لوالي القلعة حتى تمكّنوا من قتله فقتله المرزبان، ولحق بأخيه وهشوذان سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. وكان عليّ بن منسلى [1] من قوّاد ركن الدولة قد لحق بوهشودان، وأغراه بدسيم، فبعثه وهشودان في العساكر، وكاتب الديلم واستمالهم، وسار إليه دسيم وخلّف وزيره أبا عبد الله النعيمي بأردبيل فجمع مالا كان صادره عليه، وهرب بما معه من المال إلى عليّ بن منسلى.
وبلغ الخبر إلى دسيم عند أذربيجان، فعاد الى أردبيل، وشغب عليه الديلم ففرّق فيهم ما كان معه من المال، وسار للقاء عليّ بن منسلى فالتقيا. وهرب الديلم الذين معه إلى علي بن منكلى، وانهزم هو إلى أرمينية. ثم جاءه الخبر بأنّ المرزبان تخلّص من محبسه بقلعة سيرم وملك أردبيل، واستولى على أذربيجان. وأنفذ العساكر في طلبه فهزم دسيم إلى بغداد فأكرمه معز الدولة وأقام عنده. ثم استدعاه شيعته بأذربيجان سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة فسار إليهم وطلب من معزّ الدولة المدد لأنّ أخاه ركن الدولة كان قد صالح المرزبان، فسار دسيم إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل، واستنجد به فلم ينجده، فسار إلى سيف الدولة، فأقام عنده بالشام. فلما كان سنة أربع وأربعين خرج على المرزبان خارج باب الأبواب فسار إليه، وخالفه دسيم إلى أذربيجان فاستدعاه مقدّم من الأكراد وملك سلماس فبعث اليه المرزبان
[1] وفي نسخة ثانية منكلى وفي الكامل: علي بن ميسكي: ابن الأثير ج 8 ص 500