الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفيلة. وقعد لهم هو والحسين بن محمد المرغني بالمراصد، فاستلحموهم. ثم مات ألب غازي وضجر صاحب خوارزم من الحصار. فارتحل إلى سرخس وحاصرها، وبلغت هذه الأخبار شهاب الدين ببلاد الهند، فكرّ راجعا وقصد مدينة خوارزم، فأغذ محمد بن تكش السير من سرخس، ونزل أثقاله وسبقه إليها وقاتله الخوارزميّة قتالا شديدا وفتكوا فيه. وهلك من الغوريّة جماعة منهم الحسين بن محمد المرغنيّ وأسر جماعة من الخوارزمية فأمر شهاب الدين بقتلهم. ثم بعث خوارزم شاه إلى الخطا يستنجدهم أن يخالفوا شهاب الدين إلى بلاد الغوريّة فساروا إليها. ولما سمع شهاب الدين كرّ راجعا إلى البلاد، فلقي مقدّمة عسكرهم بصحراء أيدخوي [1] في صفر سنة إحدى وستمائة، فأوقع بهم وأثخن فيهم، وجاءت ساقتهم على أثر ذلك، فلم يكن له بهم قبل فانهزم، ونهبت أثقاله، وقتل الكثير من أصحابه، ونجا في الفلّ إلى أيدخوي وحاصروه حتى أعطاهم بعض الفيلة وخلص. وكثر الإرجاف في بلاد الغور بمهلكه، ووصل إلى الطالقان في سبعة نفر، وقد لحق بها نائبها الحسين بن حرميل ناجيا من الوقعة، فاستكثر له من الزاد والعلوفة وكفاه مهمه. وكان مستوحشا مع من استوحش من الأمراء بسبب انهزامهم عن شهاب الدين، فحمله شهاب الدين إلى غزنة تأنيسا له، واستحجبه، ولما وقع الإرجاف بموت شهاب الدين جمع مولاه تاج الدين العسكر وجاء إلى قلعة غزنة طامعا في ملكها، فمنعه مستحفظها فرجع إلى إقطاعه، وأعلن بالفساد، وأغرى بالخلخ من الترك فكثر عيثهم. وكان له مولى. آخر اسمه أيبك فلحق بالهند عند نجاته من المعركة، وأرجف بموت السلطان واستولى على الملتان، وأساء فيها السيرة. فلما وصل خبر شهاب الدين جمع تاج الدين الذّر- وهو مملوك اشتراه شهاب الدين- الناس من سائر النواحي ثم جمع شهاب الدين لغزو الخطا والثأر منهم.
(حروب شهاب الدين مع بني كوكر والتفراهية [2] )
كان بنو كوكر هؤلاء موطنين في الجبال بين لهاور والملتان معتصبين بها لمنعتها، وكانوا
[1] أندخوي: ابن الأثير ج 12 ص 186
[2]
التيراهية: ابن الأثير ج 12 ص 211
في طاعة شهاب الدين، يحملون إليه الخراج، فلمّا وقع الإرجاف بموته، انتقضوا وداخلوا صاحب جبل الجودي وغيره من أهل الجبال في ذلك وجاهروا بالعيث والفساد وقطع السابلة ما بين غزنة ولهاور وغيرها. وبعث شهاب الدين إلى محمد بن أبي علي بلهاوز والملتان يأمره بحمل المال بعد أن قتل مملوكه أيبك. قال: ومهّد البلاد فاعتذر بنو كوكر فبعث شهاب الدين مملوكه أيبك إلى بني كوكر يتهددهم على الطاعة، فقال كبيرهم: لو كان شهاب الدين حيّا لكان هو المرسل إلينا، واستخفوا أمر أيبك، فعاد الرسول بذلك، فأمر شهاب الدين بتجهيز العساكر في قرى سابور. ثم عاد إلى غزنة في شعبان سنة إحدى وستمائة ونادى بالمسير إلى الخطا. ورجع بنو كوكر الى حالهم من اخافة السابلة ودخل معهم كثير من الهنود في ذلك وخشي على انتقاض البلاد فأثنى عزمه عن الخطا وسار إلى غزنة، وزحف إلى جبال بني كوكر في ربيع الأوّل سنة اثنتين وستمائة ولما انتهى إلى قرى سابور أغذّ السير وكبس بني كوكر في محالهم، وقد نزلوا من الجبال إلى البسيط يرومون اللقاء، فقاتلوه يوما إلى الليل، وإذا بقطب الدين أيبك في عساكره منادين بشعار الإسلام فحملوا عليهم، وانهزموا وقتلوا بكل مكان. واستنجوا بأجمة فأضرمت عليهم نارا، وغنم المسلمون أهاليهم وأموالهم حتى بيع المماليك خمسة بدينار. وقتل كبير بني كوكر الّذي كان مملكا عليهم، وقصد دانيال صاحب الجند الجودي، وسار إليها فأقام بها منتصف رجب، وهو يستنفر الناس. ثم عاد نحو غزنة وأرسل بهاء الدين سام صاحب باميان بالنفير إلى سمرقند، وأن يتّخذ الجسر لعبور العساكر. وكان أيضا ممن دعاه هذا الإرجاف إلى الانتقاض التتراهية [1] وهم قوم من أهل الهند بنواحي قرى سابور، دينهم المجوسية ويقتلون بناتهم بعد النداء عليهنّ للتزويج، فإذا لم يتزوّجها أحد قتلوها، وتزوّج المرأة عندهم بعدّة أزواج. وكانوا يفسدون في نواحي قرى سابور، ويكثرون الغارة عليها، وأسلم طائفة منهم آخر أيام شهاب الدين الغوريّ. ثم انتقضوا عند هذا الإرجاف وخرجوا إلى حدود سوران ومكران، وشنّوا الغارة على المسلمين فسار إليهم الخلخي [2] نائب
[1] هي التيراهية. وقد مرّت من قبل التفراهية وهنا التتراهية وكل هذا تحريف. وكذلك بالنسبة الى باقي الأعلام فمعظمها يختلف من مرجع إلى آخر وهكذا يتعذر علينا ضبطها.
[2]
الحلحي: ابن الأثير ج 12 ص 211