الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك في رمضان من سنته. ثم سار الأمير نوح من مرو إلى نيسابور، وأقام بها، ووضع [1] جماعة من الغوغاء والعامّة يستغيثون من أبي علي ويشكون سوء السيرة منه ومن نوّابه، فولّى على نيسابور إبراهيم بن سيجور [2] وعاد عنها وقصد أن يقيم أبو علي بالري لحسن دفاعه عنها وينقطع طمعه عن خراسان، فاستوحش أبو علي للعزل وشق عليه. وبعث أخاه أبا العبّاس الفضل بن محمد إلى كور الجبال، وولّاه همذان، وخلافة العساكر، فقصد الفضل نهاوند والدينور، واستولى عليها واستأمن إليه رؤساء الأكراد بتلك النواحي، وأعطوا رهنهم على الطاعة وكان وشمكير لما وفد على الأمير نوح بمرو كما قدّمناه استمدّه على جرجان، فأمدّه بعسكر، وبعث إلى أبي علي بمساعدته، فلقي أبا علي منصرفه في المرّة الأولى من الري إلى نيسابور، فبعث معه جميع من بقي من العسكر، وسار وشمكير إلى جرجان وقاتل الحسن بن الفيرزان فهزمه واستولى على جرجان بدعوة نوح بن السعيد وذلك في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
(انتقاض أبي علي وولاية منصور بن قراتكين على خراسان)
قد تقدم لنا أنّ الأمير نوحا عزل أبا علي بن محتاج عن خراسان، وكان من قبلها عزله عن ديوان الجند وهو لنظره، وبعث من يستعرض الجند فمحا وأثبت وزاد في العطاء ونقص فاستوحش لذلك كله، واستوحش الجند من التعرّض إليهم بالإسقاط، ولأرزاقهم بالنقصان. وخلص بعضهم إلى بعض بالشكوى، واتفقوا في سيرهم إلى الريّ وهم بهمذان على استقدام إبراهيم بن أحمد أخي السعيد الّذي كان قد هرب أمامه إلى الموصل كما تقدم. وظهر أبو علي على شأنهم، فنكر عليهم فتهدّدوه، وكاتبوا إبراهيم واستدعوه، وجاء إليهم بهمذان في رمضان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وكاتبه أبو علي، وكتب أخوه الفضل سرا إلى الأمير نوح بذلك، ونمي خبر كتابه إلى أخيه أبي
[1] هكذا بالأصل وفي الكامل ج 8 ص 444: «ثم ان الأمير نوحا سار من مرو الى نيسابور فوصل اليها في رجب وأقام بها خمسين يوما، فوضع أعداء أبي علي جماعة من الغوغاء والعامّة، فاجتمعوا واستغاثوا عليه، وشكوا سوء سيرته وسيرة نوابه» .
[2]
إبراهيم بن سيمجور (المرجع السابق) .
علي فقبض عليه، وعلى متولي الديوان. وسار إلى نيسابور، واستخلف على الريّ والجبل، وبلغ الخبر إلى الأمير نوح، فنهض إلى مرو واضطرب الناس عليه، وشكوا من محمد بن أحمد الحاكم مدبّر ملكه، ورأوا أنه الّذي أوحش أبا عليّ وأفسد الدولة، فنقموا ذلك عليه، واعتلّوا عليه فدفع إليهم الحاكم فقتلوه منتصف خمس وثلاثين وثلاثمائة. ووصل أبو علي إلى نيسابور وبها إبراهيم بن سيجور ومنصور بن قراتكين وغيرهما من القوّاد فاستمالهم، وساروا معه، ودخلها في محرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ثم ارتاب بمنصور بن قراتكين فحبسه، وسار من نيسابور ومعه العم إبراهيم إلى مرو، وهرب أخوه الفضل في طريقه من محبسه، ولحق بقهستان. ولما قاربوا مرو اضطرب عسكر الأمير نوح، وجاء إليهم أكثرهم. واستولى عليها وعلى طخارستان، وبعث نوح العساكر من بخارى مع الفضل أبي علي إلى الصغانيان فأقاموا بها، ودسّ إليهم أبو عليه فقبضوا على الفضل وبعثوا به الى بخارى وعاد أبو علي من طخارستان إلى الصغانيان فأقاموا بها في ربيع سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وقاتل العساكر فغلبوه، ورجع إلى الصغانيان. ثم تجاوزها وأقام قريبا منها، ودخلتها العساكر فخرّبوا قصوره ومساكنه، وخرجوا في اتباعه، فرجع وأخذ عليهم المسالك، فضاقت أحوالهم، وجنحوا إلى الصلح معه على أن يبعث بابنه أبي المظفّر عبد الله إلى الأمير نوح رهينة، فانعقد ذلك منتصف سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. وبعث بابنه إلى بخارى فأمر نوح بلقائه، وخلع عليه وخلطه بندمائه، وسكنت الفتنة. قال ابن الأثير: هذا الّذي ذكره مؤرخو خراسان في هذه القصة، وأمّا أهل العراق فقالوا: إنّ أبا علي لمّا سار نحو الريّ استمدّ ركن الدولة بن بويه أخاه عماد الدولة فكتب يشير عليه بالخروج عن الريّ وملكها أبو علي، وكتب عماد الدولة إلى نوح سرّا يبذل له في الريّ في كل سنة مائة ألف دينار وزيادة على ضمان أبي علي، ويعجّل له ضمان سنة وسجله عليه. ثم دسّ عماد الدولة إلى نوح في القبض على أبي علي وخوّفه منه، فأجاب الأمير نوح إلى ذلك، وبعث تقرير الضمان، وأخذ المال. ودسّ ركن الدولة إلى أبي علي بهمذان ورجع به على خراسان. وعاد ركن الدولة إلى الريّ واضطربت خراسان، ومنع عماد الدولة مال الضمان خوفا عليه في طريقه من أبي علي. وبعث إلى أبي علي يحرّضه على اللقاء ويعده بالمدد. وفسد ما بينه وبين إبراهيم، وانقبض عنه، وأنّ الأمير نوحا سار إلى بخارى عند مفارقتها أبي علي.