الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وأربعين بايع قوم من الزيدية لأحمد الموطئ من بقية الرسي، وهو أحمد بن الحسين من بني الهادي لأنهم لما أخرجهم بنو سليمان من كرسي إمامتهم بصعدة آووا إلى جبل قطابة بشرقي صعدة، فلم يزالوا هنالك، وفي كل عصر منهم إمام شائع بأنّ الأمر إليهم إلى أن بايع الزيديّة الموطئ، وكان فقيها أديبا عالما بمذهبهم، قوّاما صوّاما، بويع سنة خمس وأربعين وستمائة. وأهم نور الدين عمر بن رسول شأنه فحاصره بحصن تلا سنة، وامتنع عليه فأفرج عنه، وحمل العساكر من الحصون المجاورة لحصاره. ثم قتل عمر بن رسول وشغل ابنه المظفّر بحصن الدملوة، فتمكّن الموطئ، وملك عشرين حصنا وزحف إلى صعدة فغلب السليمانيّين عليها، وقد كانوا بايعوا لأحمد ابن إمامهم عبد الله المنصور، ولقّبوه المتوكل عند ما بويع للموطئ بالإمامة في تلا لأنّهم كانوا ينتظرون استكمال سنه، فلما بويع الموطئ بايعوه، ولما غلبهم على صعدة نزل أحمد المتوكل إمامهم وبايع له وأمّنه وذلك سنة تسع وأربعين. ثم حجّ سنة خمسين وبقي أمر الزيدية بصعدة في عقب الموطئ هذا وسمعت بصعدة أنّ الإمام بصعدة كان قبل الثمانين والسبعمائة عليّ بن محمد في أعقابهم، وتوفي قبل الثمانين والسبعمائة عليّ بن محمد من أعقابهم. وولي ابنه صلاح، وبايعه الزيدية وكان بعضهم يقول ليس هو بإمام لعدم شروط الإمامة، فيقول: هو أنا لكم ما شئتم إمام أو سلطان. ثم مات صلاح آخر سنة ثلاث وتسعين وقام بعده ابنه نجاح، وامتنع الزيدية من بيعته فقال: أنا محتسب للَّه هذا ما بلغنا عنهم بمصر أيام المقام فيها والله وارث الأرض ومن عليها.
(الخبر عن نسب الطالبيين وذكر المشاهير من أعقابهم)
وأمّا نسب هؤلاء الطالبيّين فأكثرها راجع إلى الحسن والحسين ابني عليّ بن أبي طالب، ومن فاطمة رضي الله عنها، وهما سبطا الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أخيهما محمد بن الحنفيّة، وإن كان لعليّ رضي الله عنه غيرهم من الولد إلّا أنّ الذين طلبوا الحق في الخلافة وتعصّبت لهم الشيعة، ودعوا لهم في الجهات إنما هم الثلاثة لا غيرهم، فأمّا الحسن فمن ولده الحسن المثنى وزيد، ومنهما العقب المشهود له في
الدعوة والإمامة. ومن ولد حسن المثنّى عبد الله الكامل وحسن المثلث وإبراهيم العمر وعباس وداود. فأمّا عبد الله الكامل وبنوه فقد مرّ ذكرهم وأنسابهم عند ذكر ابنه محمد المهدي، وأخبارهم مع أبي جعفر المنصور. وكان منهم الملوك الأدارسة بالمغرب الأقصى بنو إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل. ومن عقبهم بنو حمود ملوك الأندلس الدائلون بها من بني أمية آخر دولتهم. ومنهم بنو حمود بن أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر بن إدريس، وسيأتي ذكر أخبارهم. ومنهم بنو سليمان بن عبد الله الكامل. كان من عقبه ملوك اليمامة بنو محمد الأخيضر بن يوسف بن إبراهيم ابن موسى الجون، ومنهم بنو صالح بن موسى بن عبد الله الساقي، ويلقّب بأبي الكرام بن موسى الجون، وهم الذين كانوا ملوكا بغانة من بلاد السودان بالمغرب الأقصى، وعقبهم لك معروفون. ومن عقبه أيضا الهواشم بنو أبي هاشم محمد بن الحسن بن محمد الأكبر بن موسى الثاني بن عبد الله أبي الكرام. كانوا أمراء مكّة لعهد العبيديّين وقد مرّ ذكرهم. ومن أعقابهم بنو قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن سليمان بن موسى الجون، وملكوا مكّة بعد الهواشم على يد قتادة أبيهم هذا. فمنهم بنو نمى بن سعد بن عليّ بن قتادة أمراء مكّة لعهدنا. ومن عقب داود بن حسن المثنّى السليمانيون الذين كانوا بمكة وهم بنو سليمان ابن داود وغلبهم عليها الهواشم آخرا وصاروا إلى اليمن فقامت الزيدية بدعوتهم كما مرّ في أخبارهم. ومن عقب حسن المثلّث بن حسن المثنّى حسين بن عليّ بن حسن المثلّث الخارج على الهادي وقد مرّ ذكره. ومن عقب إبراهيم العمر بن حسن المثنّى ابن طباطبا واسمه إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم كان منهم محمد بن طباطبا أبو الأئمة بصعدة الذين غلبهم عليها بنو سليمان بن داود بن حسن المثنّى حين جاءوا من مكّة. ثم غلبهم بنو الرسي عليها، ورجعوا إلى إمامهم بصعدة وهم بها لهذا العهد ومنهم بنو سليمان بن داود بن حسن المثنّى وابنه محمد بن سليمان القائم بالمدينة أيام المأمون. قال ابن حزم: وعقبه بالمدينة لأبي جعفر المنصور، ولا عقب لزيد إلّا منه. وكان من عقبه محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد. قام بالمدينة أيام المعتمد وجاهر بالمنكرات والقتل إلى أن تعطّلت الجماعات. ومن عقبه أيضا القائم بطبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد وأخوه محمد القائم من بعده وقد مرّ خبرهما. ومنهم الداعي الصغير بالريّ وطبرستان وهو الحسن بن ابن خلدون م 10 ج 4
القاسم بن عليّ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد الطحاني بن القاسم بن الحسن ابن زيد، وكانت بين هذا الداعي الصغير وبين الأطروش حروب، وقتل هذا الداعي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. ومن عقبه أيضا القاسم بن عليّ بن إسماعيل أحد قوّاد الحسن بن زيد. وهم غيّروا نعم أهل تلك الآفاق، وأذهبوا بمهجتهم وكانوا سببا لتورّد الديلم ببلاد الإسلام لما يستجيشونهم. وخرج معهم ومع الأطروش الحسني ما كان بن كالي ملك الديلم. وكان مرداويح وبنو بويه من بعض رجاله، وكان لهم من عشيرهم قوّاد ورجال تسمّوا باسم الديلم من أجل مرباهم بينهم والله يخلق ما يشاء. (وأمّا الحسين) وهو القتيل بالطعن [1] أيام يزيد بن معاوية، فمن ولده عليّ بن زين العابدين بن زيد الشهيد، ومحمد الباقر، وعبد الله الأرقط، وعمر والحسن الأعرج، فمن ولد الأرقط الحسين الكويكي ابن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الأرقط، كان من قوّاد الحسن الأطروش ابن الحسن بن علي القائم ابن علي بن عمر، قام بأرض الطالقان أيام المعتصم. ثم هرب من سفك الدماء واستتر إلى أن مات وكان معتزليا. ومنهم الأطروش أسلم على يديه الديلم وهو الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر، وكان فاضلا حسن المذهب عدلا، ولي طبرستان وقتل سنة أربع وثلاثمائة، وقام بعده أخوه محمد ومات. وقام الحسين ابن أخيه محمد بن علي وقتل بها سنة ست عشرة وثلاثمائة، قتله جيوش نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن نوح بن أسد الساماني صاحب خراسان. ومن ولد الحسين الهمرّج بن زين العابدين بن عبد الله العقيقي بن الحسين، كان من ولده الحسين بن محمد بن جعفر ابن عبد الله العقيقي قتله الحسن بن زيد صاحب طبرستان. ومنهم جعفر بن عبيد الله ابن الحسين الأعرج كان شيعته يسمّونه حجّة الله وكان من عقبه الملقّب بمسلم الّذي دبّر أمر مصر أيام كافور، وهو محمد بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى المحدّث بن الحسين بن يعفر حجّة الله، وابنه طاهر بن مسلم. ومن عقب طاهر هذا أمراء المدينة لهذا العهد بنو جماز بن هبة بن جماز بن منصور بن جماز بن شيخة بن هاشم بن القاسم بن مهنّى، ومهنّى بن مهنّى بن داود بن القاسم أخي مسلم وعمر وطاهر.
وزعم ابن سعيد أن بني جماز بن شيخة أمراء المدينة هؤلاء من ولد عيسى بن زيد
[1] هكذا بالأصل ولعلها الطف يعني كربلاء
الشهيد، وفيه نظر. ومن ولد الحسين الحسن الأعرج وزيد هو القائم بالكوفة على هشام بن عبد الملك سنة إحدى وعشرين ومائة، وقتل وخرج ابنه يحيى سنة خمس وعشرين بخراسان وقتل، وقد انتمى صاحب الزنج في بعض أوقاته إليه وأخوه عيسى بن زيد الّذي حارب المنصور أول خلافته من ولد الحسين الّذي كان من عقبه يحيى بن عمر بن يحيى القائم بالكوفة أيام المستعين، وكان حسن المذهب في الصحابة وإليه ينسب العمريّون الذين استولوا على الكوفة أيام الديلم من قبل السلطان ببغداد. وعلي بن زيد بن الحسين بن زيد قام بالكوفة، ثم هرب إلى صاحب الزنج بالبصرة فقتله وأخذ جارية له كان سباها من البصرة. ومن ولد محمد الباقر بن زين العابدين عبد الله الأفطح وجعفر الصادق، فكانت لعبد الله الأفطح شيعة يدّعون إمامته: منهم زرارة بن أعين الكوفي. ثم قام بالمدينة وسأله عن مسائل من الفقه فألفاه جاهلا فرجع عن القول بإمامته فانقطعت الأفطحيّة. وزعم ابن حزم أن بني عبيد ملوك مصر ينسبون إليه وليس ذلك بصحيح. ومن ولد جعفر الصادق إسماعيل الإمام، وموسى الكاظم، ومحمد الديباجة، فأمّا محمد الديباجة فخرج بمكّة أيام المأمون وبايع له أهل الحجاز بالخلافة وحمله المعتصم لما حج، وجاء به إلى المأمون فعفا عنه، ومات سنة ثلاث ومائتين. وأمّا إسماعيل الإمام وموسى الكاظم فعليهما وعلى بنيهما مدار اختلاف الشيعة، وكان الكاظم على زيّ الأعراب مائلا إلى السواد وكان الرشيد يؤثره ويتجافى عن السعاية فيه كما مرّ ثم حبسه. ومن عقبه بقية الأئمة الاثني عشر عند الإمامية من لدن علي بن أبي طالب الوصيّ، ووفاته سنة خمس وثلاثين، ثم ابنه الحسن ووفاته سنة خمس وأربعين، ثم أخوه الحسين ومقتله سنة إحدى وستين، ثم ابنه زين العابدين ووفاته [1] ثم ابنه محمد الباقر ووفاته سنة إحدى وثمانين ومائة، ثم ابنه جعفر الصادق ووفاته سنة ثلاث وأربعين ومائة، ثم ابنه موسى الكاظم ووفاته سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو سابع الأئمة عندهم. ثم ابنه عليّ الرضا ووفاته سنة ثلاث ومائتين. ثم ابنه محمد المقتفي [2] ووفاته سنة عشرين
[1] هكذا بياض بالأصل ويذكر ابن خلّكان في كتابه وفيات الأعيان خبر وفاته فيقول: «توفي في آخر يوم من صفر سنة اثنين ومائتين، قيل بل توفي خامس ذي الحجة، وقيل ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين بمدينة طوس وصلى عليه المأمون ودفنه ملاصق قبر أبيه الرشيد» .
[2]
هو محمد الجواد.
ومائتين. ثم ابنه علي الهادي ووفاته سنة أربع وخمسين ومائتين. ثم ابنه حسن العسكري ووفاته سنة ستين ومائتين. ثم ابنه محمد المهدي وهو الثاني عشر وهو عندهم حيّ منتظر وأخبارهم معروفة. ومن عقب موسى الكاظم من غير الأئمة ابنه إبراهيم المرتضى، ولّاه محمد بن طباطبا وأبو السرايا على اليمن، فذهب إليها ولم يزل بها أيام المأمون يسفك الدماء حتى لقّبه الناس بالجزّار، وأظهر الإمامة عند ما عهد المأمون لأخيه الرضا. ثم أتهم المأمون بقتله فجاهر وطلب لنفسه. ثم عقد المأمون على حرب الفاطميّين باليمن لمحمد بن زياد بن أبي سفيان لما بينهم من البغضاء فأوقع بهم مرارا، وقتل شيعتهم وفرّق جماعتهم، ومن عقبه موسى بن إبراهيم جدّ الشريف الرضي والمرتضى، واسم كلّ منهما علي بن الحسين بن محمد بن موسى بن إبراهيم.
ومن عقب موسى الكاظم ابنه زيد ولّاه أبو السرايا على الأهواز، فسار إلى البصرة وملكها وأحرق دور العبّاسيّين بها فسمّي زيد النار، ومن عقبه زيد الجنة بن محمد بن زيد بن الحسن بن زيد النار من أفاضل هذا البيت وصلحائهم، حمل إلى بغداد في محنة الفاطميّين أيام المتوكل، ودفع إلى ابن أبي داود يمتحنه فشهد له وأطلقه. ومن عقب موسى الكاظم ابنه إسماعيل ولّاه أبو السرايا على فارس. ومن عقب جعفر الصادق من غير الأئمة محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر، قاما بالمدينة سنة إحدى وسبعين ومائتين وسفكا الدماء وانتهبا الأموال، واستلحما آل جعفر بن أبي طالب وأقامت المدينة شهرا لا تقام فيها جمعة ولا جماعة. ومن عقب إسماعيل الإمام العبيديّون خلائف القيروان ومصر بنو عبيد الله المهدي بن محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل وقد مرّ ذكرهم. وما للناس من الخلاف في نسبهم وهو مطروح كله وهذا أصح ما فيه. وقال ابن حزم: إنهم من بني حسن البغيض وهو عمّ المهدي وعنده أنها دعوى منهم. (وأمّا محمد بن الحنفية) فكان من ولده عبد الله بن عبّاس، وأخوه علي بن محمد وابنه الحسن بن علي بن محمد، وكلّ ادّعت الشيعة إمامته وخرج باليمن على المأمون ولد عليّ من غير هؤلاء عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، ومن ولد جعفر بن أبي طالب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القائم بفارس، وبويع بالكوفة وأراد بعض شيعة العبّاسية تحويل الدعوة إليه فمنع أبو مسلم من ذلك وكانت له شيعة ينتظرونه، وساقوا الخلافة إليه من أبي هاشم بن محمد بن الحنفية بالوصيّة، وكان