الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخبر عن دولة بني حمدان المستبدين بالدعوة العباسية من العرب بالموصل والجزيرة والشام ومبادئ أمورهم وتصاريف أحوالهم)
كان بنو ثعلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، ولهم محل في الكثرة والعدد، وكانت مواطنهم بالجزيرة في ديار ربيعة، وكانوا على دين النصرانية في الجاهلية، وصاغيتهم مع قيصر. وحاربوا المسلمين مع غسّان وهرقل أيام الفتوحات في نصارى العرب يومئذ من غسّان وإياد وقضاعة وزابلة وسائر نصارى العرب. ثم ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثم رجعوا إلى بلادهم. وفرض عليهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجزية. فقالوا يا أمير المؤمنين لا تذلنا بين العرب باسم الجزية، واجعلها صدقة مضاعفة ففعل. وكان قائدهم يومئذ حنظلة بن قيس بن هرير من بني مالك ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب وكان من رهطه عمرو بن بسطام صاحب السند أيام بني أمية. ثم كان منهم بعد ذلك في الإسلام ثلاثة بيوت: آل عمر بن الخطّاب العدويّ، وآل هارون المغمر، وآل حمدان ابن حمدون بن الحرث ابن لقمان بن أسد. ولم يذكر ابن حزم هؤلاء البيوت الثلاثة في بطون بني ثعلب في كتاب الجمهرة. ووقفت على حشية في هذا الموضع من كتابه فيها ذكر هؤلاء الثلاثة كالاستلحاق عليه، وقال في بني حمدان: وقيل إنهم موالي بني أسد. ثم قال آخر الحاشية إنه من خط المصنّف يعني ابن حزم. ولما فشا دين الخارجيّة بالجزيرة أيام مروان بن الحكم وفرّق جموعه ومحا آثار تلك الدعوة. ثم ظهر في الجزيرة بعد حين أثر من تلك الدعوة، وخرج مساور بن عبد الله بن مساور البجليّ من السرات أيام الفتنة بعد مقتل المتوكّل واستولى على أكثر أعمال الموصل، وجعل دار هجرته الحديثة. وكان على الموصل يومئذ عقبة بن محمد بن جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي الّذي ولّى المنصور جدّه محمدا على إفريقية، وعليه خرج مساور. ثم ولي على الموصل أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطاب الثعلبي سنة أربع وخمسين، واستخلف عليه ابنه الحسن فسار إلى مساور في جموع قومه، وفيهم حمدون بن الحرث فهزموا الخوارج وفرّقوا جمعهم. ثم ولي أيام المهتدي عبد الله بن سليمان بن عمران الأزديّ فغلبه
الخوارج، وملك مساور الموصل ورجع إلى الحديثة. ثم انتقض أهل الموصل أيام المعتمد سنة تسع وخمسين، وأخرجوا العامل وهو ابن أساتكين الهيثم بن عبد الله بن المعتمد العدويّ من بني ثعلب، فامتنعوا عليه وولّوا مكانه إسحاق بن أيوب من آل الخطّاب، فزحف ومعه حمدان بن حمدون وحاصرها مدّة. ثم كانت فتنة إسحاق ابن كنداجق وانتقاضه على المعتمد، واجتمع لمدافعته عليّ بن داود صاحب الموصل، وحمدان بن حمدون وإسحاق بن أيوب فهزمهم إسحاق بن كنداجق، وافترقوا فاتبع إسحاق بن أيوب إلى نصيبين ثم إلى آمد. واستجار فيها بعيسى بن الشيخ الشيبانيّ وبعث إلى المعزّ موسى بن زرارة صاحب أرزن فامتنع بانجادهما. ثم ولّى المعتمد ابن كنداجق على الموصل سنة سبع وستين فاجتمع لحربه إسحاق بن أيوب وعيسى بن الشيخ وأبو العزّ بن زرارة وحمدان بن حمدون في ربيعة وثعلب فهزمهم ابن كنداجق، وحاصره هو ولجئوا إلى آمد عند عيسى بن الشيخ الشيبانيّ، وحاصرهم بها وتوالت عليهم الحروب وهلك مساور الخارجيّ أثناء هذه الفتن في حربه مع العساكر سنة ثلاث وستين. واجتمع الخوارج بعده على هارون بن عبد الله البجليّ واستولى على الموصل وكثر تابعه. وخرج عليه محمد بن خردان من أصحابه فغلبه على الموصل، فقصد حمدان بن حمدون مستنجدا به، فسار معه وردّه إلى الموصل ولحق محمد بالحديثة، ورجع أصحابه إلى هارون. ثم سار هارون من الموصل إلى محمد فأوقع به وقتله وعاث في الأكراد الجلاليّة أصحابه، وغلب على القرى والرساتيق، وجعل رجله يأخذ الزكاة والعشر. ثم زحف بنو شيبان لقتاله سنة اثنتين وسبعين، فاستنجد بحمدان بن حمدون، وانهزم قبل وصوله إليه. ثم كانت الفتنة بين إسحاق بن كنداجق ويوسف بن أبي الساج، وأخذ ابن أبي الساج بدعوة ابن طولون، وغلب على الجزيرة والموصل، ثم عاد وملكها لابن كنداجق وولّى عليها هارون بن سيما سنة تسع وسبعين ومائتين. فطرده أهلها، واستنجد ببني شيبان فساروا معه إلى الموصل، واستمدّ أهلها الخوارج وبني ثعلب فسار لإمدادهم هارون الساري وحمدان فهزمهم بنو شيبان، وخاف أهل الموصل من ابن سيما فبعثوا إلى بغداد، وولّى عليهم المعتمد عليّ بن داود الأزديّ. ولما بلغ المعتضد ممالأة حمدان بن حمدون لهارون الساري، وما فعله بنو شيبان، وقد كان خرج لإصلاح الجزيرة، وأعطاه بنو شيبان رهنهم على الطاعة، زحف إلى حمدان وهزمه فلحق بماردين وترك