الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حوادث] سنة أربع وستين وثلاثمائة
في المحرّم أوقع العيّارون [1] حريقا بالخشّابين مبدؤه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيّارين ببغداد حتى ركبوا الخيل وتلقّبوا بالقوّاد، وغلبوا على الأمور وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزند [2] كان يأوي قنطرة الزَّبَد [3] وشحذ [4] وهو عريان، فلما كثُر الفساد [رأى][5] هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفًا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوّى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنّعت، فقال: ما تكرهين منّي قالت: أكرهك كلّك، قال: ما تحبّين؟ قالت: تبيعني. قال: أو خيرًا من ذلك. فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجّب الناس من
[1] انظر عن بدء أمرهم ببغداد في (مروج الذهب للمسعوديّ 2/ 239- 241) .
[2]
كذا في الأصل، وفي الإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التوحيدي 3/ 160 وتكملة تاريخ الطبري 1/ 217، والمنتظم لابن الجوزي 7/ 57 «أسود الزيد» .
[3]
في الأصل «الزند» وهو تصحيف، والتصحيح من (تاريخ بغداد 1/ 112) ويقال لها «قنطرة رحا البطريق» .
[4]
في المنتظم 7/ 75 «ويستعظم من حضر» .
[5]
ما بين الحاصرتين إضافة من تكملة تاريخ الطبري 1/ 217 والمنتظم 7/ 75 والنجوم 4/ 108.
سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك [1] .
وقُطعت خطبة الطائع للَّه وغيرها من يوم العشرين من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يُخطب في هذه الجمع في البلاد، وذلك لأجل تشغّب [2] وقع بينه وبين عَضُد الدولة.
[وكان عضد الدولة][3] قد قدم العراق فأعجبه مُلُكُها، فعمل عليها، واستمال الجند، فتشغّبوا على عزّ الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد الدولة عن الطائع باستقرار الأمر لعضد الدولة على محمد بن بقية وزير عزّ الدولة، ثم اضطربت الأمور على عَضُد الدولة، ولم يبق بيده غير بغداد، فنفّذ إلى والده ركن الدولة يُعْلِمُهُ أنّه قد خاطر بنفسه وجُنْده، وقد هذّب مملكة العراق واستعاد الطائع إلى داره، وأن عزّ الدولة عاصٍ لا يقيم دولة، فلمّا بلغه غَضِب وقال للرسول: قل له: خرجت في نُصْرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته؟ فأفرج عضد الدولة عن عزّ الدولة بختيار، ثم خرج إلى فارس [4] .
وفيها عُدمت الأقوات حتى أُبيع كرّ الدّقيق بمائة وسبعين [5] دينارها، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم.
ولم يخرج وفد من بغداد بل خرجت طائفة من الخُراسانية [6] مخاطرة، فلحقتهم شدّة.
[1] راجع هذه الحكاية في تكملة تاريخ الطبري 1/ 217 والمنتظم 7/ 75 والإمتاع والمؤانسة 3/ 260 والنجوم 4/ 107 و 108.
[2]
هكذا في الأصل، وفي المنتظم «تشعث» وفي العبر 2/ 332 (شغب) .
[3]
ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم 7/ 57.
[4]
قارن بالمنتظم 7/ 75 و 76 والعبر 2/ 332 ودول الإسلام 2/ 225.
[5]
في تكملة تاريخ الطبري 1/ 221 «بمائة وخمسة وسبعين دينارا» وفي المنتظم 7/ 76 «بمائة ونيّف وسبعين دينارا» .
[6]
في الأصل «الخراسيين» والتصويب من المنتظم.
وفي سلخ ذي القعدة عُزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان، ووُلّي أبو محمد بن معروف [1] .
وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام، والمغرب، والمشرق لا سيما العُبَيْدية الباطنية، قاتلهم الله.
قال مشرف بن مرجّا القُدسي، أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال: كنت مجاورا ببيت المقدس، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح، فصِحْتُ أنا وعبد الله الخادم: وا إسلامَاه ووا محمّداه، فأخذني الأعوان وحُبِست، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع لساني فقُطِع، فبعد أسبوع رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَفَلَ في فمي، فانتبهت بَبرْد ريق رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ زال عنّي الألم، فتوضّأت وصلّيت وعمدت إلى المئذنة فأذّنت «الصلاة خير من النوم» ، فأخذوني وحُبِست وقُيّدُت، وكتبوا فيّ إلى مصر، فورد الكتاب بقطع لساني، وبضربي خمسمائة سَوْطٍ، وبصَلْبي، ففُعل بي، فرأيت لساني على البلاط مثل الرّيّة، وكان البرد والجليد، وصلّيت واشتدّ عليّ الجليد، فبعد ثلاثة أيام عهدي بالحدّائين يقولون: نعرّف الوالي أنّ هذا قد مات، فأتوه، وكان الوالي جيش بن الصمصامة [2] فقال: أَنْزِلوه، فألقوني على باب داود، فقوم يترحّمون عليّ وآخرون يلعنوني، فلما كان بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بي ليغسّلوني في دار، فوجدوني حيًّا، فكانوا يصلحون لي جريرة بلَوْز وسُكّر أسبوعًا.
ثم رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي المنام ومعه أصحابه العشرة فقال: يا أبا بكر ترى ما قد جرى على صاحبك قال: يا رسول الله فما أصنع به؟ قال: اتْفُلْ في فيه، فتفل في فيّ، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم صدري، فزال عنّي الألم، وانتبهت
[1] تكملة تاريخ الطبري 1/ 221، المنتظم 7/ 76.
[2]
في الأصل: «حبيش بن ضمضام» والتصحيح من: الكامل لابن الأثير 8/ 642 وأمراء دمشق- ص 25 رقم 84.
ببرد ريق أبي بكر، فناديت، فقام إليّ رجل، فأخبرته، وأسخن لي ماء، فتوضّأت به، وجاءني بثياب ونفقة وقال: هذا فتوح، فقمت فقال: أين تمرّ الله الله، فجئت المئذنة وأذّنْت الصُّبح:«الصلاة خير من النوم» ، ثم قلت قصيدة في الصحابة، فأخذت إلى الوالي فقال: يا هذا اذهب ولا تُقِم ببلدي، فإنّي أخاف من أصحاب الأخبار وأدخل فيك جهنّم، فخرجت وأتيت عُمان، فاكتريت مع عرب الكوفة، فأتيت واسط، فوجدت [أمّي][1] تبكي عليّ، وأنا كل سنة أحجّ وأسأل عن القدس لعلّ تزول دولتهم، فرأيته طلق اللسان ألثغ.
وفي المحرّم ولي إمرة دمشق بدر الشمولي الكافوري [2] ، ولي نحوًا من شهرين من قِبَل أبي محمود الكتامي نائب الشام للمعزّ، ثم عُزل بأبي الثُّريّا الكردي [3] ، ثم ولي دمشق ريّان [4] الخادم المعزّي، ثم [عُزل][5] أيضًا بعد أيام بسبكتكين التركي [6] .
[1] إضافة على الأصل.
[2]
أمراء دمشق ص 17 رقم 60.
[3]
أمراء دمشق- ص 23 رقم 78.
[4]
أمراء دمشق- ص 34 رقم 111.
[5]
إضافة على الأصل.
[6]
أمراء دمشق 37 رقم 119.