الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حوادث] سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة
فيها كثر الموت بالحُمّيّات الحادة، فهلك كثير من النّاس ببغداد، وزُلْزِلَت المَوْصِل، فهُدَّمت الدُّور، وهَلَكَ خلقٌ من النّاس [1] .
وفيها مال العسكر إلى شَرَف الدّولة أبي الفوارس شِيرَوَيْه، وكان غائبًا بكَرْمان [2] ، فلما بلغه موتُ أبيه عضُدُ الدولة ردّ إلى فارس وقبض على وزير أبيه نصر النَّصراني، وجبى الأموال، وملك الأهواز، وأخذها من أخيه أحمد، وغلب على البصْرة، واستعدّ لقصْدِ بغداد وأخْذِها من أخيه صَمْصام الدولة، فتركوا صمصام الدولة، فانحدر سائرًا إلى شَرَف الدولة راضيا بما يعامله به، فلما وصل قبّل الأرض بين يديه مرّات، فقال له شَرَف الدولة: كيف أنت وكيف حالك في طريقك، ثم سجنه، واجتمع عسكر شَرَف الدولة من الدَّيْلَم تسعة عشر ألفًا.
وكان الأتراك ثلاثة آلاف غلام، فاقتتلوا، فانهزم الدّيلم وقتل منهم
[1] المنتظم 7/ 131.
[2]
كرمان: بالفتح ثم السكون، وآخره نون، وربّما كسرت والفتح أشهر بالصحة. وهي ولاية مشهورة ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان. (معجم البلدان 4/ 454) .
ثلاثة آلاف في رمضان، فأخذ الدّيلم يذكرون صَمْصام الدولة، فقيل لشرف الدولة: أُقْتُله، فأَمّنَهُ [1] سنة.
وقدِم شَرَف الدولة بغداد، فركب الطائع إليه يهنئّه بالسّلامة، ثم خفي خبر صَمْصَام الدولة، وذلك أنّه حُمل إلى القلعة، ثم نفّذ إليه شَرَف الدولة بفَرّاش ليكحّله [2] فوصل الفرّاش [3] وقد مات شرف الدولة، فكحّله، فالعجب إنفاذ أمر ملك قد مات.
وكان شَرَف الدولة قد ردّ على النّاس أملاكهم، ورفع المصادرة، فبَغَته الموتُ، وإنّما جرى ذلك في سنة تسع وسبعين، ولكن سقناه استطرادا.
[1] في الأصل «فأمنهم» .
[2]
ليكحّله: تعبير متداول في العصر الوسيط لفقء العينين.
[3]
الفرّاش: هو أبو بكر محمد الفراش، كما يقول الروذراوريّ في (ذيل تجارب الأمم) .