الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حوادث] سنة تسع وستين وثلاثمائة
في صفر قبض عَضُد الدولة [على] قاضي القضاة أبي محمد بن معروف، وأنفذه إلى القلعة بفارس، وقلّد أبا سعد بِشْر بن الحسين القضاء [1] .
وفي شعبان ورد رسول العزيز صاحب مصر إلى عضد الدولة بكتاب، وما زال يبعث إليه برسالة بعد رسالة، فأجابه بما مضمونه صِدْق الطّوِيّة وحُسْن النيّة [2] .
وسأل عَضُدُ الدولة الطائعَ أن يزيد في لقبه «تاج الملّة» ويجدّد الخُلع عليه ويُلّبِسه التاج، فأجابه، وجلس الطائع على السرير وحوله مائة بالسيوف والزّينة، وبين يديه مُصْحَف عثمان، وعلى كتفه البُرْدَةُ، وبيده القضيب، وهو متقلّد سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وضُرِبت ستارة بعثها عَضُدُ الدولة، وسأل أن تكون حجابًا للطائع، حتى لا تقع عليه عين أحدٍ من الْجُنْد قبله، ودخل الأتراك والدّيْلَم، وليس مع أحد منهم حديد، دون [3] الأشراف وأصحاب المراتب من الجانبين، ثم أذِن لعَضُد الدولة فدخل، ثم رُفعت الستارة، وقبّل عضُدُ الدولة
[1] المنتظم 7/ 98.
[2]
المنتظم 7/ 98، العبر 2/ 350.
[3]
كذا في الأصل، وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي 408 «ووقف» .
الأرض، فارتاع زياد القائد، وقال بالفارسية: ما هذا أيّها الملك، أهذا الله [1] عز وجل؟ فالتفت إلى عبد العزيز بن يوسف وقال له: فَهّمْه وقل له: هذا خليفة الله في الأرض، ثم [استمر][2] يمشي ويقبّل الأرض سبع [3] مرات، فالتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال: استَدنِه، فصعد عضُدُ الدولة، فقبّل الأرض دفعتين، فقال له: أدْن إليّ أدْن إليّ، فدنا [4] وقبّل رجْلَه، وثنى الطائع برِجْله عليه [5] ، وأمره، فجلس على كُرْسيّ، بعد أن كرّر عليه: اجْلس، وهو يستعفي فقال: أقسمتُ لَتَجلِسْ، فقبّل الكرسيّ وجلس، وقال له: ما كان أَشْوَقُنا إليك وأَتْوَقُنا إلى مفاوضتك، فقال: عُذْري معلوم، وقال: نِيّتُك موثوقٌ بها، وعقيدتك مسكونّ إليها، فأومى برأسه، ثم قال له الطائع: قد رأيت أن أفوّض إليك ما وكّل الله من أمور الرعيّة في شرق الأرض وغربها، وتدبيرها في جميع جهاتها، سوى خاصّتي وأسبابي، فَتَوَلَّ ذلك مستخيرًا باللَّه.
قال: يعينني الله على طاعة مولانا وخِدْمته. وأريد وُجُوهَ القوّاد أن يسمعوا لفظ أمير المؤمنين. فقال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، ومحمد ابن عمرو بن معروف، وابن أمّ شيبان، والزينبي، فقدموا، فأعاد الطائع القول بالتفويض، ثم التفت إلى طريف الخادم فقال: يا طريف تفاض عليه الخُلَع ويُتَوّج، فنهض إلى الرّواق وألْبِس الخُلَع، وخرج قادمًا ليقبّل الأرض، فلم يُطِقْ لكثرة ما عليه، فقال الطائع: حسْبُك، وأمره بالجلوس، ثم استدعى الطائع تقديم ألويته، فقدّم لواءين، واستخار الله، وصلّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وعقدهما، ثم قال: يقرأ كتابه، خار الله لك ولنا وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك، انهض على اسم الله، ثم أخذ الطائع سيفًا كان بين المخدَّتَيْن فقلَّده به مضافًا إلى السيف الذي قلّده مع الخلْعة، وخرج من باب الخاصّة، وسار في البلد، ثم
[1] في الأصل «للَّه» ، وفي بعض النسخ «أهذا هو الله» .
[2]
سقطت من الأصل، والإضافة عن المنتظم 7/ 99 وتاريخ الخلفاء 408.
[3]
في المنتظم «تسع» .
[4]
في الأصل «فدنى» .
[5]
في تاريخ الخلفاء «وثنى الطائع يمينه عليه» .
بعث إليه الطائع [هديّة][1] فيها غلالة قصب، وصينيّة [2] ذهب خرداذي [3] بلّوْر [4] فيه شراب، وعلى فم الخرداذي [5] خرقة حرير مختومة وكأس بلّور [6] ، وأشياء من هذا الفنّ، فجاء من الغد أبو نصر الخازن ومعه من الأموال نحو ما ذكر في دخوله الأول في السنة الماضية.
ولما عاد عضُدُ الدولة [7] جلس للهناء، فقال أبو إسحاق الصابي قصيدة منها:
يا عضد الدّولة الّذي علقت
…
يداه من فخره بأعرقهْ
يفتخر النّعل [8] تحت أَخْمَصِهِ
…
فكيف بالتّاجِ فوق مَفْرِقهُ [9]
وفيها تزوج الطائع للَّه ببنت عضُدُ الدولة على مائة ألف دينار، وكان الوكيل عن عضُدُ الدّولة أبو علي الفارسي النّحوي، والذي خطب القاضي أبو علي المُحَسّن بن علي التّنوخي [10] .
وفي هذا الوقت كان قسّام متغلّبًا على دمشق كما هو مذكور في ترجمته.
[1] ساقطة من الأصل، والإضافة من (المنتظم 7/ 100) .
[2]
في الأصل «صنينة» .
[3]
في الأصل «حزدادين» .
[4]
في الأصل «بلون» ، والتصحيح عن (المنتظم 7/ 100) .
[5]
في الأصل «الحردادين» .
[6]
في الأصل «بلون» .
[7]
ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم.
[8]
في المنتظم «النحل» .
[9]
في المنتظم 10 أبيات.
[10]
المنتظم 7/ 101، النجوم 4/ 135.